hit counter script

أخبار محليّة

لبنان في عين عاصفة الفساد الغذائي ... والآتي أعظم

الإثنين ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٤ - 01:30

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

اللبنانيون منشغلون بما يأكلون، نسوا السياسة والخلافات فـ «حياتهم» وصحّتهم اليوم على المحك. الأمر لا يتعلق هذه المرة بمبيدات سامة تُرش بها المزروعات ولا بمياه آسنة تروى بها ولا بمياه شرب لا تطابق المعايير الصحية، الأمر تعدى ذلك. فـ «هبّة» اليوم وعلى خلاف «العواصف» السابقة التي كان كل منها أشبه بـ «زوبعة في فنجان» تتعلق بلحوم ومواد يتناولونها ولا تستوفي شروط السلامة الغذائية و«جديدها» البكتيريا الخطيرة التي تعشعش فيها و...بقايا براز الحيوانات.

لبنان صار بين ليلة وضحاها يضجّ بأسماء بكتيريا ومطاعم وسوبرماركت وملاحم ومؤسسات تجارية أضاء عليها وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي فجّر «قنبلة» الفساد الغذائي بإعلانه ان بعض العيّنات التي أُخذت من مطاعم ومتاجر في كل المناطق تبيّن أنها تحتوي على «براز البشر ومياه مجارير»! - كما نقلت عنه وسائل الإعلام اللبنانية - ، مسمياً المؤسسات المخالفة حفاظاً على صحة المواطنين كما قال، وهو ما بثّ الرعب في قلوب اللبنانيين، ليس لأنهم لا يعلمون ان غالبية ما يأكلونه غير صحي، لكن لأن اللائحة تضمنت مؤسسات كبيرة كانت تُعتبر مثالاً للنظافة والمعايير الصحية، فيما لخصت إحدى الصحف إعلان وزارة الصحة بعنوان عريض نشرته على صدر صفتحا الأولى «اللبنانيون يأكلون خـ...».

البعض خشي ان تكون هذه القضية، التي ما زالت تجرجر ذيولها، «موسمية» كغيرها كونها لا تستند الى نهج محدد وقانوني، ومن هؤلاء رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو الذي تحدث لـ «الراي» عن «الفورات» التي نراها من وقت لآخر «ولذلك هذه المرة نقول ان من الضروري ايصال هذه الحملة إلى النهاية الصحيحة وهي الوصول إلى وضع مشروع قانون أمام مجلس الوزراء (حول سلامة الغذاء) ومن ثم نقله الى مجلس النواب واقراره. وهذا ما نقلناه الى الوزير فاعور الذي أبدى استعداداً للسير في هذا الاتجاه».

وعن السبب في اقتصار الملاحقات على الرقابة اللاحقة من دون السابقة أجاب: «السبب يعود إلى غياب قانون سلامة الغذاء المفرْمل بسبب الخلافات السياسية داخل الحكومة ومجلس النواب والذي من المفترض أن يضع كل الأطر حيث في آخرها تأتي الرقابة، إذ يجب البدء بالانتاج السليم وشرح مواصفات السلع وتحديد المخاطر والتنسيق بين والوزارات والادارات المعنية»، وأضاف: «هذه كلها غائبة، بالتالي لا يبقى سوى فحص البضاعة الموجودة في السوق إن كانت جيدة ونظيفة وهذا بالتأكيد هو آخر السلسلة».

السلسة تبدأ من «الاستيراد والإنتاج المحلي مروراً بالتخزين والنقل والتبريد وتاريخ الصلاحية، وكل من هذه المحطات توجد شكوك حولها في ظل غياب قانون سلامة الغذاء ولذلك نتمنى من الحملة التي قام بها وزير الصحة أن تصل بنا إلى هنا وألا تكون صدمة جديدة من دون نتيجة» بحسب برو.

وعن الاحصاءات المتوافرة لدى الجمعية عن الأمراض التي يسببها غياب السلامة الغذائية قال: «احصاءاتنا هي ما صدر عن منظمة الصحة العالمية التي اشارت الى ان ارقام الوفاة بسبب مرض السرطان في لبنان بلغت العام 2007 سبعة آلاف حالة وعام 2010 وصلت الى 10000 حالة. وأرقام الأمراض السرطانية الى ارتفاع، وبلوغ هذا الارتفاع 40 في المئة في 3 سنوات مخيف جداً»، واستطرد: «لم تصدر بعدها احصاءات جديدة، ونحن بانتظارها لوضع الرأي العام في صورتها، كما يمكن القول ان معدل الحياة في لبنان أقل مما هو عليه في دول اوروبا، ولا شك ان السبب الرئيسي في ذلك هو الأطعمة التي نتناولها».

نقيب اصحاب السوبرماركات ومدير مؤسسة «فهد» نبيل فهد اعتبر في حديث لـ «الراي» أن «طريقة طرح القضية من قبل وزير الصحة غير صحيحة، ففي العادة تُؤخذ العينات ويتم فحصها وعند صدور النتائج يكون لنا الحق أن نطلب اعادة الفحوص لتأكيدها، وهذا ما لم يسمح به الوزير، لا أعلم لماذا؟ نحن نتساءل لماذا هذا التشهير بأسماء المؤسسات من دون أن يكون لدينا الحق في الدفاع عن أنفسنا ومراجعة نتائج الفحوص؟».

واضاف فهد: «سلامة الغذاء بالنسبة لنا كمؤسسات غذائية أولوية، إذ ليس من ضمن عملنا أن نغش زبائننا، وبعض المؤسسات التي تم ذكرها مستمرة في عملها منذ 80 عاماً، واستمراريتها تدل على عملها بطريقة صحيحة. أما بالنسبة الى مؤسستنا اي «فهد» سوبرماركت والتي تضم فرعين اولهما في الزلقا والآخر في جونية، فان أولويتها سلامة الزبون والغذاء الذي يشتريه من عندنا، فكيف سيعاود قصْدنا للتبضع إن لم تكن بضاعتنا سليمة ونظيفة ومطابقة للمواصفات». واكد «أن بضاعتنا مطابقة للمواصفات وهي سليمة وان كانت من ضمن اللائحة حيث اعتُبرت الهبرغر في فرع جونية تحتوي على جيوب هوائية ولم نفهم معنى ذلك الى حد الآن ونحن نراجع وزارة الصحة في خصوص ذلك. اما فرع الزلقا فلم يتم ذكره على اللائحة، رغم ان البضاعة التي يحتويها مطابقة لتلك الموجودة في جونية وهي حاصلة على شهادة من وزارة الصحة عن اعتمادها المواصفات المطلوبة قبل اسبوعين، ولذلك نشكك بالنتائج التي تم اصدارها».

وعما اذا خفّت الحركة في المؤسسة بعد وضعها على اللائحة أجاب: «كلا، فنحن في هذا المجال منذ 72 عاماً، زبائننا لديهم ثقة كبيرة بنا، لن يصدقوا هكذا خبر ويعتبرونه «همروجة» سياسية اكثر من كونه أمراً علمياً».

نقيب المطاعم طوني رامي وفي اتصال مع «الراي» أشار الى اصدار النقابة بياناً أوضحت فيه كل الأمور لافتاً الى أنه ينتظر ما ستؤول اليه الأيام المقبلة. ورأى «ان القطاع تحت القانون وهمّه تأمين سلامة الغذاء وهذا يتصدّر برنامج عمل مجلس النقابة الجديد وهو مدار بحث خلال اللقاءات التي باشرت النقابة بعقدها مع الوزراء المعنيين ومنهم وزيرالسياحة ميشال فرعون ووزير الاقتصاد والتجارة الان حكيم، ونحن في انتظار تحديد موعد مع وزيرالصحة وائل ابو فاعور».

وأضاف: «لكن لا يمكن أن يذهب المطعم الجيد بجريرة المطعم الفاسد وأن يتعرض القطاع كله للتشهير، خصوصاً أن اعتماد المعايير لسلامة الغذاء تختلف بين وزارة وأخرى، وبين منطق وآخر، وبين عقلية وأخرى، وبين مبادئ وأخرى، خصوصاً أن قانون سلامة الغذاء لم يبصر النور حتى الآن، وبالتالي لا وجود لقانون يحدد المعايير المفروضة لسلامة الغذاء، وبالتالي لا يمكن لعلامات تجارية مشهود لها بالجودة والنوعية ومنتجاتها تحظى بثقة المستهلك اللبناني الذي يعرف ويدرك ويميز ويتخطى حدود الوطن أن تتعرض لهذه الحملة نتيجة التناقض في كيفية اعتماد المعايير لسلامة الغذاء».

وأكد أن «صحة المواطن تُعتبر من الاولويات لدى قطاع المطاعم، وبالتالي فإن النقابة ترفض أي نوع من التشهير قبل توجيه انذارات خطية وقبل صدور احكام قضائية تدين المطاعم التي تعرضت للتشهير».

من جهته، قابل الوزير وائل أبو فاعور الذي كان اعلن مع بداية حملة السلامة الغذائية انه لولا دعم النائب وليد جنبلاط له «لكانوا فرموني فرم»، كل التشكيك بخلفيات الحملة وتوقيتها بالمضي في قرار «تنظيف» البيئة الغذائية وحفظ صحة اللبنايين، مؤكداً أنه لن يرضخ للضغوط السياسية أوغير السياسية في هذا الملف المغطى من قبل «الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أنتمي إليه».

ابو فاعور الذي حظي أيضاً بدعم وتأييد رئيس الحكومة تمام سلام على الجهود التي يبذلها لحماية المصلحة العامة وصحة اللبنانيين، قرر توسيع رقعة الحملة لتشمل شركات تعبئة المياه غير المرخصة (يناهز عددها 600) التي طلب قفلها ومراكز التجميل وحقن البوتوكس غير المرخصة (عددها نحو 95) التي باشر ايضاً قفلها، في رسالة واضحة بأنه لن يستكين ولو «تعرضتُ للطعن من داخل الحكومة» في بداية اندفاعته التي اعتبر بعض الوزراء انها تسهم في تشويه سمعة الاقتصاد والسياحة في لبنان ودعوا الى اقرار قانون سلامة الغذاء واعتماد معايير موحدة للوصول الى الهدف المنشود معتبرين ان الفساد الغذائي لا يمكن معالجته بحلقة واحدة من سلسلة تشمل التشدد في المرافئ وضبط المختبرات وتكثيف دوريات المراقبين والتشدّد بتنفيذ الأحكام القضائية في حق المخالفين بعيداً عن المحسوبيات ومعالجة واقع المسالخ.

واذ أبدى ابو فاعور تفهمه لبعض ردود الأفعال المعلنة وغير المعلنة ولرسائل وردته، داعياً «المنزعجين من الحملة القائمة من وزراء وغير وزراء إلى الانحياز لصحة المواطن والقانون والعدل والواجب»، اكد أنه سيكمل ما بدأه «ولن يثنينا تصريح من هنا أو فذلكة من هناك، ومعلناً «محكمة الرأي العام «تحكم بيني وبينهم».

ويُنتظر ان تتدحرج في الايام المقبلة «كرة ثلج» الفساد الغذائي مع الاستعدادات لكشف نتائج فحوص تتناول مواد اخرى غير اللحوم وبينها الألبان والأجبان والخضار والخبز على انواعه وسط توقعات بأن يكون «الآتي أعظم».

  • شارك الخبر