hit counter script

مقالات مختارة - جورج شاهين

السِباق الى التفويض يسمح لخاطفي العسكريين أن يطلبوا ويتمنّوا؟

الخميس ١٥ كانون الأول ٢٠١٤ - 06:30

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

بعدما نامت البلاد في الأيام الأخيرة على غياب مفاوض واستفاقَت على ظهور آخر، من المستبعد أن توفّر هذه الآلية الفوضوية أيّ حلّ لمعضلة العسكريين المخطوفين. فالمفاجآت مفقودة في ظلّ السباق المحموم الى التفويض على طريق جرود عرسال الوعرة، وتحكّم الخاطفين بالعملية متردّدين في تقديم أيّ تصوّر نهائي. فما هي الطريق الأقصر الى الحلّ؟
طُويَت ليلة الميلاد من دون بارقة أمل في أن يعود أيّ من العسكريين المخطوفين الى عائلته، على رغم كلّ التسريبات التي جهد المفاوضون الجدد في تمريرها بين زيارة وأخرى الى الجرود، في سباق محموم الى التكليف، سواءَ ممَّن نال تفويض الخاطفين ويفتقد التكليف الرسمي، والعكس صحيح.

كلّ ذلك يدل وفق مواكبي الملف على أنّ العملية طويلة، ومرحلة الوصول الى مخرج قابل للتنفيذ ما زالت بعيدة. فالخاطفون يمارسون أقصى درجات الإستنزاف على كل المستويات في علاقتهم مع اهالي العسكريين، قبل الإنتقال الى التلاعب بأعصاب أعضاء خلية الأزمة من دون ظهور أيّ مبادرة إيجابية نحو الحلّ، لا بل إنّ أحدهم يراهن على «أنّ إفراغ سجن رومية من المطلوبين لن يردّ العسكريين الى مؤسساتهم واهاليهم».
ويعترف أحد المفاوضين القدامى أنّ الخاطفين يملكون من خلال العسكريين ورقة ضغط كبرى بالغة الأهمية لن يتخلّوا عنها بسهولة.

فقلقهم على مستقبلهم وما هو منتظر من المفاوضات حيال مستقبل سوريا لا يسمح بالإفراج عنهم، لأنّهم من أكبر وأقوى الأسلحة التي يملكونها في مواجهة العالم وسيحمونهم برموش العين، وليسوا أغبياء ليتخلّوا عنهم في أيّ وقت، في ظلّ المطروح من مغانم آنية لا ترقى الى تحديد مستقبلهم في منطقة تغلي.

لذلك يتوقف «المفاوض العتيق» أمام حركة الساعين الى التكليف، ويَسخر من كلّ ما يحدث في السرّ والعلن. فالتسابق اللبناني على كسب ودّ الخاطفين سمَح لهم بأن «يطلبوا ويتمنّوا ما شاؤوا... فرغباتهم لدى البعض أوامر»، وما يتبادله المسؤولون من معلومات تؤكد هذه النظرية.

ويقول: «لقد عبّر المفاوضون السابقون عن الرغبة بتوفير مصالح شخصية، وهي ظاهرة ليست بعيدة عن تصرّفات البشر، ولكن ما يثير القلق أن تستمرّ هذه اللعبة بلا رادع أو حسيب، بفقدان مَن يَضع حدّاً لهوايات البعض بالظهور وكَسب الأدوار، بلا مراعاة عواطف اهالي المخطوفين ومصالحهم، ولا مصلحة البلاد».

«تصوّروا»، يضيف المفاوض نفسه: «أنّ الوسيط القطري السوري الجنسية أحمد الخطيب الذي ارتبطت تحرّكاته بمزاج الدولة والشارع وأهالي المخطوفين، كان مطلبه الأساس الإفراج عن أحد أبناء الشيخ مصطفى الحجيري «أبو طاقية»، غير عابئ بالمهمة التي أوكلت اليه، وذلك في مرحلة كانت من أخطر المراحل على سلامة العسكريين».

هذه الرواية - القضية ليست «مزحة»، ففي مرحلة معينة، كان هناك حديث عن تدخل مباشر لمدير المخابرات القطرية في قضية ما، فكثّف وسيطه حركته وتردَّد إعلامياً أنّ المدير سيصل بيروت خلال ساعات، فاعتقد البعض أنّ وتيرة الوساطة القطرية قد ارتفعت الى الذروة، فإذ ومن أجل إطلاق سيدة قطرية معتقلة في سوريا، نجَح مسؤول لبناني في الإفراج عنها وهي من قريبات مسؤول كبير في الديوان الأميري، يحضر مدير المخابرات شخصياً لنقلها الى بلادها.

على هذه الخلفيات والروايات، كان مصير العسكريين معلقاً في تلك الفترة، واللبنانيون ومعهم أعضاء خلية الأزمة والأهالي يصارعون التهديدات بقتل هذا العسكري أو ذاك، فيما كان همّ البعض تمرير محروقات وأغذية قيل يومها إنها للنازحين السوريين شرق عرسال، فإذ بها في طريق آمنة الى الخاطفين.

لا يتَّسع المقال لمزيد من هذه النماذج التي كانت وما زالت مخفية على اللبنانيين، وكان هناك مَن ينصح بتغيير الأسلوب في العمل وتصويب البوصلة في اتجاه يخدم فعلاً مصير العسكريين، لكنّ هذا الهدف كان بعيداً من المقاربات السياسية.

هناك مَن سأل: لماذا لا نسأل الأتراك الذين لعبوا دوراً في ملف «مخطوفي إعزاز» عمّا فعلوه لإطلاق ديبلوماسيّيهم الذين خطفتهم «داعش» في الموصل؟ وما الذي فعلوه ليعودوا بكامل أناقتهم كأنّهم كانوا في أحد الفنادق الفخمة؟ وقبل أن ينتظر طارح السؤال جواباً، تذكّر أنه لن يلقى جواباً، فهو يتحدّث عن «دولة» تركية!؟

  • شارك الخبر