hit counter script

مقالات مختارة - نبيل بومنصف

فَقَدَ مجده الغابر!

الأربعاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٤ - 07:59

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

حين تطوي السنة المشارفة نهايتها آخر صفحاتها، تكون أزمة الفراغ الرئاسي شقت نصف طريقها نحو الرقم القياسي للازمة الرئاسية الأطول في تجارب الفراغات في الجمهورية اللبنانية ما بين نهاية عهد الرئيس أمين الجميل وانتخاب اول رؤساء عهود الطائف والتي دامت زهاء عامين. ولعل ما بات مثيرا للخشية مع الشهر السابع للفراغ بعد شهرين إضافيين من المهلة الدستورية واخفاق 16 جلسة نيابية في انتخاب رئيس الجمهورية هو تصاعد ملامح الإخفاق ايضا في الرهان على آخر الأوراق المستورة - المكشوفة اي ورقة التدخل الخارجي لملء الفراغ.
وفيما يتكاثف الكلام عن المهمات الحميدة لموفدين اجانب ووساطات تتطاير من هنا وهناك، فرنسية كانت ام روسية ام فاتيكانية ام أممية، ترانا نغرق اكثر امام واقع تبدل كل القواعد الخارجية القديمة التي فُطِر اللبنانيون على اعتمادها مقياسا ثابتا في "استنخاب" رئيسهم.
لقد بلغ الامر بكثير من اللبنانيين الآن انهم باتوا يمنون النفس بتدخل خارجي يفرض انتخاب رئيس ويفضلون ذلك على التمادي في الفراغ وشروره وتداعياته المفتوحة على ما يرى ولا يرى من اخطار.
ولكن خطورة تعميم هذا الانطباع الذي يعكس استسلاما يائسا لواقع العجز الداخلي والتبعية للخارج، بصرف النظر عن اي خارج، تتجاوز هذا الحد بل تتجاوزه الى الأسوأ الماثل في تبدل رؤية معظم اللاعبين الدوليين والإقليميين الى موقع الرئاسة اللبنانية الذي لم يعد يثير حروبا لا باردة ولا ساخنة، ولا يستدعي تاليا استعجالا من احد لخوض معتركه قبل الأوان الاقليمي الملائم. ثمة من يخطئ في اسقاط الماضي على الازمة الحالية. حين أقام العماد ميشال عون عامين في قصر بعبدا رئيساً لحكومة انتقالية كانت الحرب الباردة بين جباري ذاك الزمن تشارف نهايتها المتفجرة على بقع عدة من العالم فكان الفراغ آنذاك آخر وجوه الحرب قبل الطائف. مع الازمة الراهنة ليس ثمة ما يؤذن لا بطائف معدّل ولا بطائف مقوّم ولا حتى بمؤتمر تأسيسي يرفع فزاعة مع ان ليس شيء مفزعا اكثر من فوضى الفراغ الماثل في كل نواحي السياسة اللبنانية. ولعلنا ندين بالاعتذار من جميع الذين "عادوا" الى الإيمان اليائس بتدخلات خارجية وشيكة او متمهلة او ما بين بين، فلو انها ستمطر لكانت غيومها غطت الفضاء اللبناني. ولا نرى مع كل الثرثرة الصاعدة سوى مؤشر لا تراه على ما تثبت الايام عيون غشاها الغيم، مؤشر التراجع الدراماتيكي المفجع في نظرة الخارج الى موقع الرئاسة على رغم كل أناشيد التغني بالموقع المسيحي الوحيد في العالم العربي والإسلامي. وقد يكون أسوأ ما يحل بصاحب مجد غابر ان يغدو من دون جاذبية لصفقات او لمعارك.
 

  • شارك الخبر