hit counter script

مايا دياب أذكى مِن الاستجابة طوال الوقت للمبالغة

الخميس ١٥ كانون الأول ٢٠١٤ - 02:39

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

مسألة مايا دياب مع الغناء مرتبطة بصواب الخَيار. "نيالي فيك" شأنٌ آخر، أغنيةٌ من إحساسٍ لافت وخفّةٍ عذبة. "أيوه" إنتاجٌ لا يُعوَّل عليه، شيءٌ من ترويجٍ لا يستمر. أما "قاطفين" فأقلّ أغنياتها تكلّفاً، زاد سمير سرياني بساطتها جمالاً.

المغنّي تجدُّد صورته وما يقدِّم كي لا يبقى رهن المُتوقَّع. أعمال مايا دياب ليست من الفئة النادرة، بعضها خفيفٌ حدّ السذاجة، وبعضها مُفتَعل. أحببنا "قاطفين" بعد "نيالي فيك"، ففي كليهما انسيابٌ تفتقده الأغنيات. للوقْع الخليجي ما يميّزه، طالما ارتقى بالفنان الى أعمق مما سبق. "قاطفين" تركيبةٌ من كلامٍ سلس (هيثم ترشيشي) ولحنٍ لطيف (عادل العراقي) وتوزيعٍ فَرِح (هادي شرارة)، ومشهدية أتقن سرياني طريقها نحو القلب. الطبيعة تملأ النفس صفاء، لا سيما أنّ الهدف ليس عرض المَعالِم والمبالغة في الجمال. صُبَّ المشهد في سياق من بساطة الإنسان فينا، عوض هَمّ التباهي بالفساتين والكعوب العالية والخوف من الحركة كي لا تُفسد التسريحة.
لعلّ سرياني قادرٌ على التفوّق على كثيرين لهم باعٌ في تصوير الكليب. قدّم ميريام فارس في "كيفك إنتَ؟" بغير الإسراف في الفخامة، ويقدّم مايا دياب في "قاطفين" بكثيرٍ من الصورة الأنسب. الكليب عاملان: الطبيعة والناس. مايا تزيد المشهد اكتمالاً، عوض أن تكون هي أو لا أحد. قوّة سرياني في البساطة الخلّاقة. يفيض كمٌ من البسيط البائد الذي يُظهِر انعدام الموهبة والعمل كيفما اتفق. سرياني خارج هذا الصنف كلياً، وهو على الأرجح خيارٌ إخراجيّ صائب. قدّم قصة شابة يهجرها حبيبها بروحٍ مرحة تستدعي الابتسام أثناء المُشاهدة. كأنّ أحداً لذيذاً يسرد النكات دافعاً إياك، مهما احتدّت طباعك وتجهّم وجهك، الى مبادلته الضحك.
"يلا عَ بيروت"، تقول مايا المُصابة بالهَجر بعدما قرّر الحبيب أن ينزح بحثاُ عن فرصة. "بدو ياخد بريك"، فشاءت أن تلقّنه درساً. أجمل ما في الكليب أن الكلام يُكتَب في الأسفل والنيات ليست خفية على أحد. المطلوب لمعةٌ يمتلكها سرياني، تكفل تحويل البسيط إنتاجاً أليفاً. راح ذلك الشاب المُعجَب يتلصص من بعيد، ومايا تجمع البيض الطازج وتقترب بأنوثة نحو قطيع الماعز في الحقل. الكلام المكتوب يشرح الخطوة المقبلة: "مايا نطرينا"، يقول الرفاق المزارعون، فيما التاكسي ينتظر لرحلة بيروت. "الله لا يوفقو"، امرأة تدعو على الحبيب الجاحد بالسخط، أما المُعجَب صاحب الدجاجة فلا ينفك يردّد: "هلق بفرجيه"!
كل ذلك على وقْع موسيقى لا تتسبّب بصداع. إيقاعٌ مرفَق بحركات راقصة تُجمِّل مشهد الحشد النازح الى المدينة بدافع الانتقام. يدرك سرياني توظيف واقع الزحمة والأبنية المتلاصقة، جاعلاً من الكليب دعابة تفرض ذاتها، سواء أحبّ المتلقي الفنانة أم صنّفها ضمن النوع المُنتشر. "يا ريتو دجاجة"، ذاك المُعجَب الطريف الذي فاز بها في النهاية. لم تخرج اللغة المحكية عن سياقها، ولم تنزلق نحو الشعبوية السيئة المُتسبِّبة بنفور البعض. تستميلك المشهدية، وما يُدوَّن في الأسفل، فإذا بأولادٍ يركضون خلف مايا لمؤازرتها في ردّ الصاع، وامرأة تناديهم من خلف: "يا ولاد تعوا لهون!". نجاح الكليب في ألا يكون مُلك الفنان وحده وبعض الفانز المُتحمِّس. الكلّ يغنّي، في الشارع والحقل وعلى الشرفة وأعلى السيارة. ومرّ ذِكر الشركة الداعمة بسياق ثرثرة مقبولة. "مش هَينة، خاتمها من عند..."، تقول الجارة الحسودة، وتُكمِل: "بششششششش!!!".

فاطمة عبدالله- النهار
 

  • شارك الخبر