hit counter script
شريط الأحداث

خاص - ابراهيم درويش

منير كسرواني يخلد التراث بمتحف شعبي

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 05:59

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لأن الانتماء الى الأرض ليس بالشعارات، ولأن الاصالة ليست حنينا لفظيا، بل ممارسة وفعل، ولأن علاقته بالأرض لا تختلف عن علاقته بشبابته التي ينفخ فيها حكايا الماضي الدافئة، يطل الفنان الكبير منير كسرواني ضيفاً على الحاضر، مؤكداً انتماءه الى ذلك الزمن الجميل.
ببزة رسمية أطل كسرواني الاحد الماضي، فناناً متمدناً، ليعلن افتتاح "متحف منير اسعد كسرواني الشعبي" في قريته الجنوبية "العيشية". وعلى باب الكنيسة التي استضافت حشود المشاركين في حفل الافتتاح من اهل قرية وزائرين من مناطق بعيدة، وقف كسرواني يستقبل الاهل والأصدقاء، بلباقته المعهودة.
بدأ الاحتفال، الذي حضره فعاليات سياسية وشعبية واجتماعية وفنية، في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف بالنشيد الوطني اللبناني، تلاه دبكة فولكلورية لبنانية لفرقة شادي ايوب.وكانت كلمة راعي الحفل رئيس مجلس الجنوب للاعمار الدكتور قبلان قبلان، الذي شبّه كسرواني ب"السنديانة الخضراء"، مشدداً على "انه رمز من رموز الثقافة والتراث"، واذ استذكر قبلان "دور الامام الصدر في ارساء فكر التعايش والتقارب"، شدد على اهمية التمسك بهذا الفكر الذي دحر اسرائيل بفضل تكاتف اللبنانيين والجنوبيين خصوصاً".
بعدها كانت كلمة الحركة الثقافية في لبنان، الذي تلاها الممثل نعمة بدوي باسم رئيس الحركة بلال شرارة ولفت الى ان "منير استرسل في شخصية القروي البسيط اللامع الذي يلاعب الاطفال في حين ويحكي للكبار سير الاوائل"، لافتاً الى ان "منير تميّز بأنه شعبي قروي بامتياز، الى درجة حسبه اهل القرى منهم، وهو لم يبخل عليهم بعطاءاته الى ان افتتح متحفا يحفظ فيه التراث، فجاء علامة ثقافية نادرة نشتم فيها عرق العمال ورائحة الاوائل الخيرة، وهي بفضل امثال منير ستبقى وستطور، ومن هنا ندعو الى تعميم ثقافة المتاحف في كل القرى اللبنانية".
ثم كانت قصيدة للشاعر علي قانصوه، الذي جسد بكلمات بسيطة، بساطة حياة الاوائل، من العمل في الحقل والبيدر، الى المأكل والمشرب والملبس، والتكاتف والتضامن بين ابناء القرية الواحدة، الذين كانوا اشبه بعائلة كبيرة".
بعدها تحدث كسرواني، الذي ما ان سار حتى المنبر حتى شاهد الجمهور في تفاصيل وجهه، وفلتات كلامه، تاريخاً يلملم سنينه ويرحل على عجل... شاكراً جميع من ساهم في انشاء هذا المتحف الشعبي، موضحاً ان "الهدف من هذا المتحف هو ابقاء التراث حياً في ذاكرة الشباب". داعياً "جميع القادرين الى اغناء هذا المتحف بالقطع الاثرية، والى عدم التردد في مشاركتها مع جميع الناس".
بعدها جال الحاضرون على المتحف التراثي.                                                                                                      
هناك، عبر قنطرة من الصخر القديم، تنزل على الادراج المزادنة بعشب أخضر شق طريقه بين صمائها، حتى تصل الى تلك الباحة الصغيرة، التي يتوسطها "كرْكي مع برادها"، وليس بعيداً عنها، يستفرد ذلك الشلال الاصطناعي برقصة عذبة مع المياه التي تتدرج فوق اهدابه نزولاً في لوحة عشق عذرية، وعلى بعد امتار قليلة، يقبع ذلك البئر الصغير الذي تخاله للوهلة الاولى حقيقياً.
على جدران واعمدة الباحة الحميمة، مجموعة صور تختصر حقبات مختلفة، من الأسود والأبيض الى عصر الصورة الرقمية الملونة، لا يمكن الا ان تتوقف عندها ملياً، قبل ان تدخل الى الغرف الثلاث التي تحتوي على ما تيّسر من أوان قديمة، ومستلزمات زارعة وصيد وتخزين وتموين وطهو، وانارة، ومذياع وآلات موسيقية قديمة، فضلاً عن وثائق قديمة التي احتفظ بها كسرواني، ليعرضها في متحفه.
كما لم يفت منير كسرواني الأمين على تاريخه المسرحي وعطاءات زملائه، تخصيص زاوية تحفظ تاريخه المسرحي، ليفتح خلال شرحه لنا تلك النملية القديمة، ويخرج منها ثوباً قديماً، قائلاً "هودي ثياب ام طعان الله يسهلها صارت ببلجيكا هلق". وليس بعيداً عنها يشير كسرواني باشارة ملؤها فخر وحنين "هذا الشروال هو من اوائل الثياب التي ارتديتها في بداية تقديم عروضي المسرحية".
المتحف ليس معلماً ضخماً بمساحته، انما جاء بسيطاً حيوياً، مفعماً بالطيبة، مدججاً بالذكريات، مخضباً بالحنين، ليشكل نافذة مهمة على التراث المهدد بالانقراض. فالى كم منير كسرواني نحتاج في بلدي ليعيد بعضا من قيمة لتراثنا؟
 


 

  • شارك الخبر