hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ايلي الفرزلي

«سوكلين» لم تسقط.. وإن سقط احتكارها

السبت ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٤ - 06:55

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

سقط احتكار شركة «سوكلين»، أو لمزيد من الحيطة، اتخذ القرار بكسر احتكارها، بعدما بلغت سن الرشد. ولدت «سوكلين» في العام 1996، كحل طارئ لمشكلة النفايات التي كانت تتكدس في بيروت. خمس سنوات صارت 18 والمؤقت صار أصيلاً. وبدل رفع النفايات من مدينة بيروت، انتشرت آليات الشركة فطالت ضواحي العاصمة، ثم معظم جبل لبنان وصولاً إلى زغرتا في الشمال. مع كل توسع كانت أطنان النفايات تزداد، فتنشط «حسّابة» الشركة التي صارت أقوى من الذي تعاقد معها، وصار العقد الموقع معها سراً من أسرار الدولة لسنوات طويلة.
أما من كان يجرؤ على طلب كشف السر، فما كان ينال سوى الخيبة. ظل السر عصياً على الكشف حتى العام 2010. حينها لقي التجديد للشركة معارضة شديدة داخل مجلس الوزراء، وبعد جهد أفرج عن العقد: نحو 140 دولاراً بدل الطن الواحد من النفايات. وللعلم، يؤكد أكثر من متخصص في المجال أن هذا المبلغ هو الأكبر في العالم، علماً أنه يمكن أن ينخفض إلى النصف، خاصة أن الكلفة التي كانت تدفع تشمل المعدات، بحيث تسدد كلفتها خلال فترة العقد (خمس سنوات). ما حصل أن لبنان سدد ثمن المعدات أربع مرات أو يزيد!
وليمر التجديد، كانت التسوية التي قدمها الرئيس سعد الحريري تقضي بتخفيض قيمة العقد. وبالرغم من أن التجديد صار أمراً واقعاً، إلا أن التخفيض لم يصل إلى بر الأمان، بعد اعتراض رئيس مجموعة «افيردا» القابضة (شركتا «سوكلين» و«سوكومي») ميسرة سكر على الإجازة لمجلس الإنماء والإعمار فسخ العقد ساعة يشاء، شرط إبلاغ القرار قبل ستة أشهر.
التعاقد مع المجموعة كان منذ البداية مخالفاً للقانون. إذ أن مجلس الإنماء والإنماء وقع العقود، بالرغم من أنه ليس ذا صلاحية، ومع ذلك فإن المخالفة الأكبر تكمن في قراره الدفع للشركة من الصندوق البلدي المستقل ومن دون الرجوع إلى صاحب الأموال، أي البلديات.
مع الوقت، صارت البلديات، وهي الجهة الوحيدة المعنية بأعمال النظافة والجمع، مستفيدة من الأمر الواقع. فالدولة هي التي تدفع لـ«سوكلين»، وبالرغم من أن الأموال هي نظرياً ديون على البلديات، إلا أن الواقع جعل هذه الديون معدومة.
ملايين الدولارات بعثرت على قطاع لم يعرف عنه إلا الفوضى. فلا الفرز كان يتم بشكل شامل ولا المعالجة كانت تجري بشكل سليم، أما مطمر الناعمة فلم يكن إلا مصدراً خصباً لغاز الميثان والسرطانات.. وما يزال.
صار الجميع يسأل: ما سر هذه الشركة التي لا تقهر؟ لم يكن الجواب يوماً سياسياً. يحكى أن صاحب الشركة استطاع أن يمد جسور الوفاق مع كل الكتل بدون استثناء. صحيح أنه محسوب على الحريرية، لكن من يتابع نشاطه يؤكد أنه أذكى من أن يدخل في زواريب السياسة، وهو القادر على كسب الجميع في صفه. وهو نفسه الذي لم يتردد، على سبيل المثال، في تقديم خدمات الكنس والجمع مكرمة لإحدى المدن المحسوبة سياسياً على أحد قادة «8 آذار».. ومن دون مقابل.
في 17 كانون الثاني 2015، ينتهي العقد الموقع مع «افيردا». ولأول مرة في تاريخ الشركة، تجد نفسها أمام حكومة يتفق أطرافها، المختلفون سياسياً على إقفال ملف احتكارها.
مع ذلك، ليست الشركة ممنوعة من المشاركة في المناقصة التي تحضّر. وهذا كفيل بإعطائها الأفضلية على سواها. كما أن الأموال الطائلة التي حصّلتها من دون احترام العقد الموقع معها، خاصة لناحية الفرز والمعالجة، لن يسأل أحد عنها. وعليه، يجزم وزير سابق أن «سوكلين» لن تخرج من الملعب، فهي قادرة بالشبكة التي بنتها في لبنان، على العودة من الشباك إذا أخرجت من الباب، وإن بمسميات أخرى. في المقابل، يقول خبير بيئي إن من تخلى عن «سوكلين» عينه على الحلول محلها، مؤكداً أن احتكار الشركة، سينتهي لتحل محله احتكارات طائفية ومناطقية، خاصة أن عدداً من السياسيين، بدأ بفتح قنوات مع شركات عالمية، تحضيراً للمناقصة المنتظرة.
يؤكد كثر أن الأولوية يجب أن تكون اليوم لتحضير دفتر شروط يركز على أولوية اعتماد تقنيات حديثة في فرز النفايات ومعالجتها وتسبيخها. كما يؤكد خبير بيئي أن الأهم من التقنيات وقبل البحث عن شركات جديدة، يجب أن يتركز على إيجاد استراتيجية وطنية شاملة تضع تصوراً واضحاً لكيفية التعامل مع النفايات تبدأ من المنازل. كما يأمل الخبير البيئي أن لا يكون قرار مجلس الوزراء المتعلق بتكليف وزارة البيئة البدء بتعميم ثقافة الفرز أو التحضير لاستراتيجية طويلة الأمد لإدارة النفايات الصلبة، مجرد حبر على ورق، كما كان يحصل خلال كل السنوات السابقة.
المدى الزمني للمناقصات والتلزيم ينتهي في 1 نيسان 2015. عندها يفترض أن تكون الشركات الجديدة قد أخذت مكانها على خارطة النفايات الجديدة. إلى ذلك الحين أعطى مجلس الوزراء لنفسه حق تمديد عقدي سوكلين وسوكومي، كما أعطى لنفسه حق تأخير إقفال مطمر الناعمة إلى ذلك الحين أيضاً، بعدما كان قرر إقفاله في 17/1/2015.

  • شارك الخبر