hit counter script

أخبار اقتصادية ومالية

نفايات طبية في بحر صيدا: فتش عن الجبل!

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 09:18

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ارتاح أهالي صيدا من جبل النفايات الذي لوث بيئتهم أكثر من 30 عاماً، مع وصول اعمال اعادة تاهيل المكب الى مرحلة متقدمة، لكن الجبل الممتد على 6 هكتارات، الذي تمخض عنه مليون متر مكعب من النفايات في البر، ولد مجدداً في البحر. قاع البحر الصيداوي بات مكباً للنفايات، بعدما سقطت مئات الأطنان فيه

في الشهر الماضي، رافقت «الأخبار» نقابة الغواصين المحترفين في لبنان، بجولة بحرية لانتشال النفايات البلاستيكية من البحر الصيداوي. تغلغل المركب في عمق البحر مسافة 4 كيلومترات، بعيداً عن الشاطئ. نزل الغواصون إلى قاع البحر، وما وجدوه في البحر كان صادماً. غاب رئيس النقابة محمد السارجي، ومدير قسم البيئة والتنمية فيها يوسف جندي لمدة ساعة تحت الماء على عمق 40 متراً، وخرجا حاملين 16 متراً مكعباً من النفايات البلاستيكية، منها 6 امتار مكعبة من النفايات الطبية، الملوثة والحاملة لخطر العدوى.
المشروع بدأ قبل شهرين، حيث نظمت نقابة الغواصين حملة تجميع النفايات البلاستيكية من قاع البحر بهدف اقامة معرض يشرح طبيعة الضرر الذي تحدثه النفايات البلاستيكية، ضمن مشروع «البحر.. المحطة الأخيرة- مشروع النفايات البلاستيكية»، الذي تنفذه جمعية «اندي اكت» والممول من منظمة «دروسوس» السويسرية.

مصدر النفايات الطبية

يؤكد السارجي أنها «المرة الأولى التي يستخرج فيها كمية كبيرة تعادل 6 امتار مكعبة من النفايات الطبية في بحر صيدا». الغواصون وجدوا نفايات طبية تتكون من حُقن، أكياس مصل مع أنابيبها، صور أشعة، أكياس دم، أكياس دم لغسل الكلى، قطرات، أكياس بول، قفازات، أقنعة، فوط صحية... من جهته، اوضح جندي أن «وجود النفايات الطبية في البحر يعود إلى الانهيارات المتكررة لجبل نفايات صيدا قبل وخلال ازالته بسبب الأمواج التي كانت تضربه». واضاف أن «النفايات الطبية موجودة في القعر الرملي إلى جانب النفايات البلاستيكية والنفايات المنزلية التي سحبتها التيارات المائية من الجبل».
أكياس المصل التي استخرجها الغواصون، يعود تاريخ انتاجها إلى عام 2012 وتنتهي صلاحية استخدامها عام 2015.

هاجرت السلاحف البحرية من شاطئ صيدا الى شاطئ صور النظيف نسبياً
وبالتالي، كميات النفايات الطبية التي بدأت تظهر مؤخراً، يُرجح أن يكون قد جرى التخلص منها في المكب العام الماضي، بعدما وجدت، إلى جانب نفايات منزلية.
الضرر السلبي للنفايات البلاستيكية والطبية، كان له أثر واضح على البيئة البحرية والتنوع البيولوجي، وخصوصاً أن معظم البلاستيكيات استقرت في النتوءات والمغاور الصخرية التي تعيش فيها الأسماك والحيوانات البحرية. السلاحف البحرية لم تعد تجد بحر صيدا ملجأً لها، بعد نفوق كمية كبيرة منها، بسبب أكياس البلاستيك التي تلتهمها، ظناً منها أنها قناديل بحرية. الأمر الذي أدى إلى هجرتها نحو بحر صور، النظيف نسبياً.
طريقة غير بيئية

مشروع إزالة جبل النفايات الذي بدأ في 22 تموز 2013، مرّ عليه 14 شهراً من أصل 30 شهراً. يومها، وضع مشروع ازالة الجبل بتكلفة 25 مليون دولار في عهدة شركة جهاد العرب، الذي اتهمه ناشطون بيئيون بطمر كميات كبيرة جداً من النفايات في البحر بحجة شق طرقات داخل المكب تمهيداً لاعمال التأهيل.
يؤكد خبير بيئي (طلب عدم ذكر اسمه) لـ»الأخبار» إن «عملية جرف الجبل العام الماضي، تسببت بتسرب كمية لا يستهان بها من النفايات إلى البحر». واضاف الخبير أنه خلافاً للعقد المبرم جرى «رمي النفايات لاحقاً داخل الحوض، من دون فرز او اعادة تدوير».
الاعتراض الصيداوي على المكب، لم يصدر عن ناشطين بيئيين فحسب، لا بل تبعه اصدار «التنظيم الشعبي الناصري» اخيراً، بياناً ندد فيه «بعدم حصول أي عملية فرز لمحتويات المكب»، إلا أن رئيس بلدية صيدا محمد السعودي استغرب في بيان صدر عنه، الأصوات المنددة بإزالة الجبل، مشيراً إلى أن «المكان الذي طمرت فيه النفايات، هو مطمر صحي على أعلى المستويات».
من جهته، قال السارجي إن «الأمواج العاتية التي كانت تضرب الجبل خلال فصل الشتاء، كانت تسحب معها أطناناً من النفايات، وكانت الأخيرة تسلك رحلة طويلة إلى عمق البحر».

نفايات 43 مؤسسة صحية

تتعاطى جمعية «أركنسيال» مع ملف معالجة النفايات الطبية منذ عام 2003. تتعاقد المستشفيات مع الجمعية لمعالجة نفاياتها الطبية. تشير جويس سلامة، العاملة في وحدة الأبحاث والدراسات في «أركنسيال» في حديث لـ «الأخبار» إلى أن «60 في المئة من مستشفيات لبنان متعاقدةن معنا لمعالجة نفاياتها الطبية الحاملة لخطر العدوى». ولفتت إلى أن حجم النفايات الطبية التي جرت معالجتها خلال هذا العام في منطقة الجنوب، وصولاً حتى شهر آب الماضي، بلغ 188 طناً. تعزو سلامة سبب عدم تعاقد النسبة الباقية من المستشفيات والمراكز الصحية إلى اقتناء 5 في المئة من المستشفيات، آلة لفرم وتعقيم النفايات، أما نسبة الـ35 في المئة الباقية من المستشفيات، فهي إما تحرق النفايات في أرضٍ خلف المستشفى، أو تخلطها مع أكياس النفايات المنزلية»، مشيرة إلى أن نسبة النفايات الطبية الموضوعة مع النفايات المنزلية ترتفع على نحو ملحوظ في الجنوب.
الحملة التي بدأتها نقابة الغواصين، دفعت بلدية صيدا، إلى إبداء رغبة كبيرة، في ازالة النفايات من البحر، بحيث عرضت البلدية على نقابة الغواصين تأمين تمويل عمليات تنظيف البحر والشاطئ الصيداوي، نظراً للكلفة الباهظة التي تتكبدها النقابة يومياً، مقابل أن تقدم النقابة خبراتها الفنية، لإعادة تنظيم الحياة البحرية في منطقة صيدا وجوارها.

تنقسم النفايات الطبية إلى قسمين: 80% تشبه النفايات المنزلية، و17% نفايات تحمل خطر العدوى، وهي النسبة التي تعالجها جمعية «أركنسيال». تأخذ الجمعية مستوعبات النفايات الطبية التي تؤمنها بدورها، من المراكز الصحية، من غرفة مبردة على درجة حرارة ترواح بين 5 إلى 8 درجات مئوية. ويتولى عمال الجمعية نقل المستوعبات من دون تفتيشها، حيث توضع في الآت تعمل على طريقة الفرم ثم التعقيم (autoclaving)، وبعد الانتهاء من عملية التعقيم، تصبح النفايات غير خطرة، وتُوضع مع النفايات المنزلية.

"الاخبار - مصطفى رعد"

  • شارك الخبر