hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

جريج: بالقلم والسلاح نحمي الوطن ونصون الحريات ونبني معا دولة قوية

الخميس ١٥ كانون الأول ٢٠١٤ - 19:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

نظم مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش ندوة بعنوان "مسؤولية الإعلام في حماية الأوطان"، في نادي الضباط - اليرزة، حضرها وزير الإعلام رمزي جريج والعميد الركن علي مكي ممثلا قائد الجيش العماد جان قهوجي، إلى جانب حشد من مسؤولي وسائل الإعلام، والشخصيات الأكاديمية والفكرية والخبراء المختصين وعدد من كبار ضباط الجيش والأجهزة الأمنية.

بعد النشيد الوطني وكلمة تقديم للاعلامية كاتيا ريا، القى مدير مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية العميد الركن غسان عبد الصمد كلمة قال فيها: "في خضم الحروب والأحداث المتسارعة التي يشهدها العديد من دول العالم، وما يتخللها من صراعات ذات طابع طائفي ومذهبي، بالإضافة الى الكوارث الطبيعية وإنتشار الأوبئة والأمراض التي تكاد لا توفر بلدا، نرى بلدنا الحبيب لبنان في قلب هذه الأزمات، يعاني تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة، حتى كاد وطن "درة الشرقين" يتحول الى وطن منهك إقتصاديا وإجتماعيا وسياسيا".

أضاف: "مع أن تعقيدات الوضع اللبناني كثيرة جدا وما يحدث فيه أكبر من قدرته على الإستيعاب، فإن هناك قطاعات وطنية فاعلة، تلقى على عاتقها المسؤولية الكبرى للعبور بالوطن إلى بر الأمان والإستقرار، وفي مقدمها الجيش والإعلام. فعلى الجيش تقع مسؤولية الدفاع عن الوطن وحماية حدوده وتثبيت الإستقرار والأمن فيه، وهو لم يتأخر يوما، ولن يتأخر عن تقديم التضحيات الجسام في سبيل تحقيق هذه الأهداف النبيلة. فضباطه وجنوده قد آثروا السهر والبذل حتى الإستشهاد، لطمأنة المواطنين والحفاظ على سلامتهم في مواجهة العدو الإسرائيلي والإرهاب والعابثين بالأمن، وذلك في إطار نهج وطني واضح، إتخذته القيادة وحرصت على تطبيقه كاملا، وإحدى ركائزه الأساسية تكمن في بقاء الجيش بعيدا عن التجاذبات السياسية المحلية، وعلى مسافة واحدة من الجميع، ملتزما رسالته الوطنية التي هي من رسالة لبنان، وطن التنوع ومنارة الشرق وملتقى الحضارات".

وتابع: "أما الإعلام، فمسؤوليته كبيرة جدا في دعم جهود الجيش، خصوصا في أثناء تنفيذ العمليات العسكرية، كما في توعية المواطنين وتثقيفهم، ودحض الشائعات المسمومة التي يحاول بثها ضعاف النفوس والمصطادون في الماء العكر. فالإعلام بمختلف أنواعه، هو وسيلة التواصل الأكثر فعالية بين المواطن والأحداث والتطورات الجارية في الوطن والعالم، وبقدر ما يكون السبق الصحافي معبرا عن الحقيقة ومتحليا بالمصداقية والتجرد، بقدر ما ينجح في تنوير الرأي العام وتوجيهه، وبالتالي يسهم في تأمين المصلحة الوطنية العليا وكسب ثقة المواطنين على السواء".

وختم: "من هنا، فإننا في هذه الندوة، سنحاول قدر المستطاع أن نلقي الضوء على الإعلام اللبناني وتأثيره الإيجابي في بناء الوطن وحمايته من الأخطار، وذلك من خلال إعلاميين كبار حضروا معنا اليوم، ليبدوا آراءهم وخلاصة تجاربهم وخبراتهم في هذا المجال، بالإضافة الى ما لديهم من إقتراحات من شأنها تحصين واقعنا اللبناني، ومساندة الجيش في أداء مهماته العسكرية، لا سيما في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان".

ثم القى وزير الاعلام كلمة قال فيها: "أخال نفسي اليوم، وأنا أقف على هذا المنبر، جنديا من جنود جيشنا البواسل، الذين يدافعون عن أرض الوطن، إذ إن ما بين الإعلاميين، الذين أود التحدث باسمهم، وبين العسكريين قواسم مشتركة. هؤلاء يدافعون بالبندقية والمدفع، اولئك بالكلمة والقلم. وكلاهما مسؤول عن حماية بلادنا وسلمها الأهلي".

أضاف: "أكبر دليل على التكامل بين المهنتين، لا بل الرسالتين، اقدام مركز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية في الجيش اللبناني على تنظيم هذه الندوة، بعنوان مسؤولية الإعلام في حماية الأوطان، والتي تتناول، عبر ثلاثة محاور، العلاقة بين المؤسسة العسكرية والإعلام، من مختلف جوانبها، وهي علاقة نحرص جميعا على أن يسودها التفاهم والتعاون، وتفهم كل طرف للدور الذي يؤديه الطرف الآخر، وفقا لمقتضيات وظيفته. وفي هذا السياق لا بد لي من ان اعترف لكم، بداية، بأنه لم تصلني، طيلة فترة اضطلاعي بمسؤولياتي في وزارة الإعلام، أي شكوى من اعلامي يتذمر من ان المؤسسة العسكرية مارست عليه ضغوطا أو وضعت في وجهه عراقيل تحول دون قيامه بواجبه المهني، مما يعني أن المؤسسة العسكرية واعية كل الوعي للدور الذي يمكن للاعلام أن يقوم به في تكوين رأي عام مساند للجيش في معاركه ضد الأخطار التي تهدد وجود لبنان وهويته".

وتابع: "مقابل ذلك، أرى أن من واجب وسائل الإعلام أن تعي مقتضيات الدفاع عن الوطن وما تفرضه من أمانة ودقة في نقل الأخبار المتعلقة بالجيش وفي التعليق عليها، بحيث لا يجوز، عبر أخبار غير صحيحة أو تعليقات مغرضة، اضعاف معنويات الجيش وزرع الشك لدى المواطنين في قدرته على الدفاع عن أرض الوطن وصد أي عدوان يتعرض له. بين شعار الجيش "شرف تضحية ووفاء"، والشعار الذي يجب أن يعتمده الإعلام وهو "حرية، حقيقة ومسؤولية"، قواسم مشتركة أساسها الدفاع عن الوطن، من قبل الجيش بسلاح مجبول بالتضحية وبدم الشهداء، ومن قبل الإعلام بكلمة حرة ومسؤولة".

وأضاف: "إن مسؤولية الإعلام في حماية لبنان هي مكملة لمسؤولية المؤسسة العسكرية، إذ عليه أن يدافع عن الوطن في خندق الحقيقة المجردة، في كل لحظة، وان يتسلح بالجرأة الكافية في مواجهة ما يتعرض له هذا الوطن من أخطار، اتخذت في السابق أشكالا متعددة، وهي اليوم تتجلى في ارهاب تكفيري يقترف، باسم الدين الإسلامي الذي يتبرأ منه، جرائم ضد الإنسانية بهدف النيل من أمن الوطن وسلمه الأهلي. هذه المسؤولية تحتم على الإعلام أن يتحلى بالموضوعية في مقاربة الأمور، وان ينأى بنفسه عن التجاذبات السياسية والمذهبية والطائفية، اذ لا انتماء للاعلام إلا الى مواطنة صحيحة، ولا التزام له إلا الدفاع عن لبنان".

وقال: "إن حرية الإعلام في لبنان مكرسة في الدستور، وهي في صلب مقدمته، ونحن حريصون عليها بمقدار حرصنا على الدستور نفسه. وهذه الحرية يجب أن تمارس في كل الظروف تحت سقف القانون ووفقا لأحكامه؛ فكم بالحري في الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، والتي يتعرض فيها جيشنا لعدوان يشنه عليه ارهابيون تكفيريون. فالمسؤولية كبيرة على الإعلام، لأن أحد أسلحة الإرهاب هو الحرب الإعلامية، وهو يستعملها كوسيلة من وسائل عدوانه على لبنان. فعلينا ألا نفتح له شاشاتنا ومحطاتنا وصفحات جرائدنا لكي يمارس ترهيبه على الشعب اللبناني. من واجبنا أن نرفض أن يكون اعلامنا منبرا مجانيا للارهاب التكفيري، او أن يكون وسيلة يستغلها الارهابيون لنقل صور العسكريين المخطوفين، وهم يتوسلون أهاليهم لكي يتحركوا، وذلك تحت وطأة الخوف والترهيب. هذا ليس عملا اعلاميا مسؤولا وواعيا لمصلحة البلد. ان تشبثنا بحرية الإعلام والدفاع عنها لا يعني غض الطرف عن تجاوزات تصل في بعض الأحيان إلى حدود الفلتان الإعلامي غير المقبول. ليس مسموحا أن يغلب التنافس والسبق الإعلامي على المصلحة الوطنية العليا وعلى سلامة العسكريين".

وأضاف: "الإعلام، كما الجيش، مسؤول عن السلم الأهلي والاستقرار العام، ولا يجوز له تحت أي ذريعة التنصل من هذه المسؤولية الكبيرة. من هذا الموقع بالذات، ومن منطلق مسؤولياتي الوطنية، أعلن أنني لن أتردد في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حال حصول أي مخالفات من قبل وسائل الإعلام لأحكام القانون ولواجباتها الوطنية والمهنية".

وقال: "ان الخطر الإرهابي يهدد وطننا، وهو لا يميز بين مواطن وآخر، وبين عسكريين واعلاميين، وانما يمارس عدوانه على الجميع دون استثناء. فمن واجبنا أن نكون صفا واحدا في مواجهته دفاعا عن الوطن. بالقلم والسلاح نحمي الوطن، بهما نصون الحريات، ومعا نبني دولة قادرة وقوية، دولة القانون والمؤسسات، التي يتساوى فيها الجميع، وتؤمن لأبنائها الأمن والاستقرار والحرية".

وتابع: "من نادي الضباط في اليرزة تحية اكبار ووفاء إلى كل شهيد في الجيش اللبناني، إلى كل عسكري محتجزة حريته ومكبلة إرادته، وإلى كل اعلامي مسؤول يبدي مصلحة الوطن على ما عداها ويقوم بما يملي عليه واجبه الوطني والتزامه بأحكام القانون وأخلاقيات المهنة".

وختم: "أتمنى للندوة الهامة، التي نفتتح اعمالها هذا الصباح، النجاح في بلورة دور الإعلام، بكل مكوناته، في مواكبة الأحداث والتأثير على الرأي العام وتوجيهه، لا سيما في الظروف الحرجة التي يمر بها لبنان، توصلا الى تحديد الإطار القانوني الذي يجب على الاعلام أن يمارس ضمنه حرية التعبير، التي نحرص جميعا على الدفاع عنها، كإحدى القيم الثابتة في تراثنا الوطني العريق".

بعدها بدأت جلسة العمل الاولى بعنوان "تأثير الاعلام الالكتروني على الرأي العام ومسؤوليته في المواكبة المباشرة للحدث"، وتحدث فيها كل من مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام" لور سليمان، مدير الأخبار في محطة OTV طوني شامية، الخبير في الدعاية والإعلام السياسي والإحصاءات ربيع الهبر والإعلامي في اذاعة "الشرق" يقظان التقي، وادارها جهاد الأطرش.

وقالت مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام" في مداخلتها: "كلنا يعرف اهمية الاعلام في حياتنا اليومية ولا سيما مع التطور التكنولوجي الحاصل، فقلة منا باتت تحمل جريدة وتقرأها، فبدل ان نحمل الصحيفة كل صباح بتنا نفتح هاتفنا الخليوي او جهازنا المحمول ونقرأ الجديد في كل صباح ومساء وفي اي لحظة من حياتنا اليومية. ففي الماضي كانت وسائل الاعلام عموما والمكتوبة خصوصا تنتظر كل مساء النشرة الورقية للوكالة الوطنية للاعلام لتأخذ منها اخبار نهار كامل قد يكون مليئا بالاحداث والتطورات، اما اليوم ومع التطور التكنولوجي الذي نشهده، فقد أصبح بوسع كل مواطن ان ينشر خبرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وقد يكون هذا الخبر صحيحا وقد لا يكون، وهنا دورنا كإعلاميين في التدقيق في صحة الخبر قبل نشره".

أضافت: "لقد أصبح الاعلام لغة عصرية وحضارية لا يمكن الاستغناء عنها او تجاهلها، وهو ما يتطلب فهمها واستيعابها من خلال امتلاك مقوماتها وعناصرها ومواكبة التطورات التي تشهدها وسائله المختلفة. واذا كان من حق الرأي العام ان يعرف الحقيقة ويتابع ما يجري من احداث على الساحة المحلية والاقليمية والدولية، فإن التعامل مع هذه الاحداث ونشرها ومتابعة ما يجري منها، يجب ان يتم وفقا لضوابط مهنية ومعايير اخلاقية وانسانية وموضوعية تراعي ظروف المجتمع ومزاج الرأي العام".

ورأت سليمان أن "أهمية الاعلام لا تكمن في امتلاك المؤسسة الاعلامية ومجاراة الآخرين في استخدامها وتوجيهها، وانما في سبل استعمالها وتوظيفها بشكل هادف وعلى نحو يجعلها قادرة على التعبير الموضوعي عند تناول القضايا المختلفة، بحيث تكون وسائل الاعلام في إطار مرجعي كفيل بتوفير تغطية منهجية تتماهى مع قواعد الاعلام ونظرياته بعيدا عن العفوية والارتجال. وربما هذا ما تفتقده، ويا للاسف، بعض وسائلنا الاعلامية في وقتنا الراهن، بعدما رهنت سياساتها وتطلعاتها بالتعايش مع متطلبات السوق الاعلامية بما يضمن لها ترويج سلعتها الاعلامية في اكبر عدد ممكن من الاسواق لضمان وصولها بالتالي الى اكبر عدد ممكن من جمهور المتابعين".

وقالت: "هذا هو الشيء الذي ربما افسح المجال لحدوث ممارسات اعلامية خاطئة وضبابية افرزت حالة من الضلال والارباك اثارت الشكوك حول حقيقة دور وسائل الاعلام في الحياة العامة وما اذا كانت تقوم بالفعل بتأدية رسالتها المفترضة والمطلوبة. والسؤال يطرح نفسه هل وسائلنا الاعلامية تعمل بمسؤولية ام ان السبق الصحافي والسعي لزيادة نسبة جمهور المتابعين يدفع ببعضها الى نشر اخبار غير موثوق بها وفي بعض الاحيان كاذبة؟".

وختمت: "إن الاعلام سيف ذو حدين، فمن الممكن ان يكون اداة هدم واشعال فتنة بين ابناء الوطن الواحد عبر الافراط في الاثارة وتشويه الحقائق ونشر اخبار مغلوطة وغير دقيقة وتفضيل السبق الصحافي بدل اعتماد الدقة والموضوعية في نقل الخبر، وفي المقابل، قد يكون مسؤولا ويحترم المعايير المهنية والاخلاقية ويلتزم المسؤولية الوطنية في نقل الخبر".

وسأل مدير الأخبار في محطة أو. تي. في طوني شامية: "كيف سنوفق بين السبق الصحافي والحقيقة وإبلاغ المعنيين من أهل ومؤسسات بما حصل وهل يجب ان نراعي شعور هؤلاء على حساب سرعة الخبر في ظل تنافس اعلامي على الخبر السريع أو العاجل أوقع العديد من مؤسساتنا في بعض المغالطات التي انعكست سلبا اما على مواطن او على عمل امني او استخباري او حتى على اهل ضحية أو مخطوف".

ولفت الى أن "الاعلام الحربي أصبح له من خلال التلفزيون، دور مشارك ورئيسي ومؤثر من اجل مواجهة القضايا الوطنية سياسيا، اقتصاديا، امنيا وثقافيا"، مؤكدا أهمية "تحرير مديرية التوجيه من الروتين الإداري العسكري حتى تلامس سرعة الخبر واعطائه في الوقت المناسب كي تبقى المديرية مرتبطة بناقلي الخبر ومتلقيه بطريقة شفافة وصحيحة".

وتحدث الخبير في الدعاية والإعلام السياسي والإحصاءات ربيع الهبر عن المواكبة المباشرة لتغطية الحدث، فأشار الى أنها "تؤثر في سلوكية وسائل الاعلام بحيث تصبح هذه الوسائل فريسة للحدث ويصبح الحدث بحد ذاته هو المتحكم بالوسيلة ويحدد سياستها ويحرك الرأي العام".

وتوقف عند معركة عرسال الأخيرة حيث "منع الجيش الصحافة من الاقتراب ورسم حدودا لها بهدف فرض رقابة على نقل مشاهدات من أرض المعركة قد تضر بالمؤسسة العسكرية وسلامة العسكريين"، مؤكدا أنه "كلما كان الحدث واقعيا كلما ساهم في عملية الاقناع وبناء الرأي العام".

أما المحور الثاني وعنوانه "أي دور للاعلام المكتوب في توجيه الرأي العام لا سيما في زمن الأزمات"، فحاضر فيه مدير تحرير صحيفة "النهار" غسان حجار، مدير تحرير صحيفة "الجمهورية" شارل جبور والإعلامي عماد مرمل.

وقال حجار: "إن الاعلام سلطة، والقائمون على السلطة غالبا ما يجنحون الى سوء استعمالها، والتسلط على الآخرين، فهذا الأمر يتهم به العسكر عادة، لأنهم يتعودون على الامر والتنفيذ من دون نقاش غالبا، لكن الصيت للعسكر، والفعل بات للاعلام. فكم من إعلامي يستغل منبره لتحقيق مكاسب شخصية، وكم من اعلامي يهين كرامات الناس، كما نشهد حاليا، خصوصا في الإعلام المتلفز".

أضاف: "صحيح أن من لا يعمل لا يخطىء، لكن ثمة فارقا بين الخطأ غير المقصود، وتلك الاخطاء التي ترتكب عمدا كل يوم، تارة للابتزاز المالي، وطورا لاهداف سياسية رخيصة بين معسكرين يأخذان البلد الى المجهول، لا لقضية يحملانها، بل لحسابات متبدلة، ونكايات ومصالح تضرب لمصلحة الوطنية بعرض الحائط".

وتابع: "لا نريد جلد الذات، فهذا امر لا ينفع، ولكن تنفع اعادة النظر في ما يفعله الاعلام، والذي اصبح في جزء منه اعلاما اصفر، واذا كان هذا النوع موجودا في كل العالم، فغالبا ما يهتم بفضائح شخصية، أو يفضح أمورا مع أشخاص عامين بما يهدف الى الاصلاح، اما ان يثير الفتن، ويغوص في الطائفية والمذهبية، ويعرض مخطوفين للخطر، والمصلحة العليا للوطن الى الاهتزاز، فهذا من خصوصيات الاعلام اللبناني".

وأشار إلى أن "الناس يهتمون للاعلام في زمن الأزمات أكثر من أي وقت آخر، ويبنون اقتناعاتهم ووجهات نظرهم وافكارهم من الاعلام"، وقال: "إن الاعلام التلفزيوني هو الاقدر على التأثير، والالكتروني سيصير أقوى مع الجيل الجديد".

أضاف: "بهذا لا ننفي مسؤولية الصحف، لكن في الحقيقة الصحف اللبنانية ما زالت محافظة عموما، وبعضها تقليدي، مما يجعل اثارتها للفتن والمشاكل محدودا".

ودعا إلى "إعادة نظر في السياسات المتبعة في كل الوسائل الاعلامية"، وقال: "لأن ما يجري حاليا يقود الى قيام متاريس ويشجع على حروب اهلية جديدة لا تفيد اهل الاعلام بعدما دفع عدد منهم حياته ثمنا لحرية الكلمة". 

بدوره، أوضح جبور أنه "لا يمكن للاعلام أن ينأى بنفسه عن الاحداث، وهو جزء لا يتجزأ من عدة شغل الحياة السياسية ودوره في الازمات هو قيادة المواجهة السياسية من أجل تحقيق هدفين: الأول تحقيق التوازن الإعلامي مع الفريق الاخر، والثاني استمالة أوسع شريحة ممكنة من الرأي العام المحايد".

وقال: "لا دور للاعلام خارج سياق تأجيج المواجهة، كما لا دور له خارج سياق استنهاض الرأي العام وتجييشه. ان المشكلة اذا وجدت ليست في الاعلام انما في الحياة السياسية، واذا كان من دور للتخفيف من حدة التشنج والتوتر فهو للقوى السياسية وليس للاعلام".

والمحور الثالث كان عنوانه "الإعلام بين تطبيق القانون....والواقع"، حاضر فيه النائب غسان مخيبر، رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ، عميد كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية الدكتور جورج صدقة والعقيد دانيال الحداد من مديرية التوجيه.

وتحدث محفوظ فشدد على "مناقبية إعلامية وإعلانية، فالاعلام يمكن أن يكون بناء أو هداما وفقا للوظيفة التي نريد أن نعطيها إياه، وهو قادر على الإثنين معا"، لافتا الى أنه "في مراحل الإنقسام السياسي والطوائفي تغلب وظيفة الإنقسام وفي مرحلة السلم الأهلي وفي ظل دولة المؤسسات تغلب وظيفة البناء والوحدة. وهذا ما نأمله في المرحلة الحالية".

وقال: "الواضح أن الطائفية السياسية هي مصدر أساسي من مصادر الانقسام اللبناني والنزاعات اللبنانية. وهكذا يمكن للاعلامي اللبناني أن يسهم في بلورة مفهوم أننا نريد أن نكون مواطنين في وطن لا مواطنين في طوائف ومزارع سياسية وهذا يتطلب إسقاط لغة التحدي في العلاقة بين اللبنانيين وبين الموالاة والمعارضة خصوصا وأن تكوين لبنان الهش يجعله أكثر عرضة من غيره في لحظة الضغوط والتأزم التي تمر بها المنطقة. فالتفاعل بين الطوائف على قاعدة المواطنية يغني حوار الطوائف ويجعل من الصيغة اللبنانية التي هي عبارة عن حوار تفاعل بين الأديان رسالة حضارية الى العالم".

ولفت الى أن "الولادة الصعبة لحكومة المصلحة الوطنية قد تكون الخطوة الأولى الصحيحة على طريق الألف ميل، فولادتها سحبت عنصر التوتر في العلاقة بين الطوائف، وعلى الصعيد الإعلامي أقصت الخطاب الإعلامي الطوائفي وأنتجت خطابا هادئا وليس متوترا"، معتبرا أنه "يمكن البناء على فترة الهدوء السياسي الحالية لمحاصرة التوترات الأمنية وعواصف المنطقة والفكر المتطرف. كما يمكن أن يتيح القرار السياسي الواحد المتوفر في ظل حكومة المصلحة الوطنية لإعلام بناء لا يملك حماية سياسية وطوائفية".

وأوضح أن "العصبيات اصبحت السمة الاساسية في حسابات المجتمع السياسي وفي الترويج الطوائفي، وهي تعطل دور المؤسسات وتطبيق القانون. وهذا ما يتبين من خلال استعراض واقع الإعلام المرئي والمسموع. فالقانون المرئي والمسموع رقم 382/94 يحدد المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع مرجعية لهذا الاعلام تقع على عاتقه مسؤولية المساءلة والتصويب. لكن هذا القانون أعطى المجلس الوطني للاعلام صلاحيات استشارية بحيث يرفع توصيات ملزمة للحكومة في حال حصول مخالفات. غالبا هذه التوصيات تبقى في الأدراج بحكم غياب الإرادة السياسية الواحدة وبحكم الحمايات السياسية والطوائفية وأيضا بحكم المحاصصات الطوائفية على مستوى الإعلام المرئي والمسموع".

ورأى ان "واقع الإعلام المرئي والمسموع والالكتروني في ظل القانون المرئي والمسموع 382/94 هو على الشكل الآتي:
- أحيانا كثيرة تتضمن مقدمات الأخبار التشهير بالعديد من الشخصيات والمقامات والاحزاب. وهي أقرب إلى التوصيات السياسية. وهذا مخالف للقانون الذي يشدد على الموضوعية وصحة المعلومة. فما يميز الإعلام المرئي عن المكتوب أنه يستخدم الفضاء وهو ملك عام لا يجوز أن يوضع في تصرف المؤسسة السياسية أو حساباتها. فالهواء السياسي ليس ملكية خاصة بل مرفق عام.

- الاساءة الى دول شقيقة.

- عبارات نابية وعنصرية وتنطوي على التحريض الطائفي.

- بث مشاهد لعمليات الاغتيال والحوادث الامنية تتضمن انتهاكا لكرامة الشخصية الانسانية.

- تناول قضايا قيد التحقيق والتدخل في عمل القضاء.

- وضع هواء المؤسسات الاعلامية السياسي في معظم مساحاته بتصرف اتجاهات وتيارات سياسية دون سواها.

- التمييز بين المناطق اللبنانية في التغطية الاخبارية.

- تحول المؤسسات الاعلامية الى مواقع طائفية وسياسية.

- تأثير الاعلام المرئي بنسبة 25% بخيارات الناخبين".

وقال: "بالنسبة للمجلس الوطني للاعلام:

- عدم التمكن من متابعة دوره, حيث لم يوضع بتصرفه الجهاز البشري والتقني اللازم الذي نص عليه القانون وألزم السلطة التنفيذية به.

- تعطيل هيئة البث الاذاعي والتلفزيوني.

- عدم انجاز المخطط التوجيهي للاقنية والترددات الذي يشدد على اعتماد النظام الرقمي. فلبنان هو البلد الوحيد في العالم بعد موريتانيا الذي لم ينفذ خطة الانتقال إلى النظام الرقمي مع ما يستدعي ذلك من حرمانه مستقبلا من الحمايات الدولية لموجاته وقنواته.

- فوضى البث المرمز بالكابل وعدم اصدار قانون للبث المرمز خلافا لما نص عليه قانون الاعلام المرئي.

- استمرار الاعلام الديني خارج اي اطار قانوني محدد لتنظيمه.

- عدم انشاء الشبكة الموحدة للبث التي يمكن عبرها التطبيق الشامل للشروط القانونية والنموذجية وضمانة السلامة العامة.

- الترخيص لقنوات فضائية تبث في لبنان وتكتسب موقعا منافسا للمؤسسات المرخص لها وهي لم تخضع في آليات الترخيص او متابعة الاداء لأي من احكام قانون الاعلام المرئي والمسموع او دفاتر الشروط.

- تحرير القطاع من القيود التي تحد من جذب الاستثمارات الوطنية والعربية والدولية.

- عدم اتخاذ الاجراءات اللازمة لتشجيع الانتاج الوطني التلفزيوني والاذاعي وحمايته.

- غياب التنظيم النقابي لقطاع الاعلام المرئي.

- عدم مراجعة الرسوم بهدف تحويلها الى موازنة مكرسة للانتاج الوطني.

- 30% من الإعلام الإذاعي غير شرعي. كما أن غالبية المؤسسات الإذاعية الشرعية لا تغطي كامل الأراضي اللبنانية كما نص على ذلك القانون.

- عدم صدور قانون ينظم الاعلام رغم أن اللجنة البرلمانية الإعلامية قد أقرت مسودة القانون وتوصلت إلى قواسم مشتركة بين اقتراحي القانون المقدمين من النائبين غسان مخيبر وروبير غانم".

ولفت الى ان "المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة تعيش من مصدرين ماليين وفقا للقانون: الصناعة الدرامية والإعلان".

وأعلن ان "الصناعة الدرامية في لبنان لم تعد مصدرا بعد أن تراجعت إلى حدود الصفر. والإعلان كمصدر مالي تراجع إلى 40 مليون دولار. وهو يكاد يغطي نفقات مؤسسة تلفزيونية واحدة"، وقال: "إذا، من أين تؤمن المؤسسات التلفزيونية التسعة مصادرها المالية. وكل ذلك مؤشر على أن الإعلام المرئي والمسموع في لبنان يتجه إلى الموت بعد أن كان إعلاما أولا في العالم العربي".

واعتبر أن "مشروع قانون الإعلام الموحد الذي أقرته اللجنة البرلمانية الإعلامية وينتظر تصويت مجلس النواب عليه يوفر واقعا قانونيا جديدا يحرر الإعلام من ظاهرة الإستنساب السياسي ويعالج مشاكل الإعلام المزمنة. ذلك أنه يعطي المجلس الوطني للإعلام صلاحيات تقريرية كاملة من دون الرجوع إلى السلطة التنفيذية كما يدعو إلى إنشاء محكمة إعلامية ويعيد النظر بالعقوبات المترتبة على المخالفات بحيث يستبعد إقفال المؤسسات الدائم ويضيف تدبير الغرامة المالية. كما ينص على استبعاد التوقيف الإحتياطي للصحافيين. والواقع أن هناك نقاطا لا تزال عالقة ومتروكة للجلسة العامة في مجلس النواب. ومنها موضوع الإمتيازات الحصرية للصحف. وكذلك نسبة ملكية العرب والأجانب في المؤسسات المرئية".

وختم: "أيا يكن الأمر، ثمة ما هو ايجابي في نقاش مشروع قانون الإعلام الجديد، أن الفريقين السياسيين 14 و 8 آذار تلاقيا في ايجاد الحلول للواقع الإعلامي. نأمل أن يكون هذا التلاقي مدخلا لتعزيز المشترك الذي يعزز من حضور الدولة والإرادة السياسية الواحدة في وقت تعصف فيه الأعاصير بالمنطقة وتهدد خريطتها السياسية. كما أن استعادة الاعلام اللبناني المرئي والمسموع لمكانته الأولى التي كانت له في العالم العربي تفترض امتلاك الدولة لرؤية إعلامية يكون في صميمها إنشاء مدينة إعلامية في لبنان الذي يمتاز بأنه يمتلك الكادرات والموقع والمناخ والخدمات وهذا ما لا يتوفر في أي مدينة إعلامية عربية بما فيها دبي. ومثل هذه المدينة الإعلامية في لبنان يمكنها أن تستقطب المؤسسات الإعلامية العربية والغربية وتشغل المئات من خريجي كليات الإعلام على اختلاف اختصاصاتهم من كتاب وصحافيين ومخرجين ومصورين. كما أن هذه الإستعادة تفرض على الدولة تخفيف الأعباء المالية عن المؤسسات المرئية والإذاعية، ذلك أن الدول الخليجية أدركت أهمية الإعلام المرئي فأطلقت مئات القنوات التي تتناول الأخبار والفنون والرياضة والطقس والطيور، كما أنها ترعى مؤسساتها بالحماية والعناية".

من جهته، تحدث صدقة عن "حرية الاعلام كشرط أساسي لوجود نظام ديمقراطي"، وقال: "لا ديمقراطية من دون اعلام حر وللشعب الحق في أن يعرف الحقائق كاملة كي يتمكن من المحاسبة والمساءلة".

وسأل: "ما هي حدود حرية وسائل الاعلام في نظامنا الديمقراطي؟ وما هي مهمة الصحافي ومسؤوليته حيال وطنه والجمهور؟". 

وقال: "في الواقع هناك منطقان لا يلتقيان: الأول منطق الصحافي الساعي الى الحقيقة والتي هي علة مهنته والتي تلزمه تقديم المعلومات الصحيحة الى الرأي العام. والثاني منطق المؤسسة العسكرية التي تسعى الى الدفاع عن الوطن في كل الظروف والتي تقوم مهامها على الدفاع عن نفسها ضد كل ما يهددها".

ودعا الصحافة الى "القيام بدورها والا لا معنى لوجودها، وفي المقابل على العسكر أن يقوم بدوره في استخدام كل الأدوات التي تضمن نجاحه في المعركة بما فيها وسائل الاعلام".

وتناول الحداد أهمية العلاقة بين الجيش ووسائل الاعلام، مشيرا الى أن "الجيش وضع في سلم أولوياته التعاون مع القطاع الإعلامي لما له من دور مؤثر وفعال في تنوير الرأي العام وتوجيهه، كما حرص الجيش على التواصل مع مختلف وسائل الاعلام ليس من باب الضوابط والقوانين بل من منطلق المسؤولية الوطنية المشتركة".

وتطرق الى العلاقة بين الجيش ووسائل الاعلام بحسب قانوني المطبوعات والبث التلفزيوني والاذاعي وقانون القضاء العسكري، فرأى أن "التغطية الإعلامية لنشاطات الجيش بشكل دقيق بما ينسجم مع نهج قيادته وما تبتغي تحقيقه تنعكس إيجابا على هيبة الجيش وقوته ودوره في الدفاع عن البلاد"، لافتا الى "بعض الثغرات الحاصلة كبث او نشر أخبار كاذبة تتعلق بالمؤسسة العسكرية".

وتناول "الشؤون الداخلية الحساسة للمؤسسة والترويج لاهداف الأعداء ونشاطاتهم ولو عن غير قصد، وعدم العودة الى قيادة الجيش للتحقق من المعلومات".
 

  • شارك الخبر