hit counter script

أخبار محليّة

درباس: لسنا مستودعات بشرية

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 01:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تشهد وزارة الشؤون الاجتماعية حركة نشيطة لا تتوقّف، فهي أشبه بخليّة نحل، خصوصاً بعدما بات ملفّ النازحين السوريّين شُغلها الشاغل ليلاً ونهاراً، مُقتحِماً الساحة الداخلية المُثقلة أصلاً بالملفات الساخنة، ليضيف إلى همومها همّاً جديداً يمتزج فيه البعد الإنساني بالأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية. إلّا أنّ الوزير رشيد درباس، المعروف بنشاطه وشغفِه وحبّه لعمله، ومنذ استلامه مهمّاته، أخذ على عاتقه حلَّ هذا الملف المعقّد والمحفوف بالمخاطر. وإذ أكّد لـ"الجمهورية" التوصّل إلى «قرار حكومي نهائي بالحَدّ من النزوح وصولاً إلى انعدامه»، دعا إلى التمييز بين وقف النزوح وإقفال الحدود، لافتاً إلى «أنّنا لم ولن نقفل الحدود في وجه أيّ إنسان، إلّا في الحالات الطارئة ولمدّة موَقّتة فقط».

• هل باتت حقيبة الشؤون الاجتماعية اليوم حقيبة سيادية؟

- في الحقيقة، تُعتبَر كلّ وزارة حقيبة سيادية عندما يقوم الوزير بمهمّاته، لأنَّ كلّ وزارة تُدير مرفقاً يمسّ مصالح الناس، وبالتالي كلّ ما يمسّ مصالح الناس شأن سيادي. الوزراء متساوون أساساً، ولا يختلف وزير عن آخر بحسب حقيبته، إنّما يتميّز استناداً إلى الدور الذي يلعبه.

لا مقارنة بين النزوح واللجوء

• يبدو أنّ الأزمة السورية طويلة، واللبنانيون يسألون: هل نحن أمام أزمة سوريّة شبيهة بالأزمة الفلسطينية؟ وهل سنواجه خطر توطين السوريين في لبنان؟

- لا مجال للمقارنة بين النزوح السوري واللجوء الفلسطيني. فالمسألة الفلسطينية مسألة اغتصاب أرض. ولا شكّ في أنّ الفلسطينيين لن يتردّدوا، في حال استطاعوا سبيلاً، بالعودة الى بلادهم. أمّا بالنسبة إلى إخواننا السوريين، فإنّ أرضهم موجودة، لكنّ الوضع الأمني دفعَهم إلى اللجوء.

وإذا هدأت الحال الأمنية وكان هناك حلٌّ ما، سيعودون بمعظمهم. بل إنّ قسماً كبيراً من الشعب اللبناني سيتوجّه معهم إلى سوريا للمشاركة في ورشة الإعمار الكبيرة هناك.

إلّا أنّ ما يقلقني هو أنّ المجتمع الدولي يتعاطى مع هذا الموضوع على أنّه طويل الأجل، وأنّ الحلّ السوري ليس على سُلَّم أولويات القرار الدولي، بحيث إنّهم مهتمّون، وفي الدرجة الأولى، بالعراق.

وربّما بعد انتهاء التطوّرات العراقية، يبدأ البحث عن حلٍّ في سوريا. لذلك، لمستُ من خلال مشاركتي في مؤتمراتٍ عدة، ومن خلال ما قرأناه في الأوراق التي ترِدُنا ممَّن يعدّون لمؤتمر برلين لـ«مجموعة الدعم الدولية» والذي سأشارك فيه يوم الاثنين المقبل، أنّ هناك دراسات تُحضَّر لإقامات طويلة للسوريين وبحثاً في تأهيل المجتمعات المضيفة لتحسين وجود النزوح.

وهذا الأمر لن يكون موضع ترحيب من لبنان أو الأردن أو من معظم الدول المضيفة. ذلك أنّ العالم لا يستطيع أن يتفرّج على حجمٍ غير مسبوق للنزوح، سواءٌ أكان نزوحاً داخلياً أو إلى الخارج، وسيرفض اعتبار الدول المجاورة مستودعات بشرية.

فالمستودعات هي أوّلاً للبضائع وليست للبشر. وثانياً: إنّ الله لا يكلّف نفساً إلّا وسعَها. أمّا ثالثاً، وفي ما يتعلق بلبنان، فعندما تصبح الكثافة السكّانية في الكيلومتر المربّع الواحد 540 شخصاً، هذا يعني أنّ انفجاراً سيقع في كلّ كيلومتر.

على هذا الأساس، ستتّخذ الحكومة اللبنانية غداً (اليوم) قرارات حاسمة بعدما بلورَتها اللجنة الوزارية التي اجتمعت أمس الأوّل برئاسة رئيس الحكومة تمّام سلام وحضور وزراء الخارجية والداخلية والعمل والشؤون الاجتماعية، وتمَّ الاتفاق على ضرورة وقف النزوح. علماً أنّنا سبق وأبلغنا القرار إلى المفوّضية السامية لشؤون النازحين.

• ما هو العدد الرسمي للنازحين السوريين في لبنان؟

- عدد المسجّلين لدى المفوّضية السامية للنازحين هو مليون ومئة وسبعون ألفاً.

• هل ستتّخذون قراراً حكوميّاً واضحاً بإقفال الحدود؟

- هناك فرق جوهري بين وقف النزوح وإقفال الحدود. فنحن لن نقفل الحدود، وخصوصاً البرّية، في وجه أيّ إنسان، إلّا في الحالات الطارئة ولمدّة موَقّتة. في حين أنّ وقف النزوح أمرٌ نهائي، لأنّ لبنان لم يعُد يستطيع تحمّل مزيد من النزوح، وكلّ من يرغب في النزوح الى لبنان سيكون طلبُه مرفوضاً، إلّا في الحالات الإنسانية التي ستعاينها وزارة الشؤون الاجتماعية. بمعنى آخر، لا يحق للمفوضية السامية تسجيل أيّ شخص من الآن فصاعداً، إلّا إذا أجازت تسجيله وزارة الشؤون، وذلك بالتعاون مع وزارة الداخلية.

إذاً نحن لم نقفل الحدود، بل منعنا النزوح لسببين: الأوّل لأنّه لم يعُد هناك حاجة له نتيجة خلوّ المناطق القريبة من الحدود اللبنانية، والتي كانت تدور فيها المعارك، من سكّانها الذين نزح بعضهم الى لبنان، والبعض الآخر نحو الداخل السوري.

ومن جهة ثانية، يتوجّب على كلّ مواطن سوري يدخل الى لبنان، أن يسجّل سبب مجيئه، فإذا قال إنّه آتٍ لتلقّي العِلم أو أنّ لديه إجازة عمل أو أيّ سبب آخر، ثم توجّه الى المفوضية لتسجيل اسمه كنازح، فهذا يعني أنّه غشّ الدولة ويحقّ للدولة عندها إخراجه من البلاد.

• ماذا عن الذين يدخلون لبنان بطرُق غير شرعية؟

- إنّ عدد هؤلاء قليل جداً جداً، ولدينا كلّ الحق في إخراجهم. ولكن في كلّ الحالات، لم يعُد هناك معابر غير شرعية، فكلّها يحتلها المقاتلون، وبالتالي فإنّ معظم العبور يتمّ عبر المعابر الشرعية.

ضمانات سياسية بتنفيذ القرار

• مَن سيضمن تنفيذ القرار الحكومي؟

- أوّلاً الضمانة السياسية الصادرة عن إجماع مجلس الوزراء. فنحن نشهد اليوم وللمرّة الأولى في لبنان، إجماعاً على هذا الملف من مختلف الفرقاء اللبنانيين. وبالتالي، فأنا متيقّن وأستطيع أن أجزم بتنفيذ هذا القرار لينعدم النزوح ويصل الى الصفر.

علماً أنّ أعداد النازحين بدأت تتضاءل تدريجاً نتيجة الإجراءات التي نتّخذها على الحدود. والدليل أنّ إحصاءات مفوّضية اللاجئين تُبرز أهمّية هذا القرار، خصوصاً أنّ نحو 43 في المئة من النازحين أتوا من المناطق الأكثر بعداً عن الحدود اللبنانية والأقرب الى الدول الأخرى، وبعد تطبيق هذا القرار، لن يقبل لبنان باستقبال النازحين القادمين من المناطق التي تدور فيها المعارك.

• ماذا عن مصير النازحين الموجودين الآن؟

- سنتولّى من الآن فصاعداً، تنظيم فِرَق مختصّة تابعة للوزارة، مهمّتُها إعادة تقويم أوضاعهم دوريّاً، والتأكّد من صفات النزوح على الموجودين، ومَن لا تنطبق عليهم الصفة، نطلب من المفوّضية شطبَهم من سِجلّات النازحين، وعند ذاك يصبح وضع كلّ منهم مرهوناً بمدى انطباق وجوده مع القوانين المرعية الإجراء.

إبتزاز دولي؟

• ثمّة مَن يقول إنّ الحكومة قد وجَدت في مقابل الضغط الذي يمارسه المجتمع الدولي على لبنان لاستمرار استضافته اللاجئين، فرصةً لاستخدام هذا الأمر ورقة ضغط للحصول على المساعدات المطلوبة؟

- أوّلاً دعونا لا ننكر حاجات المجتمعات المضيفة إلى مساعدات، وأيضاً النازحين. فالبنى التحتية اللبنانية من المفترض أن تخدم حتى سنة 2024، مع الأخذ في الاعتبار نسبة التزايد السكّاني المتوقعة، وإذ بنا نُفاجَأ بأنّ هذه النسبة قد أضيفت قبل أوانها، فاستُهلِكت البنى التحتية. وهنا نسأل: ألا نحتاج إلى مساعدات؟ سواءٌ استقبلنا مزيداً من النازحين أم لم نستقبل؟

أمّا القول إنّنا نبتزّ المجتمع الدولي، فهذا أمر غير صحيح. فهو من يبتزّنا. كلّ الأطراف الدولية، وخصوصاً كبار المانحين، أجمعوا في المؤتمر الذي استضافته الكويت أنّ أكبر المانحين هم الدول التي تستضيف النازحين، ومن ضمنها لبنان، الذي يبلغ عدد سكّانه 4 ملايين، فيما يستضيف مليونين ونصف المليون من الأجانب، أي ما يوازي نصف عدد الشعب اللبناني، ما يشكّل خللاً كبيراً جداً.

من هنا، سنتوصّل غداً (اليوم) الى إقرار سياسة محدّدة وواضحة تجاه ملف النزوح السوري، سواءٌ لجهة الحَدّ منه أو تخفيفه أو التعاطي مع المنظمات الدولية والدول الصديقة والدول العربية لكي نتقاسم مع المجتمع الدولي والعربي هذا العبءَ الكبير الذي يهدّد لبنان.

• ما هي الأرقام الرسمية للمساعدات الدولية للنازحين في لبنان؟

- تُقدّر المساعدات الدولية بقيمة 700 مليون دولار، ولكنّها لم تتخطَّ عتبة الـ45 في المئة ممّا هو مطلوب.

• أين أصبح مشروع إنشاء مخيّمات في المنطقة الحدودية مع سوريا؟

- هذا الموضوع أُخرِج من التداول طالما إنّ هناك من يعترض عليه، إذ إنّ الحكومة لا تبحث في الملفات الخلافية.

التنسيق اللبناني - السوري

• ما المانع من التنسيق بين الدولتين اللبنانية والسورية لضمان عودة النازحين الذين أصبحت مدنُهم أو قراهم آمنة؟

- إذ أعلنَت الدولة السورية أنّ هناك مناطق آمنة لعودة أبنائها إليها، سنرحّب من جهتنا بعودتهم، ونستأجر الباصات لنقلهم. ولكن حتى الآن لم يتبيّن أنّ لدى سوريا مشروعاً مماثلاً. يسألوننا لِمَ لا نحاور الدولة السورية في هذا الإطار، وأنا أقول: للدولة السورية سفير في لبنان، وهو على تواصل دائم مع وزير الخارجية وفق الأصول والقواعد.

عندما تعلن الحكومة السوريّة رغبتها في عودة مواطنيها إليها، وهناك عدد كبير من السوريين الراغبين في العودة الى بلادهم وليسوا على خصام مع النظام السوري بدليل عشرات الآلاف الذين رأيناهم يتوجّهون لانتخاب الرئيس بشّار الأسد في السفارة السورية، وإذا قدّمت خطة لذلك، عندها سنكون قاعدة لهذه الخطّة، وسنقدّم كلّ الوسائل اللوجستية لتنفيذ هذا الأمر.

نحن لا نتعاون سياسياً مع الدولة السورية انطلاقاً من سياسة عدم الانغماس في النزاع السوري، ولكنّنا لن نمانع التعاون مع أيٍّ كان لعودة السوريين إلى بلادهم لتحقيق هذا الموضوع.

• هل حلُّ قضية النازحين سياسي أم تقني؟
- الحلّ سياسي بامتياز.

  • شارك الخبر