hit counter script

أخبار محليّة

فضل الله: لا بد من التكاتف والتلاحم بين اللبنانيين لمواجهة الأخطار

الجمعة ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 13:30

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله. ومن التقوى، أن نقتدي برسول الله عندما كان يودع عاما هجريا مضى، ويستقبل عاما هجريا جديدا، حيث تذكر سيرته أنه كان يصلي ركعتين في ليلة رأس السنة الهجرية، ثم يدعو الله قائلا: "اللَّهم ما عملت في هذه السنة من عمل نهيتني عنه ولم ترضه، ونسيته ولم تنسه، ودعوتني إلى التوبة بعد اجترائي عليك، اللهم فإني أستغفرك منه، فاغفر لي، وما عملت من عمل يقربني إليك، فاقبله مني، ولا تقطع رجائي منك يا كريم". ثم يتحدث رسول الله عن ردود فعل الشيطان بعد قيام الإنسان بهذا العمل، ودعائه بهذا الدعاء: "يا ويلي، ما تعبت فيه هذه السنة هدمه أجمع بهذه الكلمات، وشهدت له السنة الماضية أنه قد ختمها بخير". أما عندما تبدأ سنة جديدة، فكان يصلي ركعتين ويدعو بعدهما بهذا الدعاء: "اللهم أنت الإله القديم، وهذه سنة جديدة، فأسألك فيها العصمة من الشيطان، والقوة على هذه النفس الأمارة بالسوء، والاشتغال بما يقربني إليك يا كريم يا ذا الجلال والإكرام".

اضاف: "أيها الأحبة، بهذه الصورة أرادنا رسول الله أن نودع سنة ذهبت، ونستقبل سنة جديدة؛ لقد أرادنا أن نحاسب أنفسنا محاسبة دقيقة على ما أسلفناه، كي نعزز الإيجابيات، ولا نكرر الأخطاء، وأن نخطط ونعمل بجدية لتكون السنة الجديدة أفضل في سلم سعينا لبلوغ رضا الله. وبهذه الصورة، نحسن التعامل مع زمن مضى وزمن قادم، وبذلك، نملك القدرة على مواجهة التحديات".

وتابع: "البداية من لبنان، الذي لا يزال في دائرة الانتظار، ريثما تنجلي الغبرة عما يجري من صراع دولي وإقليمي واستحقاقات في المنطقة، ما يعني استمرار معاناة هذا البلد في السياسة والاقتصاد والأمن، فليس هناك حلول ترتجى على مستوى انتخاب رئيس للجمهورية، وانتخاب مجلس نيابي جديد يساهم، ولو بنسبة معينة، في تجديد الحياة السياسية فيه، بل هناك حديث عن تمديد يستبطن تعطيلا لا تفعيلا، وليس هناك حل للأزمات المعيشية والاجتماعية، أو علاج قريب لأزمة المخطوفين العسكريين، ما يشفي غليل أهلهم الذين لا يجدون ملاذا إلا في الشارع، في الوقت الذي يعرفون أن لا حل يرتجى منه، فالقرار في موقع آخر.. بينما يستمر الخطر المحدق بالبلد من حدوده الشرقية، ومن انفلات الوضع على حدوده الجنوبية، في ظل الخروقات الصهيونية المستمرة".

وقال: "إنَّنا أمام هذا الواقع الصَّعب والمعاناة المستمرة، لا نملك إلا أن ندعو اللبنانيين إلى مزيد من الصبر والتحمل، وليكن زادهم في كل ما يواجهون: {فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا}، فقد تعوَّدنا في هذا البلد على ذلك، وعلينا أن نتعوَّد على كوننا نعيش في بلد تتنفس منه مشاكل المنطقة سمومها، ولكن ما يهون الخطب، أن هذا البلد الذي لا يزال محكوما بعدم الاستقرار، لا يراد له أن يتعرض للانهيار، فقد تصل الأمور إلى حافة الهاوية، ثم ما تلبث أن تنجلي. ولكن هذا لا يعني ترك الحبل على غاربه، والاستسلام للأمر الواقع، بل لا بد من التكاتف والتلاحم بين اللبنانيين، لمواجهة كل الأخطار، ولا سيما الخطر الأمني، الذي ندعو إلى عدم الخوف الزائد منه، في ظل وعي القوى الأمنية وحرصها، والتي نقدر لها سهرها وجهدها وتضحياتها، ولا سيما الجيش اللبناني".

وأكد "أهمية دعم الجيش، بما يمكنه من القيام بمسؤوليته، ويؤسفنا أن نرى من هم في مواقع المسؤولية، يحجبون عن الجيش هبات تقدم إليه بدون أية شروط، وتحت حجج واهية".

وقال: "لا بد لنا في هذا المجال، من التنبه إلى تنامي ظاهرة الخطف، لا سيما في البقاع، والتي باتت تأخذ تارة طابعا ماليا، وأخرى مذهبيا وطائفيا. وهنا الخطورة، ما بات يستدعي من القوى الأمنية، ومعها كل القوى الفاعلة والمؤثرة، التصدي لهذه الظاهرة، خشية تداعياتها، وحماية للسلم الأهلي، الذي بات مطلب كل اللبنانيين والقوى السياسية".

ورأى "انَّ البلد بحاجة في هذه المرحلة إلى العقلاء العصاميين، الَّذين ينظرون في معاناة الناس وآلامهم، ويفكرون بمسؤولية، لا الغرائزيين، الَّذين يثيرون الغرائز المذهبية والطائفية، أو الخوف المتبادل، فيما الوطن كله مهدد".

واضاف: "نصل إلى العراق، حيث نأمل أن يساهم اكتمال الحكومة فيه، في تعزيز الوحدة الداخلية، لإخراج هذا البلد من معاناته، سواء معاناته المتمثلة بالتفجيرات الوحشية التي حصدت وتحصد العشرات من الضحايا، أو المتمثلة بالإرهاب الذي بات العراق ساحة من ساحاته".

ودعا "العراقيين، بكل طوائفهم ومذاهبهم، إلى توحيد جهودهم، ومواجهة هذه التحديات، وعدم المراهنة على الآخرين في حل مشاكلهم وأزماتهم الأمنية وغيرها، وخصوصا في ظلِّ تلكؤ التحالف الدولي عن أداء دوره، في الوقت الذي ندعو الدول العربية والإسلامية إلى مساعدة العراق، للخروج من كل أزماته، فالمسؤولية عن أمن العراق ووحدته، هي مسؤولية عربية وإسلامية، كما هي مسؤولية الشعب العراقي. وهنا، نقدر سعي العراق ومبادرته إلى الانفتاح على محيطه العربي والإسلامي".

وتابع: "نصل إلى اليمن، الذي نخشى وقوعه في حمى الصراع الداخلي والتقسيم، وسط إصرار الكثير من القوى على إعطاء الصراع فيه طابعا مذهبيا وطائفيا. إننا ندعو كل الفئات اليمنية إلى العودة إلى الحوار فيما بينها، والإسراع في التوافق على حكومة جامعة قادرة على حل مشكلات البلد ووقايته من اللاعبين والمصطادين في الماء العكر، أو الذين يتغذون على الحساسيات المذهبية والطائفية".

وختم: "أخيرا، ونحن على أبواب عاشوراء، التي تطل علينا في هذا العام، في ظل كل هذه الفوضى المصبوغة بطابع طائفي ومذهبي، ندعو إلى إبقاء هذه الذكرى، كما هي، صافية نقية من كل شائبة، سواء على مستوى السيرة أو على مستوى بعض الممارسات التي تصاحبها، والتي تسيء إلى قدسيتها وصفائها وحضورها، كي نحفظ أهداف عاشوراء ونوسع دائرتها، لتكون إسلامية إنسانية، ولتدخل إلى كل الضمائر والعقول، لا أن نقزمها، أو نحبسها في دوائرنا الصغيرة والضيقة، ونبعد كل أهدافها الكبيرة التي كانت كل تلك التضحيات لأجلها. إننا نريد لعاشوراء أن تكون مناسبة لإصلاح واقعنا، وتعزيز مناخات الوحدة، في مواجهة الظلم والطغيان والإذلال، بدلا من أن توجه إلى هذا المذهب أو ذاك، أو هذا البلد العربي وذاك الإسلامي".
 

  • شارك الخبر