hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - الياس قطار

صحوةٌ مسيحيّة "مقنّعة" في زمن التمديد

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 01:58

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بين مسرحيّة “صحّ النوم” والحراك المسيحي الأخير على خطّي الرئاسة والتمديد قواسمُ مشتركة رهيبة. فعداك عن أنهما مسرحيّتان للأولى نهاية فيما تنتظر الثانية خاتمةً يبدو أنها بعيدة أقله في فصل رئاسة الجمهورية متى تمّ حسم الفصل النيابي بالتمديد، يليق عنوان العمل الفني بحراك المرحلة الذي يبدو أشبه بصحوةٍ مسيحيّة متأخرة هي ليست في الحقيقة “استفاقة نوعية” بقدر ما هي “رفع عتب” بعدما ضرب من ضرب وهرب من هرب.
اليوم وقد أصبح التمديد واقعاً لا مناص منه وهو ما أقرّ به الرئيس نبيه برّي أمس بعد أسابيع من المكابرة “المقنّعة”، وقد أصبح الملفّ الرئاسي مطويًا الى أجل غير مسمّى، أتى حراك الكتائب على جبهتي معراب أمس الأول والرابية أمس ليرسي اتفاق الكتل المسيحية الثلاث الكبرى على “تسويغات” واضحةٍ لما ستحمله المرحلة المقبلة على جبهة تمرير التمديد بتوفير النصاب ولكن بالتصويت ضدّه، وتمرير محاولات سحب تنازلاتٍ لإنهاء الشغور رغم قناعة أبطال الحراك بأن هذا الشغور لا يمكن أن ينتهي بمجرّد سحب سمير جعجع ترشيحه أو نزول ميشال عون الى البرلمان أو إقدام أمين الجميل على بقّ البحصة وإعلان ترشيحه رسميًا... يعلم هؤلاء أن كلّ تلك التنازلات الافتراضية ومتى تحققت على صعوبتها قد تبدو سطحيّة أمام غياب الاتفاق الإقليمي على انتخاب رئيس أولاً وعلى اسم الرئيس ثانياً.

“هزار بهزار”
كعادتهم يعشق الكتائبيّون أن يحدثوا “زوبعة” ما في اللحظات الأخيرة. وكأني بسامي الجميل هذه المرة لا والده أراد أن يثبت صيت التمايز الذائع عن الكتائب رغم أن الحزب يرفض التحدّث عن صحوةٍ مفاجئة باعتبار أنه كان من أوائل المتحرّكين ما قبل وقوع الشغور ومبادرة الرئيس الجميل ما زالت حيّة وصالحة حتى اليوم وزياراته الانفتاحية منذ أشهر خير شاهد. ومع ذلك، يُجمِع الكثيرون على أن زيارة الجميل الابن الى معراب والرابية بعدها لم تكن ذا طعمٍ أو لونٍ من حيث المفاعيل خصوصًا أنها لن تُحدِث أي فجوةٍ لا في جدار الشغور ولا في جدار التمديد الواقع. “إنه حزب الكتائب. إن لم يفعل ما فعله لا يكون الكتائب. حتى في الزيارات مبدأ المناصفة حاضر، فبعد معراب لا بدّ من الرابية وفي المكانين “هزار بهزار” تقول مصادر نيابية في 8 آذار لـ”صدى البلد”. وحده النائب إيلي ماروني بدا واقعيًا عندما أقرّ بأن الأفق الرئاسي مسدود وبأن التمديد واقعٌ رغم رفض الكتائب له واتجاهه الى التصويت ضدّه.

سلاحٌ في وجه المعيّرين
حتمًا هو ليس رفض البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مباركة التمديد الذي هزّ المسيحيين ودفعهم الى تكثيف لقاءاتهم قبيل انتهاء عمر المجلس الحالي، ولا هي عصاه التي رفعها في وجههم أمس من أستراليا. ففي الرابية، وعلى ما علمت “صدى البلد” همسٌ وتلميحاتٌ الى “جنى” الزيارة الأخيرة لكلّ من جعجع والجميل الى السعودية، لا بل حديثٌ عن زيارةٍ غير معلنة الى قطر عاد بعدها القطبان المسيحيان بموقفيْن أكثر جلاءً إزاء التمديد: الحضور لكن التصويت ضدّه من دون الإلماح حتى الى إمكانية الطعن. هنا بيت قصيد الرابية وسلاحها الذي تتمسّك به في مواجهة من سيعيّرها بنزول نوابها هي الأخرى الى البرلمان لتوفير النصاب. فبالنسبة اليها سيكون النصاب مؤمنًا معها ومن دونها، كما وأنها تجرؤ على بحث خيار الطعن وهو ما أعلنه العماد ميشال عون صراحةً أخيراً أمام مقرّبيه وأبناء تياره وقواعده من دون أن يحسم الموضوع شفوياً مكتفياً بوضع الطعن في صدارة الخيارات التي سيتبناها التيار في مرحلة ما بعد التمديد أولاً لقناعته برفض التمديد وبضرورة إجراء الانتخابات حتى ولو على قانون سيفرز المجلس نفسه، وثانياً لحفظ ماء وجهه أمام من سيسأله: لمَ طعنت في المرة الأولى ولن تطعن هذه المرة؟

سامي... جزءٌ من مسار
بالنسبة الى بكفيا وعلى ما تؤكد مصادرها لـ”صدى البلد” فإن “الحراك الكتائبي الأخير ليس صحوة بل موعده منذ ما قبل الانتخابات الأخيرة حيث كان الكتائب يطالب بالتوافق على قانون انتخابي حديث يضمن صحّة التمثيل. ما قام به سامي الجميل هو جزءٌ من مسار كان أطلقه الرئيس أمين الذي زار أيضًا الرابية ضمن مبادرته. في حزبنا ليست هناك خطوطٌ حمر أو متاريس، فمتى كانت الجمهورية في خطر لا يعود الخلاف السياسي قادرًا على إفساد الودّ في القضية”. ولكن بمَ قد يفيد ذلك طالما أن الشغور الرئاسي سيستمر والتمديد آتٍ. أين يُصرَف تحرّككم؟ تجيب المصادر: “قرار توجّهنا الى مجلس النواب لم يُتخذ بعد القرار النهائي في شأنه ولكن هناك قراراً ثابتاً في شأن التمديد إذ نرفضه ولا يمكن أن نتجاوز حدود الوكالة التي أعطيت للشعب، أما إذا كان التمديد سيقع رغمًا عن الجميع فلا حول ولا قوة”. هاتان الزيارتان (الى معراب والرابية) في أيّ خانةٍ يمكن وضعهما انطلاقاً من ملفي الانتخابات الرئاسية والنيابية؟ تتلقف المصادر: “نضعهما في خانة الرئاسية لأنه إذا ما حللنا المشكلة الأم تُحلّ باقي المشاكل. فبالنسبة الينا المعضلة في انتخابات رئاسة الجمهورية وإذا ما تمّت هذه الانتخابات يصبح التمديد من الماضي ونتفق على مهلة زمنية محددة يُصار خلالها الى التحضير لانتخاباتٍ نيابية”. وتعليقاً على ممازحة الجميل بقوله إنه حاول إقناع الجنرال بالنزول الى الجلسة من دون أن ينجح علّقت المصادر: “من يدري، ربما حاول الجنرال أيضًا إقناعه بانتخابه ولم ينجح أيضًا”.

تمويهاتٌ لإرضاء بكركي
لا تعوّل الرابية كثيرًا على مثل هذا الحراك ولا تقزّمه من باب الانفتاح على الجميع ولكن ما يتسرّب عنها يشي بأن “الزيارة كانت عادية وغير مثمرة ولا تحرّك قيد أنملة في الجمودين الرئاسي والنيابي”. هناك، يبدو الحديث عن مسرحيّة مسيحيّة الرابية مستثناة منها واضحًا خصوصًا أن الجميع يحاول اليوم بتمويهاتٍ ومناوراتٍ إرضاء بكركي التي رفض سيدها مباركة التمديد وبالتالي نزع الغطاء عن جميع المكوّنات المسيحية الذاهبة الى التمديد سواء حضوراً أم تصويتاً. وحده خيار الطعن يحدو الرابية الى استثناء نفسها من هذه المناورات على حدّ توصيف ناسها، علمًا أن التسليم فيها بالتمديد بات واضحًا منذ أشهر ولكن كان لا بدّ من الانتظار لينطق بها العماد نفسه لدى خروجه من عين التينة بعدما أخذ الكلمة النهائيّة من رئيسها نبيه برّي وعلم أن لا أفق نهائيًا لأي انتخاباتٍ في موعدها لا بل قرأ برّي على مسمعه لائحة الموجبات الأمنية والقانونية والميثاقية من دون أن يقنعه. هذا على مستوى التيار-الكتائب، أما بالنسبة الى القواتيين فلا حاجة الى الكثير من الحديث والغوص خصوصًا أن الموقف النهائي لم يرتسم بعد في معراب رغم اعتراض رئيسها على أيّ تمديد وتأكيده أنه أكبر غشّ. علمًا أن الموقف الذي تتجه القوات الى اتخاذه لن يكون مخالفاً لنظيره الكتائبي القائم على التمهيد للتمديد بذكاء بعدم التعطيل وعدم منحه الثقة.

حينها فقط سيفكرون جدياً...
لعبها بري بذكاء أمس. منح الأمل الأخير لانتخاب رئيس يومًا واحدًا قبيل انتهاء صلاحية المجلس النيابي والدخول في شغورين. لن يسمح برّي بذلك، فالدعوة الى جلسةٍ لمناقشة التمديد أبصرت النور والتئامها لن يتأخر أكثر من أسبوع. الى حينها، يستمتع ممثلو الشارع المسيحيّون بلقاءاتٍ وابتساماتٍ وعناقاتٍ من باب التنفيس وكسب الودّ مجدداً خصوصًا أن المجلس سيجمعهم أنفسهم 31 شهراً إضافياً وسيكون عليهم التفكير جدياً هذه المرة في انتخاب الرئيس خصوصًا متى تمّ التمديد ولم يبطله لا طعنٌ ولا “من يحزنون”.

"صدى البلد"

  • شارك الخبر