hit counter script

"السلفي" التي هزت الشرق الأوسط"!

الخميس ١٥ كانون الثاني ٢٠١٥ - 06:55

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بين الكراهية والتخلف والعمالة، علقت ملكة جمال لبنان سالي جريج هذه المرة بسبب صورة "خبيثة" التقطتها ملكة جمال اسرائيل دورون ماتالون على هامش التحضيرات لانتخاب ملكة جمال الكون في مدينة ميامي الأميركية تظهر فيها مع ثلاث ملكات بينهن نظيرتها اللبنانية. وسارعت الشابة الإسرائيلية إلى نشر هذه الصورة على وسائل التواصل الاجتماعي لتستثير موجة من ردات الفعل العنيفة من اللبنانيين على الملكة أغدقت فيها صفاتاً بشعة.

نسيَ اللبنانيون الفراغ الرئاسي والمشاكل الاقتصادية والسموم التي ظهرت في كل تفاصيل حياتهم اليومية، وانشغلوا بالهجوم على سالي التي أوضحت بشخصها وعلى لسان فريق عملها عشرات المرات ما جرى. وقد أكدت ملكتنا أن الشابة الاسرائيلية أقحمت نفسها في الصورة رغم سعي ملكة جمال لبنان المتكرر الى تفادي اي تواصل معها، وتمكنت من التقاط صورة "سلفي" في "لحظة خاطفة"، حسب تعبير الملكة.

حادثة تكررت
طبعاً ليست الحادثة الاولى التي تجري على مستوى هذه المسابقات العالمية، فسبق وان ظهرت ملكة جمال لبنان هانيا بيضون في صورة مع ملكة جمال إسرائيل هيلانا كارميل في عام 1955، اضافة الى الصورة الشهيرة التي جمعت غادة الترك ملكة جمال لبنان عام 1993 وتامارا بورات ملكة جمال اسرائيل وما تبع ذلك من ارتدادات كبيرة بينها تجريد الترك من اللقب والادعاء عليها وحرمانها من الدخول الى لبنان لأشهر عدّة قبل تدخل سياسي رفيع المستوى لتسوية القضية.

مجنّدة سابقة
حققت الشابة الاسرائيلية "خبطة" موفقة هذه المرة، هي الجندية المدربة لفترة عامين في الجيش الاسرائيلي، ويبدو انها تجيد خوض الحروب وتعلم ان المعارك لا تقام فقط بالاسلحة الحربية ولكل مقام مقال ولكل معركة سلاحها.
نشرت ملكة الجمال الاسرائيلية الصورة، فاستاءت نظيرتها اللبنانية منها وخرجت تبرر لناسها ودولتها مدى مكر المتنافسة الاسرائيلية. استفادت هذه الأخيرة من الرد اللبناني ونجحت مرة أخرى في تثبيت الصور النمطية السلبية عند الشعوب الغربية عن لبنان على انه بلد "رجعي" و"عدائي" و"بؤرة صراعات مستمرة الى ما لا نهاية".
وساعدتها كبرى وسائل الاعلام العالمية التي تناقلت الخبر لتصبح "السلفي" موضوع تقارير صحافية في أهم المؤسسات الإعلامية حول العالم من "سي ان ان" و"بي بي سي" مروراً بـ"نيويورك تايمز" و"لوفيغارو" والكثير غيرها، وليس انتهاء بالمقدم الاكثر شهرة في العالم جون ستيوارت.
هكذا ببساطة نجحت المتسابقة الإسرائيلية في تصوير ملكة جمال لبنان ومواطني بلدها على أنهم شعب "كاره للسلام" بنظر قسم كبير من الرأي العام العالمي، حتى ان بعض "أصحاب الرؤوس الحامية" وصل بهم "شططهم الالكتروني" الى حد المطالبة بمنع مشاركة لبنان في المسابقات الدولية لأنه لا يحترم في رأيهم المبادئ التي تقوم عليها هذه المنافسات وأهمها الترويج للسلام والصداقة بين الشعوب.
ورغم ألاعيب اسرائيل التي أصبحت واضحة الأهداف وليس عصياً على اللبنانيين اكتشافها لناحية جهدها المستمر لزرع الشقاق بين اللبنانيين عبر تصرفات ساقطة، لا زلنا نقع في هذه الأفخاخ ولا زالت تهم العمالة هي الأحب لدينا لنلقيها على بعضنا البعض من دون التحقق ولو قليلاً في أي حادثة قد تحصل مع أي ممثل عن لبنان في محفل عالمي، وتعود فجأة نظريات فحص الدم اليومي بالوطنية التي هي أساس مشاكلنا تستعر مع كل حدث مهما كان حجمه.

خيانة وتطبيع
على مرّ التاريخ، جمعت الكثير من الأحداث الأعداء في مكان واحد وتلاقوا في أكثر من مناسبة لكنها لم تكن في أغلب الأحيان مدار اتهامات بالخيانة والعمالة والتطبيع. ولا بد هنا من ذكر الايرانيين والأميركيين الذين تبادلوا الأعلام والشارات والهدايا التذكارية في كأس العالم عام 1998، كذلك الأمر بالنسبة للاعبين الصينيين واليابانيين الذين ظهروا في صور مشتركة ووضعوا اليد باليد في مباريات كأس آسيا في كرة القدم عام 2004. كما لا يمكن إغفال المباراة التاريخية التي جمعت أرمينيا وتركيا في العاصمة الارمينية يريفان وعزف النشيد التركي في أرمينيا. وفي السياق عينه، لا بد من استذكار المصافحة التي جرت خلال جنازة البابا مار يوحنا بولس الثاني بين الرئيس السوري بشار الاسد والرئيس الاسرائيلي حينها موشيه كاتساف. وقد كان للقيادة السورية يومها تبرير بأن كاتساف مد يده للأسد فما كان من الأخير الا ان تجاوب بروتوكولياً. وليس ذكر الحوادث السالفة دعوة للتطبيع بطبيعة الحال.

ألين لحود

تسلط الضجة حول "السلفي" الضوء على أثمان سبق ودفعها متسابقون لبنانيون بسبب العامل الاسرئيلي. ونذكر هنا على سبيل المثال انسحاب لبنان سنة 2005 من مسابقة "يوروفيجن" الغنائية الأوروبية التي تعتبر أهم مسابقة غنائية أوروبية يتابعها مئات ملايين المشاهدين، وذلك بسبب رفض تلفزيون لبنان عرض المقطع الذي يظهر فيه المتسابق الاسرائيلي. يومها كانت ستمثل لبنان في هذه المسابقة العالمية الفنانة الين لحود التي كشفت في حديث لـ"النهار" عن تلقيها بريداً الكترونياً من اليونان يخبرها انها قبل 48 ساعة من التصويت كانت هي الفائزة باللقب وحائزة على نسبة أعلى من المشترك اليوناني الذي حمل اللقب في وقتها".
وعبّرت لحود عن حزنها لفقدانها فرصة المنافسة على هذا اللقب الأساسي بسبب اسرائيل، وهو اللقب الذي كان ليغيّر مجرى حياتها الفنية ويوصلها للعالمية، مشيرة الى انها متعاطفة مع ملكة جمال لبنان سالي جريج لأنها "تعلم الاساليب الاسرائيلية جيداً".
وروت لحود انها أيضاً كانت عرضة لملاحقة من المشترك الاسرائيلي وفريق عمله الذي حاول في أكثر من مناسبة التقاط الصور معها ومسايرتها لابراز "وجهه الحضاري"، قائلة "لكني زمطت".
وتحدثت لحود عن انزعاجها مما يجري مع اللبنانيين في أكثر من محفل دولي بسبب التحرشات الاسرائيلية، مشددة في الوقت عينه على ان "اسرائيل هي عدوة".
وأضافت: "حتى في مشاركتي الأخيرة في" The voice " في فرنسا، كان من الاسباب غير المباشرة لخسارتي وجود المشترك الاسرائيلي الذي دفع اللجنة الى تفادي جمعي معه في الفريق نفسه"، سائلة: "لماذا على اللبنانيين دائماً دفع هذا الثمن ...لماذا لا ينسحبون هم عند وجودنا معهم؟".

المواجهة
وفي العودة الى المباراة الجمالية، فالالتزام بقوانين المسابقة ربما يقضي ظهور ملكة جمال لبنان لأكثر من مرة مع المشتركة الاسرائيلية، وستجمعهما صورة واحدة أثناء العرض والتقديم، او ربما التواجد في الباص عينه اثناء "الكاستينغ" وغيرها من الأمور اللوجستية للمسابقة، كما يحصل في المستبقة عينها كل سنة، فهل سنكون أمام موجات تخوين جديدة؟.
وزير السياحة ميشال فرعون أكد لـ"النهار" ان الوزارة "تتجه لدعم ملكة جمال لبنان"، وقال لـ"النهار": "لا أشك بنواياها انما بنوايا الاسرائيليين".
وكشف فرعون ان الوزارة بصدد إعادة دراسة العقود التي ترعى احتفالات ملكات الجمال وكيفية المتابعة من الوزارة، مشيراً الى انه سيعقد مؤتمراً صحافياً يوم الجمعة "بعد ان تكون قد توافرت المعطيات كافة عن هذا الموضوع".
وأضاف "كنا امام موضوع فيه ملابسات معينة، ووسعنا تحقيقاتنا وسنعلنها امام الرأي العام بكل جرأة".

لا أحد يشك في نوايا اسرائيل السيئة تجاه الوجه الحضاري للبنان الذي رغم عدواناتها المتكررة عليه لا زال يزهر تميّزاً على المستوى العالمي. وأمام حرب شعواء كهذه، لا بد من المواجهة وليس الانسحاب والهرب، والمواجهة تكون بدعم مشاركة لبنان بكل المسابقات الدولية لأنها الفرصة الوحيدة لاظهار صورة لبنان الحقيقية، ومهاجمة هذه المشاركات او منعها ستكون بمثابة خدمة مجانية لاسرائيل.

اسكندر خشاشو- النهار

  • شارك الخبر