hit counter script

باقلامهم - د. سامي الخطيب

مفهوم الديمقراطية اللبنانية وإشكالية إجراء الإنتخابات

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 05:58

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

كثر الحديث مؤخراً حول مبدأ "الانتخابات الديمقراطية" وماهية دور الشباب الجامعي والمجتمع المدني، في لبنان كما في معظم الدول العربية، وذلك بعد ظهور ما عُرف بثورات الربيع العربي، حيث انتشر هذا المفهوم مع مفاهيم فكرية وتحررية أخرى كانت بمعظمها مستقاة من الممارسة الدورية الصحيحة للإنتخابات النيابية في معظم المجتمعات الغربية، وذلك ضمن إطارالعمليات التي تضمن تداول السلطة وإعادة إنتاجها ديموقراطياً.
وقد احتل مفهوم "الانتخابات"، عند كثير من الباحثين، موقع الصدارة في النظم الديمقراطية الحديثة، حيث عُرَفت هذه الممارسة على أنها "مجموعة من الإجراءات والمعايير التي يستطيع الأفراد من خلالها المشاركة في عملية صنع القرار الوطني عن طريق التنافس في انتخابات حرة ونزيهة".
وبالنظر إلى الأدبيات العلمية التي تعنى بالديمقراطية والانتخابات، خلصت معظم الدراسات إلى وضع شروط محددة لتحقيق هذا الهدف ونجاحه، مرتكزةً في ذلك أولاً على حق التصويت العام لكل المواطنين، ثم دورية الانتخابات وانتظامها، وعدم حرمان أي جماعة من تشكيل حزب سياسي أومن الترشح للمناصب السياسية، بالإضافة إلى حق التنافس على كل مقاعد المجالس النيابية، وحرية إدارة الحملات الانتخابية، ثم تمكين الناخبين من الإدلاء بأصواتهم وسط جو من الحرية والسرية إلى فرز الأصوات قبل إعلانها بشفافية.
إن تحقيق هذه الشروط بشكل ديموقراطي وحضاري يؤدي وبدون أدنى شك إلى تمكين المواطنين من المشاركة في عملية صنع القرارات السياسية الوطنية واعتماد مبدأ التداول السلمي للسلطة السياسية ليحفظ حق كافة القوى السياسية في التنافس الحرعلى مقاعد الحكم، وذلك من خلال الإستناد إلى مبدأ "الشعب هو مصدر السلطة"، على اعتبار أن الحكومات تقوم بممارسة هذه السلطة بهدف تحقيق المصلحة العامة للمواطنين وليس تحقيق مصالح فئة ما أو حزب معين. ولهذا فإن حرمان الشعب من هذا الحق عبر التأجيل أو التعطيل أوالتمديد الغير مبرر يتناقض كلياً مع المبدأ المعتمد.
وفي هذا الإطار، تعد مشاركة وتأهيل فئة الشباب في العملية الإنتخابية من أهم المواضيع المثارة فى عالمنا اليوم، لما لها من عظيم الأثر على إرساء البناء المؤسساتي الصحيح للدولة المدنية على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية كافة. ومن هنا يصبح لزاماً علينا اليوم، العمل مع هؤلاء الشباب والكوادر الجامعية المتعلّمة على أساس تخصصي وعلمي متين وذلك بهدف صقل الشخصية الشبابية، وإكسابها المهارات، والخبرات العلمية والعملية، وتأهيلها التأهيل المطلوب لضمان تكيفها السليم مع المستجدات والتطورات السياسية حتى يكون لها الحرية والقدرة على إحداث التغيير المنشود.
وقد يكون تأهيل جيل واع، مشبع بالمبادئ الوطنية الحقّة، بعيداً عن التعصّب الطائفي والمذهبي السائد، مدخلاً إلى تكوين مجتمع مدني قادر على تجديد طبقة سياسية غير تقليدية تخرج في تنوعها عن مبدأ التوريث السياسي والمحادل الإنتخابية وتفتح الطريق أمام التعديدة التمثيلية في المجلس النيابي. وقد بدا واضحاً أن حراك الشباب الجامعي الذي يشكل تاريخياً عصب هذا المجتمع المدني، مكبّل إلى حدّ التهويل والتهديد كما حصل مؤخراً في المجلس النيابي الذي بات جاهزاً لتشريع وصايته على مقاعد لا يُمسح الغبار عنها إلّا لتكريس الهيمنة، مرّة أخرى، دون وجه حق على لبنان واللبنانيين. وإذا عدنا بالذاكرة إلى الذرائع التي أفرزت التمديد الأول للمجلس الحالي، فقد ارتكزت بأغلبيتها على انعدام الظروف الأمنية المؤاتية لإجراء الإنتخابات لإرتباطها الوثيق بالأوضاع الملتهبة في سوريا والعراق. وللمفارقة، فإن كلا البلدين، أجريا إنتخابات نيابية ورئاسية، وحتى أن جزءاً من التصويت في الإنتخابات السورية جرى على الأراضي اللبنانية، وتحت رعاية ومواكبة من قواته الأمنية.
وللخروج من مستنقع التطبيق الخاطئ لمفهوم الديموقراطية وتداول السلطة، سيكون اللبنانيون بحاجة لتعديل المنهج التمثيلي الحالي والتوجه إلى إرساء أسس جديدة لحياتهم السياسية يكون الدرس الأول فيها بعنوان لبنان الرسالة ومنبع الحضارة في الشرق.
*العميد التنفيذي لكلية العلوم والفنون في الجامعة اللبنانية الدولية - البقاع
 

  • شارك الخبر