hit counter script

مقالات مختارة - ميشال نصر - الديار

لهذه الأهداف هاجمت داعش وهكذا استردّ الجيش تلة الحمرا

الأحد ١٥ كانون الثاني ٢٠١٥ - 06:55

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

فيما كان الاهتمام الداخلي منصبّاً على مواكبة التطورات على الحدود الجنوبية، والجهود الرسمية مركزة على تفادي الوقوع في محظور خرق القرار 1701 عقب غارة القنيطرة، انتقل الحدث مجددا الى الحدود الشرقية، التي شهدت يوما عسكريا عسيرا ، مع استهداف المسلحين لنقطة مراقبة الجيش عند تلة «الحمرا» الاستراتيجية، المقابلة لموقع المراقبة «تانغو 10»، تباينت فيه المعلومات حول عدد شهداء الجيش والجرحى وما إذا كان هناك مفقودون، لتنتهي العملية بثمانية شهداء واربعة عشر جريحا بينهم ضابطان من الفوج المجوقل.
واذا كان الهجوم متوقعا ، ويندرج في سياق المواجهة المفتوحة بين الجيش اللبناني وجماعات «النصرة» و«داعش»، خصوصا بعد تضييق الخناق عليهم وتوقيف «رؤوس كبيرة» متورطة في اعمال أمنية، والذي اتى بعد يومين من الزيارة التفقدية لقائد الجيش العماد جان قهوجي الى المواقع العسكرية الامامية في جرود عرسال ، الا انه جاء ليظهر مرة جديدة اصرار الارهابيين على توتير الساحة اللبنانية وضمها الى مخططاتهم العابرة للحدود.
فللمرة الثانية، خلال ثلاثة اشهر شن المسلحون ، هجوماً على مراكز الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك، بهدف السيطرة على بعض النقاط العسكرية والتثبت فيها، للانطلاق منها نحو قرى البقاع اللبناني، حيث اكدت مصادر عسكرية ان التلة التي حاول المسلحون السيطرة عليها هي في غاية الاهمية ، اذ تبعد عن بلدة رأس بعلبك نحو خمسة كيلومترات ، الامر الذي يجعلها خط دفاع اول عن البلدة، اضافة الى كونها نقطة رصد متقدمة قادرة على كشف اي عملية تسلل قد تحصل، وكان سبق منذ اسابيع ان تعرضت آلية لفوج حماية الحدود الثاني لكمين عند سفحها اثناء توجهها الى التلة ما ادى الى استشهاد ستة عسكريين يومذاك.
إلا أن هذا الهجوم طرح اكثر من علامة استفهام، حول نجاح «داعش» في تخطي «النصرة» وتنفيذ الهجوم ، نظرا الى الموقع الجغرافي للمنطقة المستهدفة المحاذية لجبال الحلايم ، الممتدة من وادي عجرم الى وادي الزمراني الخاضعة لحصرية سيطرة «داعش» عليها ، في مقابل تقاسم «النصرة» وحلفائها المنطقة الممتدة من جرود عسال الورد وصولا الى جرود عرسال ، وحول ما إذا أصبح التنظيم جاهزا للانتقال للهجوم، بعد إعلانه اكثر من مرة أنه يعد العدة «لغزو» مناطق البقاع الأوسط.
كما ان عمليات إلهاء للجيش التي سبقت ورافقت واعقبت الهجوم ، تمثلت في اشتباكات شهدتها منطقة وادي حميد بين الجيش والمسلحين ، وكذلك اشتباك بين عناصر من «جيش الاسلام» التابع لبرهان علوش و«داعش» في مخيمات للاجئين عند اطراف وادي حميد استمرت لحوالى الساعة، في الوقت الذي القت فيه عناصر من المديرية العامة لامن الدولة القبض على امرأة اثناء التقاطها صورا لمواقع الجيش اللبناني عند تلة مار توما، الكاشفة على منطقة جرود رأس بعلبك، والتي استمرت بعد انتهاء الاشتباكات مع استهداف احد «الكاراجات» المستخدمة كمقر للمحكمة الشرعية المهتمة بقضايا الاحوال الشخصية للاجئين السوريين في منطقة وادي حميد بقذيفتين مجهولتي المصدر.
مصادر عسكرية مطلعة كشفت عن توافر معلومات استخبارية منذ ايام توقعت هجوما على مواقع الجيش مسرحها رأس بعلبك ومحيطها في اي لحظة ، بعدما انهى المسلحون تحضيراتهم للعملية ، عززتها تقارير استخباراتية غربية، تلفت الى حشود كبيرة على طول الحدود الشرقية للمجموعات الارهابية وتتخوف من ارتكابها اعمالا عسكرية ضد مناطق لبنانية قريبة من الحدود، وان بعض التقارير حذر من عمليات واسعة قد تطال عمق البقاع، متخوفة من ان يترافق ذلك مع تحرك للخلايا النائمة في الداخل وفي اكثر من منطقة.
سيناريو سرعته ، بحسب المصادر ، مجموعة من العوامل والاهداف ، لعل ابرزها : فتح ثغرة له من جهة رأس بعلبك تمهيداً الى اجتياح البلدة والسيطرة عليها بهدف إيصال المؤن له في جرود عرسال وللسيطرة بالنار من خلال التلة على القرى القريبة من رأس بعلبك ، اختبار قوة الجيش ودفاعاته، وإيصال رسالة إليه مفادها أنه ما زال حاضراً في الجرود ولديه القدرة على الهجوم رغم الثلوج والحصار الخانق من قبل الجيش ، محاولة فرض شروط جديدة للعبة وقواعد الاشتباك تقوم على المباغتة وعنصر المفاجأة، محاولة خطف المزيد من العسكريين لإحراج الحكومة اللبنانية ودفعها إلى التحرّك لقبول المقايضة مكرهة، محاولة الضغط على الجيش واستنزافه واستعراض للقوة وفرض وقائع ميدانية جديدة ، الانتقام لمقتل احد ابرز قادة «داعش» الملقب «بالطويل» بعد مبايعته التنظيم عقب تسلم «ابو طلال المقدسي» امارة القلمون في كمين للجيش خلال تصديه لمحاولة مجموعة ارهابية التسلل في منطقة وادي حميد، كرد على عملية «تحرير» سجن رومية وتصفية غرفة العمليات الارهابية التي كانت قائمة فيه .
بالعودة الى تفاصيل المجريات الميدانية ، كشفت المصادر العسكرية انه فجر يوم الجمعة واثناء تحضير قوة من فوج الحدود الثاني قوامها خمسة عشر جندياً، نفسها لمغادرة تلة «الحمرا» بعد انتهائها من مهمة مراقبة دورية ، تعرضت لوابل من الرشقات الرشاشة المتوسطة والقذائف الصاروخية من تلة تشرف على موقع الكمين ، ما دفع بالعناصر الى الاحتماء وراء الصخور ، في الوقت الذي نجحت فيه قوة من المهاجمين قوامها نحو ثمانين فردا من الوصول الى التلة والالتحام مع العسكريين ، ما ادى الى استشهاد خمسة عسكريين ، واصابة عشرة آخرين بكدمات وكسور بالغة بعد اضطرارهم الى الانسحاب باتجاه «الشير» المقابل للتلة، وتدمير غرفة انشئت في المكان . في غضون ذلك قامت وحدة من الفوج المجوقل بتنفيذ هجوم مضاد لاستعادة التلة، رغم استهدافها بقوة نارية كبيرة، وفي ظل تغطية مدفعية وصاروخية من البر والجو استهدفت مواقع المسلحين وممرات انسحابهم ، حيث رصدت نداءات لمسلّحي داعش يستنجدون بجبهة النصرة بعد الاصابات المباشرة التي لحقت بالمهاجمين موقعة عشرات القتلى والجرحى في صفوفهم.
وبالفعل نجحت قوة المجوقل في بلوغ التلة عند الخامسة والنصف مساء سيرا على الاقدام بعد استشهاد احد ضباطها وعسكريين فضلا عن عدد من الاصابات بينهم ضابط. غير ان اللافت في العملية ان المسلحين حاولوا سحب جثتين لجنديين لبنانيين معهم الا ان جهودهم باءت بالفشل ، بحسب ما بينت الصور التي التقطتها طائرة سيسنا للمراقبة تواجدت في سماء المنطقة طوال المواجهات. واكدت المصادر انه الى جانب استفادة المسلحين من عوامل الطقس وعنصر المفاجئة الا انهم ايضا حاولوا استباق انتهاء الجيش من اعمال التحصين وشق الطريق الى التلة .
بالامس اثبت الجيش في معمودية جديدة ، وصفت بانها الاعنف والاصعب في جولات القتال المتلاحقة، قدرته على المواجهة واحتفاظه بالمبادرة ، والسيطرة والتحكم مستخدما طاقاته بتنسيق يشهد له وعلى مستوى عال من التقنية والمهنية ، مستعيدا زمام المبادرة بفترة قياسية ، رغم بعض الثغر التي استغلها المسلحون للنفاذ عبرها وتنفيذ عمليتهم التي لن تكون بالتأكيد الاخيرة.
 

  • شارك الخبر