hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

الراعي: العدالة أساس السلام والكنيسة حريصة على الزواج

الجمعة ١٥ كانون الأول ٢٠١٤ - 13:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن "العدالة بكل وجوهها هي أساس السلام، وكلاهما يتحدران من الأمانة لله ولإرادته، وبهما يستتب النظام الإجتماعي ويتوفر الخير العام أكان في العائلة أم في المجتمع أم في الدولة"، معتبرا أن "خدمة العدالة هي الشهادة لعدالة الله وهي وجه الكنيسة".

ودعا خلال استقباله المشرف على المحكمة المارونية المطران حنا علوان والقضاة والموظفين القضائيين في المحاكم المارونية، وبحضور النائب البطريركي العام المطران بولس الصياح والمطرانان رولان ابوجودة وجو معوض الذين زاروا الصرح في بداية السنة القضائية، دعا قضاةالمحاكم الى "الإسراع في إصدار أحكامهم مع حماية العدالة".

وشدد على أن "الكنيسة حريصة على الزواج وسعادة الزوجين والعائلة"، موضحا أن "بعض الشكاوى من المواطنين في الصالونات وعبر وسائل الإعلام من المبالغ المالية الطائلة التي تقتضيها الدعاوى الكنسية نعمل على معالجتها".

وتلا البطريرك الراعي في بداية كلمته صلاة لراحة نفس المثلث الرحمة المطران منصور حبيقة المشرف السابق على المحاكم وقال: "يسعدني أن أستقبلكم في بدايات السنة القضائية في محاكمنا المارونية 2014 - 2015، وقبيل عيد الميلاد المجيد، لأعرب لكم عن محبتي وتقديري وشكري، وعن أخلص التهاني والتمنيات بالأعياد الميلادية، راجيا أن تكون ينابيع خير ونعم. ولكن كم يؤلمنا غياب المثلث الرحمة المطران منصور حبيقه الذي عمل في محكمتينا هاتين حوالي الأربعين سنة وكان في هذه السنوات الخمس عشر الأخيرة رئيسا لمحكمتنا الاستئنافية ومشرفا على المحاكم. أوجه تحية خاصة لسيادة المطران حنا علوان المشرف العام على توزيع العدالة، الذي يتولى أيضا مشكورا الإشراف على محاكمنا، ريثما ينتخب السادة مطارنة لبنان مطرانا مشرفا على المحكمة الابتدائية الموحدة، خلفا للمثلث الرحمة المطران منصور حبيقة. كما أحيي المونسنيور نبيه معوض، رئيس المحكمة الإبتدائية الموحدة، شاكرا إياه على الكلمة اللطيفة التي تفضل بها باسمكم. وقد توقف على واقع العائلة المارونية، والأخطار التي تتعرض لها".

أضاف :"في هذا اللقاء يطيب لي أن أتأمل معكم في سموِ مهمتكم في خدمة العدالة كقضاة وموظفين قضائيين في محكمتينا الابتدائية الموحدة والبطريركية الاستئنافية".


خدمة العدالة
وقال :"أنتم خدام بل كهنة العدالة، هذه الفضيلة التي تولد السلام، على ما يقول أشعيا النبي (أش32: 7). فالعدالة بمفهومها اللاهوتي هي الإرادة الدائمة والثابتة لإعطاء ما يتوجب لله في البعد الروحي، وللانسان في البعد الاجتماعي بحيث تحترم حقوقه، ويتعزز الانسجام بين الناس في علاقاتهم، والإنصاف بالنسبة إلى الأشخاص والخير العام. يوصي سفر الأحبار قضاة الأرض قائلا: "لا تجوروا في أحكامكم. لا تحابوا الوجوه، وتسترضوا وجه العظيم، بل بالعدل تحكمون" (راجع أح 19: 15). ويطالب بولس الرسول المسؤولين في المجتمع: "أيها السادة، عاملوا خدامكم وموظفيكم بالعدل والمساواة، عالمين أن لكم أنتم أيضا سيدا في السماء" (راجع كول 4: 1؛ كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 1807).

وتابع: "العدالة واحدة في طبيعتها لكنها متعددة في وجوهها وأبعادها: ثمة في الأساس العدالة التبادلية التي تنظم المبادلات بين الأشخاص والمؤسسات باحترام صادق لحقوق كل فريق. إنها تقتضي المحافظة على الحقوق، والقيام بالواجبات، والوفاء للالتزامات. بدون هذه العدالة التبادلية، لا مجال لقيام أي صيغة أخرى للعدالة. هذا هو دور محاكمنا بالنسبة للمتداعين أمامها. فهم يطالبون بحقوق لهم، وبواجبات غيرهم تجاههم، وهي تحكم في مطالبهم. ويوجد العدالة القانونية التي تلزم المواطن أو المؤمن بإيفاء ما يتوجب عليه تجاه جماعة أو مؤسسة. في إطارها تدخل رسوم المحكمة على المدعين المنشورة والمعروفة من الجميع. والمحكمة، بحكم المحبة تعفي منها كليا أو جزئيا غير القادرين في ما يسمى "بالمعونة القضائية"، لكي لا يحرم أحد من العدالة بسبب عجزه المادي، ويوجد العدالة التوزيعية التي تلزم الجماعة أو المؤسسة بتأدية واجبها تجاه المواطنين أو المؤمنين وفقا لمساهماتهم وحاجاتهم (المرجع نفسه، 2411). في سياقها يدخل واجب القضاة والموظفين القضائيين في محاكمنا بأداء خدمة العدالة لطالبيها بسرعة وموضوعية واحترام للحقوق والقوانين".

وقال: "العدالة، بكل وجوهها، هي أساس السلام. وكلاهما يتحدران من الأمانة لله ولإرادته. وبهما يستتب النظام الاجتماعي ويتوفر الخير العام، أكان في العائلة أم في المجتمع أم في الدولة (راجع القرار المجمعي في الحرية الدينية، 6 و 7)، وتحمى العدالة الاجتماعية والإنصاف وكرامة الشخص البشري وأوضاع الحياة الأكثر إنسانية وطمأنينة (الكنيسة في عالم اليوم، 1411). إن النظام الاجتماعي يقتضي إعطاء الأولوية لخير الأشخاص لا الأشياء، عملا بقول المسيح الرب: "السبت أوجد للإنسان، لا الإنسان للسبت" (مر2: 27). ولذا ينبغي إنماء هذا النظام أكثر فأكثر، وتركيزه على الحقيقة، وتحقيقه في العدالة، وإنعاشه بالمحبة (المرجع نفسه 1401).
العدالة القضائية".

أضاف: "في كل مكونات هذا الإطار تأتي العدالة القضائية التي أنتم خدمتها وكهنتها. يأتيكم أزواج متخاصمون على حقوق وواجبات في حياتهم الزوجية والعائلية، ويأتيكم آخرون يطالبون بإعلان حقوقهم أو بمطالبة آخرين بواجبات لا يؤدونها تجاههم، في إطار اختصاصكم وفقا للقوانين الكنسية والأحوال الشخصية. هؤلاء يلتمسون منكم العدالة، وهذا حقهم، لكي يعيشوا في حالة السلام الذي هو، على ما يقول آشعيا النبي، "عمل العدالة" (أش 32: 7). أنتم صانعو عدالة، إذن أنتم صانعو سلام في العائلة والمجتمع. عندما تنظرون في دعوى وتطبقون القانون على الواقع في ضوء التعليم والاجتهاد والقرائن والعلامات والتحليل والتمحيص، إنما "تقولون القانون" وهذا هو معنى لفظة قاض Iudex باللاتينية أي الذي "يقول القانون" في الحالة المطروحة أمامه (Ius dicere) ، أي "يقول العدالة"، كما تتضح أمام ضميره باليقين الأدبي. في هذا المعنى أنتم تحكمون بالعدل والإنصاف. إنكم تفعلون ذلك باسم الكنيسة، والله نصب أعينكم، وأنتم أحرار من الذات ومن الغير".

الإسراع في إصدار الأحكام

وقال :"لذا، تدعوكم قوانين الكنيسة للاسراع في إصدار أحكامكم، مع حماية العدالة، بحيث لا يتجاوز الحكم بشأن بطلان الزواج أو صحته السنة في المحكمة الابتدائية، والستة أشهر في المحكمة الاستئنافية (ق 1111). ما يعني إمكانية إصدارها قبل هاتين المدتين الحاسمتين، وما يقتضي المحافظة على المهل القانونية، وإيقاف تبادل اللوائح غير النافعة، وعدم التساهل في تغيب المتداعين أو وكلائهم أو شهودهم، ووضع حد لطرق المماطلة التي يعتمدونها، وفي السهر على تطبيق القوانين بهذا الشأن. والإسراع لا يسمح بإهمال البراهين المهمة، أو بعدم قراءة جميع أعمال الدعوى وتقييمها، لكي لا يأتي الحكم مخالفا للحقيقة وبالتالي للعدالة. الإسراع نفسه في إنهاء الدعاوى عدالة، لأن من حق المتداعين سماع كلمة الفصل من الكنيسة: نعم أم لا، وبأسرع وقت ممكن. والإسراع واجب محبة (البابا فرنسيس في خطابه إلى المشاركين في الدروس الروتالية، في 5/11/2014)".

وأضاف: "يوجد وسائل إدارية للاسراع مثل: تقديم اللوائح والمستندات على ثلاث نسخات كما يوجب نظام المحكمة الابتدائية (م 22 بند2) والمحكمة الاستئنافية (م 21 بند 2)، وسماع المحامين على القوس بدلا من الإجابة بلوائح في القضايا الطارئة والمرتبطة بالدعوى الأساسية، ووضع مهل قصيرة ومنطقية لهم وللخبراء. من أجل هذه الغاية، أنشأ قداسة البابا فرنسيس لجنة خاصة برئاسة المونسنيور Pio Pinto عميد محكمة الروتا الرومانية، للنظر في إمكانية تسهيل أصول المحاكمات الكنسية وتقصيرها، وتفعيل النظر الإداري في بعض الدعاوى لدى دوائر الأبرشيات. وهذا مطلب أعرب عنه مجمع الكرادلة في الاجتماعات التي سبقت انتخاب البابا فرنسيس، وأوصت به من جديد جمعية سينودس الأساقفة في تشرين الأول الماضي بموضوع "التحديات الراعوية للعائلة في سياق الكرازة بالإنجيل". وبما أن عدد الدعاوى يتكاثر، ومن أجل الإسراع في بتها، أوجبنا على قضاة المحكمة الابتدائية الموحدة دوام خمسة أيام، وعلى قضاة المحكمة الاستئنافية يومين، بدوام الساعات الكامل. وطالبنا بالتفرغ من كل وظيفة أخرى تنال من الوقت اللازم للنظر في الدعاوى المرفوعة إلى محاكمنا".

وتابع: "ولأن الميزة الأولى المطلوبة من القاضي هي الترفع عن محاباة الوجوه، والتنزه عن أي إغراء، والصمود بوجه الضغوط المادية والمعنوية، تمنعه الكنيسة، مع سائر الموظفين القضائيين، من قبول أي هدية أثناء القيام بالمهمة القضائية (ق 1114). وتحظر عليه ثلاثة: رفض أو إهمال القيام بواجبه في خدمة العدالة، بالرغم من صلاحيته الأكيدة وعدم تجاوز صلاحياته بالنظر في قضية لا صلاحية له فيها وإفشاء السر الذي يوجبه عليه الشرع والكل تحت طائلة العقوبة بموجب القانون 1115".

سهر الكنيسة على الزواج والعائلة

وقال: "إن الكنيسة الحريصة على سر الزواج وسعادة الزوجين والعائلة، تسهر وتحض على العمل بإرادة الله الخالق الذي أسس سر الزواج ووضع له وصايا ورسوما، أوحاها في الكتب المقدسة وكتبها في طبيعة الإنسان، جاعلا منها شريعة طبيعية، وتحث الكنيسة على العمل بموجب الرسالة الموكولة إليها من المسيح الفادي الذي بتجسده في عائلة بشرية أعاد للزواج وللعائلة صورتهما البهية، ورفع الزواج إلى رتبة سر يولي الزوجين والعائلة نعمة الحضور الإلهي الذي يقدس ويعضد ويوجه. لذلك أنشأت الكنيسة في الأبرشيات مراكز تحضيرية للزواج، ومراكز إصغاء ومواكبة للأزواج والعائلات في حالات التعثر، من أجل حل النزاعات راعويا قبل تفاقمها، وتجنب الوصول إلى المحكمة الروحية. إننا نوصي كهنة الرعايا بالسهر والتعاون مع هذه المراكز، من أجل معالجة المسائل الزوجية والعائلية راعويا وحبيا، وأخذ الحيطة اللازمة لكي لا تتسلمها الوسائل الإعلامية وتشهر بها، الأمر الذي ينال من خصوصية حياة الأزواج وأولادهم. وقد أنشأنا في مبنى محكمتنا، بالتعاون مع مكتب راعوية الزواج والعائلة في الدائرة البطريركية، هيئة لإجراء المصالحات بين الأزواج، وللمساعدة الحبِية والتوافق على حل القضايا المختصة بحضانة الأولاد وحراستهم ومشاهدتهم ونفقتهم وسواها من الشؤون والمفاعيل المرتبطة بموضوع بطلان الزواج والهجر، بعيدا عن التقاضي بقرارات تنتقل من البداية إلى الاستئناف، وهي بحد ذاتها بغيضة، وتوقف سير الدعوى الأساسية، وتطيل زمن التقاضي عبثا".

المحامون في خدمة الحقيقة
واوضح الراعي :" وبما أن دور المحامين والوكلاء هو تسهيل عمل القضاة في خدمة توزيع العدالة، من خلال ما يدلون به من حقائق ووقائع في مرافعاتهم وفقا للأصول القضائية، تعليما واجتهادا، معتمدين الحقيقة الموضوعية، نظمنا، بالاتفاق مع نقابة المحامين في بيروت مشكورة دورات للمحامين المدنيين في أصول المحاكمات الكنسية والاجتهاد القضائي والأحوال والشخصية، يشارك فيها أيضا محامو نقابة طرابلس، والمحامون الكنسيون الجدد. إن هذه الدورات ضرورية للغاية من أجل خدمة أفضل للعدالة، وسعيا إلى المزيد من الاختصاص والمهنية. فمعرفة أصول المحاكمات والتعليم القانوني والاجتهاد القضائي هي النور الذي يقود خطوات المحامين والوكلاء. فليس من العدل أن يقع المتداعون ضحية جهل المحامين والوكلاء، بحيث يصبحون أداة استغلال لهم، على حساب المحكمة وصيتها وكرامتها. إذا كان القاضي خادم العدالة وكاهنها، فالمحامي هو خادم الحقيقة وكاهنها".

تشكي بعض المواطنين
وقال:"يشتكي بعض المواطنين في الصالونات، وعبر وسائل الإعلام، وفي رسائل موجهة إلينا، من المبالغ المالية الطائلة التي تقتضيها الدعاوى الكنسية، فضلا عن البطء في بت الدعاوى لدى محاكمنا. فلا بد من إعلام الرأي العام بالفصل بين رسوم المحكمة وأتعاب المحامين ووكلائهم. ولا علاقة مطلقة بين الأمرين. يجب أن تنشر على باب المحكمة لائحة رسوم المحكمة ولائحة بدل أتعاب المحامين وسواها من الجداول المنصوص عليها في القسم الرابع من نظامي المحكمتين الابتدائية والاستئنافية، بغية الشفافية وخدمة المتقاضين وتلافيا للاستغلال. ويجب إعلام المتداعين بإمكانية الاختيار إما اعتماد استشارات المحامين وإما توكيلهم حيث بدل الأتعاب يختلف، كما هو ظاهر في الجداول. فيحظر على المحامين والوكلاء أن يقولوا للمتداعين أن بدل أتعابهم يلزم أيضا لدفع رسوم المحكمة و"شوفة خاطر القضاة"، أو أن يوهموا المتداعين بأنهم ينالون مبتغاهم إذا دفعوا أكثر. هذا كله مخالف للعدالة ومضر بالمتداعين بل وظالم. ويجب إعلام المسؤولين في المحكمة بشأنه إذا حصل، خدمة للعدالة وللخير العام. إن المادة 54 من نظام المحكمة الابتدائية والمادة 52 من نظام الاستئنافية تذكران بما يحرم على المحامي والوكيل بشأن بدل الأتعاب وبالعقوبة التي تنزلها القوانين الكنسية في حال المخالفة. ويدعو نظاما المحكمتين المحامين والوكلاء لتوخي الاعتدال في تحديد بدل أتعابهم وفقا لجداول المحكمة، ولمراعاة جانب المحتاجين؛ ويوجبان عليهم رفع بيان ببدل أتعابهم عبر مسار الدعوى، إلى المقرر في نهاية التقاضي (م 48/5 و6 ابتدائي، م 50/ 5 و6 استئنافي). ويسرني بالمناسبة أن أشكر المحامين الذين يتبرعون بأتعابهم مجانا للمحتاجين بناء على طلب المحكمة".

وتابع: "يدعو قداسة البابا فرنسيس إلى تحرير خدمة العدالة في المحاكم من المكاسب المالية. كمن يقول: "إدفع لي كذا مبلغ، وأنا أجلب لك حكمين ببطلان زواجك". ويوجب على العاملين في المحاكم وعلى المحامين والوكلاء عدم ضم الشأن الروحي إلى الشأن المالي. ويوصي بالخدمة المجانية للفقراء (خطابه المذكور أعلاه). أما نحن فحريصون على تطبيق المعونة القضائية وفقا للقانون الكنسي العام، ونظام المحكمتين، والبطريركية تغطي كلفتها الباهظة، وأصحاب العلاقة يعلمون ذلك حق العلم".

 

وختم الراعي :"أيها القضاة والموظفون القضائيون الأحباء، خدمة العدالة هي الشهادة لعدالة الله، وهي وجه الكنيسة. إنه لشرف لكم ومسؤولية خطيرة في آن، أن تكون الكنيسة انتدبتكم لهذه الخدمة الشريفة. نسأل الله أن يبارك نشاطكم وغيرتكم في أدائها، ونجدد لكم أخلص التهاني والتمنيات بميلاد الرب لخلاصنا وبالسنة الجديدة 2015، راجين أن تكون سنة خير وسلام لكم ولعائلاتكم، ولوطننا الحبيب لبنان ومنطقة الشرق الأوسط والعالم. ولد المسيح هللويا".
 

  • شارك الخبر