hit counter script

مقالات مختارة - عبدالله بارودي

سياسة المملكة ثابتة حيال لبنان وتستعدّ لمواجهة الملفات الكبرى

الثلاثاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٥ - 08:43

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

رحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود، القائد، والأب، والقدوة، لكلّ السعوديين والمسلمين والعرب. رحل سادس ملوك أرض الحجاز، بعد أن اطمأنّ الى استقرار الحكم في المملكة، وانتقال الولاية بسلاسة وهدوء الى وليّ عهده الأمير سلمان بن عبد العزيز.

تنفّس السعوديون الصعداء وهم يشاهدون «ولاة أمرهم» متضامنين ومتَحِدين في سبيل استقرار أرض الوطن، وارساء الأمن والأمان في البلاد، عبر تأمين انتقال السلطة بطريقة سلمية بعيداً من أيّ تجاذبات أو مماحكات.

حقيقة، ما لفت نظر أبناء المملكة وكلّ العرب القدرة الهائلة التي تمتعت بها الأسرة الحاكمة في إرساء نظام حكم يؤمّن الاستقرار لمدة طويلة من الزمن، من خلال تأسيس الملك الراحل «هيئة البيعة» التي تضمن انتقالاً سلساً للحكم، وهو ما ظهر جليّاً من خلال سرعة مبايعة وتنصيب وليّ العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز ملكاً، ومن ثمّ إصدار الملك سلمان أمراً ملكياً يقضي بمبايعة الأمير مقرن بن عبد العزيز وليّاً للعهد ونائباً أولاً لرئيس
مجلس الوزراء، والأمير محمد بن نايف وليّاً لوليّ العهد ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخليّة.

اليوم، وفي ظلّ الاطمئنان على سير نظام الحكم في البلاد، يتطلّع العالم بأسره الى كيفية اكمال العاهل الجديد الملك سلمان بن عبد العزيز مسيرة الملك عبدالله، وهو الذي تعهّد خلال خطاب النعي بأن يحافظ على نهج أسلافه، قائلاً: «سنظلّ بحول الله وقوته متمسكين بالنهج القويم الذي سارت عليه هذه الدولة منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز رحمه الله وعلى أيدي أبنائه من بعده رحمهم الله».

فما هو النهج الذي سلكه الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز خلال توليّه سدة الحكم؟

كان الهمّ الأكبر الذي يشغل بال الملك الراحل كيفية المحافظة على الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في المملكة، وتأمين مقوّمات العيش الكريم للمواطنين السعوديين، بالتوازي مع حمل هموم العرب والمسلمين في كلّ بقاع الأرض، الأمر الذي نجح به الى حدّ بعيد من خلال العمل على دعم الاستقرار السياسي والأمني في البلاد العربية ومجابهة المخاطر والأطماع الاقليمية وذلك عبر:

أولاً: عقد مصالحة بين حركتَي فتح وحماس وانهاء التقاتل فيما بينهما، وهو ما عرف حينها بـ»اتفاق مكة». لم يكتب له النجاح نتيجة التدخل الايراني في دعم «حركة حماس».

ثانياً: القيام بزيارة تاريخية الى بيروت مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، الهدف منها نزع فتيل الانفجار بين الفرقاء اللبنانيين. لم يكتب لها النجاح نتيجة التدخل الايراني في دعم «حزب الله».

ثالثاً: محاولة إجراء مصالحة بين الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وباقي الأطراف اليمنية المتنازعة. لم يكتب لها النجاح بفعل التدخل الايراني في دعم «الحوثيين».

رابعاً: إدخال قوات «درع الجزيرة» الى مملكة البحرين لمساعدتها في اخماد احتجاجات المعارضة الشيعية المدعومة من ايران في محاولة لقلب نظام الحكم في المنامة.

خامساً: دعم ثورة الشعب المصري ضد الرئيس السابق محمد مرسي ونظام الاخوان المسلمين في 30 حزيران عام 2013، أدت في نهايتها الى خلع الرئيس مرسي من منصبه، واجراء انتخابات رئاسية فاز بها المشير عبد الفتاح السيسي. بالاضافة الى تقوية الاقتصاد المصري بتقديمه مبلغ 5 مليارات دولار للخزينة المصرية.

سادساً: العمل المستمر على دعم وحدة العراق واستقراره، والسعي الدائم لتغليب لغة الحوار على ما عداها من مواجهات عسكرية بين الأطراف العراقية المختلفة، وتحديداً بين السنّة والشيعة، خصوصاً مع ازدياد نفوذ وقوة الدولة الاسلامية في العراق والشام «داعش». وقد نجحت تلك المساعي في نهاية الأمر، بإجراء تسوية مع الايرانيين أدت الى عزل رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، وتعيين حيدر العبادي بديلاً عنه.

تلك التحدّيات الكبيرة التي واجهت الملك الراحل، كان الملك سلمان بن عبد العزيز على دراية ومعرفة بها، لا بل ويمكن القول إنه في السنة الأخيرة لحكم الملك عبدالله، ومع ازدياد المشكلات الصحّية لخادم الحرمين الشريفين، كان وليّ العهد الأمير سلمان حينها، الحاكم الفعليّ، والمطّلع على الجوانب والقرارات السياسية والأمنية والاقتصادية المتخذة كافة.

لكن، ماذا عن سياسة العاهل السعودي الجديد تجاه لبنان، وعلاقة المملكة مع مختلف الفرقاء السياسيين؟

تقول إحدى الشخصيات التي شاركت في الوفد اللبناني الخاص، الذي دعاه الرئيس سعد الحريري لتقديم واجب العزاء، وفي الوقت نفسه تهنئة الملك سلمان بن عبد العزيز لتوليّه سدة الحكم، «لا يبدو أنّ المملكة ستعيد حساباتها فيما خصّ لبنان، سمعنا كلاماً واضحاً، بأنّ الملك سلمان كان صديقاً كبيراً للرئيس الشهيد رفيق الحريري وهذه العلاقة استمرت مع نجله الرئيس سعد الحريري.

كما أن وليّ العهد الأمير مقرن، تجمعه بالرئيس الحريري علاقة ودّ واحترام». في نهاية الأمر تؤكد هذه الشخصيّة لـ»الجمهورية» بأنّ كلّ الأجواء توحي بأنّ الرئيس الحريري هو الابن المدلّل للمملكة، التي تعتبره الزعيم السنّي المعتدل في المنطقة، هذا الاعتدال الذي يراه المسؤولون السعوديون خشبة الخلاص لكلّ دول المنطقة.

سكاف حضر عشاء الحريري

إحدى المرجعيات السياسية التي كانت أيضاً في عداد الوفد اللبناني الخاص، وصفت لـ»الجمهورية» حسن استقبال وفد قوى «14 آذار»، فقالت: حقيقة الأمر تمّ استقبالنا بطريقة عفوية وصادقة ومحبة، كما أجلسنا في أماكن مشرّفة ولائقة، وكأننا رؤساء دول، وظهر واضحاً الحب والتقدير والعاطفة التي تكنّها القيادة السعودية للرئيس الحريري وضيوفه.

بعد ذلك، تقول هذه الشخصية، دعينا جميعاً الى العشاء في دارة الرئيس الحريري شارك فيه أعضاء الوفد جميعاً إضافة الى الوزير السابق الياس سكاف، وقد ظهر واضحاً على ملامح الحريري الحزن والألم نتيجة العلاقة القوية التي كانت تربطه بالملك الراحل، إلّا أنه في الوقت نفسه، بدا مرتاحاً ومطمَئِناً للسياسة السعودية التي ستستمرّ في دعم استقرار لبنان وحمايته من كلّ الأطماع الخارجية.

ثمة مَن يقول، إنّ السياسة السعودية وإن كانت ستحافظ على نهجها العام تجاه لبنان وتحديداً في الخط الأحمر المرسوم بالنسبة للرئيس سعد الحريري، إلّا أنّ هذا الأمر لا يمنع بتاتاً صياغة علاقة هادئة ومتّزنة مع باقي الأطراف اللبنانية، ضمن معايير محدّدة أولها التمسّك باتفاق الطائف، والوحدة بين اللبنانيين، والحفاظ على مؤسسات الدولة الدستوريّة والأمنيّة الشرعيّة وتقويتها.

"الجمهورية"
 

  • شارك الخبر