hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - إيلي الفرزلي

«الدستوري» يبارك التمديد ويقر بمخالفته الدستور!

السبت ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٤ - 07:56

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

لم يكن مفاجئاً أن يردّ المجلس الدستوري الطعن المقدم من نواب «التيار الوطني الحر» بقانون التمديد للمجلس النيابي. لكن المفاجئ كان هذا الكم من الانفصام ما بين حيثيات القرار والقرار نفسه. لم يتوقع أحد أن يشّهر المجلس بالتمديد، مستعيناً بمعاجم اللغة والدستور، ثم يعود ويبرره بعبارتين خجولتين، ضارباً بمصداقيته عرض الحائط، ومعلناً موافقته على قانون وصفه هو نفسه بالمخالف للدستور، في كل ثنايا قراره!
من قرأ نص القرار، ظن لوهلة أن المجلس بصدد إصدار قرار تاريخي يضع حداً لمصادرة السياسيين للمؤسسات، قبل أن يعود ويصدم في النهاية بديباجة ركيكة يبرر فيها قراره. علماً أن المجلس نفسه لو أراد أن يصدر قراراً بإبطال القانون، لما غيّر حرفاً بالحيثيات التي نشرها أمس.
كثر قالوا ليت المجلس كرر ما فعله مع التمديد الأول، فتهرّب أعضاؤه من النصاب، بدل أن يبرروا بالإجماع القانون بحجة لا تستوي دستورياً اسمها «الأمر الواقع» ويدخلوها في الانتظام القانوني. ولكن مع ذلك، يطمئن الوزير السابق سليم جريصاتي أن هذا القرار لا يمكن أن يكون سابقة أو عرفاً إنما حده الأقصى هو تشبيهه بالنعجة التي انفصلت عن قطيعها. ببساطة لأن أي مجلس جديد يلتزم بالحد الأدنى من القواعد الدستورية لن يستطيع تكرار «الفضيحة».
تبرير «المعصية»
بالشكل، كان واضحاً أن مجرد توزيع القرار هو سابقة غير مألوفة، بدت كأنها تمهد تمهيدا ملطفا لمعصية القرار، على ما يؤكد جريصاتي لـ»السفير». وبالشكل أيضاً، لم يكن مفاجئاً لجريصاتي أن يصدر القرار بالإجماع، فهو كان قد أشار إلى أن مجرد وعد رئيس المجلس بأن النصاب سيكون مؤمناً، بدا بمثابة إنذار إلى أن النصاب سيكون على حساب أساس الدعوى.
أما في المضمون، فلم يُفهم الربط بين إقرار التمديد قبل تسعة أيام من انتهاء ولاية المجلس النيابي وتقديم الطعن قبل سبعة أيام وخروجه على اللبنانيين حزيناً على تقليص الخيارات أمام المجلس الدستوري إلى حد كبير. لم يُفهم كيف يفضل المجلس الدستوري أن يبني قراره على أسس واقعية، متغاضياً عن الأسس الدستورية، فيعلن أنه «منعاً لحدوث فراغ في مجلس النواب وقطع الطريق بالتالي على انتخاب رئيس للجمهورية، يعتبر التمديد أمراً واقعاً».
وللمفارقة، فإن المجلس يكرر أكثر من مرة في سياق القرار أن «التمديد يتعارض مع الدستور من حيث المبدأ».. لكنه لا يعتبر ذلك سبباً كافياً لإبطال القانون!
«مدة التمديد غير مبررة»
ويستفيض المجلس الدستوري في تشريح مبدأ الظروف الاستثنائية، معتبراً أنها لا يمكن أن تبرر التمديد لفترة زمنية طويلة تمتد سنتين وسبعة أشهر. مع ذلك، فإن المجلس يكتفي بالإشارة إلى أن «تقصير مدة التمديد يخرج عن صلاحياته». وإذا كان لا أحد يتوقع أن يحل المجلس الدستوري بدل المجلس النيابي، لكن في المقابل لا أحد يتوقع أن يتخلى عن حقه في إبطال القانون إما كلياً أو جزئياً، وليس الاكتفاء بالقول اللهم إني بلغت.
أما القول بأن تردي الأوضاع السياسية والامنية وشغور سدة رئاسة الجمهورية، قد يؤدي الى فراغ في السلطة الاشتراعية، في حال إبطال قانون تمديد ولاية مجلس النواب بعدما انتهت هذه الولاية في 20/11/2014، ولم يعد بالإمكان إعطاء مجلس النواب فرصة لتقصير مدة التمديد، فيشكل فضيحة أخرى بالنسبة لجريصاتي. يؤكد عضو المجلس الدستوري السابق أنه من غير الجائز المفاضلة بين وضع دستوري وآخر لتبرير رد الطعن، موضحاً أن إبطال القانون لا يؤدي إلى الفراغ، إذ إن الحكومة قائمة ويمكنها ان تحدد موعداً للانتخابات، علماً أنها لا تصبح مستقيلة إلا عند بدء ولاية المجلس الجديد وليس عندما تنتهي ولاية المجلس الحالي، كما يشاع.
بالعودة إلى الحيثيات، يقر المجلس أن القانون المطعون به يخالف مقدمة الدستور، لكنه لا يعتبر ذلك سبباً كافياً لإبطاله. يقر أن القانون المطعون به يخالف قرارات سابقة له، لا سيما القرارين 2/79 و1/2013، اللذين يؤكدان دورية الانتخابات، لكنه لا يعتبر ذلك سبباً كافياً لإبطاله. يقر، حرفياً، أن القانون المطعون به يخالف المواد الدستورية: 22 و24 (مجلس النواب مؤلف من نواب منتخبين)، 27 (عدم تقييد الوكالة النيابية يقتضي تحديدها بمدة زمنية)، 44 (.. الولاية النيابية محددة بأربع سنوات). كما يذكر بقرار سابق للمجلس (رقم 4/96 ) أبطل في النص الذي جعل ولاية مجلس النواب أربع سنوات وثمانية أشهر لأنه أخل بالقاعدة والعرف البرلماني المعمول به في لبنان والذي ينص على ولاية من أربع سنوات. ويعلن المجلس أنه لا يجوز ربط إجراء الانتخابات النيابية بالتوافق على قانون انتخاب جديد أو بالتوافق على إجرائها، كما يعلن أن التمديد يخالف مبدأ الفصل بين السلطات.
التمديد لا يخالف مادتين
للأمانة الدستورية، يعلن المجلس أن قانون التمديد لا يخالف المادة 32 من الدستور، لأنها لا تلزم المجلس النيابي ببحث الموازنة قبل أي عمل آخر، إنما تعطي أفضلية وأرجحية لبحثها من دون أن ترتب أي إبطال أو مخالفة موجبة لإبطال أي عمل تشريعي يتم قبل بحثها. كما لا يخالف المادة 57 التي تمنح رئيس الجمهورية حق طلب إعادة النظر في القانون، لأن الحكومة القائمة بأعمال رئيس الجمهورية لم توقع القانون إنما أصبح نافذاً بعد انتهاء المهلة.
نظريات
بعد الحيثيات، التي تمنع التمديد، وبعد موافقة المجلس الدستوري على استبدال الدستور بنظرية الأمر الواقع، يحرص في نهاية قراره على تأكيد الأمور التالية:
1 ـــ ان دورية الانتخابات مبدأ دستوري لا يجوز المس به مطلقا.
2 ــ ان ربط إجراء الانتخابات النيابية بالاتفاق على قانون انتخاب جديد، أو بأي اعتبار آخر، عمل مخالف للدستور.
3 ـــ ان التدابير الاستثنائية ينبغي ان تقتصر على المدة التي توجد فيها ظروف استثنائية فقط.
4 ـــ إجراء الانتخابات النيابية فور انتهاء الظروف الاستثنائية وعدم انتظار انتهاء الولاية الممددة.
5 ـــ ان تعطيل المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية، انتهاك فاضح للدستور.
وبناءً على كل ما سبق، أورد المجلس خلاصة قراره الصادر بالإجماع:
1 ـــ قبول المراجعة شكلا.
2 ــ رد الطعن للحيلولة دون التمادي في حدوث الفراغ في المؤسسات الدستورية.

  • شارك الخبر