hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

احياء الليلة الخامسة من عاشوراء في المجلس الشيعي

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 13:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أحيا المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الليلة الخامسة من محرم في قاعة الوحدة الوطنية في مقره، برعاية نائب رئيس المجلس الشيخ عبد الأمير قبلان، في حضور حشد من علماء الدين وشخصيات سياسية وقضائية وعسكرية وتربوية وثقافية واجتماعية ومواطنين.

عرف بالمناسبة الشيخ علي الغول وتلا المقرئ أنور مهدي آيات من الذكر الحكيم.

وألقى رئيس اللجنة الاسقفية للحوار الاسلامي - المسيحي الأب الدكتور أنطوان ضو كلمة بعنوان "من عاشوراء التاريخ الى عاشوراء اللحظة" استهلها بالقول: "عاشوراء التاريخ ومساحتها كربلاء وعاشوراء اللحظة ومساحتها العالم كله يلتقيان حول مفهوم الفداء والخلاص. ثورة الحسين هي ثورة روحية لكل زمان ومكان ودعوة الى تجاوز التاريخ الدامي وهول المأساة والآلام والأحزان والبكاء والنحيب للعبور الى عالم الغفران والمصالحة والمودة الذي ينتظره العالم من أحباء الحسين. عاشوراء هي إحياء القيم الإنسانية والالهية والأخلاقية والاجتماعية والحضارية في عالمنا من أجل خدمة الانسان وقضاياه الواحدة وتفهم همومه ومشاكله وتطلعاته، وتحمل المسؤولية في صنع السلام الحقيقي العالمي القائم على العدل، مسيرة الحسين من مكة الى الكوفة، بالرغم من نصح احبائه له بعدم الذهاب الى هناك لئلا يقتل، هي مسيرة أخلاقية بالدرجة الأولى من أجل نصرة الحق والفضيلة وإصلاح الأمة: "وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي، اريد أن آمر بالمعروف وانهي عن المنكر واسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب".إذا كان الحسين لا يطالب بالسلطة فانه لا يتنازل أبدا عن المعارضة والمقاومة". هو لم يمت في سبيل ذاته بل في سبيل الآخرين. لقد نذر نفسه للشهادة وضحى بنفسه وأهله وبكل شيء من أجل رفع الظلم والدفاع عن القيم الإنسانية الصافية الخالية من أي غرض. الشهادة عنده هي الجود بالنفس وبذل الذات في سبيل الآخرين. "ما من حب أعظم من هذا وهو أن يبذل الانسان نفسه عن أحبائه". والشهادة بالمعنى الروحي هي مسيرة إنسانية دائمة نحو الله لتحرير النفس من ذنوبها والمجتمع من الظلم والاستبداد والاستغلال والقهر والتطرف والإرهاب، وانصاف المظلوم، والإصلاح والنهوض والتجديد والتغيير والتقدم".

اضاف :"الامام الحسين يمثل في قيمه ومبادئه وتضحياته جوهر الإنسانية. فالتضحية بالحياة من اجل الفداء الذي هو أعلى قمم العطاء. والمقاومة التي هي انقضاض على الباطل والبغي والظلم والاحتلال وعلى العدو المغتصب ومشروعه العنصري وشرذمة عصابات القتلة الإرهابيين في بلادنا هي حق وواجب. ثورة كربلاء لا يحدها زمان ومكان. فهي ليست ذكرى في مفهومنا الروحي انما هي ثورة على النفس لتطهيرها بالتوبة ودعوة الى التجرد عن "الأنا" والتخلي عن مظاهر الدنيا الفانية من أجل الترهب لمحبة الله والتي لا تنفصل أبدا عن محبة الإنسان. كربلاء موجودة في القلوب وحيث الفقراء والمظلومون والمضطهدون والمقهورون والضعفاء والمرضى والايتام والمهجرون والمقاومون والجياع واهل الضواحي الفقراء وضاحيتنا المحروسة من الله.انها حلم المقهورين للخلاص من قهرهم، لاهوت اللحظة وفقه اللحظة هو فكر نير لتقريب الناس في عصرنا الى الله الخالق المحب والمخلص من خلال ثقافتهم ودينهم وعلومهم وابداعهم وتقدمهم لتحريرهم من أسر الماضي وظلامه وعيوبه وخطاياه وكفره والتأكيد ان الله حاضر وفاعل في كل زمان ومكان. وهو يحبنا اليوم كما أحب الذين سبقونا. والروح الحي والمحيي ينير طريقنا لعيش ديننا اليوم والتعبير عنه بلغتنا المعاصرة وفننا وابداعنا. وعدم تكرار ما فهمه الآخرون وعملوه. صحيح أننا ننهل من كتبنا المنزلة ومن تراثنا الأصيل ونحن أبناء التاريخ وورثته. انما الله يطالبنا اليوم بتجديد خطابنا الديني وبالاجتهاد والتفسير العلمي والتأويل. ان الله سيحاسبنا على ما فعلناه في زماننا وما نفعله في كل لحظة لكي نكون من صانعي التاريخ مؤكدين ان الروح حاضر فينا دوما، وهو يدعونا بإلحاح الى أن نكون شهودا حقيقيين في عالم اليوم لحضور الله واولويته بالنسبة لنا ومحبته وعبادته لنيل رضاه".

وتابع :"عاشوراء اللحظة دعوة إلى المحبة والتعالي على الجراح والتفكر بخلاص الإنسانية والمراجعة والنقد والتوبة والتسامح والغفران والمصالحة وتطهير النفس. وهي عمل مشترك بين الجميع لإحياء القيم الإنسانية والإلهية والأخلاقية والاجتماعية والحضارية في عالمنا، لأنّ قضايا الإنسان المعاصر هي واحدة وهمومه ومشاكله وتطلعاته وآماله واحدة. علينا استحضار الحسين إلى زماننا وبلادنا وعصرنا لكي نقدمه إلى عالم اليوم في ضوء لاهوت اللحظة وفقه اللحظة وليا ونعبر له عن حبنا بلغتنا ومظاهر حياتنا المعاصرة، ونقل الحسين من التاريخ إلى العالم والعولمة رجاء وحبا وفرحا. الحسين لا يخص الشيعة فقط إنما هو للانسانية جمعاء. إنه يستهوي القلوب ويجسد قيما إنسانية سامية كما هو رمز للبطولة والشهادة والتضحية والعطاء. اتركونا نحبه بطريقتنا المعاصرة كما أحبه أجدادنا بطريقتهم الخاصة".

وقال :"عاشوراء دعوة مسكونية إلى المسلمين لكي يعيشوا الوحدة في ما بينهم وبخاصة في هذه الظروف الحرجة، ونداء إلى المسيحيين والمسلمين لكي يتعاونوا بين بعضهم البعض ومع جميع الناس من أجل بناء عالم إنساني حقيقي يستطيع جميع الناس أن يحيوا بعضهم مع بعض بكرامة وحرية. وان نوزع فيه خيرات الأرض توزيعا عادلا، وحل النزاعات والخلافات بالحوار ووقف الحروب المدمرة. ان العلاقات الإيجابية بين المسيحيين والمسلمين نابعة من الله خالق الجميع ومخلص الجميع، وبسبب وجود منزلة خاصة من الحميمية والثقة بينهم لا توجد بين أديان أخرى. لذلك، تطوير هذه العلاقات وتحويلها إلى صيغة تلاق وتواصل وتفاهم وعيش واحد حضاري. مستقبل العالم يتوقف على قدرة المسيحيين والمسلمين أن يعيشوا معا بمودة وسلام ولا سيما في هذه الظروف الراهنة".

اضاف :"الوحدة الإسلامية المسكونية لن تتحقق إلا بالتواصل والتحاور والتفاهم والتوافق وإبداء المرونة لتعزيز الوحدة الإسلامية -الإسلامية والإسلامية -المسيحية. والعيش الواحد بين المتنوعين هو الطريق الأسلم لوقف الفتن وتعزيز الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية الإنسانية الشاملة. إنّ ثقافة المحبة هي ما يحتاجها عالمنا على الصعيد الفردي والاجتماعي والوطني والديني والثقافي والحضاري والكوني من أجل نبذ العنف الفكري والكلامي والجسدي والتنبه إلى عدم استغلال الدين لبرامج سياسية وأغراض اقتصادية، وان لا تسبب خلافاتنا الكراهية والعنف والفتن بيننا".

وتابع :"عاشوراء بالنسبة الى المسيحيين هي اللقاء بين كربلاء والجلجلة، عاشوراء وآلام المسيح مظهر ثقافي جامع مشاركة المسيحيين في عاشوراء هي تكريم للتضحية والفداء والمتشابهات في حياة المسيح والحسين. لقد شارك المسيحيون عبر تاريخهم في عاشوراء وفي المواكب الحسينية حتى أنهم أسسوا فرقا دعيت مواكب حسينية لتعميق الإخاء والمحبة والعيش معا بسلام.الحسين هو قريب جدا على قلوب المسيحيين. وفي حياته سمات عدة في المضحي لله والموت في سبيل الله. ويدعونا في ليالي عاشوراء إلى الشهادة من دون خوف ولو أدى ذلك إلى الاستشهاد. لتكن عاشوراء مدخلا للارتقاء الى فقه اللخطة الذي هو الطريق الحضاري لتجديد العالم الاسلامي واسترجاع وحدة المسلمين. اذا كان الإسلام في بداياته قد سعى الى إقامة مجتمع مختلف ومتقدم فان المسلمين اليوم لديهم القدرة على بناء مجتمع يكونون فيه شركاء فاعلين في صنع العولمة واقامة الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة".

وقال :"المسلم عليه ان يعتبر نفسه منتميا الى عالم انساني واحد، الناس فيه متساوون مع جميع افراده بالانسانية بحسب قول الإمام علي في رسالته الى الأشتر:" واشعر قلبك الرحمة لله، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم اكلهم، فان الناس صنفان : اخ لك في الدين او نظيرٌ لك في الخلق". اما اذا شئتم ان تحكموا الناس فاسمعوا ما يقوله لكم القرآن الكريم: ان الإنجيل فيه هدى ونور "وليحكم اهل الإنجيل بما انزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون"(المادة47)".

وختم بما يقوله الإمام علي :"لو ثنيت لي الوسادة لحكمت في اهل التوراة بتوراتهم، وفي اهل الإنجيل بإنجيلهم، وفي اهل القرآن بقرآنهم، حتى تركت كل كتاب ينطق بنفسه".

وفي الختام، تلا السيد نصرات قشاقش السيرة الحسينية، والشيخ علي فقيه زيارة الامام الحسين.
 

  • شارك الخبر