hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - جمانة حداد

حتى أنت يا جون؟

الإثنين ١٥ كانون الثاني ٢٠١٥ - 06:45

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

"النهار"

لا أعلم كم من اللبنانيين على معرفة بالإعلامي والناقد التلفزيوني الشهير جون ستيوارت، لكن برنامجه، "ذا ديلي شو"، الذي بلغ من العمر خمسة عشر عاماً مذ تسلم هو تقديمه في العام 1999، جدير بالمتابعة للمهتمين بقضايا السياسة الأميركية الداخلية والخارجية على السواء. ليس فقط لأن ستيوارت ذا الميول الليبيرالية، الديموقراطية، "اليسارية" من الأصوات النادرة، يتحدى الخبث السياسي الأميركي ومعاييره المزدوجة، ويقول الأمور كما هي، بجرأة وعدل يستحقان التحية (الى جانب صديقه وزميله ستيفن كولبير)، ولكن أيضاً لأنه يفعل ذلك بأسلوب ساخر ومسنّن يساهم في نقل الحقيقة بطريقة محببة وذكية وقريبة الى المشاهد. فأنت إذ تضحك لنكتة هنا أو لطشة هناك، تصبح ملمّاً وعلى اطلاع من دون أن تدري. إنه، في اختصار، من أفضل ما يمكن أن يقدّمه التلفزيون من برامج نقدية وحوارية.
لأجل هذه الأسباب كلها، صُدمت عندما خصص ستيوارت أخيراً قسماً من برنامجه للتعليق على حادثة السيلفي الشهيرة التي تعرضت لها ملكة جمال لبنان سالي جريج أثناء وجودها في ميامي للمشاركة في مسابقة ملكة جمال الكون، والجدال المستعر الذي نجم عنها. لقد وقع ستيوارت، في تعليقه، في فخ "المسكنة" الاسرائيلي ومحاولة الاسرائيليين إظهار أنفسهم للعالم محبّين للمصالحة والسلام، في مواجهة "العربي الكاره والحقود والمتخلف".
بمعزل عن حقنا الأكيد في الشعور بالكره والحقد ازاء نظام مغتصب وفاشي، ذقنا – ولا نزال نذوق - منه الأمرّين، وخصوصاً أمام انحياز غربي جائر لمصالح هذا النظام على حساب حقوقنا البديهية؛
وبمعزل، من جهة أخرى، عن مسألة استدراج سالي جريج الى الصورة رغماً عن مشيئتها، في لحظة عدم انتباه؛
وبمعزل أيضاً وأخيراً، عن الجدال حول فائدة تغييب أنفسنا من منابر عالمية ضرورية لإظهار وجهنا الآخر، الحضاري والغني، الذي نستطيع أن نحارب به التعميمات والدسائس وأن نسقي العدوّ بعضاً من سمّه؛
لا مفرّ من أن نتساءل حول الأسباب التي دفعت إعلامياً معروفاً بصدقيته الى الامتناع عن إظهار وجهَي القصة، والاكتفاء بالسخرية من ردود الفعل المستنكرة في لبنان والعالم العربي.
لعل ستيوارت "زلّ" ولم يستطع هذه المرة مقاومة إغراء الانحياز الى يهوديته على حساب الانصاف والاتزان. لعله، أيضاً وأيضاً، دُفع الى فعل ذلك من جانب اللوبي الصهيوني الذي يتحكم بدنيا الإعلام في الولايات المتحدة كأخطبوط ماكر. أيا يكن السبب، لا يشفي الغليل، وتظل الخيبة هي هي.
حتى أنت يا جون ستيورات؟
 

  • شارك الخبر