hit counter script

أخبار محليّة

ريفي حاور طلاب الكسليك: لا خيار لدينا إلا إنجاح تجربة العيش معا

الجمعة ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 17:18

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

التقى وزير العدل أشرف ريفي، طلاب الحقوق في جامعة الروح القدس - الكسليك، والأساتذة، خلال ندوة حوارية حملت عنوان "دور القضاء في حماية العيش المشترك"، نظمها مركز حقوق الإنسان في كلية الحقوق في الجامعة، في حضور رئيس الجامعة الأب هادي محفوظ، عميد الكلية المنظمة الأب طلال هاشم، والوفد المرافق لريفي.

بعد النشيد الوطني، ألقى محفوظ كلمة ترحيبية أعرب فيها عن "فخر الجامعة وسرورها باستقبال الوزير ريفي"، منوها بأهمية هذا اللقاء الذي يجمعه بطلاب الجامعة.

ثم تحدث هاشم الذي أشاد بالسيرة الذاتية لريفي، "فهي سيرة المؤسسات ورجالات الدولة، فأنتم إبن طرابلس، طرابلس العاصمة والتاريخ والحضارة والعلماء، طرابلس التي رفضتم أن يموت فيها العيش المشترك. لم ننس تأكيدكم أن التعدي على المسيحيين وطقوسهم هو تعدٍ على سماحة الإسلام وعلى ألف وأربع مئة عام من تعايش المسيحية والإسلام".

وبعد مداخلة من الدكتورة دارينا صليبا أبي شديد التي عرفت بالسيرة الذاتية لريفي وبشخصيته وتأثيرها على الساحة السياسية في لبنان، ألقى ريفي كلمة قال في مستهلها: "آتي الى جامعة الروح القدس في الكسليك، فأشعر بأنني بين أهلي من الرهبان الاجلاء والاساتذة والطلاب الكرام. فهذا الصرح التربوي والثقافي العريق، كان وما زال إحدى منارات العلم والفكر، التي خرجت اجيالا نفخر بها. فهذا الصرح عبر دائما عن التزام قيم لبنان، الوطن الفريد بتنوعه على كل الصعد. فشكرا لإدارة جامعة الروح القدس، وللطلاب على اتاحة الفرصة لي أن أكون بينكم اليوم".

وأضاف: "كما كنت في حياتي العسكرية، وكما أنا في موقعي اليوم، أقول الحقائق كما هي، وأعالج المشكلات بجذرية، كذلك انا اليوم معكم، أطمح لأن يكون هذا اللقاء حوارا من القلب الى القلب. كيف لا ونحن جميعا الآن في جامعة الروح القدس، في كسروان، التي هي في القلب، في جبل لبنان الذي كان منذ عام 1920، تاريخ تأسيس لبنان الكبير، الذي أوصانا البطريرك الكبير المؤسس الياس الحويك بحفظه، مسلمين ومسيحيين، الوطن الحاضن للطاقات الانسانية اللامحدودة، التي ميزت حضوره في هذه المنطقة من العالم . قد يبدو الكلام في الفترة الصعبة التي نعيشها، عن الدستور والقانون، وسلامة عمل المؤسسات، ودور القضاء في حماية العيش المشترك، من قبيل البحث بنتائج الازمة، لا بأسبابها".

وتابع: "لا أبالغ اذا قلت إن هناك من يدفع بنا الى أزمة أكثر خطورة، هي أزمة الشك بأنفسنا أولا، وبوطننا ثانيا، أزمة الشك بأننا نعيش في وطن، هويته وكيانيته قيد الدرس، حدوده وسيادته وجهة نظر، هيبته ومكانته وموقعه ودوره، مجرد هوامش، يتلاعب فيها هذا الطرف الإقليمي أوذاك. لا أبالغ اذا قلت أننا نخوض أقسى وأصعب معركة، في تاريخ لبنان الحديث، معركة بين خيار الدولة والمؤسسات، والايمان بحتمية العيش الواحد بين أبناء الوطن، بكرامة ومساواة، وبين خيار مدمر، لا يرى في هذه الارض المقدسة، الا ساحة للجهاد والجهاد المضاد لتحقيق سياسات النفوذ الاقليمية، التي لم ننجح وللاسف يوما في كبحها، على الرغم من أننا بذلنا الكثير، وقدمنا الدماء والدموع والآلام. في تاريخنا الحديث، ولد للبنان أول دستور في العام 1926 ، وكان الميثاق الوطني في العام 1943، وكان اتفاق الطائف في العام 1989، ختمنا به جراح الحرب".

وتوجه ريفي "الى فوق، الى بكركي بالتحية، الى بطريرك الاستقلال الثاني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، الذي تحمل ما تحمل كي يولد هذا الاتفاق، وأضم صوتي الى صوت البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، رفضا للمؤتمر التأسيسي وللمثالثة، وتمسكا بالمناصفة والعيش المشترك".

واستذكر كلام "البابا العظيم يوحنا بولس الثاني، الذي وصف لبنان بأنه وطن الرسالة. انه بالفعل وطن الرسالة والتلاقي والتفاعل في هذا الشرق. انه القدوة لعالم أكثر سلاما وتسامحا. انه رسالة انفتاح ومحبة، لا اعتقد ان احدا مهما علا شأنه، قادر على ان يختمها بالشمع الأحمر. لقد أوصانا البابا يوحنا بهذه الرسالة، التي لم تكن موجهة فقط للمسيحيين، بل كانت لكل مسلم ومسيحي يؤمن بلبنان وطنا للانسان. وبالتالي فمن مسؤوليتنا جميعا أن نكون على قدر هذه المسؤولية في حفظ هذه الرسالة-الوصية، وصون لبنان من العواصف الآتية".

وتوجه الى الطلاب: "أنظر في وجوهكم، فلا أرى فيها إلا وجوه ابنائي الاربعة. قلقي عليهم ومتابعتي لحياتهم ومستقبلهم، هي نفسها المشاعر التي أكنها لكل شاب لبناني وشابة، في السعي الدائم الى مستقبل أفضل، في وطن يليق بالاجيال القادمة. لقد عشنا مآسي الحرب التي لم تكن فقط للأسف مجرد حرب آخرين على أرضنا. الحرب هي أصعب ما يمكن أن يمر به إنسان وشعب ووطن".

وأكد أنه "بعد كل هذه التجارب الصعبة اخترنا العيش معا، واعتقد ان لا خيار لدينا الا انجاح هذه التجربة الفريدة، لأن أي خيار آخر، يعني الذهاب الى الفوضى والعنف والهجرة والموت والدمار. وأنا على ثقة بأن الشباب اللبناني سيعي مسؤولية الحفاظ على وطنه، باختياره نموذج العلم والمعرفة، ونبذ التطرف، والالتزام بالدفاع عن لبنان، بوجه من يحاولون تقويض دولته ومؤسساته وانسانه. ان اختيارنا العيش معا، يعكس رغبة أغلبية اللبنانيين بالحياة الآمنة. يعكس توقهم للسلام الدائم، ورفضهم للغة العنف والموت والتطرف".

واردف: "أحمل اليكم من طرابلس قلعة لبنان أولا، ومالئة ساحات ثورة الارز، أطيب التحية. بالامس عاشت طرابلس التي أفخر بأنني ولدت وعشت فيها، وعاش الشمال، أزمة كبرى كادت أن تتحول الى مأساة وطنية. وكان للاعتدال كلمته الحاسمة، فاحتضننا المؤسسات ورفضنا الذهاب الى الفوضى، وكان ان استطاع الجيش اللبناني حسم الوضع. هذه الخلايا التي كانت تسعى الى الرد بالعنف، على عنف سياسي وأمني آخر مورس على شكل اغتيالات لكبار قادتنا، كما مورس ضد عاصمتنا بيروت وضد الجبل، كما على عنف عبر الحدود، وذهب الى سوريا يقاتل دعما لنظام استبدادي. لقد قلت سابقا أن ارهابين لا يبنيان وطنا".

وختم: "أنا أكررها اليوم : لا لإرهاب أنظمة الاستبداد، ولا للارهاب الناتج عنه. هذين الارهابين وجهان لعملة واحدة. في ظل ما نعيشه اليوم لا بد من العودة الى مفهوم بناء الدولة الحقيقية. نعم لاستعادة سيادة الدولة اللبنانية على أرضها، وليسقط كل سلاح غير شرعي، ولتسقط دعوات الامن الذاتي، ولتكن بندقية الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الشرعية، وحدها على الحدود وفي الداخل،ونعم لإجراء الانتخابات الرئاسية اليوم قبل الغد، وليرفرف العلم اللبناني وحده على هذه الأرض، ولنبن هذا الوطن بأيدينا، فإن لم يبنِ رب البيت فعبثا يتعب البناؤون".

ثم ترك المجال للحوار، مبديا استعداده لأن يضع تجربته في وزارة العدل، كما التجربة السابقة في قيادة قوى الأمن الداخلي، في تصرف الطلاب، "كي نستخلص معا، سبل حماية عيشنا الواحد، وحماية بلدنا".

وأدار النقاش القاضي جاد الهاشم الذي قال: "أتينا سوية بأحلك وأصعب الظروف، في وقت اعتقد فيه البعض أو خيل له أن باستطاعته العبث بالعيش المشترك والانقلاب على صيغة الوفاق. إيمانكم العميق بلبنان التنوع، لبنان الرسالة، يجعل من حضوركم حضور الأقوياء والجمع يعلم اليوم أن حواركم حوار الأقوياء".

وردا على سؤال عن المخدرات الرقمية، الموضوع المستجد عند اللبنانيين، أجاب ريفي بأنه تم إرسال قضاة لمتابعة دورات في الخارج حول المخدرات الرقمية التي هي مخدرات سمعية وليست مخدرات كيميائية ولا نباتية، إذ يضع المدمن في أذنيه وسائل سمع موصولة بجهاز كومبيوتر تبث صوتين مختلفين وتضعه في حالة نشوة وتخدير تاركة تأثيرا نفسيا عليه وتجعله عرضة لبعض أنواعٍ من النوبات. وخلال الأيام المقبلة، سنقوم بحملة إعلامية للتوعية على هذه الظاهرة بهدف تحصين الشعب وحماية الأطفال والشباب، إضافة إلى حملة قمع ولإتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من هذه الآفة، وفتح تحقيق بهذه العملية لإغلاق جميع المواقع الإلكترونية التي تبث هذا النوع من الأصوات".

وفي موضوع حجب الأحكام النهائية للقضايا المتعلقة بالسلم الأهلي، الأمر الذي من شأنه التأثير سلبا في ثقة الشعب بالسلطة القضائية، شدد ريفي على أنه "بعد 30 سنة من الوجود السوري في لبنان الذي كان مسيطرا على جميع السلطات أكانت قضائية، أمنية أو إدارية، يقع على عاتقنا تحد يقضي بإزالة جميع آثار هذا الوجود الذي يحتاج إلى وقت طويل".

وأشاد بالجسم القضائي اللبناني على الصعيد المهني والوطني والأخلاقي. وقال: "عند استلامي هذه الوزارة، ركزت على أولويتين هما تسريع الأحكام وفق المهل الزمنية وعدم تركها في الأدراج، إضافة إلى ملف السجون. نعمل، اليوم، على إرساء دينامية في القضاء بالتعاون مع أجهزة القضاء الأعلى من أجل تسريع المحاكمات وعدم ترك أي ملف وضع في الأدراج بسبب خوف معين أو نتيجة لضغوط من بعض الأطراف. وأعد جميع اللبنانيين أن هذه الدينامية كفيلة بإخراج الملفات المنسية كلها ومعالجتها بجرأة. وكما واجهنا الخلايا الإرهابية في الساحة، خصوصا في معركة نهر البارد، سنواجههم أيضا في القضاء بطريقة تحترم حقوق الإنسان وأسس المحاكمة العادلة والدفاع المشروع".

وسأله أحد الطلاب: "هل يستطيع القضاء اللبناني إتخاد قرارات حاسمة ضد التطرف الإرهابي وخطره وبالتالي القيام بما لم يستطع التحالف الدولي القيام به حتى الآن؟
فأجاب: "لا علاقة لداعش وأخواتها ومثيلاتها بالدين الإسلامي نهائيا، الذي هو دين تسامح ومحبة وقبول وتعايش مع الآخر وليس دين إنعزال ومقاتلة الآخر فالله وحده الديان ولا يحق لأيٍ كان يحاسب الإنسان على إختياراته. وكنت أول من هاجم داعش في كلمتي خلال عيد الجيش في العام المنصرم. هناك شبهة حول تركيبة تنظيم داعش وتكوينه ومهماته. فمن حاكم فتح الإسلام له الجرأة لمحاكمة داعش وأتعهد أمام الجميع، أننا نملك الجرأة للبت في أي ملف يحال أمام القضاء اللبناني. فكما يملك الجيش والأجهزة الأمنية الجرأة لمحاربة الإرهاب في الميدان نحن نملكها لإكمال مهمتهم أمام القضاء من دون أي خوف أو تردد.

وأكد أن "لا خوف على هذا البلد من أي تنظيم طالما نقف جنبا إلى جنب موحدين للدفاع عن لبنان. فداعش لن كون لا في جونيه ولا في طرابلس ولا في صيدا ولا في أي منطقة أخرى من لبنان".

وشدد ريفي على "أن التمييز الطائفي بين المواطنين يهز أساس وحدة البلد واستقراره. هذا السلوك غير مقبول. وعلى المدارس أن تساوي بين الجميع من دون أي تفرقة".

وعن قضية العسكريين المخطوفين، قال: "إن هذا الموضوع حساس. وأنا عضو في الحكومة وفي خلية الأزمة التي تتابع هذا الملف. اتفقنا على عدم الإفصاح كثيرا عنه في وسائل الإعلام ومع الأهل حسنا لسير عمل هذه القضية. ونحن نتفهم مشاعر الأهل ومواقفهم وتحركاتهم. القضية بين أيد أمينة على مستوى الحكومة، ولم يوفر أي جهد على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي".

وهل هناك خطة إنمائية في طرابلس بعد رصد الحكومة 30 مليار ليرة لبنانية للمعنيين، قال ريفي "إن هناك أمرين أساسيين يؤديان إلى التطرف هما الاستبداد والفقر، فكيف إذا اجتمعا معا في مدينة مثل طرابلس؟"، لافتا إلى أنه طرح على مجلس الوزراء إقامة مشاريع ترميم وتحسين وضع على مستويين: ضرورة إعمار ما تهدم وتعويض المتضررين، وتنمية اقتصادية للمدينة تؤمن عيشا كريما وتوفر فرص عمل".

وفي الختام قدم الأب هاشم للوزير ريفي ميدالية العام 25 لتأسيس كلية الحقوق. ثم أقيم غداء في المناسبة على شرفه والوفد المرافق. 

  • شارك الخبر