hit counter script

مقالات مختارة - ناصر زيدان

بري ? عون بين التحالف والخصومة

الإثنين ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٤ - 06:36

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

لم يَعُد التباين بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون سراً من اسرار الدولة، ذلك ان الملفات الخلافية اكبر من ان تُخفى على المُتتبعين للحركة السياسية في لبنان، وبراعة انتقاء الالفاظ عند نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي – الصديق المُشترك للرجُلين – لم تَعُد قادرة على تدوير زوايا التبايُنات لأن الامر تجاوز كونه خلاف سياسي على مسألة اولوية استدراج عروض لتلزيم بلوكات النفط، او تصديق عقود تأهيل معامل انتاج الكهرباء في الجية والزوق وديرعمار، بل انه خلاف واسع ومُتأصِّل حول العديد من القضايا الجوهرية، تستغرِب الاوساط المُتابعة، كيف هو مظبوط في هذه الحدود المعقولة من التنظيم حتى الآن.
بري وعون من ضمن فريق سياسي واحد على المستوى العام، فكلاهما يترأسان كتلة نيابية كبيرة وينتميان الى فريق الثامن من آذار، ولهما ذات التحالفات الداخلية والخارجية، لاسيما في علاقتهما مع حزب الله، ومع ما يُسمَّى " محور المُمانعة "
وما بين الرجُلين مساحة واسعة من الخلافات، يحتاج ظبطها الى مهارةٍ كبيرة، بل الى عناء وصبرٍ وتمرُّس. فمنذ الانتخابات النيابية في العام 2009 كانا حلفاء واخصام في الوقت ذاته، ولم يقبل العماد عون في حينها ترشيح نائب جزين السابق سمير عازار على اللائحة المُشتركة، وخاضت حركة امل معركة الى جانب عازار في مواجهة مُرشح التيار الوطني الحر ميشال الحلو ( الذي توفيَّ منذ شهرين). وتمددَّت التباينات الى ملفاتٍ جديدة، لاسيما ملف النفط، عندما كان صهر الجنرال عون جبران باسيل وزيراً للطاقة، حيث رفض الرئيس بري تجزئة تلزيم التنقيب عن النفط والغاز، بينما اصرَّ باسيل على البدء بالتنقيب في المناطق المواجهة لقضاء البترون كمرحلة تجربة بدائية.
تتَّسع التباينات بين الرئيس بري والعماد عون اليوم اكثر فأكثر، رغم مساعي حزب الله والنائب السابق ايلي الفرزلي لإحتوائها. فالتمديد لمجلس النواب كان نقطة خلافية، لأن عون نكث بالوعد في حضور جلسة التمديد والتصويت ضده، على ما تقول اوساط الرئيس بري، بينما ترى اوساط عون ان بري فهم موقف الجنرال خطأً، ولم يَعِد عون بري بالحضور.
وكتلة بري النيابية تحضر الى مجلس النواب اثناء الجلسات المُخصصة لإنتخاب رئيس الجمهورية، بينما تغيب كتلة عون وحلفاؤه ويتعطَّل النصاب.
والرئيس بري قدم اقتراح بواسطة النائب علي بزي، يُدرس امام اللجنة المُكلفة اعداد قانون جديد للإنتخابات، يقضي بإختيار 64 نائباً عن طريق نظام الانتخاب الاكثري في الاقضية، و64 نائباً عن طريق الاقتراع النسبي على اساس المحافظات الست، على ان تكون محافظة جبل لبنان دائرتين. بينما العماد عون يُصرُّ على اختيار النواب على قاعدة التمثيل الطائفي، اي ان المسيحيين هم مَن ينتخب النواب المسيحيون، والمُسلمون ينتخبون نوابهم، وعلى هذه الخلفية ارسل عون عضو كتلته النيابية الآن عون الى الرئيس بري يطلب عقد جلسة عامة للمجلس، تناقش تفسير المادة التي تنصُّ على المناصفة بين المُسلمين والمسيحيين في عدد النواب.
وفي مُندرجات التباين بين الفريقين ايضاً وايضاً، عتبٌ ضمنيٌ من عون على بري، بحيث يعتبر الاول ان الثاني قادر على تسويقة رئيسأ للجمهورية على وثيرة اكثر مما هو عليه الامر حالياً، خصوصاً ان بري له صداقات واسعة بين النواب المُستقلين، لاسيما صداقته الثابتة مع رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط.
كل ما ورد من تباينات في كفة، والخلاف على موضوع مياومي الكهرباء في كفةٍ أُخرى. فموضوع هؤلاء شائك، ومُعقَّد، وهو يُعطِلُ اهم مرفق خدماتي في البلاد، ويُنذر بتفاعلات تطال مرافق أخرى، والشطارة في اخفاء التوتر الذي يحدثُهُ هذا الموضوع، لم تَعُد تنطلي على احد، وما جرى بين المُعتصمين في منطقة النهر في بيروت نهار الاثنين الماضي - وامام شركة دباس المُتعهدة لصيانة الكهرباء – اكد طبيعة التجاذبات الحاصلة في الملف المُكهرب.
حاول الوزير اكرم شهيب بتكليف من النائب وليد جنبلاط اجراء وساطة بين الفريقين حول ملف الكهرباء، ولكن لا يبدو ان المساعي وصلت الى النتيجة المرجوة، وتفاقُم الخلاف يُهدد كافة المناطق، بحيث ان عدم قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على جباية الفواتير، من جراء عدم تمكُّن الموظفين من دخول مقر المؤسسة المُقفل من قبل المُياومين، ادى الى عدم دفع المؤسسة مستحقات الشركات المُتعهدة، وبالتالي عدم دفع هذه الشركات رواتب الموظفين، والفواتير، مما يُهدد بتوقف التغذية عن المُشتركين.
طبيعة الخلاف غير المُعلن بين بري وعون حول ملف الكهرباء له عدة اسباب، منها المعروف ومنها غير المعروف، ولكن السبب الجوهري الذي ظهر الى العلن، هو اعتراض التيار الوطني الحر على تثبيت المُياومين في مؤسسة كهرباء لبنان، إلاَّ على قاعدة المُناصفة بين المسيحيين والمُسلمين، واغلبية المُياومين من المُسلمين، وعلى وجه التحديد من المُسلمين الشيعة المؤيدين للرئيس نبيه بري.
التجاذبات بين الفريقين لها ارتداداتها المؤثرة على ملفات وطنية مُتعددة، فهل يسلك الحوار الجدي طريقه بين الرجُلين، في زمن الحديث عن الحوار؟
 

  • شارك الخبر