hit counter script

الحدث - دنيز عطالله

ابو فاعور واميل بيطار ومرارة الدواء

الجمعة ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٤ - 06:16

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاكيد ان وائل ابو فاعور لن يكون اميل بيطار ثان. واجه بيطار "مافيا الادوية" فهزمته مرتين. مرة بانتصارها عليه ومرة بتخاذل التضامن الحكومي معه. عاد "الوزير الآدمي" في حكومة الشباب في عهد سليمان فرنجية الى منزله آسفا ان "يكون الدواء اشد مرارة من المرض".
وائل ابو فاعور ليس اميل بيطار. بداية، لان وليد جنبلاط، بثقله الوطني والحزبي، يؤمن له السند والعضد. وتاليا، لانه يملك بالفطرة، كما بالاكتساب، ادوات اللعبة السياسية اللبنانية. يعرف خفاياها والكثير من اسرارها و"ابطالها". يتقن الاستعراض اتقانه العمل الصامت. يعرف متى وكيف يكون وسيطا كتوما، ومتى وكيف يكون صدى صوت حزبه وزعيمه. يضاف الى كل ذلك، وربما في اساس كل ذلك، يمتلك قدرة كبيرة في التعبير عن افكاره وفي المحاورة والنقاش والمحاججة.
لهذه الاسباب، كما لتفاصيل اخرى عديدة، لن يُهزم ابو فاعور في حملته ضد الاطعمة الفاسدة. المهم الا ييأس.
قيل الكثير، وسيقال اكثر عن هذه الحملة. طُرحت تساؤلات عن توقيتها والهدف منها ضد من ومع من؟ حضر "البعبع" الطائفي والمناطقي. احتلت السخرية مواقع التواصل الاجتماعي. سخرية ايجابية صحية، واخرى فيها الكثير من "ملوثات" طعامنا. سيقت الاتهامات ضد الوزير وحزبه واهدافهما "التضليلية والالهائية للناس". ومع ذلك فالرهان الا يياس او يتراجع.
يمكن مناقشة ابو فاعور في الكثير من سياسته وحزبه. يمكن الاختلاف معه في ملفات وقضايا شائكة. لكن كيف يمكن ادانة وانتقاد رفعه الصوت تنديدا، وحتى لو تشهيرا، بالاستهتار بسلامتنا وسلامة من نحب؟
كيف يمكن ان نحيل كل قضايانا الى التأجيل تحت عناوين وشعارات ممجوجة عن الظرف والتوقيت والاولويات "في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ وطننا"، وهي "مرحلة" عمرها من عمر هذا الوطن.
قبل ابو فاعور استهجن كثر اصرار وزير جديّ آخر هو زياد بارود على السلامة العامة. سالوا الم يبقى عندنا مشاكل سوى حزام الامان وضبط السرعة لنلتزم بهما؟ وها هي ارواح الناس تُزهق على الطرقات وتسجل حوادث السير تزايدا سنة بعد سنة. ويفوق اعداد هذه الحوادث سنويا اعداد من يُقتلون لاسباب امنية.
صحيح ان جزءا من الدولة معلق على حبال الحلول السياسية للمنطقة ونزاعاتها وصراعاتها. لكن صحيح ايضا، ان جزءا من هذه الدولة هو في يومياتنا كمواطنين، نأكل ونشرب ونستخدم الهاتف والكهرباء ووسائل النقل. نتوجه الى مدارسنا وجامعاتنا واعمالنا. نحتكم الى القضاء في خلافاتنا، ونلجأ الى وسائل الاعلام للاطلاع على الوقائع والاحداث. ولنا الحق في ان تؤمن لنا تلك الخدمات بشفافية ودقة تحفظ كرامتنا الانسانية كما سلامتنا البشرية.
احدث ابو فاعور صدمة. المهم الا ييأس او يستسلم، فيقفل هذا الملف ويقفل معه الباب على الامل بشفائنا وشفاء غذائنا من امراض كثيرة.
احيانا يفترض ان "يكون الدواء اشد مرارة من المرض"، ولو اضافت هذه العبارة حزنا على حزن اميل بيطار. الا انه لا شك سيرتاح، حيث هو، ان تمكن الدواء المر من شفاء الجسم اللبناني، ولو لمرة، من احد امراضه "الاخلاقية" المستعصية.
 

  • شارك الخبر