hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - هشام ملحم

زمن الهشاشة

الخميس ١٥ كانون الثاني ٢٠١٥ - 06:52

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

بعد أربع سنوات من بدء الانتفاضة المصرية التي مهدت لبدء حركات الاحتجاج في ليبيا وسوريا واليمن، يبدو ان ما وصف خطأ بالربيع العربي قد كشف مدى تفكك بعض المجتمعات العربية، وتفشي الامراض الطائفية والمذهبية، وغياب التمكين السياسي والاقتصادي، اضافة الى هشاشة الدولة العربية الحديثة.

مطلع 2015 يواصل اليمن وليبيا انزلاقهما التدريجي الى حروب ونزاعات داخلية عبثية لا يبدو ان لها نهاية في أي وقت قريب ومن المحتمل ان تؤدي الى تقسيمها الى أكثر من كيان. في سوريا، هناك وضع مأسوي أسوأ. مناطق يسيطر عليها النظام من دمشق، وأخرى يسيطر عليها ما يسمى "الدولة الاسلامية" (داعش) واخرى تسيطر عليها تنظيمات اسلامية وغير اسلامية، فضلا عن المناطق الكردية التي تسيطر عليها تنظيمات كردية. في العراق، الحكومة "المركزية" تسيطر على بغداد ومدن أخرى، بينما تسيطر "داعش" على الموصل ثانية كبرى المدن العراقية، اما ثالثتها البصرة فان عددا كبيرا من سكانها يرغبون في الابتعاد اكثر عن بغداد، بينما يواصل الاكراد مسيرتهم الحتمية (والمحقة) على طريق الاستقلال. وحتى في مصر، اقدم الدول المركزية في العالم، كشفت الانتفاضة الاولية في 2011 وما تبعها من حكم للعسكر ثم "الاخوان المسلمين"، قبل عودتها الى حكم العسكر غير المباشر، هشاشة الدولة المصرية، بمعنى ضعف المؤسسات. وهناك رأي يقول إن المصريين – الذين قتل منهم أكثر من 20 شخصا معظمهم برصاص الشرطة في الذكرى الرابعة للانتفاضة - لن يبدأوا بانتفاضة جديدة ضد حكم قمعي لانهم يخشون الفوضى العارمة التي يرونها في سوريا وليبيا واليمن والتي ستأتي بعد انهيار مؤسسات الدولة.
الدولة الامنية التي انشئت على انقاض الانظمة الملكية في العراق ومصر واليمن وليبيا، وحكم العسكر في سوريا والجزائر والسودان، أوقفا تطور المجتمع المدني حين حاولا السيطرة عليه وتطويعه، وفرغت مؤسسات الدولة التي ورثاها، ليضعفاها اكثر. هذه الانظمة استثمرت في "تطوير" أجهزة الاستخبارات (الاستخدام المكثف لاجهزة الكومبيوتر بدأ في هذه المؤسسات) ومؤسسات القمع الوطني بما فيها الجيوش النظامية التي حولت في دول مثل سوريا الى Praetorian Guard أي الى حرس للضابط الحاكم وجنرالاته، مثل حرس الامبراطور الروماني.
الذين يعربون عن مخاوفهم من انهيار الوضع في سوريا بطريقة مشابهة لانهيار الدولة العراقية بمؤسساتها الهشة بعد الغزو الاميركي، يقصدون في الدرجة الاولى انهيار المؤسسات الامنية، مثل الشرطة والجيش. المشكلة هي ان جميع المؤسسات في دول مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا من قضائية وتعليمية وغيرها هي هشة ومرشحة للانهيار الكامل. هذه الدول العربية هي بيوت من دون سقف، وحتى جدرانها بدأت بالانهيار. أهلاً بكم الى زمن الهشاشة.
 

  • شارك الخبر