hit counter script

مقالات مختارة - دافيد عيسى

الى خليل نامي الخازن... اشتقنالك

الجمعة ١٥ كانون الثاني ٢٠١٥ - 08:25

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لم يكن ليل الاثنين 24-25/1/2010 ليلاً عادياً في لبنان فقد استفاق اللبنانيون على خبر "كارثة جوية " نتجت عن تحطم طائرة تابعة للخطوط الجوية الاثيوبية بُعيدَ اقلاعها من مطار رفيق الحريري الدولي وعلى متنها 90 راكباً بينهم 54 لبنانياً.
خمس سنوات مرت على سقوط الطائرة والمشهد المؤلم المرعب ما زال ماثلاً أمام عيون اللبنانيين. قاسية وموجعة وحزينة كانت تلك الليلة التي خطفت عائلات وابرياء واصدقاء وأحباء من احضان الحياة ورمتهم في المياه الباردة جثثاً واشلاء مقطعة. 
حزن عميق وكبير دخل كل بيت لبناني، وكارثة وطنية حلت على الوطن، اباء وامهات واطفال وجدوا انفسهم وجهاً لوجه امام كارثة ومصيبة "تكسر الظهر" وليس من يخفف طعم المرارة.
صحيح ان الوقت يفعل فعله في بلسمة الجراح وتصغير المصائب والاحزان، ولكنه لا يفعل شيئاً مع المشاعر، كونه لا يستطيع ان يحد منها ويكبح جماحها.
الشيخ خليل نامي الخازن، الصديق والاخ والابن والوالد والحبيب، واحد من هؤلاء الذين لا يمحو الموت صورتهم وذكراهم من بالنا، هو الذي غادرنا فجأة ومن دون استئذان، حيث غدر به الموت وهو محلقاً في أجواء بيروت ليسقطه في بحرها.
عزيزي خليل... أعرف بأنك مشغول البال ومتشوق بعد خمس سنوات من الفراق لمعرفة أخبار عائلتك واصدقائك واخبار السياسة وأهلها، من هنا ساخبرك باختصار عن كل ما يشغل بالك وأبدأ أولاً بالأهم، وهي اخبار العائلة التي تفتقدك كثيراً، ولأقول لك ياصديقي في هذا الموضوع تحديداً نِمْ مرتاحاً وقرير العين، فوالدك "الشيخ الجريح" نامي والذي عانى غصة الحلم، وتحمل انكسار الرمح، والتي شاءت الاقدار القاسية والظالمة أن توشّح رحلته في هذه الحياة بالالم والحزن، بفقدان عائلته الواحد تلو الآخر، وزوجة خالك وداد والاهل جميعاً يحيطون الحبيبين (ميرا ونامي) وكذلك أولاد شقيقتك العزيزة ماغدا (مراد ومايدا) بعاطفتهم وعنايتهم ومحبتهم وهم يحاولون قدر المستطاع تحقيق ما كنت تتمناه وتريده لهم. وانه بامكانك ايضاً الاعتزاز والافتخار بفلذات كبدك (ميرا ونامي) فهم على قدر المسؤولية وعلى قدر الثقة التي وضعتها بهم وهم يحملون الامانة بكل فخر وحرص وعناية .
أما عن اصدقائك فاقول لك بأنه لا تمر مناسبة نلتقي فيها إلا ونشعر انك بيننا. فذكراك لا تفارقنا فترجع بنا الذكريات إلى الأمس القريب ونتذكر اخبارك وقصصك وحركاتك ونهفاتك وحيوتك وكأسك وسيجارك وطبخاتك كما نذكر دائماً محبتك لأصدقائك ونخوتك واهتمامك الدائم بكل من يقصدك طالباً أية مساعدة. والآن وبعد مرور خمس سنوات، تبقى الحاضر الغائب بيننا واخبارك وسيرتك هي الطاغية على كل لقاء وفي كل جلسة، نشعر بضحكتك ووجهك وروحك العذبة وذكائك وسرعة خاطرك وخفة دمك. كيف لا وانت من تركت بصماتك في حياتنا وعشنا معك حلو الأيام ومرّها.
عزيزي خليل، اما عن اخبار السياسة التي احببت، فمنذ رحيلك القاسي والمفاجىء لم يتغير شيء في اداء السياسيين اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً، ويحزنني ان ابلغك ان الصراع لا يزال بينهم هو هو، الصراع الأزلي الابدي وهو الصراع على "الكراسي" والذي يحمل شعار "أنا أو لا أحد".
لم يتغير شيىء، مذّاك اليوم الحزين يوم رحيلك، فلا يزالون هم هم كما كانوا، مهووسي سلطة يتقاتلون من اجلها، بدماء غيرهم طبعاً، بدماء شباب ابرياء "بسطاء"، ويحولون خلافاتهم وشجعهم للسلطة إلى شعارات وطنية كبيرة ويطرحونها في الاسواق وعلى المنابر وينقسم "الرأي العام" حولها، هذا "الرأي العام" الذي لا يحرّك ساكناً ولم ينتفض يوماً دفاعاً عن لقمة عيشه بل ينتفض ويستشرس دفاعاً عن هؤلاء السياسيين.
صديقي الشيخ... بعدما اخبرتك باختصار عن احوالنا وما آلت إليه امورنا، اعرف انك ستكون فرحاً باخبار عائلتك واصدقائك وحزيناً من أخبار السياسية، كيف لا وانت الذي سعيت دوماً إلى تقريب وجهات النظر بين السياسيين وإزالة المتاريس والحواجز بين المتخاصمين، من خلال شخصيتك المحببة والتوافقية التي تقرب بين الناس، ومن خلال عملك لسنوات طويلة ايضاً كعضو مجلس إدارة في محطة ال MTV والمشرف على البرامج السياسيّة فيها.
كم نحن اليوم بحاجة إلى امثالك، وإلى كل من يجمع ويقرّب القلوب ويحرّض على المحبة والتفاهم، كم نحن بحاجة إلى انقياء القلوب وفاعلي الخير، إلى الذين يتعاطون مع الحياة بتفاؤل وإيمان ورجاء...
اخي وصديقي الحبيب، استودعك الله وأقول لك باسم كل من أحبك " اشتقنالك " كتير... سلام لك منا جميعاً نحن اخوتك واصدقائك فريد هيكل الخازن، ميشال غبريال المر، وضاح الشاعر، موفق حرب، اصدقائك وزملائك في محطة ال MTV وكثيرين مما لا مجال لذكرهم فرداً فرداً، خلي عينك علينا كما عودتنا دائماً، وصلي لنا من عليائك، فانت شفيعنا حيث انت اليوم في احضان الملائكة والابرار والقديسين.

 

  • شارك الخبر