hit counter script

مقالات مختارة - الياس قطار

سليمان فرنجية... رجلُ الحلّ بهَمسٍ فرنسي؟

الخميس ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٤ - 07:00

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أيٌّ من حلفائه على كثرتهم وخصومه على ندرتهم لا يستبعد أن يحمل سليمان طوني فرنجية مفتاح باب قصر بعبدا ذات يوم، وإن لم يكن ذاك اليوم قريباً فالعمر أمامه. ربّما يقتنع الداخل كما الخارج بأن فرنجية المقرّب جهاراً من الرئيس السوري بشار الأسد قد يكون المرشّح الحلّ. قناعةٌ اتّسعت رقعتها الى الغرب وتحديدًا فرنسا التي بدأ اسم سليمان فرنجية يجول أكثر فأكثر منذ سنةٍ ونصف السنة في كواليس قصرها الرئاسي ووزارة خارجيتها.

لمَ سليمان فرنجية بالتحديد؟ في الداخل الأجوبة معروفة ولا خلاف حول أيٍّ من نقاطها بين جميع الأفرقاء الذين يتفق معهم ابنُ المردة أو يخالفهم في توجّهاتهم وطروحهم. فالرجل “المهضوم” من معدات الجميع لم يتردّد يومًا في إظهار وفائه للعماد الحليف، ولكنه في المقابل لم يتردّد أيضًا في الاحتفاظ بهامشٍ من التمايز فعل مفعوله في غير مناسبةٍ وتحديداً في حكايا التمديد المتعاقبة. ومع ذلك، أفلح فرنجية في زرع قناعةٍ في نفوس أبناء بنشعي ومؤيديه على امتداد الجغرافيا بأنه مشروع رئيس درجة ثانية بعد الجنرال ومتى اعتكف الأخير يغدو هو مرشحًا درجة أولى. ليس تملقاً من فرنجية أن يعلن مثل هذا الموقف وهو العارف في قرارة نفسه أن فارق العمر يصبّ في صالحه وأن الرئاسة التي لا تأتيه اليوم ستأتيه غدًا لا محال وأن فرصة عون الرئاسية الأخيرة لا يمكن أن تكون سوى راهنًا. بناءً على هذه الوقائع، يستغلّ فرنجية الوقت الضائع ليعمل على نقاط ضعفٍ محسوبةٍ عليه وعلى رأسها حصر شعبيته المسيحية في نطاق جغرافي محدّد وهو ما حتّم عليه أخيرًا إطلاق عجلة “مأسسة” وجوده في أكثر من منطقة ذات قاعدة مسيحية واسعة. وأبعد من ذلك، حيثما يُظهِر الرجل شراسةً في دعم الرئيس بشار الأسد ومحور الممانعة بشكل عام، يبدي ليونةً مقابلةً إزاء ملفاتٍ تتماهى مع توجّهات 14 آذار كالتمديديْن النيابيَّيْن والتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وغسل اليد من طعون الرابية، ولعلّ في ذاك جزءًا يسيرًا من أسرار تداول 14 آذار باسمه ومعها الرياض أكثر من اسم عون.

السفير يسأل: فرنجية؟
رغم أنه ليس رجل أضواء من الدرجة الأولى، إلا أن رصيده السياسي كان كفيلاً على ما علمت “صدى البلد” بدفع أحد السفراء الفرنسيين السابقين لدى لبنان الى البحث في حيثيّته الداخلية من خلال توجيه سؤالٍ واضحٍ وصريح الى أحد اللبنانيين-الفرنسيين العارفين بالبصلة السياسية وقشرتها: “من هو المرشّح الفعلي لرئاسة الجمهورية في رأيك”؟ فأجابه الرجل: “لا بدّ أن تقابل سليمان فرنجية لأنه الأصلح لهذا الموقع”. وبالفعل نقل السفير رسالة واضحة الى أحد الوزراء الفرنسيين الفاعلين والعاملين على خطّ الملفات اللبنانية فدفعه فضوله الى التعرّف الى ذاك الشاب الذي يقول فيه الكثيرون من الثناء ما يستحقّ اكتشافه عن كثب... فكان اللقاء.

الخارجية الفرنسية مقتنعة
“لبنان: سليمان فرنجية الحلّ”... هو رأي الصحافي الفرنسي المخضرم ريشارد لابيفيير Richard Labévière المتبحّر خير تبحّرٍ في الشرق الأوسط ثقافةً وكتابةً. ففي مقالٍ أخير قد لا يعكس حقيقة التفكير الفرنسي من باب التعميم ولكنه يجسّد - جزمًا- وجهة نظر متداولة في الإليزيه، يحسم الكاتب الفرنسي فرضيّة الإتيان بفرنجية رئيسًا لما يتمتّع به من قبول عام إضافة الى حنكته السياسيّة وكاريزماه اللتين تحتاجهما المرحلة راهنًا. بالنسبة الى لابيفيير الذي لا يتردّد في تعداد خصال فرنجية وموجبات انتخابه، ترتفع أسهم رئيس تيار المردة ليس استنادًا الى حيثيّته الداخلية وانفتاحه على جميع الأفرقاء وبنوع خاص الدروز و14 آذار فحسب، بل الى ما بات يُهمَس في الكواليس الأميركية والسعودية من قبول لمثل هذا الشخص بعد مزيدٍ من الاطلاع على دوره ونَسَبِه. وحتى وزارة الخارجية الفرنسية التي كانت منحازة بشكل واضحٍ الى فريق 14 آذار ومعه الرياض وتل أبيب، بدأت تلتمس جديًا قدرات هذا الشاب الدينامي وتنظر اليه على أنه رئيس لبنان المستقبلي الذي يناسب تعقيدات المرحلة”.

حظوظ مرتفعة
يؤكد أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشؤون الفرنسية وليد عربيد لـ”صدى البلد” أن “الظروف السياسيّة التي تعصف بالمنطقة والتي تنعكس دائمًا على الوضع الداخلي السياسي في لبنان تتطلّب اليوم نظرة من المجتمع الدولي الى عامل توافقي من أجل إنهاء الشغور الرئاسي. وتلك الظروف نفسها تحتّم توافقًا سياسيًا لا مناص منه، وهذا التوافق لا يعني أن يكون هناك رئيس لإدارة الأزمة كما حصل سابقًا بل رئيس قويّ يأتي معه رئيس حكومة قوي يمثّلان الاعتدال ويتقاطعان في الآراء والمواقف. وبناءً عليه، سليمان فرنجية الذي يرضي سورية ولا يُزعج المملكة العربية السعودية وإيران ويستجيب لرغبة فرنسا برئيسٍ ماروني قويٍّ له حيثيته، يتمتّع بحظوظٍ كبيرة وفعلية أقله في الأوساط الفرنسيّة. الى ذلك، وبعد الصعود الشرس للحركات الإسلامية المتطرفة وفي مقدّمها “داعش” يأتي الإسلام السني المعتدل كخطّ سياسي توافقي مع الماروني، لذا تقول المعادلة اليوم إن أسهم سليمان فرنجية مقبولة جدًا في أروقة صنّاع القرار إقليميًا ودولياً على السواء”.

لا لـ”منّة” رئاسيّة...
لا ينتظر أبناء المردة “منّة” رئاسيّة من أحد، كما أن أجواءهم لا تقول إنهم موعودون بشيء في هذا القُرب. وفي هذا المضمار، يؤكد الوزير السابق يوسف سعادة لـ”صدى البلد” أن “المردة يسرّه أن يكتب صحافيٌّ فرنسيٌّ بحجم لابيفيير عن سليمان فرنجية ما كتبه، ولكن الموضوع واضحٌ بالنسبة الينا: فنحن لا نبحث عن تأييد ولا نطرَح أنفسنا على أننا مرشحون منافسون على الرئاسة، وفرنجية كان واضحًا بعدم ترشّحه طالما أن العماد عون يخوض هذه المعركة وعندما ينسحب عون حينها فقط يفكّر فرنجية في الترشّح”. قد لا يكون هذا المقال معياراً لتعميم الموقف الفرنسي من فرنجية بناءً على مضمونه ولكنه يعكس حكمًا حقيقة أن اسمَ فرنجية متداولٌ بجديّة في الكواليس الفرنسية؟ يتلقف سعادة: “فرنجية يُعتبر مرشحًا طبيعيًا ركونًا الى حيثيّتيْه المسيحية والوطنية، لذا من البديهي أن يكون اسمُه متداولاً في كلّ الكواليس المعنية بالشأن اللبناني”. ولكن ألا يمكن أن تكون صداقته مع الرئيس بشار الأسد عاملاً غير مساعد لوصوله الى بعبدا؟ يجيب سعادة: “علاقتنا بالرئيس الأسد معروفة وواضحة ولم نحاول يومًا التعتيم عليها أو ترقيعها، وهذا الأمر لا يتعارض مع وطنيتنا ولبنانيّتنا، ولكن طالما أنّ ترشيحنا غير مطروح بعد ودعمنا للجنرال محسوم نرجئ البحث في مثل هذه الفرضيات الى أن يحين الوقت المناسب للخوض فيها”.

دمٌ رئاسي في العروق
لم يعد السؤال المرتبط بسليلٍ شاب يسري الدم الرئاسي في عروقه متعلقاً بمدى قبوله من الجميع أو عدمه بقدر ما غدا يدور في فلك التوقيت: هل حان الوقت فعلاً ليكون فرنجية رئيسًا؟ أغلب الظن فرنسا تهزّ برأسها إيجاباً.

"صدى البلد"

  • شارك الخبر