hit counter script

أخبار محليّة

كيروز: الطائف مدخل ضروري لإنهاء الحرب ولتحقيق مصالحة حقيقية لم تتم يوما

الجمعة ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 13:49

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ألقى النائب ايلي كيروز ممثلا حزب "القوات اللبنانية" كلمة في المؤتمر الذي نظمه المركز المدني للمبادرة الوطنية، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، في 22 تشرين الاول الحالي و23 و24 منه في فندق "فينيسيا" - بيروت، عن "إتفاق الطائف بعد ربع قرن على إعلانه"، جاء فيها:
"يمر لبنان في مرحلة خطيرة تتميز بشلل الحياة السياسية وتعطيل المؤسسات الدستورية، وتمدد الحرب السورية إليه، فهل يمكن أن نهمل هذه الأوضاع التي تشكل تحديا كبيرا يواجه المنطقة والعالم؟

سألخص الموقف انطلاقا من محورين: الطائف ومعضلات الوجود اللبناني، والطائف وموازين القوى الداخلية والإقليمية.

I - الطائف ومعضلات الوجود اللبناني.

هل يجيب إتفاق الطائف عن معضلات الوجود اللبناني:
كيف يمكن أن نعيش معا مختلفين ومتساوين؟

كيف يمكن أن نحول هذه التعددية من ذريعة للتنافر والتناحر الى دعوة للتواصل والإنفتاح والتفاعل؟

كيف يمكن أن يقدم اللبنانيون نموذجا للعيش المشترك السوي بين أهل الديانتين، وإقامة الدليل على إمكان ما يبدو لكثير من شعوب الأرض ودول العالم أنه خارج دائرة الإمكان؟

كيف يمكن أن يتعايش في لبنان، الإسلام والمسيحية، معا، سلميا، بحرية ومساواة؟
إن هذا التعايش هو ما يميز لبنان تمييزا تاما عن غيره، ومن دونه لا يوجد لبنان.
لقد أتاح اتفاق الطائف للبنان متابعة رسالته.

2 - الطائف وإصلاح النظام السياسي.
لقد جاء الطائف بعد 15 عاما من اندلاع الحرب في لبنان، بعدما طرح اللبنانيون، خلال كل مراحل الحرب، أوراق عمل ومشاريع تسوية لمعالجة الإنقسام الداخلي الأعمق حول سلسلة من المسائل. وقد تمحورت المسألة الأبرز حيال ما سمي بإصلاح النظام السياسي، الذي شكل انقساما حادا في المجتمع اللبناني. فلقد أجرى الطائف تغييرا في هيكلية السلطة وتوزيعا جديدا لها. فهل نجح في هذا الأمر بين حدي المطالب الإسلامية والهواجس المسيحية؟ وهل أنتج صيغة حكم ومشاركة متوازنة وفاعلة؟ أو أنه أوجد خللا جديدا في عمل المؤسسات الدستورية وانتظامها وتوازنها وتعاونها؟

3- الطائف والمسيحيون.
لقد شكل إتفاق الطائف تسوية بين اللبنانيين ومفاهيمهم، ومنها ما رافق نشوء الكيان والدولة: الكيان، الدولة، الهوية، الوحدة، التعددية، المشاركة، الإستقلال، الميثاق، العلاقة مع سوريا ومع المحيط والعالم.

وشكل ايضا مدخلا ضروريا لإنهاء الحرب في لبنان ولتحقيق المصالحة الحقيقية التي لم تتم يوما. كما وضع الأسس لإعادة بناء الدولة اللبنانية وإعادة توحيد مؤسساتها الدستورية والإدارية والعسكرية. وطرح خطة تهدف الى بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها في إطار تثبيت السيادة اللبنانية.

ويقول بعض العارفين إن الطائف شكل عقابا أميركيا - سوريا للجماعة المسيحية الممانعة في لبنان.
ولقد كان من الأنسب لو استدرك المسيحيون في لبنان الأمر، مع أنهم حاولوا، غير أنهم تأخروا 15 عاما.

4 - الطائف والعيش المشترك.
لقد حسمت مقدمة الطائف الجدل حول طبيعة العقد الإجتماعي بين اللبنانيين، فاعتبرت أن العيش المشترك، المسيحي - الإسلامي، هو في أساس هذا العقد وأن لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك. إن العيش المشترك هو علة وجود لبنان وهو الركيزة الميثاقية الأساسية للكيان اللبناني. من هنا إن القيمة التي يمثلها تتفوق على كل القيم والمبادئ الدستورية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية التي تضمنها اتفاق الطائف. لقد أريد أن يكون الطائف، مدخلا لطي صفحة الصراعات الماضية، بين من كان يطالب، باسم العدالة، بتحسين شروط مشاركته في الدولة، وبين من كان يسعى، باسم الحرية، الى حماية الكيان اللبناني وتثبيت نهائيته.

5 - الطائف وإلغاء الطائفية السياسية.
إن الطائفية السياسية هي تعبير عن التوازن بين الطوائف في لبنان. إن هذا التوازن يشكل ركيزة ميثاقية وليس تفصيلا سياسيا بسيطا. لقد كانت الطائفية السياسية في صلب الميثاق الوطني للعام 1943، وليست بالتالي مدعاة خجل أو مرضا في البناء المجتمعي اللبناني. لقد شكلت فرصة حوار مستمر في إطار الحفاظ على حضور جميع الطوائف اللبنانية في هيكلية السلطة.
وأنهي هنا بسؤال : هل يمكن اتفاق أن يعيش بديناميتين متناقضتين في الوجدان والمجتمع والسياسة؟

I- الطائف وموازين القوى الداخلية والإقليمية.

1- الطائف والمقاومة خارج الدولة.

- إن كل إيديولوجية دينية لا تقبل بجوهرها التعددية والتعايش بين متساوين ومختلفين.

- في البيان الذي صدر عن حزب الله في 7/10/2014 وتبنى من خلاله تفجير عبوة ناسفة عند مرتفعات شبعا في دورية اسرائيلية، عرف "حزب الله" عن نفسه بأنه "المقاومة الإسلامية".

- لا نجد، في إتفاق الطائف، أي مرتكز لتبرير قيام مقاومة، مهما كانت هويتها خارج الدولة والإجماع اللبناني.

- إن مقدمة الدستور نفسه التي وضعت بعد نشوء الإحتلال الإسرائيلي بسنوات عدة، جاءت خالية من أي إشارة الى مبدأ المقاومة والى أي سلاح خارج الدولة.

- إن عنوان بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية ورد في الإتفاق قبل عنوان تحرير لبنان من الإحتلال الإسرائيلي، مما يعني أن سيادة الدولة لها الأولوية ويمكن أن تخدم مسألة التحرير.

- لقد أكد الإتفاق حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم أسلحتها الى الدولة خلال ستة أشهر. ولم يأت الإتفاق بأي استثناء ولم يميز بين مصطلح المقاومة ومصطلح الميليشيا. بل إن مصطلح المقاومة لم يرد أساسا في الإتفاق.

- إن الإجتهاد القائل إن المقصود بكل الإجراءات اللازمة للتحرير يعني المقاومة، لا يستقيم واقعا وقانونا، ويتناقض مع التمسك باتفاق الهدنة ومبدأ بسط سيادة الدولة على جميع أراضيها، علما أن الفقرة "ج" من البند الثالث لم تشر الى أي جهة غير الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية في الجنوب ولا الى أي سلاح خارج الدولة لضمان تحرير لبنان.

لقد وضع اتفاق الطائف أسسا لعلاقات لبنانية - سورية ندية، في إطار سيادة كل منهما واستقلاله من دون أن يرتقي الى مستوى التحرير الكامل. غير أن سلطة الوصاية السورية تمكنت من تحوير مضمون الإتفاق وتعطيله والإنقلاب عليه. وقد قام صراع بصورة مبكرة بين اللجنة العربية الثلاثية وسوريا حول "موضوع السيادة اللبنانية وانسحاب الجيش السوري من لبنان"، مما حدا بالملك المغربي الحسن الثاني الى "التهديد بإصدار بيان منفرد يندد بالموقف السوري الذي يرفض الإعتراف بسيادة لبنان". لقد ساعدت التطورات الدولية والإقليمية سوريا للحصول على ضوء أخضر غربي يغطي احتلالها للبنان، فأقدمت على إحداث انقلابات خطيرة داخل الحياة العامة اللبنانية:

انقلاب على الحياة الدستورية باغتيال الرئيس رنيه معوض، وانقلاب على الحياة البرلمانية بانتخابات العام 1992، وانقلاب على الحياة السياسية بنفي العماد ميشال عون واعتقال الدكتور سمير جعجع لأسباب سياسية ، وانقلاب على الحياة الديموغرافية بفرض مرسوم التجنيس، وانقلاب على الحياة العسكرية عبر إعادة بناء القوات المسلحة اللبنانية والأجهزة الأمنية وفق عقيدة قتالية تحكم الربط بين البلدين والمسارين والجيشين، وعلى أسس مانعة للحرية والسيادة. هكذا تحول الطائف من طائف عربي ودولي الى طائف سوري.

3 - الطائف و"القوات اللبنانية"
لقد انتهت الحرب في لبنان بسقوط المناطق المسيحية في القبضة السورية بعد 15 عاما من المقاومة. لقد عزم الرئيس حافظ الأسد على إخضاع هذا "اللبنان الصغير".
غير أن "القوات اللبنانية" رفضت أن تذعن للمشيئة السورية واستمرت المواجهة، رغم الإنقلاب في موازين القوى الداخلية والإقليمية والدولية، وضيق الخيارات أمام القادة اللبنانيين الإستقلاليين. من هنا اصطدمت سوريا بموقف القوات المعارض لسياستها وبدأ منذ خريف 1990 حتى شباط 1994 مسار نزاعي إضافي بين سوريا والقوات اللبنانية وفق آلية واضحة: كلما اعترضت القوات أو احتجت، مطالبة بحسن تطبيق الطائف، بادرت سوريا الى توجيه ضربة اليها، وصولا الى افتعال متفجرة كنيسة سيدة النجاة في 27 شباط 1994.

لقد رفضت "القوات اللبنانية" توقيع معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق، ورفضت اتفاق الدفاع والأمن المشترك، ورفضت المشاركة في الإنتخابات النيابية صيف عام 1992.
من هنا قررت سوريا الإقتصاص من "القوات اللبنانية" وسعت، عبر الإضطهاد والقمع والتنكيل، الى تركيع المسيحيين السياديين ومحاكمة مقاومتهم التاريخية وخياراتهم في الحرية والسيادة والإستقلال.
وكان "العالم الحر" يمارس لعبة التفرج وغض النظر عن إطباق القبضة السورية على لبنان، بحسب قول الأب سليم عبو، ويعطي سوريا تفويضا شاملا في لبنان.

لقد شكلت تضحيات "القوات اللبنانية" خلال كل هذه الحقبة، مقدمة لانتفاضة الحرية في 14 آذار 2005.

أود أن أستعيد كلاما للأب ميشال حايك يتجاوز تفاصيل النظام السياسي ومعادلة توزيع الحصص:
" إن التعمق في درس الميثاق الوطني، يتطلب تجاوز الحقبة الإنتقالية التي شكلها الإستقلال. في الحقيقة إن الميثاق الوطني سابق لعام 1943، وكان واقعا منذ الأمير فخر الدين.
يجب التخلي نهائيا عن اعتبار الميثاق تسوية صادرة عن مصطفى نحاس أو بشارة الخوري أو رياض الصلح. إنه في الحقيقة الحدث الوجودي الأساسي الذي من دونه لا وجود للبنان واللبنانيين".
 

  • شارك الخبر