hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

سلام افتتح معرض الكتاب العربي الـ58: لبنان يحتاج الى إعادة الاعتبار للسياسة

الجمعة ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٤ - 16:58

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

افتتح "النادي الثقافي العربي" بالتعاون مع "اتحاد الناشرين اللبنانيين"، عند الرابعة من عصر اليوم في "البيال"، معرض بيروت العربي الدولي للكتاب ال 58، برعاية رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، في حضور الرئيس فؤاد السنيورة، وزير البيئة محمد المشنوق، الوزير جان أوغاسبيان، المدير العام لوزارة الثقافة فيصل طالب ممثلا وزير الثقافة، سفراء: الجمهورية الاسلامية الإيرانية محمد فتحعلي، مصر محمد بدر الدين زايد والجزائر أحمد بوزيان، النائب عمار حوري، الدكتور جوزيف شهدا ممثلا النائب العماد ميشال عون، النائب السابق ناصر نصر الله، مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام" لور سليمان صعب وحشد من أصحاب دور النشر المشاركة والمهتمين والمثقفين.

بداية، تحدث عريف الحفل عضو النادي الثقافي العربي علي بيضون فقال: "وتبقى الكلمة الضامن الوحيد. معرض الكتاب هو المناسبة، وهو الموعد، وهو الفرصة للقاء ثقافي حضاري طالما نفتخر به وننتظره. ومهما تقلبت الظروف وتهدمت المؤسسات وارتجت الرؤية فإن الكلمة تبقى الضامن. فسلاح لبنان الحقيقي هو الفكر وذخيرته المعرفة، والنادي الثقافي العربي يعطي الدليل الساطع على ان لبنان يبقى رغم الظروف القاسية في طليعة البلاد التي تكون فيه للكلمة قدسيتها".

بدوره، قال رئيس النادي الثقافي العربي سميح البابا: "نفتتح اليوم معرض بيروت العربي الدولي للكتاب بالتعاون مع نقابة اتحاد الناشرين اللبنانيين في دورته الثامنة والخمسين. منذ ثمانية وخمسين عاما كان لنا نحن اعضاء النادي الثقافي العربي شرف المبادرة لاقامة أول معرض للكتاب في الشرق. خلال هذه السنوات الطويلة تطور المعرض بصورة جوهرية حجما وشكلا ومضمونا. طوال هذه السنوات كنا نبذل الجهد والاصرار على متابعة العمل، والثبات على الوعد والعهد لإقامة هذا المعرض السنوي دون أن نلتمس الشكر من أحد، أو طلب مكافأة من مؤسسة ما".

أضاف: "خلال هذه المدة الطويلة كان الامل رفيقنا، والتصميم حليفنا المعاصر للحفاظ على هذه الظاهرة الفريدة. في تاريخنا لم يكن حلمنا ينهض لتكريس المعرض سوقا تجاريا موسميا كباقي الاسواق نبيع فيه ونشتري. بل كان هدفنا الاساسي بعيدا كل البعد عن مبدأ الربح والخسارة، فنشاطنا وهدفنا الاول والابعد هو نشر الكتاب وتعميمه ليطال كافة شرائح المجتمع اللبناني والعربي حتى لا تبقى الثقافة حكرا لطبقة ما، ووقفا لشريحة بعينها. ان الكتاب خزان للمعرفة، وميدان للثقافة وهي مبدأنا وهدفنا الاول والاخير - وطموحنا أن تصبح الثقافة ملكا عاما لجميع الناس، لا ملكا شخصيا ومعلما احتكاريا لهذا الفريق وذاك، فالثقافة هدفنا والكتاب رفيقنا".

وتابع: "من هنا بدأنا، والى هذا الهدف توجهنا، وصمدنا خلال السنوات الثماني والخمسين رغم العقبات والصعوبات ورغم الحرب الاهلية التي استمرت لخمس عشرة سنة. خلال هذه المدة ثبتنا، بل كنا مع مرور الزمن أشد صلابة من الصخور، ورفعنا قامتنا لتطاول أرز الرب في جبل لبنان. أليس الكتاب الكتاب خالد كما أرز لبنان، أليست الثقافة التي ننشد تعميمها هي جوهر لبنان الوطن، وجوهر لبنان الشعب. اذن الهدف الاساسي هو نشر الثقافة وكافة ميادين المعرفة، لأننا نرفض أن نرى لبنان الا وطنا للثقافة، ومساحة للمعرفة، وميدانا للحوار الديمقراطي المتعدد الوجوه والمنفتح على كل الاهتمامات. ومن شأن هذا الحوار اقامة تواصل ثقافي وانساني حقيقي يتطلع الى تكريس وطن اكثر بهاء ورقيا وغنى، بعيدا عن التفرق والانعزال واللجوء الى خيارات متعددة الوجوه والاساليب والانحيازات".

وقال: "نحن نؤمن بالكلمة، الكلمة الحرة التي تتطاول على سجانها، وتفك اسرها، وتخترق حجب الظلام، أليست الكلمة رمزا للثقافة والتي أسست لثورات الشعوب المقهورة ضد جلاديها، واضاءت مشاعل، وفتحت مسالك ودروبا لنشر العلم ضد الجهل، والتقدم ضد التخلف، والانفتاح ضد الانغلاق، والحرية ضد الاستبداد. لقد تخطى معرض بيروت العربي للكتاب حدود لبنان، وشكل اجماعا عربيا على اهميته ومضمونه وجدواه ونتائجه. لقد غدا معرضنا اليوم الوجه الابرز للبنان الذي يطل به على العالم، لأنه بات مهرجانا ثقافيا سنويا ومعلما بارزا من معالم مدينة بيروت المحروسة - وحالة حضارية هي الاجمل والابهى في تاريخنا المعاصر. وان الكثافة الجماهيرية المتزايدة التي تزور المعرض لدليل ساطع على دوره الرائد في نشر ثقافة ترفض اللجوء الى العنف ضد صاحب رأي مخالف وتنأى بنفسها عن الخوض في ما يسمى صراع القبائل والعشائر والطوائف والمذاهب والاقليات والاكثريات والمناطق والجهات، والولاءات السياسية. انها ثقافة تتبنى قيام دولة مدنية ومجتمع علماني حر".

وختم: "لا شك أن معرضنا اليوم يكتسب اهمية استثنائية في زمن نشهد فيه هجمة رجعية شرسة تعم مختلف البلدان العربية، وتملك تصورات وتطرح افكارا تشدنا الى الوراء مئات السنين. ولا يتورع اصحاب هذه الهجمة عن استخدام العنف بكل وحشيته الساخرة لنشر فكر وحيد الجانب لا يرتضي هؤلاء سواه، ويرون بأن الديمقراطية هي من اختراع الكفار، وان حرية الرأي تدخل في اطار المحرمات. ان معرضنا اليوم يكتسب هذه الاهمية لأنه يقدم النقيض الكامل لهذه الهجمة السوداء التي تعمد الى تشويه المفاهيم وتحاول طمس مطالع النور في تاريخنا الثقافي. ان معرض بيروت العربي الدولي للكتاب يفتح كوة من النور الوضاء في وجه هذا الزمن الردىء. وسيبقى هذا المعرض على مدى السنوات سنديانة دهرية وأرزة تطاول قامتها حدود السماء".

بعدها، ألقت رئيسة اتحاد نقابة الناشرين سميرة عاصي كلمة قالت فيها: "نلتقي اليوم برعاية كريمة من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام لافتتاح المعرض 58 للكتاب، وهي تظاهرة سنوية تشهدها لؤلؤة الشاطىء ومرضعة القوانين بيروت. لمن دواعي سرورنا أن يكون راعي الاحتفال هذا العام رئيسا للحكومة كان وزيرا للثقافة يعرف هموم الشارع الثقافي وشجونه، وفي أيامه صدرت القوانين المنظمة لوزارة الثقافة والشارع الثقافي، وكان بعضها لم يحول الى مراسيم لتطبيقها، وهذا الأمر يحتاج إلى رعاية خاصة من دولته".

أضافت: "في السابق، كنا نشير بالأصابع إلى أهمية الكتاب والمعرفة في حياتنا، ولم يكن يسمعنا أحد من المسؤولين. كنا نتحدث عن أن استقرار النظام الثقافي هو الأساس في استقرار النظام العام وليس الاقتصاد أو السياسة، إذ لا بد لنا في لبنان أن تكون لنا مفاهيم موحدة وموحدة للوطن والمواطن والمواطنية والعاصمة والحدود. ولا يجوز أن يكون اي عنوان احتكارا لأحد، فالدفاع عن الحدود السيادية في كل اتجاه شأن وطني، والعاصمة نعصمها جميعا. الوطن لا يجوز أن يكون احتكارا فئويا أو طائفيا أو مذهبيا أو جهويا، وهذا الأمر ينطبق على كل الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وخصوصا الثقافية".

وتابعت: "انطلاقا من ذلك، توجهنا الى رأس مال لبنان البشري لنقول: إن لبنان الثقافة، لبنان المنبر، لبنان الكلمة والنص والقصيدة والمؤلف هو أساس التحدي، أقصد تحدي الارهاب سواء النابع من ارهاب الدولة في اسرائيل او الارهاب التكفيري الذي لا يعترف بكل آخر، والذي يشرد ويقتل من غرب إفريقيا إلى مصر وسوريا والعراق، ويهدد لبنان، وسبق ان هدد وجه العملة الاسرائيلي منه، كنيسة القيامة والمسجد الاقصى. ان مواجهة الارهاب هي في اساسها ثقافية تبدأ من المدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة، والموقف الرسمي ومواقف مؤسسات الرأي العام الثقافية والتربوية، وهي كذلك مواجهة تنموية لا تتم في غياب فرص العمل وفي غياب تشغيل قوة العمل والانتاج".

وأردفت: "للكلمة فعل السيف، فهي تصل وتعبر الحدود بسهولة أكثر من السلاح والمسلحين، ونحن عبر الكتاب، وعبر هذا المعرض، وعبر هذا النشاط السنوي المميز لمؤسسات النشر والرأي العام، وعبر كل الشعراء والمبدعين الذين يوقعون أسماءهم على الكتب في هذا المعرض وفي كل نشاط للكتاب، نستطيع أن نرسم حدودا سيادية امام الارهاب وبمواجهة كل متحد للقانون. لذلك، إننا يا دولة الرئيس، نطالب بدعم الكتاب والكتاب ورصد جوائز للمبدعين والمفكرين والمؤلفين".

وختمت: "يا صاحب الدولة، يا صديق الكتاب، مبارك للبنان هذا المعرض للكتاب الذي يمثل بمجرد اقامته اكبر تحد لللارهاب ولمحاولة زعزعة استقرار النظام العام ، ويفتح الباب لقيامة لبنان رغم ما نواجهه من تحديات ، ورغم محاولة منع مؤسسات الدولة من القيام بمهامها لصالح ازدهار الانسان في لبنان ، ووضع العراقيل امام مهمة الجيش سواء الدفاعية او الامنية التي يساهم فيها كل كاتب لمصلحة استقرار لبنان .

من جهته، قال الرئيس سلام: "قبل أن أبدأ كلمتي، أود أن أتوجه بتعازي الحارة إلى الشعب اللبناني وإلى كل العرب، برحيل قامتين كبيرتين هما السيدة صباح والكبير الكبير سعيد عقل.
ننحني إجلالا أمام ذكرى صاحبة الصوت الذهبي التي كرست حياتها لتمنحنا الفرح، وأمام ذكرى العملاق الذي عجن لغة الضاد وطوعها ليخرج منها ما سحر وأدهش.
عزاؤنا أننا عشنا في زمن صباح وسعيد، وتشرفنا بالانتماء معهما إلى وطم واحد رفعاه إلى العلى".

أضاف: "إنه لشرف كبير لي أن أفتتح اليوم معرض الكتاب العربي. هذا العرس الثقافي السنوي الذي نحتفي فيه بالكتاب أولا، وبعاصمتنا، التي رغم كل شيء، ما زالت قادرة على احتضان مناسبة بهذا الحجم وبهذه الأهمية، لنا ولبلدنا... ولكل الكتاب والمثقفين اللبنانيين والعرب.
لا بد بداية من توجيه التحية الى النادي الثقافي العربي، إدارة وعاملين، وإلى اتحاد الناشرين، على الجهود التي يبذلونها لتجديد هذا التقليد السنوي العريق، الذي يحتل مركز الصدارة بين التظاهرات الثقافية الدورية في العالم العربي".

وتابع: "لقد تسنى لي، عام 2009 الذي أعلنت فيه "بيروت عاصمة عالمية للكتاب" أثناء تولي مهمات وزارة الثقافة، أن أعمل عن قرب مع المسؤولين في النادي الثقافي العربي ومع المهتمين بشؤون الثقافة والكتاب، إنتاجا ونشرا. ولمست مقدار الشغف الذي يتملكهم، وحرصهم على رفع لواء الثقافة العربية انطلاقا من لبنان.
فتحية لهم جميعا، ولكل من عمل وما زال يعمل على نشر الكلمة، وصون حق الناس في المعرفة، مكرسا موقع بيروت، كفضاء للإبداع وواحة لتبادل الأفكار، ومنبر للقول الحر، في وسط محيط يزحف فيه الظلام والظلاميون لفرض مفاهيم ومعتقدات وطرائق عيش، ينبذها كل دين ويأنفها كل عقل سوي.
نعم، إنه فصل جديد تخطونه في كتاب بيروت، المفتوحة صفحاته ابدا لكل ريشة خلاقة وفكرة جديدة. بيروت التي كانت دائما جامعة المختلفين وحاضنة المؤتلفين. كبيرة، أبية، متسامحة، صبورة".

واردف: "عندما كنت يافعا، احتجزني والدي المرحوم صائب سلام في غرفة بعدما زودني ثلاثة كتب، ومنعني من الخروج قبل أن أنجز قراءتها وألخص مضمونها. وكانت هذه الكتب "البؤساء" و"لمن تقرع الأجراس" و"أحدب نوتردام". كان ذلك أحد دروسي الأولى في مدرسة صائب سلام، وفاتحة علاقتي بالكتاب، الذي بقي مذذاك يلازمني في أي فسحة من الوقت استطعت سرقتها من ساعات عملي. بعد ذلك بسنوات، وكنت قد بدأت العمل في الحقل العام، قال لي، رحمه الله، جملة ما فتئت أكررها: "السياسة مصدر الجهل". بمعنى أنها تستهلك كل وقتك، وتحرمك متعة القراءة وفوائدها".

وقال: "في أيامنا هذه، كثر الجهل أيها السادة. السياسة، بمعناها النبيل، ضاعت أو تكاد في غابة الفئوية والحسابات الضيقة. فصرنا لا نرى المسؤولية الوطنية إلا من منظار المصالح الخاصة، متعامين عن الأوجاع الحقيقية للناس، الذين ينتظرون منا عملا جادا ومخلصا ومتجردا من أجل تأمين حاضرهم ومستقبل أبنائهم".

وأكد أن "لبنان يحتاج اليوم الى إعادة الاعتبار الى السياسة، بما هي تشريف للعاملين فيها ومسؤولية وطنية وأمانة. كما يحتاج منا جميعا الى إعلاء مصلحة لبنان العليا، وجعلها الهدف الأسمى الذي تجند له كل الطاقات وتسقط في سبيله كل الأنانيات.
بهذه الطريقة نستطيع مواجهة الواقع المرير الذي نعيش، ونخرج من دوامة النزاعات التي لا تنتهي، إلى رحاب حياة سياسية طبيعية تتسع للاختلاف والتنوع والتنافس، وللانتاج".

واشار الى ان "المطلوب منا أن نتعالى، فنخفض نبرة الكلام لندرأ الفتن. أن نتعالى، فنتقارب لنتحاور. أن نتعالى، فنعيد عمل مؤسساتنا الى السوية الطبيعية لنحفظ نظامنا الديموقراطي. أن نتعالى، فنسارع إلى انتخاب رئيس للجمهورية.
المطلوب في اختصار، أن نرأف بأبنائنا ونصون هذا الوطن الجميل العزيز، أمانة لأجيالنا الصاعدة".

وأكد أن "اللبنانيين، الذين أنتج كبار من بينهم الكثير مما في هذا المعرض من كنوز، قادرون بالتأكيد على إعادة الألق إلى هذا البلد، اذا ما أتيحت لهم الفرصة لاطلاق مواهبهم وتفجير قدراتهم. وبمثل هؤلاء المفكرين والكتاب الرواد، سيبقى لبنان في موقعه المميز، حاضنا تظاهرات ثقافية للكتاب وللفنون المسرحية والسينمائية والتشكيلية، وموئلا للإبداع والتفاعل الفكري الحر".

وختم: "في انتظار أن يصلح حال السياسة، فلا تبقى مولدة للجهل، ولا مفسدة للعقول والقلوب، نغبطكم على ما أنتم فيه ونفخر بكم، ونهنئ أنفسنا بمعرض الكتاب العربي الذي يطوي عامه الثامن والخمسين بمزيد من الشباب والنضارة والريادة".

وكعادته من كل عام، وزع "النادي الثقافي العربي" الجوائز الخاصة باختيار أفضل كتاب إخراجا وطباعة، ومنحت اللجنة الفنية الجائزة للأولى لأفضل كتاب وإخراج للأطفال كتاب "مغامرة الشاطر حسن" لجنان حشاش ورسوم نغمة صالحي - منشورات "أصالة للنشر والتوزيع" في لبنان.

أما الجائزة الثانية فنالها كتاب "الحروف المتشابهة" لسناء شباني ورسوم ليلى حمزة - منشورات " دار مكتبة المعارف" - لبنان. وحجبت اللجنة جائزة أفضل كتاب إخراجا للكبار لعدم توافر الشروط الفنية.

بعدها، قص الرئيس سلام شريط الافتتاح وجال في أجنحة المعرض وتوقف عند جناح "الوكالة الوطنية للاعلام"، وكذلك فعل الرئيس السنيورة.
 

  • شارك الخبر