hit counter script

مقالات مختارة - سيف الدين عبد الفتاح

كلمات "أبو عبيدة" لا تعرف المساومة

الجمعة ١٥ كانون الأول ٢٠١٤ - 07:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

العربي الجديد

نشهد، ومنذ أعوام، خطة مفضوحة من الكيان الصهيوني، ومن كيانات إقليمية لتشديد الحصار على غزة، في محاولة لإخضاع أبنائها وتطويق مقاومتها. غزة بالنسبة لهؤلاء غصة في حلوقهم، لأنها تحمل معاني العزة، إنهم لا يريدون إلا خطاب الخنوع السافل، المتشح بمفردات الانبطاح الكامل، وعلى الرغم من أن الكيان الصهيوني اعترف من بعض قياداته بهزيمته في عدوانه أخيراً على غزة، إنما يعبر، في حقيقة أمره، عن هزيمة كل الجناح المتصهين. وفي عامية مصر، يتهمون كل من يشرعن باطلاً بلفظ "الصهينة" حينما يقول الناس "صهين .. صهين". حالة الصهينة تلك التي انتشرت، للأسف الشديد، في بلاد العرب، لتعبر عن مؤازرة ومساندة للكيان الصهيوني، وليعلم المتصهينون أنهم لا يستطيعون، مهما استخدموا من ترسانات الإعلام الدعائية، ومن خزائن المال المفتوحة، إسناد المواقف المتصهينة في صراع عربي مصيري حضاري مع الكيان الصهيوني، صراع وجود، لا صراع أميال من الأرض أو حدود.
وهنا، تطل علينا خطابات العزة من أهل حماس، ليعبروا بذلك من خلال كتائبهم التي تشكل ردعاً لعدو غاصب وكيان مصطنع، خطابات العزة تلك في ظل هذا الواقع الأليم، أو المرير الذي تقوم عليه دول كبرى ودول إقليمية تطفح بالنفط والمال، وتسهم في إحكام الحصار المادي والمعنوي لأهل غزة وأهل حماس وجنود القسام، إلا أن هؤلاء، وهم يحملون شعار المقاومة على أكتافهم وفي نفوسهم، ليؤكدوا بها إرادة التحرير لوطنهم من عدو غاصب، وآخر نماذج الاستعمار الاستيطاني على أرض هذه الدنيا، ومن المؤسف حقاً أن يأتي هؤلاء المتصهينون العرب، من بني جلدتنا، يقفون إلى جانب العدو، يسندونه ويتشفون في أهل غزة، ويكيلون الاتهامات حتى تحدث في ذلك شرخاً متعمداً في ثقة هذه الأمة في مقاوميها، الذين هم، بحق، يحملون لواء المقاومة، ويرفضون المقاولة والمساومة، ويؤكدون أنهم بحق منتدبون عن كامل هذه الأمة وشرفائها، يحملون رسالة الحق المبين لتحرير فلسطين، ويؤكدون على حق المرابطين من أهل بيت المقدس والأقصى أجمعين، يذودون عن المسجد وأرضهم "القدس"، وما سميت بذلك إلا لأنها أقدس بقعة دنسها الكيان الصهيوني، وصال وجال ببغيه وغطرسته، يهجم على المسجد، المرة تلو المرة، ويقف حكام العرب والمسلمين لا ينطقون، بل دفعوا صهاينة العرب إعلامياً للقيام بخطاب مَهين ومُهين، لا يمكن، بأي حال، إلا أن يشكل خطاباً للانبطاح الكامل.
"
من المؤسف حقاً أن يأتي المتصهينون العرب، من بني جلدتنا، يقفون إلى جانب العدو، يسندونه ويتشفون في أهل غزة
"
وتأتي تلك الخطابات باحتفال حماس بتأسيس مقاومتها، لتثبت أن خلايا العزة وخمائرها في هذه الأمة لا تموت، لكنها تتجدد على الرغم من أنف المخذولين والمرجفين والمنهزمين والمنبطحين، وهي تتذكر طابور الشهداء من هؤلاء جميعاً، وعلى رأسهم الشيخ العاجز ببدنه المعجز بمقاومته وفعله استهدفتهم يد الغدر الصهيونية، الشيخ المجاهد أحمد ياسين، وغيره ممن يشكلون تاج هذه المقاومة وعزها، بما قدموه لتأسيس مقاومة رسالية وكفاحية ونضالية، لاستعادة العرض والأرض، لاستعادة المسجد والقدس، ليعبروا بذلك عن طاقة الأمة الحقيقية في هذا الزمان. هكذا يؤكد أبو عبيدة، ويقول: ".. بعد 27 عاماً من انطلاقتنا المباركة، التي لم تكن انطلاقة لحماس، بل كانت إعادة بعثٍ لروح الجهاد في الأمة، فحماس وكتائبها عرفت جيداً أن توقف أطماع المشروع الصهيوني، وتجبره على الانكسار والانحسار، حتى جعلته، اليوم، يقف على حافة الانهيار والزوال، بفضل الله وقوته".
في هذه الأجواء، كان خطاب أبو عبيدة بمفرداته أشبه بالسلاح يدكّ أعداءه، ويصيب أهدافه في مقتل، كلمات عزة ومقاومة تنطلق من حنجرته، لتؤسس أركان العزة في أرض فلسطين التي تحمل معاني المقاومة الحقيقية، ورسالتها الأبدية:
الرسالة الأولى: سيتحرر الأسرى، سيتحرر هؤلاء الأبطال، ويتحرر إخوانهم في وقت غير الذي تفكرون وتخططون، وهو قريب بإذن الله تعالى".
الرسالة الثانية: للصهاينة أوقفوا قياداتكم عند حدها، وطالبوا قيادتكم وجيشكم بأن يقول لكم الحقيقة، الحقيقة المرة، حقيقة ما جرى لجيشكم وجنودكم في غزة، فها هي كل يوم تتكشف وتتكشف، وما خفي كان أعظم!".
الرسالة الثالثة: دماء الشهداء ووحدات القسام. إن استدعاء تاريخ حماس وكتائب القسام يضعنا أمام سلسلة ممتدة من الشهداء. استدعاء تاريخ حماس وكتائبها المجاهدة ليضعنا، أيضاً، أمام لوحة مشرقة ومشرّفة من الإعداد وتصنيع السلاح والنحت في الصخر لمقاومة المحتل وإيلامه. جيش القسام الذي ترون ويرى العالم بوحداته المجاهدة التي ركّعت العدو على أعتاب غزة، وكسرت كبرياءه المفتعلة، ومرّغت أنف عدوها في البر والبحر والجو، بفضل الله تعالى ومنّته.
الرسالة الرابعة: الإعداد والتزود بالسلاح. كتائب القسام راهنت على رجالها المخلصين المجاهدين، وراهن غيرها على كسرها وعزلها وتركيعها، وانفضاض الناس من حولها، كسبت الرهان، لأنّ غيرها اعتصم بخيارات هزيلة، وركن إلى عدو غاصب مخادع لئيم، أما هي فاعتصمت بحبل الله المتين، واستندت إلى شعبها المعطاء، وأمتها الكبيرة الممتدة.
الرسالة الخامسة: شكر لمن دعم المقاومة، وأدرك شرف مساندتها ونصرِها بالسلاح والعدة، وأمدّتنا في المقاومة بالصواريخ التي دكّت حصون الصهاينة في صولات وجولات مضت مع المحتل.
وعاهد الناطق العسكري الشعب الفلسطيني على أن تبقى كتائب القسام معهم يداً بيد، وكتفاً بكتف، نقاتل من أمامكم، ونحمي ظهوركم، لم ولن نقصر في نصرة قدسنا ومسرانا، ولم ولن نفرط في إرث الأنبياء في أرض فلسطين، كما أننا مع انشغالنا في معركتنا الكبرى، سنظل معكم في معركة البناء والإعمار، وتضميد الجراح، وتصليب الصف، لأن هذا واجبنا، فجرحكم جرحنا وألمكم ألمنا، وأملكم أملنا.
رسائل خمس تعبر، في حقيقتها، عن كل معاني الدك بكلمات ثقيلة، تصيب الهدف بدقة بالغة، وتحدده بلا مواربة في معركة صناعة الأمل بالاستعداد والإرادة والعمل، ومعركة العزة والنصر والمقاومة. "أبو عبيدة، رسائلك المُقاوِمة وصلت إلى كل من يهمه الأمر".
 

  • شارك الخبر