hit counter script

أخبار محليّة

المجلس الشيعي واصل احياء مراسم عاشوراء

الجمعة ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 13:34

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

جرى إحياء الليلة السادسة من محرم، برعاية نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، في قاعة الوحدة الوطنية في مقر المجلس، في حضور حشد من علماء الدين وشخصيات سياسية وقضائية وعسكرية وتربوية وثقافية واجتماعية ومواطنين.

عرف بالمناسبة الشيخ علي الغول، وتلا المقرئ أنور مهدي آيات من الذكر الحكيم.

وألقى نائب رئيس "جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية" الشيخ الدكتور عبد الرحمن عماش كلمة استهلها بقوله تعالى: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا". ولقد أكرم الله ال بيت النبي الأعظم بمنزلة عظيمة فكانوا للناس مصابيح هداية، يضيئون وسط ظلام الفتن، ويذودون عن حياض الشريعة الغراء باللسان والسنان، قائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يخافون في سبيل الله لومة لائم. وها نحن اليوم نستذكر مصابا عظيما ألم بهذه الأمة، ألا وهو استشهاد حب رسول الله وريحانته، سيدنا الشهيد السعيد أبي عبد الله الحسين. إن ما حصل لسيدنا الحسين هو سنة الله في الدعاة إلى دينه، فهذا سيدنا يدعو قومه إلى ما فيه خيرهم وصلاح دنياهم واخرتهم، يدعوهم إلى عبادة الله الواحد، وترك إلاشراك به تسعمائة وخمسين سنة، فيضرب بالحجارة ويشدخ رأسه بالصخر حتى يحمل مغشيا عليه ولا يؤمن به إلا نحو ثمانين شخصا، وسيدنا إبراهيم يرمى في النيران، والنار تكون بردا وسلاما عليه، وسيدنا يحيى يقطع رأسه، وسيدنا زكريا ينشر بالمنشار، وسيدنا موسى يكيد له الطاغية فرعون وينكل بمن امن به، وسيدنا عيسى يتآمرون عليه ويعزمون على صلبه ولكن الله أنقذه منهم، وها هو خير الخلق محمد يبعث في قوم يعبدون الأصنام والأوثان، فيدلهم على ما فيه فلاحهم وخلاصهم ويقول لهم "قولوا لا إله إلا الله تفلحوا" فيرمى بالحجارة حتى يسيل الدم من قدميه الطاهرتين، ويقتل ال ياسر لإيمانهم بمحمد، ويضرب بلال وسط الصحراء ويوضع الصخر على صدره وهو يقول: "أحد أحد". ويخرج المؤمنون من ديارهم، وتدك بيوتهم وتسلب أموالهم، وفي غزوة أحد، يقتل عم رسول الله سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ويقتلع كبده من جسده. نعم إنها سنة الله في الدعاة إلى دينه، وليعلم أن من ناصر الحق، وكان في صفه ومعه هو المنصور حقا، وإن ظلم وقتل، وإن نكل به ولو قطع أجزاء صغيرة، فهو الرابح الفائز على الحقيقة، وأن من جانب الحق وعادى أهله هو الخاسر المخذول".

وتابع: "لقد أراد الحسين ان يكون من الذين يصلحون ما أفسد الناس بعد رسول الله فخرج يطلب الحق ويناصره، فجد في رفع قواعد بناها جده رسول الله، ولم يكن يريد دنيا زائلة، وإنما كان كأبيه إمام الحق علي بن أبي طالب يريد الآخرة، وهو يعلم أن ما عند الله خير وأبقى. فكانت الدنيا لمن سعى لها وكانت الآخرة لأهل بيت رسول الله، قد علم النبي أن الحسين سيموت قتلا، وذلك أن ملك القطر ملك المطر ميكائيل استأذن ربه ذات يوم أن يزور سيدنا محمدا، فبينما هو جالس معه قال الرسول لأم سلمة أن تحفظ عليهم الباب، وأن لا يدخل عليهما أحد، فهجم الحسين من دون انتباه منها، فدخل والتزم النبي، فضمه النبي، فقال له الملك ميكائيل: أتحبه. قال: نعم. قال: "إن أمتك ستقتله وإن شئت أريك التربة التي سيقتل عندها"، فمد يده من المكان الذي هو فيه فأحضر تربة حمراء من كربلاء، فأخذته أم سلمة وصرته في خرقة. إنه الحسين الذي حينما استشهد كانوا لا يرفعون حجرا إلا ووجدوا تحته دما، وبكت عليه الملائكة بكاء حقيقيا".

ورأى ان "يوم عاشوراء أي يوم العاشر من محرم مليء بالعبر والدروس المستقاة من الحوادث التي وقعت في هذا اليوم. فيه تاب الله على نبيه ادم، وفيه نجى نوحا وأنزله من السفينة محفوفا بالنصر، وفيه أنقذ الله سيدنا إبراهيم، وفيه رد الله يوسف على يعقوب، وفيه أظهر موسى على فرعون وفلق له ولبني إسرائيل البحر، وفيه أخرج يونس من بطن الحوت، وكشف ضر أيوب، وفيه حصلت غزوة ذات الرقاع. وفي يوم عاشوراء في يوم الجمعة سنة إحدى وستين للهجرة وقعت الفاجعة التي ألمت بالمسلمين باستشهاد أبي عبد الله الحسين ابن الإمام علي ابن بنت رسول الله فاطمة الزهراء، على أيدي فئة ظالمة. مات الحسين شهيدا وهو ابن ست وخمسين سنة وهو الذي قال فيه جده وفي أخيه: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة". رواه الترمذي وأحمد والطبراني. وقال صلى الله عليه وسلم: "حسين مني وأنا من حسين" أي محبتي له كاملة. ولما قتل الحسين ظهرت النجوم في النهار، وبكت عليه السماء والأرض، وبكت عليه الملائكة البكاء الحقيقي".

وقال: "الحسين أراد الحق وتمسك به واستشهد دفاعا عنه. الحسين واجه الظلم والظالمين وسار على درب العدل واستشهد دفاعا عنه. وإن من أبرز ما نتعلمه من مدرسة الحسين مواجهة الظلم والتمسك بقول الحق فالحق يعلو ولا يعلى عليه، والحق أحق أن يتبع. وما أحوجنا في هذا الزمن المليء بالفتن والمحن أن نتعلم من الإمام الحسين دروس الحق والعدالة، دروس الشجاعة والإباء والإقدام، دروس التضحية والعطاء وبذل الغالي والنفيس، دروس الصبر بأنواعه، الصبر على أداء الواجب، والصبر على البلاء، والصبر عما حرم الله. لقد كان لأهل البيت بين الصحابة المرتبة الرفيعة في الشرف والعلم والمحبة والتعظيم. فسيدنا علي كان أقضى الصحابة بشهادة الخليفة عمر بن الخطاب الذي كان يقول: علي أقضانا. وكان يسأله في المسائل المعضلة ويقول: نعوذ بالله من مشكلة ليس لها أبو حسن. فكان أبو الحسن يجيبه بلسان العالم المتمكن. لقد كان هؤلاء الأكابر متحابين في الله محبة عظيمة. حتى إن سيدنا الإمام عليا سمى أبناءه من غير فاطمة أبابكر وعمر وعثمان الأكبر وعثمان الأصغر، وزوج ابنته أم كلثوم من الخليفة عمر، وقال: وإني لأرجو أن أكون وعثمان من الذين قال الله فيهم: ونزعنا ما في قلوبهم من غل". وهكذا كان السابقون الأولون بإحسان على هذا المنهج في محبة أهل البيت والاقتداء بهم في أمر دينهم في العقيدة والأحكام".

اضاف :"كلمات الإمام علي سطرها علماء أهل السنة في كتبهم بماء الذهب يستنيرون بها. أذكر منها بعض كلماته في التوحيد والتنزيه، قوله: "كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان"، أي أن الله تعالى كان موجودا في الأزل بلا بداية، كان قبل وجود المكان بلا مكان، وهو الآن بعد أن أوجد المكان موجود بلا مكان. والإمام علي هو القائل: "إن الله تعالى خلق العرش إظهارا لقدرته ولم يتخذه مكانا لذاته"، فقد كان منزها لله عن أن يكون متصفا بصفة من صفات الخلق كالجلوس والاستقرار والحجم والجهة والانتقال من مكان إلى اخر. وهذا من أصول عقائد المسلمين التي لا خلاف بينهم عليها. وحين ناظر سيدنا علي أجداد الصهاينة المجسمة أفحمهم بقوله: من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود. وهو الذي قال لليهودي الذي سأله كيف الله: إن الذي كيف الكيف لا يقال له كيف، فقال له صدقت، ثم سأله أين الله، فأجاب: إن الذي أين الأين لا يقال له أين، فقال له: صدقت وأشهد أن هذه الإجابة موجودة في التوراة. وهذا سيدنا جعفر الصادق ابن محمد الباقر يقول: من زعم أن الله في شيء أو على شيء أو من شيء فقد أشرك، إذ لو كان في شيء لكان محصورا ولو كان على شيء لكان محمولا ولو كان من شيء لكان محدثا. وكذلك سيدنا زين العابدين السجاد علي بن الحسينِ بنِ علي القائل في الصحيفة السجادية عن الله عز وجل: "لا تحس ولا تجس ولا تمس"، لأن الله تعالى ليس جسما كثيفا كالإنسان والأرض والحجر والشجر، وليس جسما لطيفا كالهواء والضوء والظلام والروح والريح. وهو القائل أيضا: "سبحانك أنت الله لا يحويك مكان". وكل هذا التنزيه مأخوذ من قول الله تعالى: "ليس كمثله شيء".

وتابع :"نلتقي في هذه الأيام وقد تعاظمت الفتن واشتدت البلايا وانكشفت مخططات الأعداء ضد الامة، وظهرت مساعي ضرب لبنان في جبهته الداخلية، وإدخاله في الفوضى والضياع، وإثارة الفتنة بين المسلمين، وشق الصف الداخلي. كما أطل التطرف وأهله بكل صفاقة وهمجية وإرهاب يدمرون ويقتلون ويستبيحون الأعراض ويرتكبون المجازر متسترين بالإسلام والإسلام بريء من أفعالهم السوداء. وإزاء هذا الوضع الخطير نكرر دعوتنا إلى وأد الفتنة، ومعالجة الأسباب والنتائج بالحكمة والحنكة وبعد النظر، وقطع الطريق أمام المصطادين في الماء العكر. ونكرر الدعوة إلى أقصى درجات الوعي والتنبه لإحباط أهداف من يقف وراء هذه الفتن"، داعيا "القيادات والقوى السياسية إلى الحوار والتعقل والسعي للمصلحة الوطنية".

اضاف :"نسأل الله أن يرسخ محبة أهل البيت ومحبة الحسين في قلوبنا، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ومن أهل الصبر والتمسك بالحق إنه على كل شيء قدير. نسأل الله أن يوحد صفوف الأمة وأن يجمعنا على الحق، وأن يمحق التطرف وأهله، ونسأله أن يحفظ وطننا الغالي لبنان من الفتن والشرور، وأن يعيد علينا هذه المناسبة بالعزة والنصر والسؤدد".

وفي الختام تلا السيد نصرات قشاقش السيرة الحسينية والشيخ علي فقيه زيارة الامام الحسين.

  • شارك الخبر