hit counter script

أخبار محليّة

الراعي: لبنان يمر بمرحلة دقيقة تتهدد كيانه اذا ما استمر دون رئيس

الأحد ١٥ كانون الأول ٢٠١٤ - 13:50

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس أحد "نسب يسوع"، في كنيسة القيامة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان بولس الصياح ويوحنا علوان، في حضور رئيس الحكومة الفرنسية السابق فرنسوا فيون والوفد المرافق، سفير فرنسا باتريس باولي، سفير لبنان لدى الاونيسكو الدكتور سيمون كرم وفاعليات سياسية، اجتماعية، صناعية واعلامية، إضافة الى جماعة "اولاد مريم" من منضوين وملتزمين.

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان "ميلاد يسوع المسيح، ابن داود"، ابن ابراهيم " (متى 1: 1)، جاء فيها:"تنتهي اليوم مسيرتنا الروحية نحو عيد الميلاد، وقد عرفت بزمن المجيء، وهي مسيرة الأجيال الطويلة التي هيأت وانتظرت مجيء المسيح، ابن الله المتجسد، فادي الإنسان ومخلص الجنس البشري. إن سلسلة أسماء هذه الأجيال تؤكد انتساب ابن الله إلى العائلة البشرية، وتدل على أنه قبلة كل الأجيال وكمالها ومحورها. فهو نقطة انطلاقها ونقطة وصولها، وقد قال عن نفسه: "أنا الألف والياء، الأول والآخر" (رؤيا 21: 6).

أضاف: "أجل، إنه، كما نقرأ في مستهل إنجيل يوحنا: "الكلمة الذي كان في البدء مع الله وهو الله. به كون كل شيء، وبدونه لم يكون شيء مما كون. فيه كانت الحياة والحياة نور الناس... والكلمة صار بشرا وسكن بيننا ملؤه النعمة والحق" (يو1: 1-4 و14).

وقال: "يسعدنا أن نحتفل معا في هذه الليتورجيا الإلهية، فنحييكم جميعا، مرحبين بنوع خاص برئيس مجلس وزراء فرنسا السابق فرانسوا فيون مع الوفد المرافق. نشكر لحضوركم بيننا في هذه الاوقات الصعبة والحرجة من حياة لبنان، الذي يتحضر في خضم الأزمات للاحتفال بعد ست سنوات (وهي مدة ولاية الرئيس) بالمئوية الاولى لإعلان دولة لبنان الكبير.ان وجودكم بيننا ولقاءاتكم المتنوعة، تذكرنا بعلاقات الصداقة بين فرنسا والموارنة، وفرنسا ولبنان، هذه العلاقات التي دعمت طوال 12 قرنا. أتمنى لكم إقامة طيبة في لبنان".

أضاف: "نحيي بين المشاركين في هذه الذبيحة المقدسة "جماعة أولاد العدرا" الذين يأتون بأكبر مسبحة وردية في العالم، كما يعتقدون، لكي نباركها اليوم. ويريدون أن تكون الأكبر برسالتها، آملين أن تزور كل المناطق اللبنانية. بالإضافة إلى رمزها الروحي كحبات ورود حب من قلوب المؤمنين والمؤمنات، يرفعونها إلى قلب أمنا وسيدتنا مريم العذراء في السلام الملائكي، عبر أسرار حياة المسيح الأربعة: الفرح، والنور، والحزن، والمجد، فإنها تذكرنا بمسيرة أجيال الإنجيل نحو المسيح الآتي. وتقول لنا أننا نكمل هذه المسيرة مع العذراء مريم شاهدين للمسيح وإنجيله في لبنان وبلدان الشرق الأوسط، فنلتزم، من خلال أسرار الفرح والنور والحزن والمجد، بأن ننشر فرح الإنجيل في مجتمعاتنا، ونعكس نور المسيح، نور النعمة والحقيقة والمحبة، ونكرم آلامه ونواصلها في آلامنا الجسدية والروحية والمعنوية، ونسبح مجد قيامته، ونقوم بنعمته لحياة جديدة، وننعم بقيامة قلوبنا".

وتابع:"إننا نحيي مرشدها الخوري طوني بشعلاني، ونشكره على الكلمة اللطيفة والمعايدة الميلادية. ونحيي رئيسها السيد آدوار هريش، ونثني على لقائها الأسبوعي للصلاة، وعلى توزيع المساعدات للأخوة المحتاجين غذاء وملبسا ودواء. نسأل الله أن يكافئ أعضاءها الثماني مئة بفيض من نعمه وبركاته".

يسوع ابن داود، ابن إبراهيم

وقال: "يسوع ابن داود" اسم يؤكد تاريخيا أن يسوع الإنسان هو من سلالة داود، كما جاء على لسان الأنبياء في الكتب المقدسة. وقد أعلن الملاك جبرائيل لمريم تحقيق هذه النبوءة: "يعطيه الرب الإله عرش داود أبيه... ولا يكون لملكه انقضاء" (لو 1: 32-33). لكنه ملكٌ من نوع آخر: إنه ملك الحقيقة والمحبة والسلام؛ مملكته الكنيسة التي هي بداية ملكوت الله على الأرض، ملكوت الشركة والمحبة بين الله والبشر، الذي يكتمل في مجد السماء. وقد أشركنا، نحن المسيحيين، في ملوكيته، بواسطة المعمودية والميرون، لكي ندخل الشركة والمحبة في ثقافة الشعوب، ونجعلها حضارة حياة، ولكي نكون مدافعين عن الحقيقة والعدالة والسلام، بوجه الكذب والظلم والنزاعات".

أضاف: "يسوع ابن إبراهيم، اسم تاريخي بمعناه البيبلي وباندراجه في تصميم الله الخلاصي. فإبراهيم هو المؤسس لشعب الله، وله كان الوعد أنْ بذريته تتبارك جميع الأمم. تحققت البركة والوعد في شخص يسوع المسيح. إنه بركة الفداء والخلاص، ووعد الرجاء بحضور الله وسط شعبه، خالقا بمحبة الآب وحافظا في الوجود، ومخلصا بنعمة الابن الوحيد، ومجددا ومقدسا بحلول الروح القدس. إن المؤمنين والمؤمنات بالمسيح مدعوون لأن يفتحوا عقولهم وقلوبهم لبركة الخلاص وعطية الرجاء، فيكونوا في مجتمعاتهم بركة خير وسلام، وجماعة رجاء تنتشل كل إنسان من حالة اليأس والقنوط".

وتابع: "من هوية يسوع المسيح هذه نأخذ هويتنا المسيحية إلى جانب هويتنا العائلية والوطنية. هذه الهوية المسيحية تجعلنا من نسل المخلص الذي صار ابن البشر لكي يجعلنا أبناء الله. وبهذه الصفة علينا أن نكون في مجتمعنا اللبناني والمشرقي وفي دنيا الانتشار، كما يريدنا المسيح في الإنجيل "نورا يضيء أمام الناس بالأعمال الصالحة" و"ملحا في أرضنا" (متى 5: 13-14). فالنور يبدد كل ظلمة مادية وروحية واجتماعية وثقافية؛ والملح يحفظ من الفساد ويعطي نكهة للحياة ومعنى للتاريخ".

وقال: "لقد أصبحنا، بواسطة المعمودية والميرون، نور المسيح وملحه في عالمنا. فبات على المسيحيين، أينما وجدوا، أن يكونوا هذا النور وهذا الملح، في عالم يتخبط في الظلمات ويعمه الفساد، وفقد نكهة الحياة ومعنى الوجود. وأقول للمسيحيين في لبنان أن دورهم ورسالتهم اليوم أكثر من أي يوم مضى هما الالتزام بالمحافظة على لبنان في كيانه وشعبه ومؤسساته، بل وفي ثقافته ونموذجيته ورسالته في عالمنا العربي والإسلامي. إن لبنان يمر في مرحلة دقيقة للغاية تتهدد كيانه، إذا ما استمر من دون رئيس للجمهورية، وإذا تواصل الاستغناء عن الرئيس والتمادي في مخالفة الدستور والميثاق والتقاليد والأعراف".

وتابع: "فليتذكر رجال السياسة المسيحيون ما يقول لهم القديس البابا يوحنا بولس الثاني، في الإرشاد الرسولي "رجاءٌ جديد للبنان"، وهو أنهم، بممارستهم العمل السياسي، مدعوون ليبثوا الروح المسيحية والقيم الإنجيلية في النظام الزمني المختصة بخدمة الشخص والمجتمع الوطني، على أساس من العدالة والمسؤولية؛ فهم يفعلون ذلك بحكم معموديتهم التي تشركهم في كهنوت المسيح، لتجسيد كلمة الله وإنارة العقول بالحقيقة المطلقة، وللقيام بواجب التضحية والتفاني في خدمتهم لجميع المواطنين ونشاطاتهم التشريعية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية والقضائية، وللعمل على إحلال العدالة والسلام (راجع رجاء جديد للبنان، 112-113). وليتذكروا أن لبنان، في نموذجيته وخصوصيته التي تميزه عن سائر البلدان العربية، مدين للمسيحيين بنوع خاص. الأمر الذي جعله عنصر سلام وانفتاح في محيطه، وصديقا لكل هذه البلدان، ومدافعا عن قضاياها المحقة. فليحافظ اللبنانيون، مسؤولين سياسيين ومواطنين، على هذا الوطن الفريد، وليعطوه من كل قلوبهم ويعملوا على إنمائه وترقيه، لكي يظل واحة سلام ولقاء وحوار".

أضاف: "إننا نجدد الدعوة للصلاة، في العائلات والرعايا والأديار وفي سائر المؤسسات، من أجل انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، لأنه وحده حامي الدستور، وضامن الوحدة الوطنية، ومصدر شرعية كل نشاط في المؤسسات الدستورية، وهو حافظ الأمانة للميثاق الوطني وصيغة العيش المشترك والمشاركة المتوازنة والمتساوية بين المسيحيين والمسلمين في الحكم والإدارة. وجود الرئيس يشكل الطمأنينة لكل اللبنانيين والحماية للجسم الوطني كله. فلا ينغشن أحد أو أي فريق سياسي بمآربه الخاصة! الرأس هو مصدر حياة الجسم كله. لذا، ننتظر رئيسا يكون على هذا القدر من المسؤولية بروحانيته وأخلاقيته وإدارته وحكمته".

وختم الراعي: "ندعو للصلاة من أجل أن يلتزم الشعب المسيحي بالمحافظة على هويته المسيحية، فيجسدها في ثقافة الوطن، ويعيشها حضارة حياة. ونصلي من أجل الاستقرار في لبنان والخروج من أزماته المتنوعة، ومن أجل السلام في سوريا والعراق والأراضي المقدسة وسائر بلدان الشرق الأوسط.
ومع أجواق الأجيال السائرة نحو المسيح والله الواحد والثالوث، نرفع نشيد المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

وكانت جماعة "ولاد مريم" وصلت الى الصرح البطريركي في بكركي حاملة معها "مسبحة الوردية - الحلم" والتي تعتبر من الاكبر في العالم، لا بحجمها وضخامتها بل بكبر رسالتها، طالبين من غبطته مباركتها وتكريسها قبل ان تنطلق من الصرح لتقوم مع القديسة مريم بزيارة كل مناطق وبيروت لبنان حاملة محبة الاب وسلام الابن وحلول الروح القدس الى كل ابناء الله وبناته في هذا الوطن كما قال مرشد الجماعة الخوري انطوان بشعلاني في الكلمة التي ألقاها أمام غبطته، والذي اضاف: "فقد تعودنا معكم يا صاحب الغبطة ان نحلم وان الحلم باستطاعته ان يتحقق ويصبح واقعا وحقيقة. وهكذا تحمل هذه المسبحة امنا مريم للحج على طرقات الناس الذين تقوقعوا في أماكنهم وزواياهم لتحمل اليهم جمال ابنها، وتنهض فيهم من جديد الهمة الى الالتزام بكنيسته ويكتشفوا هويتهم كأبناء وبنات الله وهياكل للروح القدس".

وتابع: "مع غبطتكم تعلمنا ان الحلم حق، والمشاريع الكبيرة ممكنة، كما اكتشفنا انه لا يمكن للكنيسة اليوم ان تنتظر الناس للمجيء اليها، بل عليها ان تنطلق مع المسيح ومريم والرسل لتزور هي كل الناس المنتظرين لقاء المخلص وفرحة الحياة".

وختم بشعلاني: عهدنا أمام الله وأمامكم يا أبانا، أن نحافظ على الأمانة التي سلمنا إياها البابا القديس يوحنا بولس الثاني، "أن يبقى لبنان أكثر من وطن، بل أن يبقى رسالة محبة للعالم أجمع".

وكان الراعي التقى قبل ذلك رئيس الحكومة الفرنسية السابق فرانسو فيون والوفد المرافق، وجرى عرض للاوضاع في شؤون المنطقة ولبنان.
 

  • شارك الخبر