hit counter script
شريط الأحداث

أخبار اقتصادية ومالية

تقرير فانا الشهري عن الاقتصاد اليمني: برنامج إصلاحات طموح لانعاش الاقتصاد

الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٤ - 11:02

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عمم اتحاد وكالات الانباء العربية (فانا)، ضمن الملف الاقتصادي الشهري، تقريرا عن الاقتصاد اليمني أعده عصام البحري.

وأفاد التقرير ان اليمن يتبنى حاليا برنامجا طموحا وشاملا للإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية سعيا نحو انعاش الاقتصاد وتنمية الإيرادات دون أن يضطر مجددا إلى رفع أسعار المشتقات النفطية، وذلك بناء على اتفاق السلم والشراكة الوطنية.

ولفت الى ان الاتفاق الذي وقعته الأطراف والمكونات السياسية اليمنية في 21 سبتمبر الماضي حدد الركائز الرئيسية للإصلاحات الشاملة المتوافق عليها، على أن تتبنى الحكومة الجديدة التي نص الاتفاق على تشكيلها من مختلف المكونات السياسية تحويلها الى برامج عمل لإنفاذها على أرض الواقع.

واوضح التقرير ان توقيع الأطراف اليمنية لاتفاق السلم والشراكة جاء بغية الخروج من الأزمة التي عاشها اليمن إثر احتجاجات شعبية كبيرة على قرار الحكومة بالرفع الكامل للدعم المقدم للمشتقات النفطية الذي اتخذته في 30 يوليو المنصرم. وبموجب ذلك القرار أرتفع سعر اللتر البنزين من 125 ريال (0.58 دولار) إلى 200 ريال (0.93 دولار)، وسعر الديزل من 100 ريال (0.46 دولار) إلى 195 ريالا (0.90 دولار) .

كما ارتفع سعر السولار (الكيروسين) بنسبة 100%، من 100 ريال (0.46 دولار) إلى 200 ريال (0.93 دولار).. فيما أبقت الحكومة على الدعم للمشتقات النفطية الخاصة بمحطات توليد الكهرباء العامة, وكذلك الدعم للغاز المنزلي ليظل سعر اسطوانة الغاز عبوة عشرين ليترا بـ 1200 ريال يمني ( 5.58 دولار).

وبررت الحكومة اليمنية اضطرارها لاتخاذ قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية بأنه "ضرورة وطنية حتمية لتلافي وصول البلد إلى حالة الانهيار الاقتصادي".. موضحة أن ما تم انفاقه على دعم المشتقات النفطية في اليمن خلال العشر السنوات الماضية بلغ نحو خمسة ترليون ريال (22 مليار دولار).

وكشفت الحكومة أن ما تم انفاقه خلال النصف الأول من العام الحالي 2014 لدعم المشتقات النفطية بلغ 656 مليار ريال حوالى ( 3 مليارات دولار) وهو ما شكل نسبة 20% من اجمالي النفقات العامة للموازنة العامة للدولة، مبينة أن "انفاق هذه المبالغ على دعم المشتقات قد وضع الاقتصاد اليمني في مرحلة حرجة ومستوى خطير جدا، إذ تسبب في حدوث عجز مقداره 1,067 ترليون ريال ( 5 مليارات دولار) وبنسبة 13% من الناتج المحلي".

وأعلنت الحكومة في تقرير أصدرته عقب قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية: "الجزء الأكبر من الدعم يذهب إلى الأغنياء ويستفيد منه مهربو المشتقات النفطية وتجار السوق السوداء, وقليل منه يستفيد منه الفقراء كون استهلاك الفقراء (المباشر وغير المباشر) أقل بكثير من استهلاك الأغنياء، فمقابل كل ريال دعم يستفيد منه الفقراء يذهب 23 ريال إلى الأغنياء (فيما يخص البترول) و9 ريالات (فيما يخص الديزل)".. موضحة أن 35% من الدعم يذهب للـ 20% الأغنى من الشعب اليمني، بينما لا يستفيد الفقراء إلا بما نسبته 10% من الدعم".

واشار التقرير الاقتصادي انه "رغم أن القرار الذي اتخذته الحكومة كان بموافقة جميع الأطراف السياسية المشاركة فيها، ولا سيما التكتلين الرئيسين "حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأحزاب اللقاء المشترك وشركائه"، اللذين اشتركا في التشكيل الحكومي القائم بموجب المبادرة الخليجية التي استندت عليها التسوية السياسية لإخراج اليمن من أزمة كادت تعصف به في العام 2011.. إلا أن القرار قوبل باحتجاجات واسعة، أعقبها نصب خيام للمحتجين في العاصمة صنعاء ومحيطها والمطالبة بإسقاط الحكومة وإعادة الدعم للمشتقات النفطية وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الهادفة بناء اليمن الجديد وفقا لما توافقت عليه مختلف الأطراف السياسية المشاركة في الحوار.

وللخروج من الازمة الجديدة توصلت الأطراف السياسية اليمنية إلى اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي أفرد حيزا واسعا في بنوده للإصلاحات الاقتصادية بجانب بنود خاصة بتشكيل حكومة جديدة, فضلا عن ملحق أمني خاص بمعالجة الحالة العسكرية والأمنية وإنهاء التوتر الأمني في محافظات عمران والجوف ومأرب وصنعاء وأية محافظات أخرى.

وفي حين شدد الاتفاق على أن تخفيف المعاناة عن الشعب مسؤولية مشتركة ويتطلب تظافر جهود جميع الأطراف.. قضى بإعادة جزئية للدعم الحكومي لمادتي البترول والديزل فور توقيع الاتفاق, حيث أعادت حكومة الوفاق الوطني جزء من الدعم لمادتي البترول والديزل بناء على الاتفاق, وبدأت بتطبيق التسعيرة الجديدة للمشتقات النفطية في 23 ايلول الماضي, وأصبح سعر الليتر الواحد من البترول والديزل بـ 150 ريال (0.69 دولار).

وقضى الاتفاق في الموجهات الاقتصادية للاصلاحات البديلة لرفع أسعار الوقود, بأن تشكل الحكومة الجديدة لجنة اقتصادية تضم خبراء مؤهلين واقتصاديين من مختلف المكونات السياسية والوزارات المعنية في الحكومة ممن يمتلكون خبرة في مجال التشريع والإدارة المالية والاقتصادية, بحيث تتولى دراسة الوضعين الاقتصادي والمالي عبر مراجعة الموازنة العامة للدولة والإنفاق، وتقديم توصيات ملزمة للحكومة حول كيفية استخدام الوفورات من أجل اعانة الفئات الفقيرة والمناطق التي تعرضت للتهميش.

وينص اتفاق السلم والشراكة الوطنية بأن تضع اللجنة برنامجا شاملا ومفصلا وواضحا ومزمنا للإصلاح الاقتصادي، يهدف في المقام الأول إلى تجفيف منابع الفساد في جميع قطاعات الدولة ومعالجة اختلالات الموازنة العامة وترشيد الإنفاق، واقتراح حلول مع الحكومة الجديدة بشأن الإصلاحات الشاملة المطلوبة في قطاعي النفط والطاقة، لتحقيق مطالب الشعب وتطلعاته.

ويدعو الاتفاق اللجنة الاقتصادية لإعادة النظر في أسعار المشتقات النفطية في غضون شهرين، في ضوء تحرير استيراد وتوزيع المشتقات النفطية وإصلاح قطاع الكهرباء، وبما يقود إلى إصلاحات سعرية حقيقية مبنية على أسس علمية واقتصادية تلبي تطلعات الشعب.

وألزم الاتفاق اللجنة بوضع خطة مفصلة وشاملة، تتضمن حزمة إجراءات لمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية الحالية، بطريقة تصون حقوق جميع اليمنيين ومعيشتهم، وتحديدا الفئات الفقيرة، لما من شأنه خلق مناخ يتيح لجميع اليمنيين تحسين فرصهم الاقتصادية وتوفير عيش كريم لأسرهم, بحيث تشمل الخطة القضايا المتصلة بفتح المنافسة والاستيراد والتصدير أمام القطاع الخاص وأسعار السلع الأساسية وضمان جباية عائدات الضرائب والجمارك، والإصلاح الضريبي والجمركي وتحصيل المديونية العامة لمؤسسات الدولة كافة.

كما ألزم الاتفاق اللجنة الاقتصادية بأن تشمل خطتها قضايا إلغاء الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية في كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، وحصر التوظيف في مؤسسات الدولة المدنية عبر وزارة الخدمة المدنية مع مراعاة ما نصت عليه مخرجات مؤتمر الحوار الوطني من معالجات استثنائية, وكذلك تطبيق نظام البصمة في وحدات الجهاز الاداري للدولة كافة, وتخفيف العبء عن كاهل المواطنين جراء قرار الإصلاحات السعرية للمشتقات النفطية, فضلا عن الاستثمار في البنى التحتية ومكافحة الفساد المالي والإداري وتطوير برامج الحماية الاجتماعية.

وقضى الاتفاق بأن تقدم اللجنة توصيات لوزير الخدمة المدنية حول إصلاح سلم الأجور, بهدف إزالة العبء عن المواطنين اليمنيين محدودي الدخل، وتضمين خطتها رؤية لتفعيل المؤسسات الرقابية والمحاسبية، وفي مقدمتها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد، واعلان تقاريرها السنوية للرأي العام.

وبحسب اتفاق السلم والشراكة، فان الحكومة الجديدة ملزمة بالتنفيذ الكامل لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني وتحديدا المتعلقة بمكافحة الفساد وتوفير الموارد الضرورية لذلك, وزيادة مخصصات صندوق الضمان الاجتماعي بنسبة 50% وتسديدها للمستفيدين فورا، مع مراجعة معايير أهلية المستفيدين في شبكة الرعاية الاجتماعية لضمان شطب غير المؤهلين وتسجيل المؤهلين الفعليين، وتسريع عملية إلغاء الوظائف الوهمية والموظفين المزدوجين، وزيادة موازنة السنة المالية المقبلة المتعلقة بالتعليم والصحة بغية استهداف الفئات الفقيرة والمناطق التي تعرضت للتهميش.

ويرى مسؤولون وخبراء اقتصاد أن الموجهات الاقتصادية التي تضمنها اتفاق السلم والشراكة تشكل أكبر برنامج إصلاح اقتصادي توافقت عليه جميع الأحزاب والمكونات السياسية في البلاد الامر الذي سيجعل اليمن فور البدء بتنفيذها تدخل برنامج اصلاحات شاملة.

وهذا الرأي عززته الإشادات من المنظمات الدولية المانحة لليمن وفي المقدمة صندوق النقد والبنك الدوليين والذين واصلا برامج الدعم لمشاريع التنمية في اليمن. ورغم ان الحكومة أعادت جزئيا لبعض الدعم الحكومي المقدم لمادتي البترول والديزل، بموجب اتفاق السلم والشراكة، إلا أن صندوق النقد الدولي سلم لليمن أواخر أيلول الماضي الدفعة الأولى من التسهيل الائتماني الذي وافق على منحه للجمهورية اليمنية على مدى ثلاث سنوات, بهدف الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي ودعم الجهود المبذولة لتحقيق نمو يعود بالنفع على كافة الشرائح السكانية.

وبموجب ذلك، أضيف إلى رصيد الحكومة في البنك المركزي اليمني مبلغ 73.8 مليون دولار أميركي، وهو القسط الأول المتاح للسحب الفوري من إجمالي التسهيل الائتماني المقدم من الصندوق والبالغ 552.9 مليون دولار أميركي على أن يتم صرف المبالغ المتبقية على دفعات نصف سنوية ترتهن بإجراء ست مراجعات بين الحكومة والصندوق.

ويستهدف التسهيل الائتماني مواجهة الموقف الاقتصادي سريع التدهور في اليمن خلال النصف الأول من عام 2014، ومساندة الجهود الحكومية المبذولة على صعيد الإصلاحات الاقتصادية بغية التصدي للتراجع الذي طرأ مؤخرا على أوضاع الاقتصاد الكلي، ودعم النمو، وتوفير فرص العمل، وحماية الفقراء.

ويواجه اليمن تحديات متعددة على الصعد السياسة والأمنية والاقتصادية التي ما زالت تمثل عائقا أمام عملية الانتقال السياسي الجارية حاليا في البلد.

وكان اليمن شرع بعد عام تقريبا من الأزمة التي مر بها خلال عام 2011 في أعقاب ثورات الربيع العربي، في عملية التحول السياسي بناء على اتفاق المبادرة الخليجية التي تبناها مجلس التعاون الخليجي وتم توقيعها في تشرين الثاني 2011.

وأتم اليمن في كانون الثاني 2014 عملية حوار وطني استمرت عشرة أشهر بمشاركة 565 عضوا يمثلون المكونات السياسية وفئات المجتمع كافة وتضمنت مخرجات الحوار خارطة طريق لبناء الدولة المدنية الحديثة وتحويل اليمن إلى دولة اتحادية, وضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار، بما في ذلك تمديد فترة التحول السياسي وإعادة صياغة الدستور بناء على مخرجات الحوار, الى جانب إعداد قوانين أساسية لمساندة وجود دولة اتحادية وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في عام 2015.

وبحسب تقييم البنك الدولي فان معدلات الفقر في اليمن التي كانت في زيادة فعلية قبل الأزمة السياسية في 2011، ارتفعت من 42% عام 2009 إلى 54.5% عام 2012، في وقت تعدت معدلات النمو السكاني في اليمن من بين أعلى المعدلات في العالم، علاوة على أنه من بين أكثر بلدان العالم معاناة من انعدام الأمن الغذائي، حيث يعاني نحو 45% من السكان انعدام الأمن الغذائي، فيما تقل موارده المائية الشحيحة كثيرا عن المتوسط السائد في المنطقة.

وفيما اكد البنك الدولي أن الانتعاش الاقتصادي في اليمن ما زال ضعيفا، أوضح أنه بعد انزلاق البلاد إلى فترة كساد في 2011 مع انخفاض إجمالي الناتج المحلي 12.7%، سجل الاقتصاد نموا بنسبة 4.8% تقريبا عام 2013، لكن من المتوقع أن يتراجع النمو إلى أقل من 2% عام 2014.

ويواجه تعافي الاقتصاد اليمني حاليا العديد من التحديات الهيكلية، إذ إنه قائم على النفط، ويعاني من ارتفاع معدلات البطالة وضعف نظم إدارة الحكم والهياكل المؤسسية.
ويؤكد الخبراء الاقتصاديون أن تحسن الآفاق الاقتصادية في اليمن يتوقف على مدى تحقيق تقدم على الصعيدين السياسي والأمني، واستمرار دعم المانحين، وتنفيذ هذه الإصلاحات بالغة الأهمية.
 

  • شارك الخبر