hit counter script
شريط الأحداث

أخبار اقتصادية ومالية

اصدار "يوروبوندز" بمليار دولار: شروط التفاوض

الجمعة ١٥ كانون الثاني ٢٠١٥ - 09:18

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

قدّمت المصارف عروضها لإدارة إصدار سندات دين بالعملات الاجنبية «يوروبوندز» اطلقته وزارة المال بقيمة مليار دولار. في ظل اهتمام من المصارف الاميركية بتسويق هذا الإصدار، تتمحور المفاوضات بين الوزارة ومجلس إدارة جمعية المصارف حاليا على معدلات الفوائد وعوائد الاكتتاب وآجاله. كل من الطرفين يملك ما يكفي من عوامل قائمة للحصول على شروط افضل له

انطلقت المفاوضات بين وزارة المال والمصارف حول إصدار يوروبوندز من السندات الجديدة بقيمة مليار دولار. ظروف هذا الإصدار مختلفة عن سابقاتها. فهذا الإصدار يأتي في ظل ظروف صعبة يشهدها لبنان على صعيد تصنيفه السيادي، وعلى صعيد حاجة المصارف إلى الحفاظ على مستوى ربحيتها. الطرفان بحاجة إلى هذا الإصدار؛ المصارف تبحث عن أدوات توظيف مجدية مالياً للحفاظ على نسبة ربحيتها بعيداً من مخاطر السمعة، ووزارة المال تريد تغطية جزء من العجز المتنامي في المالية العامة بأقل كلفة متاحة.

المطلعون يؤكدون إن الطرفين لن يتخليا عن اللعبة التقليدية. أي إن المصارف ستفاوض على معدلات فائدة أعلى نظراً إلى التصنيف السيادي المتدني للبنان، ووزارة المال تستند إلى فائض كبير لديها في حساب الـ 36 يتيح لها هامشاً أكبر من التفاوض، وتراهن على حاجة المصارف إلى توظيف سيولة إضافية بالعملات الأجنبية.
خلال الأسبوع المقبل يلتقي وزير المال علي حسن خليل وفدا من مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان على الغذاء. إصدار اليوروبوندز المرتقب بقيمة مليار دولار هو محور اللقاء. سيكون لقاءً تفاوضيا تقليديا يجري عادة بين الطرفين قبل كل إصدار. وسيكون على جدول أعماله نقاط عديدة متصلة بمعدلات الفوائد والآجال، فضلاً عن عرض المعطيات السوقية سواء لجهة البيئة المحلية واستعدادها للمشاركة في الاكتتاب، أو لجهة البيئة الخارجية وإمكان استقطاب مكتتبين من خارج الحدود.

وبحسب مصادر مصرفية، فإن المصارف المحلية ستفاوض من أجل الحصول على حصّة أساسية في الاكتتاب بعد ممارسة لعبتها المفضلة في الضغط على وزارة المال، أي إبلاغ وزير المال أنها ليست في حاجة إلى الدولة، بل العكس هو الصحيح، وأن الاكتتاب سيحمّلها مخاطر مرتفعة لأنها ستزيد تركيز توظيفاتها في السندات السيادية. كذلك ستطالب المصارف بسلّة إصلاحات واسعة ضرورية للبنان، على أساس أن هذه الإصلاحات مطلوبة دولياً، وأن عدم تطبيقها سيعرّض لبنان والقطاع المصرفي لمخاطر خفض التصنيف. أيضاً، ستقول المصارف إنها توظّف مبالغ اقل في شهادات الإيداع الصادرة عن مصرف لبنان، ولكنها تحقق لها عوائد مجزية تتجاوز 9%، وبالتالي فإن على وزارة المال أن تحذو حذو مصرف لبنان، وإلا فسيكون المجدي اكثر الاكتتاب في شهادات الإيداع ما دام مصرف لبنان جاهزا لإصدار شهادات إيداع خاصة لكل مصرف من المصارف التي تقدّم طلباً لديه يستند الى وجود سيولة فائضة يقتضي امتصاصها... كل هذه المفاوضات لا هدف لها سوى أن تحصل المصارف على عوائد أعلى لمشاركتها في الاكتتاب، وبالتالي تصبح مشاركتها في الاكتتاب وإنجاحه مشروطة بكيفية الحفاظ على معدلات ربحية «مقبولة».
في هذا الإطار يقول مصدر مصرفي مطلع، إن الإصدار المطروح بقيمة مليار دولار وبأجل يصل إلى 10 سنوات، الفائدة عليه يُفترض ان تدور حول 6.5%، وبالتالي لا يجوز للمصارف أن تغامر كثيراً في مفاوضاتها مع وزارة المال نظراً إلى حاجتها الأساسية لتوظيف الودائع التي تدفع عليها أكلافاً كبيرة. وفي المقابل، تقول مصادر مطلعة إن مفاوضات وزارة المال مرّت في السابق بجولات عديدة مع المصارف، والاخيرة كانت ترتكز الى العلاقة التي بنتها مع اعضاء هذا الفريق، ولكنها مضطرة اليوم الى التعامل مع فريق جديد يتولى عملية التفاوض، ويسعى لاظهار نفسه غير مستسلم لمصالح المصرفيين!
هناك جانب آخر يتعلق بموقف مصرف لبنان من هذا الإصدار، وبالضغوط التي يتعرّض لها نتيجة انكشافه على شهادات الإيداع التي يصدرها، وارتفاع مستوى توظيفاته في الدين العام. وقد تبيّن أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مهّد لهذه المفاوضات بعد تلمّسه قلقاً لدى المصارف من الاكتتاب في إصدار اليوروبوندز، فأبلغ وفد مجلس إدارة المصارف أن عليهم المشاركة في الاكتتاب في سندات الدولة بالعملات الأجنبية، بدلاً من الاكتتاب في شهادات الإيداع الصادرة عن مصرف لبنان. وأعرب سلامة أمام المصارف عن ارتياحه للإقبال على هذا الإصدار، وأن وزارة المال ستعتمد نظام الحصص النسبية. وأوضح أن مشاركة المصارف في الإصدار «فيها مصلحة للخزينة التي تؤمن تمويلاً بالعملات لاحتياجاتها، فلا تستنزف الاحتياط لدى المصرف المركزي، وفيها مصلحة للمصارف، إذ إن نجاح الإصدار له وقع إيجابي على تصنيف لبنان في هذه المرحلة». وقد سهّل سلامة المهمة على المصارف بالإشارة إلى أنه على استعداد لتسييل شهادات إيداع مصرف لبنان مقابل اكتتاب المصارف في الإصدار الذي لا يؤثّر في ملاءة المصارف اللبنانية، التي تزيد على المعدلات المطلوبة عالمياً، ولا يؤثّر في احتياطات مصرف لبنان أيضاً.
بحسب رئيس جمعية مصارف لبنان فرنسوا باسيل، فإن هذا الإصدار بالذات «عليه طلب خارجي قوي كما بدا لنا من اتصالاتنا مع الخارج، وبالتالي فإن مشاركة المصارف حتمية، لكن المصارف تنتظر عوائد الإصدار».
إذاً، المفاوضات قائمة عن بعد حالياً، ولكنها ستكون مباشرة على مأدبة الغداء التي ستجمع وزير المال مع مجلس إدارة جمعية المصارف. وزارة المال سيكون لديها الكثير من المبررات لتخطي «مناورات» التفاوض التي تقودها المصارف، وخصوصاً أن المعلومات المتوافرة في السوق المصرفية تشير إلى أن المصارف ليست مستعدة لأن تحمل مخاطر شهادات الإيداع الصادرة عن مصرف لبنان بدلاً من مخاطر الدولة المركزية. المقصود أن المصارف بحاجة إلى هذه المشاركة في هذا الإصدار لأسباب أبرزها يتعلق بمخاطر توظيفاتها، «فإذا وقعت الدولة فسنقع جميعاً مهما كانت توظيفاتنا، وبالتالي فمن الأجدى أن نوظّف لدى الدولة» يقول أحد المصرفيين. كذلك، تبيّن أن فرص التوظيف خارج لبنان أصبحت ضئيلة جدا، ففي بعض بلدان أوروبا أصبحت الفائدة سلبية على الودائع، وهناك احتمال لأن تشهد دول أوروبا مزيداً من التضخم نتيجة الطروحات الرامية إلى طبع تريليون و300 مليار يورو لشراء سندات حكومية في دول أوروبية متعثّرة. أما الأوضاع في اميركا، فهي مستقرّة نسبياً لجهة اسعار الفوائد، إلا أنها تبقى أسعار متدنية مقارنة بالمعدلات اللبنانية. وتشير مصادر مصرفية إلى وجود اهتمام كبير ومفاجئ من المصارف الأميركية بالإصدار اللبناني، وهو ما يقدّم مؤشرات إيجابية على مشاركة واسعة في الإصدار الجديد، إذ ترى هذه المصارف أنه يمكنها تسويق هذه السندات من دون عثرات، وأن هناك طلباً سوقياً عليها.

"الاخبار - محمد وهبة"

  • شارك الخبر