hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

فضل الله للسياسيين: جربوا الحوار الجدي لأنه خلاص لبنان

الجمعة ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٤ - 12:51

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، فهي الزاد في الدنيا والآخرة. ولبلوغ التقوى، علينا أن نهتدي بوصايا الإمام الحسن، الذي نستعيد ذكرى وفاته في السابع من شهر صفر؛ ففي وصية له لأحد أصحابه، وهو جنادة بن أبي أمية، عندما قال له: "عظني"، قال الإمام: "استعد لسفرك، وحصل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنك تطلب الدنيا والموت يطلبك، واعلم أنك لا تكسب من المال شيئا فوق قوتك، إلا كنت فيه خازنا لغيرك، واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا، وإذا أردت عزا بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، فاخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعة الله عز وجل". وفي وصية أخرى لأخيه الحسين، قال: "فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت، أن تصفح عن مسيئهم، وتقبل من محسنهم، (هذا هو المبدأ، ولكل مبدأ استثناء)، وتكون لهم خلفا ووالدا، (أن تشعر بأن أبوتك تتسع للناس كلهم)، وأن تدفنني مع جدي رسول الله؛ فإني أحق به وببيته. فأنشدك بالقرابة التي قرب الله منك، والرحم الماسة من رسول الله، أن لا تهرق في محجمة من دم"، فقد كان الإمام حريصا على دماء المسلمين. وفعلا، دفن في البقيع حتى لا تسقط قطرة دم عندما اعترض من اعترض على دفنه إلى جانب جده رسول الله. غادر الإمام الحسن الحياة، بعد أن ترك لنا إرثا كبيرا من علمه، وحلمه، وخلقه، وتواضعه، وشجاعته، وصبره، وحكمته، وبذله، وعطائه، وحبه لله، وحبه للناس، وهو من كان أشبه الناس خلقا وخلقا وهديا وسؤددا برسول الله، وكان سيدا من شباب أهل الجنة، فلنقتد به حتى نكون أكثر وعيا، وأكثر مسؤولية وقدرة على مواجهة التحديات".

اضاف: "والبداية من فلسطين، التي تواجه تحديا كبيرا في هذه الأيام، يتمثل بإعلان حكومة العدو مشروع يهودية الدولة، لا ببعده الديني، بل ببعده القومي والعنصري، ونعتقد أن الكنيست سيصادق عليه لاحقا. وتكمن خطورته في انتزاع الهوية العربية والإسلامية من فلسطين، وما يستتبع ذلك من تهديد واستباحة للأرض وللحقوق المدنية لفلسطينيي الداخل ولوجودهم، ومصادرة لحق العودة لفلسطينيي الخارج. لقد كنا ننتظر أن يستفز هذا القرار الصهيوني العالم العربي والإسلامي، وأن يهب ثأرا لكرامته وعروبته وإسلامه، بحيث تتداعى مواقع القرار الرسمية العربية والإسلامية للاجتماع العاجل، وتستنفر كل جهودها لمواجهة هذا القرار العنصري، ولكنه الصمت المطبق، وكأن الأمر لا يعنيهم، وهذا الصمت نفسه، تعيشه الشعوب العربية والإسلامية، التي تشغلها الفتن والحروب الدامية".

وقال :"من المخجل هنا، أن نستمع إلى تصريحات صدرت عن شخصيات غربية وأميركية، تنتقد هذا القرار، وتعتبر أنه مسيء إلى مبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان والمساواة بين المواطنين، وأنه قرار عنصري يشبه قوانين العبودية التي تجاوزها العصر، فيما لم نشهد مواقف عربية وإسلامية بمستوى هذا الخطر الذي ينذر بضياع فلسطين، كل فلسطين".

وجدد دعوة "الدول والشعوب العربية والإسلامية، إلى تحمل مسؤوليتها تجاه هذه القضية، التي ينبغي أن تبقى أم القضايا وأساسها، وأن تجمد كل الحروب والخلافات والانقسامات لأجلها، مهما عظمت وكبرت".

وتابع: "نصل إلى البحرين، الذي جرت فيه انتخابات نيابية وبلدية، وقد كنا نأمل أن لا تجري هذه الانتخابات قبل أن تتوافر الظروف التي تسمح بمشاركة كل مكونات الشعب البحريني، لا أن يقاطعها فريق أساسي منه، حتى تعبر عن وحدة هذا الشعب، بدل من أن تعمق الانقسام الداخلي. إننا أمام هذا الواقع، وبعيدا عن لغة (أرقام المشاركة ونسبتها)، لا نزال نرى أن الحل في البحرين، وتحقيق الاستقرار السياسي فيه، لا يكونا إلا بحوار جاد وموضوعي بين الدولة والمعارضة، فلن تجدي وسائل الضغط على رموزه الدينية، أو استعراض القوة، أو القمع، نفعا، فهي لن تحل الأزمة، بل ستزيدها تعقيدا. إننا نريد للبحرين أن يبقى عنوانا من عناوين العدل والوحدة والتلاقي والتميز، وأن يشعر المواطن فيه بإنسانيته، بعيدا عن طائفته ومذهبه".

اضاف :"إلى تونس، التي جرت فيها انتخابات رئاسية بعد الانتخابات النيابية، في ظل أجواء من الحرية، منحت الشعب التونسي القدرة على تحديد خياراته، بعيدا عن لغة العنف والعنف المضاد التي طبعت العديد من البلدان التي حصلت فيها الثورات العربية".

ودعا "الشعب إلى أن يعمق تجربته، ويجعلها نموذجا وقدوة، من خلال تثبيت دعائمها على أسس متينة، وأن يختار الأفضل لبناء حاضره ومستقبله، بعيدا عن كل الاعتبارات الخاصة والحساسيات الفئوية والحزبية، ويعيد الأمل للشعوب العربية بقدرتها على إدارة شؤونها والإمساك بقرارها عندما يرتفع عنها سوط طواغيتها".

وقال :"بالنسبة إلى لبنان، الغارق في أزماته السياسية والأمنية والمعيشية، وأزمة العسكريين المخطوفين ومعاناة أهلهم، وأزمة الغذاء، وفي ظل الخوف الآتي من حدوده الشرقية والجنوبية، مما لا يمكن مواجهته إلا بتماسك داخلي ووحدة وطنية، فإننا نؤيد ونبارك أية فرصة لحوار داخلي، تؤدي إلى تبريد الساحة الداخلية من أية أجواء توتر مذهبي، وتساهم في حل الكثير من الملفات، إذا ما صدقت النيات. ولكننا طبعا، لا ننتظر أن تحل كل الملفات، ولا سيما تلك المرتبطة بظروف إقليمية ودولية".

ودعا إلى "حوار جدي ومستمر وبناء، فقد تعب اللبنانيون من حوار موسمي، أو حوار ديكور، أو حوار تقطيع الوقت، انتظارا لظروف جديدة".

وتوجه الى اللبنانيين بالقول: "لقد جربتم الانقسام، فلم يزدكم إلا ضعفا، وسقوطا، وتمزقا، وهدرا لطاقاتكم، وافتقارا لمتطلبات حياتكم الكريمة واستقراركم السياسي، فجربوا الحوار الجدي، لأنه خلاص لبنان من كل أزماته، عندما تصدق النيات، ويكون الهدف هو إنسانية الإنسان، لا طائفته أو مذهبه أو موقعه السياسي". 

  • شارك الخبر