hit counter script

مقالات مختارة - الان سركيس

التخبّط الأوروبي... واللبناني

السبت ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٤ - 07:49

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

يُفتّش الأوروبيون عن دورٍ يلعبونه، وإختراقٍ يحدثونه في منطقة الشرق الأوسط بعدما أقفل الأميركيون والروس كلَّ الأبواب في وجههم، فباتوا وراء الولايات المتحدة الاميركية في مشروعها للمنطقة ولا دور مؤثراً لهم.تتلهى دول أوروبا بأزماتها الداخلية، لكنّ عينيها تشخصان الى منطقة الشرق الاوسط، حيث خزانات الطاقة الأساسية التي تحتاجها لتسيير ماكينات مصانعها، وسط ركود إقتصادي يُهدّد القارة العجوز والعالم.

إلّا أنّ الأوروبيين الذين إستعمروا المنطقة سابقاً، لم يبقَ لهم موطئ قدم، لذلك يحاولون الدخول عبر البوابة اللبنانية لأسباب عدّة، أهمّها، العلاقات التاريخية بين لبنان واوروبا، وكون لبنان يشبه النموذج الاوروبي، إضافة الى أنه مؤهَل اكثر من غيره ومهيّأٌ للتدخلات الدولية تاريخياً، وحتّى وقتنا هذا.

لكن، حتّى لبنان، لم يجد فيه الأوروبيون البوابة الرئيسة لإحداث خرق ما، لأنه ساحة مشرّعة تتأثّر بشكل كبير بثلاث دول هي: الولايات المتحدة الأميركية، المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية. فحتى فرنسا فقدت دورها وباتت مثل بقية الدول.

هذا الغياب الفرنسي والإرتباك على الساحة اللبنانية يَظهر جلياً من خلال عدم قدرة باريس على تحريك ملف رئاسة الجمهورية، حتى إنّها باتت تحسب الف حساب لأيّ زيارة سيقوم بها مسؤول فرنسي الى وطن الأرز، لكي لا توضع في غير إطارها.

وفي هذا السياق، علمت «الجمهورية» أنّ مسؤولاً فرنسياً بارزاً كان ينوي زيارة لبنان منذ نحو أسبوعين، لإجراء جولة محادثات تشمل كل القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية، من الوضع الداخلي، الى ضرورة الحفاظ على الإستقرار وإبعاد لبنان عن النيران السورية، وصولاً الى القضية الأهم وهي إنتخاب رئيس للجمهورية، لكنّ الإدارة الفرنسية تمهّلت في الزيارة، لكي لا تُفهم على أنّ فرنسا تبارك التمديد لمجلس النواب، خصوصاً أنّها كانت ستأتي بعد مهلة قصيرة من إقراره.

الى ذلك، تفضّل فرنسا، بسياستها اليسارية الحالية، عدم التورّط اكثر في «مغطس» الإنتخابات الرئاسيّة، لأنها لا ترغب بتكرار مشهد عام 2007 عندما تولى الفرنسيون ملف الرئاسة ولم يستطيعوا إيصاله الى خواتيمه السعيدة، لذلك، تبقى بعيدة.

أما بالنسبة الى المملكة المتحدة، فإنّ إشادة أحد الديبلوماسيين البريطانيين خلال مجالسه الخاصة، بوضع لبنان في ظلّ ما تشهده المنطقة، لا تكفي، فقد نقل عنه أحد السياسيين اللبنانيين قوله إنّ «النظام العراقي سقط أمام «داعش»، والجيش السوري «الجرار» لم يستطع مواجهتها، أما المنطقة الوحيدة التي هزمت فيها «داعش» فكانت في لبنان، أيْ في طرابلس وعرسال».

وقد أتى كلام الديبلوماسي البريطاني في معرض الشكوى من أنّ عدداً كبيراً من البريطانيين يقاتلون في صفوف «داعش»، فما كان من أحد الموجودين إلّا أن طالبه بمساعدة لبنان قولاً وفعلاً، لا أن يقتصر الدعم البريطاني على البيانات والثناء»، وفي هذا الكلام أصدق تعبير عن دور بريطانيا التي تتحصّن خلف البحار ولا تقدّم أيّ مساعدة إلى لبنان.

وإذا كان الهمّ الرئاسي يطغى على الساحة اللبنانية عموماً والمسيحية خصوصاً، فإنّ ألمانيا التي يحكمها حزب «الإتحاد المسيحي» برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل، لا يتحرّك فيها الحسّ المسيحي للعب أيّ وساطة أو إطلاق مبادرة مع أصدقائها الدوليين لإنقاذ موقع الرئاسة المسيحي، خصوصاً أنّ ألمانيا من الدول المؤثرة في السياسة العالمية، ووضعها الإقتصادي من الأفضل وسط الإنهيارات الأوروبية، وإذا كانت لا تملك جيوشاً منتشرة في العالم، فإنّ الإقتصاد هو الجيش الاول الذي يحكم العالم.

هذه الدول الثلاث الاوروبية تشكّل العامود الفقري للإتحاد الأوروبي الباحث عن دور سياسي، لكنّ لبنان ينتظر من دوله دوراً يوازي إعجاب اللبنانيين بالنموذج الأوروبي، لكي لا ينتقل من حضنه الثقافي، الى مرحلة من الظلام يحاول البعض اخذه إليها بمساعدة افرقاء داخليين، مستخدمين الدين في غير مكانه كحصان طروادة.

  • شارك الخبر