hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

ندوة في جامعة الروح القدس عن تاريخ الأيزيدية ومعتقداتهم

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 15:42

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

نظم مركز دراسات الأقليات في الشرق الأوسط التابع لجامعة الروح القدس - الكسليك، ندوة خاصة عن موضوعي: "الأيزيدية في التاريخ، والفرمانات (حملات الإبادة) التي تعرضوا لها"، مع أستاذ التاريخ في جامعة دهوك وعضو لجنة جمع وتوثيق النصوص الدينية للديانة الأيزيدية الدكتور سعيد خديده علو، و"الأيزيدية والأقليات الدينية العراقية بعد داعش، رؤيا مستقبلية"، مع مدير إعلام جامعة دهوك والمختص في شؤون الأقليات في العراق خضر دوملي، في حضور النائب فريد الخازن وعدد من الآباء المدبرين في الرهبانية اللبنانية المارونية، إضافة إلى حشد من الأساتذة والطلاب.

أدار الندوة نائب رئيس الجامعة للأبحاث الأب يوحنا عقيقي الذي قال: "للسنة الثانية على تأسيس مركز دراسات الأقليات في الشرق الأوسط، نلتقي وفي جعبتنا أكثر من سؤال، وأكثر من غصة على وضع اجتماعي جيوسياسي بات ينذر بالكارثة، وبتغيير جذري على خريطة التعايش بين الأديان والأعراق في منطقة أقل ما يقال عنها إنها مهد الحضارات الأولى والديانات التوحيدية".

وأضاف: "إذا كانت مهمتنا الأساسية، في مركز دراسات الأقليات في الشرق الأوسط، البحث في خصوصيات إنسانية، إثنية، ثقافية، وتوثيق ما خلفته من علامات مميزة في هذا الجزء من القارة الآسيوية، فلتأكيد ديمومة التمايز في عصر العولمة الجارفة، وأهمية ضخ الحياة باستمرار في الهويات المتناثرة على رقعة المعمورة، مهما استبدت بها القوى العظمى وآلمها طغيان خليفة الشر الباذر حقدا، وعنفا، وتكفيرا، وموتا، وتدميرا لكل اختلاف".

وتساءل عقيقي: "من هم الأيزيديون؟ ما هي معتقداتهم؟ نظامهم الاجتماعي والحياتي؟ ما هي التحديات المصيرية التي تعرضوا ويتعرضون لها؟" مقدما قليل من التعريف العلمي عن الأيزيدية، ليعطي بعدها الكلام للمحاضرين ليتوسعا أكثر في موضوع الندوة.

ثم حاضر خديده علو فعرف أولا بالديانة الأيزيدية: "هي ديانة كوردية قديمة كتب عنها في كثير من الكتب، التي نعمل على جمعها وحمايتها من التلف والتشويه، والأيزيدية ديانة طبيعية في كينونتها ولها فلسفة خاصة عن الله والخير والشر، تقول بأن الله واحد والأيزيديين هم من أتباع الله. من أهم المحرمات في هذه الديانة البصق بوجه الإنسان وبالنار لأنها أحد عناصر الكون الأساسية الذي خلقه الله. أما المكان الأصلي للأيزيديين فهو كردستان العراق، إلا أنهم توزعوا في مناطق عدة، وخصوصا في ألمانيا وجورجيا وروسيا حيث يحظون بتمثيل سياسي في البرلمان".

ثم عرض سياسة الدولة العثمانية حيال الأيزيديين بين عامي 1809 و1876، وقال: "كانت ترسل الحملات العسكرية ضدهم، وتهجرهم من بيوتهم، وترهبهم، وتبيع نساءهم وتستعبدهن، وتقتل شيوخهم، وتهدم قراهم، وتسلبهم وتنهبهم. أما أسباب تلك الحملات فهي سياسية-اقتصادية بهدف الإستيلاء على الثروات، لحماية الطرق التجارية".

واعتبر أن "التاريخ يعيد نفسه، فأهل سنجار قتلوا بالرماح من الدولة العثمانية، أما اليوم فهم يقتلون بأسلحة متطورة من الدولة الإسلامية، فهناك 3000 مختطف وآلاف الفتيات اللواتي اغتصبن على يد عناصر من الدولة الإسلامية".

وأضاف: "تعرض الأيزيديون للكثير من الإبادات الجماعية، خصوصا في القرن السابع عشر وحتى القرن العشرين، فنزحوا وتهجروا من مساكنهم. واتهمتهم الحكومات العراقية المتعاقبة بأنهم عباد شيطان".

وقدم دوملي في مستهل محاضرته توطئة عن أقليات العراق. وأشار إلى أن العراق "يعتبر واحدا من البلدان المهمة في الشرق الأوسط التي تحتضن الكثير من الأقليات الدينية والاثنية والقومية منذ آلاف السنين، وهم يعدون من أبناء السكان الاصيلين لوادي الرافدين - ميزوبوتاميا، مثل المسيحيين والكلدان والاشوريين والارمن والسريان، الأيزيدية، الكاكائية أو يارسان، البهائية والصابئة المندائية، الشبك والتركمان، وأصحاب البشرة السوداء وسابقا اليهود، يمتد حضورهم في هذه البلاد لمئات السنين قبل انتشار الاسلام، وينتشرون في شمال ووسط وجنوب العراق، وغالبيتهم الآن على الشريط الممتد على الحدود الجنوبية لكوردستان أو المحاذي حاليا لإقليم كوردستان العراق، حيث يعيش غالبيتهم هناك اليوم".

ورأى أن "حضور الأقليات في المشهد العراقي شهد موجات كبيرة من الحملات والهجمات والتغيرات الجذرية في الموقع الجغرافي، وفي الممارسة ضدهم، في ما يتعلق بمحاولات أو حملات لطمس الهوية والتشويه المتعمد وغير المتعمد، أو الإهمال في الاهتمام بهم لأنهم كانوا على الغالب غير مقبولين من الأغلبية، على مستويات عدة، وفي مراحل تاريخية، ليصل بهم الوضع في الوقت الحالي ليشهد البلاد موجات نزوح مستمرة بالآلاف، وموجات هجرة لترك البلاد دون توقف منذ بدايات التسعينات من القرن الماضي، لتشهد الآن موجات نزوح وهجرة جماعية ومستمرة، ألحقت ضررا كبيرا في وجودهم وموقعهم، فتغير الطابع الديموغرافي لمناطقهم، وخصوصا بعد ربيع 2003".

وأكد أنه "بعد وصول الأوضاع إلى أسوأ ما هي عليه، تشهد مدن وبلدان محافظة نينوى - الموصل، منذ سيطرة داعش عليها، تغيرا مستمرا في خريطتها السياسية والدينية، ونزوحا مستمرا للأقليات، وقتلا مستمرا للأيزيدية وهجرة المسيحيين، وقد تضاءل الأمل بالمستقبل في العراق، ولخص أحد ناشطي المجتمع المدني الوضع بالقول: "حتى لو وضعوا دبابة أمام بيتي لتحرسني لن أبقى في هذا البلد لأنهم لا يريدوننا بينهم".

وأكد "أن ممارسات تنظيم داعش ضد الأيزيدية التي فاقت كل التصوارت، أسفرت عن ممارسات بعيدة عن القيم الانسانية تمثلت بالاغتصاب لفتيات قاصرات وسبي نساء وفتيات وبيعهن للمسلحين، وأسلمة المئات عنوة، وارتكاب مجازر جماعية كما حصل في قرية قنى مهركا بقتل واعدام اكثر من ثمانين شخصا امام انظار ذويهم في الثالث من شهر آب 2014".

وختم: "إن الآفاق المستقبلية لواقع الأقليات في العراق بشكل عام لا يشير إلى تقدم ملموس وراسخ، فمنذ إحدى عشرة سنة كان أبناء الأقليات يتصورون ان زمن التهميش والاقصاء والاساءة إلى مبادئهم الدينية سينتهي، ولكن اكتشفوا ان تلك المبادىء وذلك الاقصاء قد اخذ صورا أخرى تتمثل في الإقرار عن مصيرهم نيابة عنهم، وليس هناك الى الآن أي خطط وسياسات واضحة في كيفية التعامل مع التعددية الدينية والقومية، كما ان الواقع المستقبلي للأقليات في الجانب الآخر أو في ضوء آفاق قريبة المدى يشوبه المخاطر في ضوء هجرة الآلاف من المسيحيين والأيزيدية تحديدا".

واختتمت الندوة بنقاش شارك فيه الحاضرون.
 

  • شارك الخبر