hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ياسر البنا

الرسالة من "شكراً إيران"

الخميس ١٥ كانون الأول ٢٠١٤ - 02:05

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

العربي الجديد

للوهلة الأولى، تبدو مبالغة "أبو عبيدة"، الناطق باسم كتائب القسام، الذراع المسلح لحركة حماس، في شكر إيران ومدحها، في الاحتفال بذكرى تأسيس الحركة، الأحد الماضي، "مغازلة حميمية" ليس إلا، تأتي من باب دعم التقارب الأخير بين الجانبين. لكن التمعن في الأمر قد يذهب بنا إلى مسالك أخرى، أهمها أن هذا "الشكر"، قد يكون رسالة "قطع طريق"، على أي تفكير بالعودة عن هذا التقارب.
قد تكون هذه الرسالة موجهة للخارج والداخل، فالدول الإقليمية المناوئة للمحور الإيراني لن تكون سعيدة، بالطبع، باستعادة حماس التقارب مع طهران، والذي انتقل من مجرد التصريحات إلى دائرة الفعل، بعد زيارة وفد من قيادة الحركة طهران، الأسبوع الماضي، وستبذل جهودا هائلة لوقفه، سواء بالترغيب أو الترهيب.
قد تحاول تلك الدول "الإقليمية" التي تحارب حماس حالياً، بعد أن صنفتها حركة "إخوانية"، مغازلة الحركة، ربما بالسماح لها بجمع تبرعات، أو فتح قنوات اتصال معها، أو تخفيف الضغوط عليها. وقد تلجأ إلى الترهيب كذلك، بتشديد الخناق على الحركة، أكثر وأكثر، وممارسة الضغوط على الدول التي تحتضنها، وهو أمر متوقع، بالنظر إلى ما نراه من سياسات تلك الدول. وفي ظني أن الأيام المقبلة ستحمل للعلن، أنباء بعض هذه التحركات، سواء كانت على قاعدة "الترغيب"، أو "الترهيب".
وبالتوازي مع الجهود العربية، قد نشهد تحركات دولية (أميركية وأوروبية)، لوقف هذا التقارب، والحد من تأثيراته، مثل تخفيف الحصار عن غزة، أو فتح قنوات تواصل مع الحركة، كونهم يدركون جيداً أن الهدف الأساسي الذي تريده حماس من استعادة العلاقات مع إيران هو "السلاح".
وقد تكون كتائب القسام، تقصد كذلك (من وراء شكر إيران) توجيه رسالة داخلية، موجّهة لقيادة حركة حماس وعناصرها، مفادها أنها بحاجة ماسة للسلاح والدعم الإيراني، لمواجهة التحديات التي تواجهها. وليس بالضرورة أن كتائب القسام تسعى إلى فرض رأيها على الحركة، فهذا يبدو مستبعدا داخل تنظيم متماسك، مثل حماس، لكنها ربما تريد التنبيه إلى خطورة "الموقف"، مع تصاعد الحصار المفروض على حركة حماس، والعزلة المحيطة بها، والتي تؤثر، مباشرة، على "القسام"، وتسليحه.
حماس، حركة كبيرة، وممتدة داخل فلسطين وخارجها، وفيها تيارات متعددة، ولها وجهات نظر مختلفة حيال مجمل القضايا، منها بالتأكيد موضوع "التقارب مع إيران"، وقد ظهر هذا جليا في مناقشات مناصري الحركة، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث ترفض قطاعات من أنصار الحركة التقارب مع إيران، لأسباب سياسية، كمواقفها تجاه الثورة السورية، ومذهبية بسبب ما يقال عن بذل طهران جهودا كبيرا لنشر "التشيع"، في المناطق السنية.
وفي المقابل، تؤيد جهات أخرى داخل حماس هذا التقارب، بدعوى "الواقعية السياسية"، ومواجهة التحديات، والحاجة لإعادة "التموضع" من جديد، في مواجهة ما أسفرت عنه "الثورات المضادة" لثورات الربيع العربي. وقد لجأ أنصار هذا التوجه، عبر مواقع "التواصل الاجتماعي"، لتبرير توجيه "الشكر لإيران"، بالطريقة التي قيل فيها، مؤكدين أن حماس لم تقدم لإيران، في السنوات الماضية، أي تنازلات سياسية أو مذهبية، وأن علاقاتها بها كانت على أساس "النديّة".
ويبدو أن كتائب القسام اختارت التوقيت الملائم، لكل من يرغب في قراءة الرسالة، فقد نظمت أكبر عروضها العسكرية على الإطلاق، والتي أظهرت، لأول مرة، "طائرات بدون طيار"، ووحدات "الضفادع البشرية"، و"صواريخ وقذائف جديدة"، لتقول إن استمرار هذا التفوق العسكري، بحاجة إلى دعم "إيراني".
على أي حال، يبدو أنه سيكون لهذه الـ"شكراً" ما بعدها، ووحدها الأيام المقبلة ستحمل لنا "الجواب".
 

  • شارك الخبر