hit counter script

أخبار محليّة

السيد فضل الله: الخطاب المتشنج يجذب البعض إلى أتون الفتنة

الجمعة ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 12:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله. ولبلوغ التقوى، علينا الاقتداء بتلك النماذج الطيبة من أصحاب الحسين، الذين قال فيهم الإمام: "لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي". ونشير هنا إلى موقف واحد من المواقف العزيزة، وهو موقف أبي تمامة الصائدي، يوم عاشوراء، حين كانت المعركة على أشدها، فقد جاء هذا الصحابي إلى الحسين قائلا: "نفسي لك الفداء، إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، لا والله لا تقتل حتى أقتل دونك، إن شاء الله، وأخضب بدمي، وأحب أن ألقى ربي وقد صليت معك هذه الصلاة، وقد دنا وقت الصلاة"، فقال له الإمام الحسين: "ذكرت الصلاة، جعلك الله من المصلين، هذا أوان وقتها"، وصلى الحسين في قلب المعركة، وكانت السهام والرماح تنهال عليه. إذا أردنا أن نعرف سر عاشوراء؛ سر قوتها، سر حيويتها، سر استمرارها، سر حضورها في العقول والقلوب، فإننا نجده في هذا الحب والعشق الرسالي لله سبحانه وتعالى، الذي جعل الإمام وأبناءه وأصحابه يقفون بين يديه للصلاة في قلب المعركة. وأي حب أسمى من هذا الحب؟! وأي شوق أشد من هذا الشوق؟ فلنتعلم من كربلاء درس الصلاة؛ درس الحب لله، وحب اللقاء به. فلتكن الصلاة أكبر همنا، وصمام الأمان لنا في الدنيا كما الآخرة، فبها نواجه الصعوبات والتحديات، وهي كثيرة".

واضاف: "البداية من لبنان، الذي كشفت فيه الأحداث الأخيرة في طرابلس ومحيطها وغيرها من المناطق، مدى الاستهداف الذي يتعرض له هذا البلد من الداخل، والذي يأتي مترافقا ومترابطا مع استهداف الخارج، مما كانت تداعياته خطيرة، لولا وعي اللبنانيين، وتضحيات الجيش اللبناني، وسهر القوى الأمنية وحضورها".

واعتبر ان "ما جرى بات يحتم على اللبنانيين، وأكثر من أي وقت مضى، المزيد من التكاتف والتواصل، ورص الصفوف، والكف عن إطلاق الخطابات التوتيرية والسجالات، وعن تسجيل النقاط على بعضهم البعض، وإلقاء الاتهامات جزافا، والحديث عن استهداف لهذه الطائفة أو تلك، ولعبة شد العصب".

ورأى أن "الخطاب المتشنج الذي يصدر عن مواقع سياسية أو دينية، يساهم في اجتذاب البعض إلى أتون الفتنة، وإذا استمر هذا الخطاب، فإنه سيسمح بدخول الآخرين على الخط، وسيساهم في حدوث جولات عنف جديدة".

ودعا "كل القيادات الواعية والمؤثرة إلى تحمل مسؤولياتها في تعزيز الخطاب الواعي والوحدوي؛ الخطاب الذي يجمع ولا يفرق، والذي لا يجعل مشكلة هذا المذهب والدين والموقع السياسي، هو المذهب الآخر، والدين الآخر، والموقع السياسي الآخر، بل ينبغي أن تكون مشكلة الجميع، هي كل الذين يريدون العبث بوحدة الوطن واستقراره وأمنه، انطلاقا من آفاقهم الضيقة، ومنطقهم الإلغائي والإقصائي، وكل الذين يريدون إبقاء لبنان ساحة لتصفية الحسابات، ولا يريدون له الاستقرار والازدهار".

وأكد ان "على الدولة أن لا تكتفي بالمعالجة الأمنية، رغم الحاجة إليها، بل لا بد من أن تواكبها بمعالجة اجتماعية واقتصادية وإنمائية وتربوية.. فالعلاج الأمني لوحده، قد يرتد سلبا، وقد يكون لمصلحة من أشعلوا النيران في المدينة، إن لم يواكب بتلك المعالجات".

وتابع: "يبقى جرح مخطوفي الجيش اللبناني نازفا، وتستمر معاناة أهاليهم، في ظل التعقيد في معالجة هذا الملف، نظرا إلى تزايد مطالب الخاطفين ومماطلتهم، الأمر الذي يتطلب من الدولة الجدية في اجتراح الحلول التي تجنب البلد تجرع الكأس المرة".

وكرر الدعوة الى "الأهالي، الذين نعيش آلامهم، ونتحسس خوفهم على أولادهم، ولا سيما في ظل الضغط النفسي الكبير الذي يمارسه الخاطفون، إلى الصبر. ونحن نراهن دائما على وعيهم، وعلى أن يستحضروا عنفوان أبنائهم في كل تحركاتهم؛ هؤلاء الذين نذروا أنفسهم لخدمة وطنهم، والتضحية لأجله".

وتابع: "إلى البحرين، حيث كنا ننتظر من الحكومة فيه الإسراع في إقامة حوار جدي، يساهم في تحقيق الاستقرار في هذا البلد، كبديل عن أية خطوات تصعيدية، تساهم في تأزيم الأمور، وتدفع التطرف إلى الأمام، والتي كان آخرها تعليق عمل جمعية الوفاق الإسلامية لمدة ثلاثة أشهر".

وأمل أن "يكون قرار وزير العدل البحريني، بتجميد الحكم القضائي الصادر، إزاء تعليق عمل حركة الوفاق، خطوة إيجابية في إعادة رسم علاقة جديدة إيجابية بين الدولة ومكون أساسي من مكوناتها، بما يساهم في إخراج البحرين من أزمته، ليعود إلى لعب دوره الريادي، وليكون معلما من معالم الوحدة الإسلامية والوطنية".

واضاف: "أما تونس، فإننا ننظر بارتياح إلى مسار لعبة الديموقراطية فيها، ونحن نقدر لحركة النهضة الإسلامية قبولها بنتائج الانتخابات، في الوقت الذي كان يراهن الكثيرون على أن يحدث في هذا البلد ما حدث في بلدان أخرى، ونريد لتونس أن تقدم أنموذجا في سلمية الدولة، كما قدمت أنموذجا في سلمية الثورة".

وتابع : "نصل إلى سوريا، التي لا تزال تعاني الاستهداف الداخلي والخارجي، واستمرار نزيف الدم والدمار فيها، لنؤكد أننا مع كل دعوة تساهم في الحوار بين كل مكونات هذا البلد، حفظا لقوته، وللطاقات العربية والإسلامية، وحفظا للبنان، الذي يتأثر واقعه بما يجري هناك، ولأن لا سبيل للخروج من الأزمة في سوريا إلا بالحوار".

وختم: "إلى فلسطين، حيث يتمادى العدو الصهيوني في سياسته الاستيطانية المنظمة في محيط القدس والضفة الغربية، وحصاره لغزة، وأعماله العدوانية، في ظل استمرار استهداف مستوطنيه وجيش الاحتلال للمسجد الأقصى بشكل متواصل، وكان آخر أعماله، إقفال هذا المسجد، كمقدمة للسيطرة عليه، تحت عنوان تقسيمه زمانيا ومكانيا. إن هذا الواقع الخطر يستدعي عملا جادا من الدول العربية والإسلامية، لمواجهة هذه الهجمة الشرسة، ويتطلب موقفا من الدول التي أقامت علاقات مع هذا الكيان، بدلا من التلهي بصراعات طائفية ومذهبية، ليمر المشروع الصهيوني في فلسطين والقدس، وليبقى العدو هو الأقوى. أيها العرب، أيها المسلمون، اخرجوا من انقسامكم وتمزقكم، وعودوا إلى إسلامكم؛ إسلام الوحدة.. وإلى أديانكم؛ أديان الرحمة والمحبة.. وإلى عروبتكم؛ عروبة النخوة والحمية، لحفظ البلاد والأعراض".
 

  • شارك الخبر