hit counter script

مقالات مختارة - ملاك عقيل

حلفاء «المستقبل»: يريدون التفتيش عن الياس سركيس آخر!

السبت ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٤ - 07:58

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

قبل اشهر قليلة من بيان الدعوة لـ»التشاور» من جانب الرئيس سعد الحريري ثم ردّ التحية من جانب السيد حسن نصرالله بالدعوة لـ»حوار ثنائي»، كانت الخيوط الاولى للتواصل المنشود تطبخ بسرية تامة.
المؤكّد، ان فكرة كسر جليد المسافات في بداياتها أتت من جانب «الشيخ سعد» باتجاه الضاحية، من دون إمكانية فصلها عن مزاج الرياض الداعي أو المتفهّم لها.
دخل أصدقاء مشتركون على الخط لتحويل الفكرة الى مشروع تقارب، بينهم مسؤول أمني كبير. يومها كان ردّ «حزب الله» واضحا لمن استمزج رأيه بالموضوع: لا يعنينا حوار من أجل الصورة أو للتواصل فقط. نحن نفعل ذلك في الحكومة..
آنذاك كانت مياه الحوار المرغوب والمكتوم الصوت تجري من تحت أقدام حلفاء «المستقبل»، الذين راهنوا دوما على ان توغّل «حزب الله» في الوحول السورية لن يجرّ سوى الى المزيد من رفع المتاريس بين الضاحية وبيت الوسط.
اليوم خلع الحوار رداء السرية وصار، برأي الحريري، منتجا مطابقا لمواصفات مرحلة ما بعد التمديد وتحييد الملفات الخلافية الكبرى.
إصرار زعيم «المستقبل» على التعاطي معه كوصفة وحيدة لحماية «مصلحة البلد»، دفع «الكتائب» و»القوات» والامانة العامة لقوى «14 آذار» إلى التنافس على مباركته والترحيب به، والتظاهر بأنهم لن يدفعوا فاتورة التقارب الذي كان مستحيلا. لكن الخطابات شيء، وهواجس الحلفاء شيء آخر.
بالتأكيد، لن يستطيع سمير جعجع صرف ما سلّفه إياه حليفه سعد الحريري في طلّته التلفزيونية المروّجة للحوار وفوائده على «صحة» البلد. كرّر «الشيخ» أكثر من مرّة عتبه على عدم تعاطي فريق «8 آذار» معه بالمثل عبر محاورته رئيس «حزب القوات» كما فعل هو مع العماد ميشال عون.
في سوق الرئاسة، وقانون الانتخابات وتأليف الحكومات، لا قيمة لبضاعة ترويجية من هذا النوع. على الارجح تذكّر جعجع في تلك اللحظة التي بدا فيها الحريري حزينا لعدم فتح «حزب الله» صفحة الحوار مع «القوات»، كيف قَبِل «الشيخ سعد» دخول الحكومة من دونه وشبك الايادي مع وزراء الحزب والتنسيق معهم ومع رجالات أمنهم في الشاردة والواردة!
عمليا، لم تقرأ معراب والصيفي في جدول أعمال الحوار، بعد استبعاد بنود الخلافات الجوهرية، سوى المجاهرة بطي نهائي لصفحة ترشيحيّن: واحد علني ورسمي، وآخر كان ينتظر الضوء الاخضر من الحليف الازرق كي يصبح مرشح «14 آذار» بعد «الحكيم».
زعيم «تيار المستقبل» مهجوس اليوم بالرئيس التوافقي الذي لا يرى صورته في عون والجميل وفرنجية وجعجع وبطرس حرب. لدى صقور «14 آذار» ما يقولونه في هذا الصدد: «نعم نحن مع الحوار، لكنهم يريدون ان يبحثوا عن الياس سركيس آخر يدير الازمة لا ليحلّها. هذا أقصى ما يمكن ان ينتجه الحوار الثنائي بين الطرفين. وقد لا نراهم أصلا جالسين وجها لوجه إذا أصرّ حزب الله على التمسّك بترشيح عون، أو إذا فرط الجنرال الحكومة ردا على ردّ الطعن بالتمديد».
الحوار الذي يسعى اليه الحريري من «أجل مصلحة البلد» سيكون حكما، بالسياسة، على حساب مصلحة حليفيه الاساسيّين بوصفهما المرشّحين الابرزين للرئاسة لدى «14 آذار». وفق معلومات المقرّبين من «حزب الله» فإن المعادلة معكوسة لدى الضاحية: «تريدون ان يكون بند الرئاسة على رأس جدول الاعمال؟ نحن حاضرون.. لكن مرشّحنا هو ميشال عون حتى يقول الجنرال خلاف ذلك».
ثمّة اطمئنان لدى حلفاء «المستقبل» المسيحيين، عزّزته تأكيدات الحريري في طلّته الاخيرة، بأن الحوار الثنائي بين الخصمين لن يقارب مسألة الاسماء الا بعد العودة الى «النبع». أكثر من ذلك يرى القواتيون بأن المنطلق الاساس يجب ان يكون المبادرة التوافقية التي تقدّمت بها «14 آذار» في بداية ايلول الماضي، واعلن عنها الرئيس فؤاد السنيورة، التي كانت، برأيهم، نسخة عن مبادرة سمير جعجع (في حزيران الماضي).
صحيح ان المبادرة تحدّثت عن «التمسك بترشيح جعجع لرئاسة الجمهورية، مع إبداء الاستعداد التام للتشاور مع كل الاطراف حول اسم يتوافق عليه اللبنانيون والسعي إلى التوافق، والبقاء على الموقف الحالي في حال فشل مساعي هذه التسوية الوطنية»، لكن الترجمة العملية لهذه المبادرة كانت تعني «لا عون ولا جعجع.. بل مرشح تسوية».
حضور النائب ايلي ماروني آنذاك المؤتمر الصحافي لاطلاق المبادرة، لم يعن إطلاقا موافقة الصيفي على كامل بنودها. الدليل تسويق الرئيس امين الجميل نفسه بعدها لاحتمال ان يكون مرشح التوافق الذي قد يفكفك عقدة النصاب المعطّل. عمليا، كل أدبيات الحريري في التعاطي مع هذه المسألة تحديدا، كانت توحي بأنه لا يقبض بجدّية «خلافة» الجميل لجعجع في السباق الرئاسي!
بالمحصّلة، يجهد حلفاء سعد الحريري للايحاء بانهم مع اي حوار مع أي كان في مسعى لكسر ستاتيكو المراوحة. ينظرون اليه من منظار كونه حاجة للطرفين في ظل الاحتقان السني ـ الشيعي بكل امتداداته الاقليمية، من دون ان ينجحوا في إخفاء هواجسهم من أن يأتي التوافق على حسابهم.
حتى اللحظة تسكنهم القناعة بأن حليفهم لن يوقّع على الاسم الا بعد ان يراجعهم ويأخذ موافقتهم، كما ان براغماتيتهم تدفعهم الى الاعتراف بأن لا تحالف رباعيا يلوح في الافق.
أما في نتائج الحوار، فالاستنتاجات متواضعة: سبق لسمير جعجع ان قاطع طاولة الحوار برئاسة ميشال سليمان عام 2012 «لأن حزب الله ما بدو حوار ولا يلتزم بمقرراته». لا يتوقّع اليوم «الحكيم» ان يكون الحزب قد تحوّل الى جمعية خيرية!
بالنسبة لامين الجميل لم تنفع كل «البروباغاندا» التي روّج لها بانعدام حظوظ جعجع بالرئاسة برفع اسهمه لدى «تيار المستقبل»، وها هو يتقبّل بحسرة طي الحريري لاسماء الموارنة الاربعة الاقوياء لصالح مرشح توافقي مجهول الهوية.
مع ذلك هو يرحّب بالحوار الثنائي بالخط العريض، حتى أنه قوطب على حليفه السني بالاعلان عن فتح خطوط تنسيق مباشرة مع «حزب الله»، تكملة لما بدأ به سامي الجميل من مقاعد مجلس النواب ووزراء «الكتائب» في حكومة تمام سلام.
وما لا يسمع لدى الكتائبيين، تضجّ به الكواليس القواتية والاذارية «اي حوار هذا مع حزب الاغتيالات؟ اي حوار هذا يستثني سلاح حزب الله وقتاله في سوريا وميليشيوية سرايا المقاومة؟».

  • شارك الخبر