hit counter script

خاص - ملاك عقيل

بلد الحشيشة...

الإثنين ١٥ كانون الأول ٢٠١٤ - 06:27

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ليست المرّة الأولى التي يشغل فيها النائب وليد جنبلاط الرأي العام، الحقيقي والإفتراضي، بمواقفه المثيرة للجدل. الرجل دعا إلى تشريع الحشيشة. هي ليست المطالبة السياسية الأولى من نوعها، لكن بما أنها صادرة عن "البيك" يصبح لها نكهة مختلفة. 
بالطبع لم يدع جنبلاط إلى الفحش والمجون. لا نتخيّل هنا أنه يقصد بدعوته رؤية النواب والوزراء، وبدلاً من أن يقضوا ساعاتهم الثقيلة في درس اقتراحات ومشاريع القوانين، يدخّنون الحشيشة و"يُسَلطنون" في ابتكار المعجزات لأزمات يحتاج بعضها فعلاً إلى معجزة.
ولا يقصد أيضاً تعميم الحشيشة على المواطنين كي ينسوا همومهم وأولها أنهم المسؤولون عن اختيار هذه الطبقة السياسية غير المسؤولة التي تدير شؤونهم الكبيرة والصغيرة، على طريقتها الملتوية. لا يريد وليد جنبلاط أن يقول "لندخّن جميعاً الحشيشة كي ننسى".
الرجل تقدميّ في أفكاره، تماماً كما في دعوته إلى معالجة حديثة ومتطوّرة لملف النفايات تَخرج من براثن المطامر المضرّة بالبيئة، لذلك فهو يريد أن تُستخدم الحشيشة لأغراض طبية، وأن يتم تصديرها إلى الخارج وفق معايير قانونية، بما يسمح بتأمين عائدات هائلة لتمويل الخزينة اللبنانية الفارغة، وربما لتمويل سلسلة الرتب والرواتب!!
لكن جنبلاط لم يكتفِ فقط بالدعوة إلى زراعة الحشيشة. وهي دعوة لاعلاقة لها بتعاطي الحشيشة، بل الإستفادة منها لتأمين موارد مالية إضافية، بما أن هذه الزراعة بقيت دائماً حكراً على تجار المخدرات والممنوعات والفقراء ممّن يفتشون عن مصدر رزق يعتاشون منه في غياب الزراعات البديلة.
الرجل ربط دعوته بإلغاء مذكرات التوقيف بحق المطلوبين في هذا الملف. المطلب الأول مفهوم، وقد سبقه إليه آخرون، لكن المطلب الثاني لم تعرف خلفياته، وهل إذا له علاقة بملف المخطوفين والمقايضة، أو العلاقة مع "حزب الله"، بحيث يوازن "البيك" بين إمكانية إخراج عدد من الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية في مقابل إعفاء عدد من المتورّطين بتجارة المخدرات من الملاحقة القانونية!
بمطلق الأحوال ثمّة وقائع لا تحتاج إلى إثبات. زراعة الحشيشة لم تتوقف يوماً، لكن تشريعها يرتقي فعلاً إلى مستوى المطلب الوطني، بغض النظر عن الخلفيات التي دفعت وليد جنبلاط إلى إثارة هذا الملف. الحشيشة بإمكانها، إضافة إلى قرار كبير بوقف الهدر في المؤسسات والإدارات العامة والوزارات، تمويل جيش بأكمله وصولاً إلى تزويده بالطائرات. زراعة الحشيشة تستطيع أن تقلّص الدين العام إلى حدّه الأدنى، وأن توفّر أموالاً طائلة للخزينة اللبنانية، وأن تملأ جيوب الفقراء بالمال الحلال، وأن تعيد لبنان إلى لائحة دول الإستثمارات الضخمة...
 

  • شارك الخبر