hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

السيد فضل الله نوه بمعالجة الفساد: لورشة أخلاقية وقيمية

الجمعة ١٥ كانون الأول ٢٠١٤ - 13:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، فهي عزنا في الدنيا، وزادنا في الآخرة. وإلى ذلك، أشار رسول الله في حديث له: "من نقله الله من ذل المعاصي إلى عز الطاعة، أغناه بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا أنيس، ومن خاف الله، أخاف منه كل شيء، ومن لم يخف الله، أخافه الله من كل شيء، ومن رضي من الله باليسر من الرزق، رضي الله منه باليسير من العمل. ومن زهد في الدنيا، أثبت الله الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه، وبصره عيوب الدنيا، داءها ودواءها، وأخرجه من الدنيا سالما إلى دار القرار.. ومن أحب أن يكون أعز الناس، فليتق الله. ومن أحب أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله. ومن أحب أن يكون أغنى الناس، فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده". بالتقوى نستطيع أن نكون أقوى على أنفسنا، نمسك بزمام أمرها وقرارها، ونوجهها إلى حيث يحب الله ويرضى، وبالتقوى نملك القدرة على مواجهة الأعداء، وننتصر، ونواجه التحديات".

واضاف: "البداية مما جرى خلال الأسبوع الماضي من حوادث دامية في باكستان، في المجزرة التي أودت بحياة عدد كبير من الطلاب، وفي أستراليا من احتجاز رهائن وقتل بعضهم، وفي اليمن، في ما حدث من تفجيرات استهدفت طالبات بريئات، أو غير ذلك من القتل الدامي المنتشر في العالم، والذي يغطي فاعلوه أعمالهم بعنوان إسلامي، وبثوب ديني".

وتابع: "نحن في الوقت الذي ندين كل هذه الظواهر البعيدة عن قيم الإسلام، والَّتي لا يمكن أن تمت إليه بصلة، وهو الذي بنيت قواعده على احترام دم الإنسان المسالم، مهما كان دينه ومذهبه، فإننا ندعو إلى ضرورة استنفار كل الجهود لمواجهة ظاهرة العنف، التي باتت تهدد استقرار العالم الإسلامي وغير الإسلامي، من خلال معالجة أسبابها الفكرية والثقافية والاجتماعية والتربوية والسياسية، وعدم الاكتفاء، كما يجري الآن، بالمعالجة الأمنية، فلا بد من أن توضع ضمن دائرة العنف التي تلف العالم، ونجد مظاهرها حتى في المجتمعات الأخرى، بما فيها تلك التي تعتبر نفسها محصنة، فكم من حوادث عنف جرت وتجري في المدارس أو غيرها، في أميركا أو أوروبا، فضلا عن عنف الدول نفسها! بل قد يكون بعض هذا العنف، رد فعل على العنف الذي تمارسه الإدارات الغربية، وإن كنا لا نراه مبررا".

ودعا إلى "عدم اعتبار العنف ظاهرة إسلاميَّة، أو أنَّها موجودة لدى المسلمين فقط، رغم أننا لا نبرر أي عنف، ونراه كبيرا، كما في قوله تعالى: {من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا}".

وقال: "نصل إلى فلسطين، التي تستمر معاناتها، جراء استمرار الاحتلال في سياسة القتل والاعتقال والاستيطان، مستفيدا من التأييد الذي يحظى به من الدول الغربية والشرقية، ومن الصمت المستمر حيال جرائمه. وفي الوقت الذي نلحظ بعض اليقظة من الدول الأوروبية، حيث صوتت مؤخرا برلمانات بعض دول الاتحاد الأوروبي على حق الفلسطينيين بدولة، فإننا نرى أن هذه الخطوة، وحتى تؤتي ثمارها، لا بد من أن يتبعها الضغط الفعلي والجدي على الكيان الصهيوني، للاستجابة لمطالب الشَّعب الفلسطيني، وحقه في العيش الكريم، والعودة إلى أرضه، وعدم الاكتفاء بالتمنيات".

واضاف: "في ظل التجاذب الذي يحصل في مجلس الأمن، حول طلب السلطة الفلسطينية إنهاء الاحتلال، والاعتراف بدولة فلسطين ضمن حدود عام 67، وفي ظل الضغط الَّذي يمارس على هذه السلطة كي تتراجع عن طلبها، ورغم أهمية هذا الطلب على المستوى المعنوي، فإننا نخشى أن ذلك لن ينتج شيئا على مستوى الواقع، وسيكون حاله كحال الكثير من القرارات الدولية التي وضعت في أدراج الأمم المتحدة، فلم يأخذ الشَّعب الفلسطيني حقوقه يوما إلا بسواعد مجاهديه، ولن يعطى حقوقه كلها إلا بذلك".

وتابع: "نصل إلى لبنان، الذي تستمر معاناته على مختلف المستويات، السياسية والأمنية والاجتماعية والمعيشية، وفي أزمة المخطوفين العسكريين، وما يجري على الحدود الشرقية، فليس هناك جدوى من كل حركة الموفدين الدوليين، سوى التمنيات على اللبنانيين بأن يعالجوا مشاكلهم بأنفسهم، فهم لن يقدموا حلولا قبل انقشاع الصورة على المستوى الإقليمي والدولي، والتي قد لا تكون قريبة".

وجدد الدعوة الى اللبنانيين إلى "تحمل مسؤولياتهم تجاه وطنهم، وعدم تركه عرضة للرياح العاتية، ونحن نعتقد أنهم قادرون على حل مشاكلهم إن أرادوا، أو التخفيف منها، أو التقليل من تداعياتها، ولذلك، ندعو إلى الاستعجال في اللقاءات الحواريَّة المرتقبة على مختلف المستويات، على أن تكون لقاءات جادة ومثمرة، هدفها صيانة هذا البلد وحفظه، وتثبيت الاستقرار فيه، وتحريك عجلة مؤسَّساته كافة، والتعاون لمعالجة الملفات الكثيرة العالقة، والتي لا يمكن أن تعالج بهذا الترهل الذي لا يزال يعانيه الواقع السياسي، والذي كان أبرز تجلياته في معالجة أزمة المخطوفين العسكريين، بكل تداعياتها الإنسانية والأمنية".

وختم: "أخيرا، لا بد لنا من أن ننوه بالعمل الجاري لمعالجة الفساد الذي بات يطاول الكثير من مواقع الدولة، والذي نأمل أن يتابع بكل جدية، ليطاول كل الفاسدين والمفسدين، مهما كبرت مواقعهم، في الوقت الذي ندعو إلى ورشة أخلاقية وقيمية، باتت الحاجة ماسة إليها، لأن ما يظهر من فساد، يبدأ من النفس، ويخفف منسوب القيم فيها، ليتحول إلى عادة. وليتذكر الجميع: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا".
 

  • شارك الخبر