hit counter script

مقالات مختارة - غسان حجار

لبيك يا إعلان!

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 06:43

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

في ظل ما يحصل في الشمال من جماعة "جبهة النصرة" المعتدلة والاقرب الى الحوار، وفق وصف البعض لها، والتهديدات للعسكريين المخطوفين بذبحهم، ربما "وفق الشريعة ذبح حلال"، يصبح الكلام على كل امر آخر، ضرباً من الرفاه ومن إضاعة الوقت، لأن الوطن كله امام خطر السقوط في التجربة وتالياً الضياع.

لكن قرقعة السلاح يجب الا تنسينا الملفات الاخرى الصاخبة، والتي يمكن ان تقود من حيث يدري البعض، او لا يدري، الى اضاعة البلد هوية ورؤية ودوراً، وربما كياناً.
موضوع كسر الاحتكارات التجارية الذي قام قبل سنوات قليلة لم يكن هدفه خدمة الناس الفقراء، وجعل الاستيراد مباحاً لهم لخفض الاسعار، بل هدف الى نقل الاحتكارات والوكالات التي قامت في زمن المارونية السياسية، وانتقلت جزئياً الى سنية سياسية مع دخول رأس المال الخليجي الى قطاعات خدماتية واسعة في لبنان، وخصوصاً عالم المصارف، وصولاً الى محاولات نقل البلد بحركته، الاقتصادية كما الامنية والسياسية، الى ما بات يعرف بالشيعية السياسية. ما يحصل اليوم في ملف الاحصاءات والاعلانات مشابه تماما، على رغم ان محطة "الجديد" التي تقود الحملة، لا تفوح من ادارتها اي رائحة مذهبية، وهذا اكيد. الا ان داعمي الحملة والمشرفين عليها، ومنهم المتفرجون ايضا، يدركون تماما ان الصراع القائم، اذا حقق النتائج المرجوة منه، سيقضي على "الاحتكار الاعلاني" الذي تقوده بشكل واسع "مجموعة شويري"، لمصلحة شركات شيعية ناشئة تخطط لكي ترث المجموعة الاكبر والاقوى، لا لانتماء اصحابها الى طائفة معينة، وانما لكفاية الذي اسسها وقادها الراحل انطوان شويري وورثته.
والتفرج في هذه الحالة اخطر من الانخراط في المعركة، لأنه ينمّ عن خطة ذكية يمكن ان تحصد نتائجها من دون توريط اطراف معنيين بها، والا لاتخذت البعد المذهبي الطائفي. اما خسائرها وفشلها ان حصلت، فتقع على متصدرها، وهو هنا "الجديد".
ومعالجة الملف لا تنطلق من مصالح مع "شويري غروب" او مع شركة "ايبسوس" لاستطلاعات الآراء، والتي شكلت واجهة للمعركة الحقيقية على الاعلان، (علما ان "ايبسوس" تقوم بعملها بشكل جيد، وان امكن تسجيل ملاحظات عليه) وانما من رؤية لما يخطط له منذ زمن. فقد ادى عمل منظم ومدروس الى كسر احتكارات كبيرة بفعل الواقع، وليس بالقانون. فما يهرّب عبر المرفأ والمطار تحت عناوين مختلفة، ويدخل الى الاسواق بأسعار مخفضة، اذ لا يخضع لأي رسوم وضرائب، يؤدي بطريقة غير مباشرة، الى كسر الاحتكار، بل الاسوأ الى ضرب مؤسسات كبيرة وعريقة تشغل ابناء مئات العائلات لديها، ودفعها تاليا الى الاقفال نتيجة المضاربة غير المشروعة، مما يجعل قوى التهريب، وهي قوى الامر الواقع، تمسك بالاسواق شيئا فشيئا.
انه الانقلاب على لبنان القديم، لبنان صيغة الـ 1943، وتحديدا على لبنان المارونية السياسية الذي قضى منذ زمن بفعل الموارنة انفسهم.
 

  • شارك الخبر