hit counter script

أخبار محليّة

مطران ابرشية اللاذقية المارونية في رسالة الميلاد: لا سلام على الارض بدون الله

الجمعة ١٥ كانون الأول ٢٠١٤ - 16:34

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

وزعت مطرانية اللاذقية المارونية في طرطوس- سوريا رسالة الميلاد لراعي أبرشية اللاذقية المطران الياس سليمان، جاء فيها: "إنحنت السماء على الارض وضمتها الى قلبها وسكبت فيها كمال ذاتها بفيض مذهل حين رأت كم عميقة جراحها النازفة في مهد الديانات التوحيدية، وبكت دمعة حب وألم من قبض روحها لتسقيها للمجروحين من زافرت تنهداتها الرجائية. ارسل الاب ابنه رسول السلام الى ارض تئن في وسط ركام الحروب والقتال والتفكك والدنس، ولم يسلم اسمه القدوس من الانتهاك. قرر الله الثالوث الاقدس ان ينزل ابن الله الى الارض ليأخذ على عاتقه الانسان - آدم الترابي، لكي يلج عمق انتماء البشر الترابي وينمو ويكبر ويتحول مثلهم ويسير معهم على طرقات الزمان والمكان، ويحول ارض الحروب والقتل والموت والانحلال الى ارض حب وتضامن وبناء ونمو. من السماء، عبر مريم، اتجه الى مغارة احتشدت الخليقة كلها على بابها لتسجد لباريها. تعرفت فيه على لمسات البدايات اذ قال "كن"، فكان الكون بتفاعل الكلمة الباري والروح المنظم. هذا على الارض، اما في السماء، فتوافد الملائكة في الليل الارضي الى رعاة اعتادوا السهر على مواشيهم، وبشروهم بسر الاسرار الذي لا زال البشر يتأملونه منذ اكثر من ألفي سنة. ماذا زف الملائكة الى اهل الارض تلك الليلة المنيرة؟ ما هو هذا السر؟

2 - المجد لله في العلى وعلى الارض السلام والرجاء الصالح لبني البشر لقد اعتدناها كثيرا؟ ولكن ماذا تعني؟ جمع هذا السلام ما قبل البدايات والتاريخ والنهايات باختصار مذهل، "المجد لله في العلى" في ذاته، قبل المكان والزمان، حين لم يكن سوى الحاضر، كان الله في ذاته الثالوثية بتبادل خلاب من الحب الجدلي الفياض في حالته الكاملة والمطلقة، وبتفاعل مذهل من المجد السامي والشامخ الذي لا يمكن لباحث ان يهتدي الى طلبه في جلالة سموه وصفاء بهائه ورفعة نبله ولا محدودية كماله؟ يأبى مجد الله هذا، الكائن في العلى، بفيض حبه المدهش، ان ينغلق على ذاته، فالحب غيري، لذا، وبدافع حب مذهل، فاضت الخليقة ثمرة هذا الحب التبادلي والخلاق الابتكاري ورأت النور، ولكن الانسان لما شعر بحب الله الذي يفوق طاقاته التصورية، اعياه السمو فاستدار نحو الحواس الترابية وغاص ليستقر فيها، مع انها مكان عبور لا استقرار، فاشقته. آلم الحب الالهي المطلق هذا الحدث المر، فهرع الله الى عقد مؤتمر انقاذي قرر فيه بدافع الحب الصافي ان يأخذ على عاتقه اصلاح كل ما شوه جمال هذا الكائن البديع، فقرر إعادة السلام الى الارض بجعلها معبرا لا مقرا. كيف كان ذلك؟

3 - كان الحب الدواء والرب والرجاء، يتطلب الحب الحرية ليكون جواب الانسان على مبادرة الله حقيقيا، صار الله انسانا، وفي شخص يسوع المسيح اجتمع كمال اللاهوت والناسوت واتحد الله والانسان. هذا لدى الله، أما من جهة الانسان فلا زال الدرب طويلا جدا. منذ ما وطأ الله الارض راح هيرودس، ملك اليهود، بمعاونة رجال دين، يبحث عنه ليقتله. انها الكرسي، طارده اليهود، ولكن المجوس الوثنيون هرعوا من بلاد فارس ليسجدوا له ومعهم هداياهم الرمزية المذهلة، هرب الله الطفل من امام اهل الارض الى ارض العبودية ليحرر ويفيض "على الارض السلام". سطا الحرب وتجار الاسلحة على الارض، وعم القتل والاحقاد. فقرر الله المتأنس ان يموت عن الانسان ليلغي الموت ساكبا لاهوته في ظلام القبر لتشرق شمس القيامة في مقر الاموات، وابتكر القيامة لينقذ الانسان من الموت بموته وقيامته، ويجعله معبرا الى الحياة، وبعد ذلك؟

4 - تابع الملائكة، في تلك الليلة السماوية على الارض: "والرجاء الصالح لبني البشر"، قرر المسيح ان يهب الانسان السلام، وراح الانسان يقتل اخاه الانسان، منذ قايين الى اليوم والسلسلة مستمرة بعناد مذل، لماذا الاسلحة وتجارتها؟ ثمن غواصة نووية واحدة يلغي الجوع من الارض، الارض تحترق، سورية والعراق يدمران ولبنان مهدد والشرق الاوسط يتفكك والعالم بخطر، أين الحل؟ في نهج المسيح: بالحب يتم الخلاص، في عناق الله والانسان، يتدفق هذا الحب من السماء على الارض بالمسيح الله - الانسان، ليعم فيها السلام والمصالحة من مذود البراءة والصفاء حتى صليب الحب والفداء وبذل الذات لأجل احياء البشر والرجاء، لا سلام على الارض بدون الله الذي، في المسيح، يجعل الموت معبرا الى الحياة الابدية، لتكون السماء هي المقر لا الارض.

يا أهل الارض استيقظوا، لا سلام إلا في حب الله عموديا، المتجسد في محبة القريب أفقيا، ليسلك البشر معا درب الملكوت في الرجاء الصالح، لنصل لأجل السلام والمصالحة، ونبن الارض على المحبة ونهتف: "ولد المسيح هللويا...المجد لله في العلى وعلى الارض السلام والرجاء الصالح لبني البشر". يا رب السلام اعطنا السلام، أعط بلادنا السلام".
 

  • شارك الخبر