hit counter script

مقالات مختارة - داود رمال

هل تُسلّم السعودية ملف الاستحقاق للحريري؟

الخميس ١٥ كانون الأول ٢٠١٤ - 07:12

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

بعد العدوان الاسرائيلي مؤخراً على سوريا، والسعي الاسرائيلي لتوظيف هذا العدوان في اطار منع امتلاك «حزب الله» منظومة أسلحة متطورة، اجمعت القوى الداخلية الفاعلة والخارجية المعنية على اعتبار ان هذا التمادي الاسرائيلي لن يوصل الى انفجار كبير في المنطقة «لأن ساعة حسابات القوى الفاعلة لا تسير وفق التوقيت الاسرائيلي المأزوم على غير صعيد».
الحسابات الاسرائيلية التي كانت تعتمد قبل العام 2000 لم تعد تتطابق مع حسابات الوضع الحالي، ولا تستطيع اية حكومة اسرائيلية الاستثمار على الواقع السياسي اللبناني غير المستقيم كي تمرر عمليات نوعية على قاعدة عدم قدرة المعتدى عليه على الرد. الامور تحوّلت من ردة الفعل الى الفعل عندما حول «حزب الله» المواجهة مع العدو الى «حرب عقول»، بينما كانت في السابق حربا تقوم على عقل مقابل ثورات تستند الى ردات فعل غير مدروسة، لذلك لم يكن يتحقق توازن.. وصولا الى انتصارات.
عملياً، لم يعد هناك اثر أو تأثير للاعتداءات الاسرائيلية في المعادلات الداخلية اللبنانية، لان المقاومة التي هزمت اسرائيل، تمكنت منذ العام 2000 من عزل اي تأثير اسرائيلي معاد على الواقع السياسي اللبناني. ولهذا يوفّر «حزب الله» كل الاسباب التي من شأنها ان تؤدي الى تحقيق الوفاق الداخلي، ويتفاعل ايجابا مع كل المبادرات وحركة الموفدين الدوليين في سبيل تحصين الواقع اللبناني في ظل محيط متفجّر، وهذا ما برز جليا في عملية تأليف الحكومة وراهنا في مسألة الحوار مع «تيار المستقبل».
بعد انجاز تأليف الحكومة كان سعي للدول التي عملت في ملف تأليف الحكومة، لأن تنجز الاستحقاق الرئاسي. وفي هذا السياق كانت زيارات المنسق الخاص للامم المتحدة ديريك بلامبلي وموفدين فرنسيين واميركيين لموسكو وطهران والرياض.. إلا انه في نهاية المحاولات، التي استمرت حتى آخر لحظة قبل الشغور الرئاسي، قرروا اطفاء المحركات بانتظار معطى اساسي لاعادة تشغيلها، وفق ما تقول مصادر عليمة.
في رأي متابعين أن التفاهم الذي بدأ بين ايران والسعودية في العراق، واستُبشر به خيرا، لم يصل الى حد بناء منظومة ثقة كاملة. وما لم تتحقق الثقة هذه فان السعودية غير مستعدّة لتغيير الستاتيكو اللبناني من خلال حكومة الرئيس تمام سلام ولا ايران على استعداد للخلاف مع العماد ميشال عون. لذلك عادت الامور لتتشكل لبنانيا، لانه اذا كان صحيحا ان القادة الموارنة الاربعة يريدون رئيسا قويا فيمكن عندها القول ان من يتفقون على دعمه سيكون قويا وبالامكان اختيار احد الاسماء، والا فستذهب الامور الى رئيس ادارة ازمة خارج منطق القوة. كما ان اصرار النائب وليد جنبلاط على المضي في ترشيح النائب هنري حلو في مواجهة الاقوياء الاربعة يعني استحالة انتخاب احدهم، وفي ذات الوقت نظرية انتخاب ميشال عون او سمير جعجع لم تعد قابلة للترجمة العملية.
ويدعو هؤلاء المتابعون اللبنانيين الى عدم التعويل كثيرا على حركة الموفدين الدوليين، والاتكال على الجهود الذاتية الوطنية، لان تاريخ العلاقات الدولية مليء بالاخطاء، وهناك ديبلوماسيون غربيون لا يملكون ثقافة وافية كي يتعاطوا مع تعقيدات المنطقة، ومنها لبنان. ويكشف هؤلاء أن وزيرة الخارجية الاميركية السابقة كوندوليزا رايس كانت تعتقد ان «حزب الله» فصيل فلسطيني، وأن وزير خارجية الفاتيكان الاسبق لم يكن يعرف ماذا يعني تنظيم «الاخوان المسلمين»، والامثلة كثيرة...! لذلك، يؤكد المتابعون أنه «إذا صاغ اللبنانيون تسويات، فهم الاقدر لا بل الاذكى في انتاجها، وعليهم عدم ترك الامور للاغبياء».
وبغض النظر عن الحركتين الروسية والفرنسية المنسقتين فاتيكانيا في الملف الرئاسي، يبدو ان الاميركيين لا يعرفون ماذا يريدون، بدليل انه قبل 24 ساعة من انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال سليمان صعد السفير الاميركي الى قصر بعبدا وعرض على سليمان القبول بالتمديد لستة اشهر، بينما الاميركيون أنفسهم كانوا يشددون قبل شهر من انتهاء الولاية الرئاسية على وجوب اجراء الانتخابات الرئاسية. كما ان لدى الفرنسيين معلومات تفيد بأن الاميركيين ينتظرون نتيجة المفاوضات النووية مع ايران، مع الاشارة الى ان علاقة فرنسا بلبنان عاطفية وليست في مستوى العلاقة مع افريقيا الاستراتيجية، وفق ما يوضح مصدر مطلع.
هل من تسوية رئاسية يوافق عليها عون يكون ابرز صناعها وليس هو ملكها؟
تنطلق حسابات العماد ميشال عون الرئاسية من ان قوى «8 آذار» تدعمه واذا سار الرئيس سعد الحريري معه يمشي الحال، اي ان هناك حظوظا ثلاثة: ان يقتنع الحريري بعون، ان يتخطى الحريري جعجع، ان يقنع الحريري السعودية. وفي الاجتماع قبل الاخير بين الحريري وجعجع في السعودية قال له الحريري: «ما قولك ان ننتخب عون ونخلص؟». لكن الحريري لم يستطع اقناع السعودية، ففي مرحلة ما سار الحريري بعون وقبل بتخطي جعجع وظل ناقصا الامر الثالث، اي اقناع السعودية، وجاء موقف السفير السعودي في الامم المتحدة والمتزامن مع شهادة النائب مروان حمادة امام المحكمة الخاصة بلبنان ليؤشّرا الى ان لا حلحلة سعودية، مع الاقرار بأن تفاهما سعوديا – ايرانيا سينعكس فورا على لبنان.
أما تفاؤل الرئيس نبيه بري رئاسيا فيأتي من أمرين: الاول، ان ايران ابلغت من يعنيهم الامر ان موضوع الرئاسة يقرر فيه «حزب الله»، وهي لن تتدخل تحت اي ظرف، وليس صحيحا ان «حزب الله» ينتظر ايران. والثاني انه ما دامت الامور بيد السيد حسن نصر الله فان بري يعتبر ان الحريري اذا اقدم وتحرك تمشي الامور. لكن الحل يكون في الاجابة عن السؤال المطروح الذي يختصر كل الدوران في الحلقة المفرغة، وهو: هل السعودية تسلم الامور الى الرئيس الحريري كما وضعت ايران الامور بيد السيد نصر الله؟
ربما يجيب الحوار الذي عُقدت اولى جلساته عن هذا السؤال.

  • شارك الخبر