hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

الحسيني: إرادة عدم المعرفة لا تقتصر على من يرفض الطائف بل على من لا يقبل بديلا

الأربعاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 21:43

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

افتتح مؤتمر "اتفاق الطائف بعد ربع قرن على اعلانه"، عند الخامسة من عصر اليوم، بدعوة من المركز المدني للمبادرة الوطنية، وبالتعاون مع مؤسسة "فريدريتش ايبرت"، في فندق فينيسيا - بيروت.

حضر المؤتمر الرئيس ميشال سليمان، ممثل رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وزير الإعلام رمزي جريج، الرئيس حسين الحسيني، ممثل وزير العدل أشرف ريفي القاضي برنار شويري، ممثل الأمين العام للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي، السفيران الروسي ألكسندر زاسبيكن والألماني كريستيان كلاجس، النواب: غسان مخيبر، ياسين جابر، نواف الموسوي، هاغوب بقرادونيان، إيلي كيروز، سمير الجسر، وفريد الخازن، النائب السابق لرئيس الحكومة اللواء عصام أبو جمرة، الوزراء السابقون: سليم جريصاتي، سليم الصايغ، طلال الساحلي، وخالد قباني، النائبان السابقان بيار دكاش وسمير فرنجية، رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، المطران سمير مظلوم، مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام" لور سليمان صعب، وعدد من الوزراء والنواب وشخصيات سياسية واقتصادية وفكرية.

ألقى طلال الحسيني كلمة المركز المدني للمبادرة الوطنية فأوضح أن "الهدف من المؤتمر هو العمل على إيضاح الموقف الوطني من القضايا المطروحة ووثيقة الطائف التي ما زالت قضية مطروحة للتطبيق والتقويم والقول والعمل، سلبا أو ايجابا ضمنا أو صراحة"، وقال: "انها ليست طاولة حوار، إنما لقاء مخاطبة ومكاشفة حول وحدة المصير في دولة أو مشروع دولة ما زالت معلقة البناء على نحو يهدد الكيان، في شعب أو في مشروع شعب ما زالت تعوق ظهوره الحيوي معوقات ذاتية أو مفتعلة من الداخل أو الخارج".

وألقى المدير الاقليمي لمؤسسة "فريدرتش ايبرت" اكيم فوغت كلمة المؤسسة، وأعرب فيها عن ارتياحه ل"نجاح انعقاد المؤتمر بالجهود المبذولة مع الصديق طلال الحسيني والمركز المدني للمبادرة الوطنية"، وقال: "إنها لحظة مهمة لمناقشة الطائف، حيث يجد لبنان نفسه على مفترق طرق من جديد، وهو يواجه مسألة انتخاب رئيس جمهورية توافقي، وفي ظل النقاش حول التمديد لمجلس النواب، إضافة إلى المستقبل المجهول للعقد الاجتماعي وتأثير النزاعات المجاورة على لبنان، وهي ترتبط في شكل مباشر بهذا البلد، وكيف على اللبنانيين أن يواجهوا دولة وشعبا هذه التحديات. وهل يستطيع الطائف مع كل شوائبه المعروفة أن يشكل قاعدة وطنية يتفاهم عليها الجميع وتكون مفتاحا للحل".

وتحدث عن "الظروف التي أدت إلى ولادة اتفاق الطائف والمفاوضات الصعبة والتدخل العربي والدولي، حيث كان الجميع يشكك بالنجاح، فيما شكل الطائف حدا فاصلا بين مرحلتين، وساعد في ايقاف الحرب ونشر السلام وعودة المؤسسات إلى قدراتها، كما نراها اليوم".

ورأى أن "تحديات لبنان تبدأ بكونه مجتمعا متنوعا طائفيا، وعليه أن يعمل لثقافة إجتماعية وسياسية"، مؤكدا أنه "من المهم بذل الجهود لتحقيق السلام الدائم والنجاح المستمر وإجراء الإصلاح في مؤسسات الدولة اجتماعيا واقتصاديا وإعادة الإعتبار إلى الطبقة الوسطى التي تشكل العمود الفقري للمجتمع وتحفز الشباب على البقاء في الوطن والإستثمار وبناء مستقبل".

وأخيرا، استشهد بمقولة مارتن لوثر كينج dream a have، متمنيا أن "يثمر هذا اللقاء بعد 25 سنة على اتفاق الطائف، وأن يفضي النقاش إلى استقرار اقتصادي وسلام، وبناء دولة غير طائفية وطبقة سياسية عاملة على الإهتمام بشؤون اللبنانيين من أجل تطور سياسي وإجتماعي يسمح بمستقبل واعد لهم.

والقى الرئيس الحسيني الكلمة الآتية: "لقد ترددت كثيرا في اختيار موضوع كلامي في هذه المناسبة: هل يكون علي أن أقدم معرفتي الشخصية في السياق التاريخي لهذا الاتفاق، وهو السياق التاريحي نفسه لحياتي السياسية لما يزيد على نصف القرن، ما يزيد على الربع من قبل إعلان هذا الاتفاق وما يساوي الربع من بعد؟

هل يكون علي أن اقدم معرفتي الشخصية في المؤتمر الذي عملت في الاعداد له ثم عملت في إدارة أعماله وإعلان وثيقته وتطبيقها في الدستور والسعي الى العمل بها في الواقع وفي القانون، فأبدد أساطير المحاضر والتوثيق ونوايا التشريع، كما أبدد أساطير الفرض والقهر وأساطير الترغيب والترهيب؟

هل يكون علي أن أقدم معرفتي الشخصية في الأسباب الداخلية وفي الأسباب الخارجية لتعثر تطبيق هذا الاتفاق في القانون وفي الواقع السياسي والاجتماعي، مما حدا بي الى تقديم استقالتي من مجلس النواب رئيسا له، ثم في نهاية المطاف، الى تقديم استقالتي من ذلك المجلس نائبا فيه؟

هل يكون لي أن أقدم معرفتي الشخصية في مضمون هذا الاتفاق وخصوصا في مسائله وأحكامه المجادل في معناها وفي تطبيقها حتى هذا اليوم، كمسألة توزيع الصلاحيات بين المؤسسات الدستورية وما كان الحكم فيها والحكمة منها والنقص أو الانحراف في تطبيقها، أو كقانون الانتخابات النيابية وما هو كائن فيه من المماطلة ولاية بعد ولاية الى لا ولاية كما هو الآن، أو كاستقلال القضاء وما هو مستمر فيه من المواربة والتعتيم بالرغم من صلة الظلم بالظلام، أو كالانماء المتوازن المعلق تطبيقه عاما بعد عام وشدة بعد ضيق، أو كتجاوز النظام الطائفي والمعلوم والمجهول في معناه والخطر والانقاذ في الاقدام عليه، و كالعلاقات اللبنانية السورية وما كان فيها وما هو كائن وما يجب أن يكون، أو أخيرا كتحرير الأرض من الاحتلال الاسرائيلي؟

لقد ترددت كثيرا في الاختيار. وهو أمر، كما هو واضح، مفهوم. ولكن، قبل أن اقدم لكم ما وصلت اليه بعد التردد، أود أن أنقل إليكم ما ورد في "لسان العرب" في معنى الصفة اللبنانية، و"لسان العرب" كما هو معروف معجم قد تم وضعه قبل مئات من السنين:
"قال رجل من العرب لرجل آخر لي إليك حويجة (أي حاجة صغيرة)، قال: لا أقضيها حتى تكون لبنانية أي عظيمة مثل لبنان، وهو إسم جبل".

إن ما اخترت الكلام فيه اليوم هو مسألة العلاقة بين الدين والدولة، كما وردت صراحة أو ضمنا في النص، وهي المحور المباشر أو غير المباشر في ما ذكرت من مسائل، كما انها المفتاح في فهم المشكلات والحلول التي وردت في الوثيقة. وهي مسألة عظيمة الأهمية في لبنان وفي محيط لبنان، ولا أزيد. أما ما أشرت اليه من معرفة شخصية في ما ذكرت من مسائل فهي في تصرف المشاركين في هذا المؤتمر في سياق جلساته وبعد هذه الجلسات. وقبل الدخول في هذه المسألة المختارة، أود أن ألفت انتباه هذه النخبة الكريمة الى عبارة أوردها أحد المؤرخين لا أذكر إسما له مفادها أننا نصادف في التاريخ أحيانا إرادة واضحة في عدم المعرفة لدى بعض النخبة التي تتميز عموما بأنها ذات الارادة الواضحة بالمعرفة، بما هي نخبة. ومن عجيب الأمر الذي يحتاج الى التفسير أن إرادة عدم المعرفة لا تقتصر على بعض من يرفض اتفاق الطائف أو لا يبالي بهذا الاتفاق بل تشمل كثيرا ممن يؤيده ولا يقبل ببديل منه. ولا يكفي هنا القول بتقصير أصحاب الاتفاق في شرح الاتفاق. فالاتفاق ليس نصا لغويا فحسب، إنه عمل من أعمال المصالح، فيه النفع وفيه الضرر، مثلما هو بناء رمزي من أبنية الثقافة والسياسة مما له أثر في الفهم والتفهم.

لقد نصت وثيقة الوفاق الوطني على مبدأ الانسجام بين الدين والدولة في الصورة الآتية:

"... تأمينا لمبدأ الانسجام بين الدين والدولة، يحق لرؤساء الطوائف اللبنانية مراجعة المجلس الدستوري في ما يتعلق ب:

1- الاحوال الشخصية.

2- حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية.

3- حرية التعليم الديني.

السؤال هنا هو ما معنى هذا المبدأ إذ ورد في هذه الصورة، لا يتبعه شرح أو تبرير، كأنه بدهية من البدهيات يستند اليها الحق المشار اليه، أي حق رؤساء الطوائف في مراجعة المجلس الدستوري. وبالفعل، لم يخضع هذا المبدأ عند إثباته لأي مناقشة في جلسات المؤتمر، الجلسات العامة أو جلسات الصياغة.

ليس لي في هذا المقام متسع من الوقت للتفصيل. أكتفي إذن ببعض الملاحظات:

الملاحظة الأولى ان هذا المبدأ قد ورد في سياق عام هو تأمين خضوع المسؤولين والمواطنين جميعا لسيادة القانون، والقانون هنا أولا القانون الدستوري الذي هو المرجع في المراجعات لدى المجلس الدستوري، وهو قانون وضعي وليس شريعة دينية. ألا يعني ذلك ان القانون الأعلى إنما هو القانون الوضعي، تبعا لهذا النص؟

الملاحظة الثانية هي أن الحقوق التي وردت فيه لا تتعدى الحقوق التي نص عليها الدستور في المادتين التاسعة والعاشرة منه. وهاتان المادتان شهيرتان بما يغنيني عن الاستعادة، أفلا يعني ذلك أن الدستور في أول وضعه قد لحظ هذا المبدأ في روح النص وإن لم يظهر في حروفه؟

الملاحظة الثالثة: عطفا على ما سبق، هي أنه من الصعب تأويل الدستور اللبناني تأويلا علمانيا أو تأويلا دينيا، أما القول بأنه دستوري طائفي إنما هو قول واه في كل اعتبار، إلا في تحميل الدستور مسؤولية الممارسة الطائفية، كأن الحق الاجتماعية السياسية بريئة من الطائفية المفروضة بحكم الدستور، او بحكم الاستعمار.

ان ما اتت به وثيقة الوفاق الوطني، في هذا المجال، ليس سوى اظهار المبدأ الذي يحكم الدستور من تاريخ وضعه، واذا كانت التسمية، اعني التسمية المدنية التي يقع في اساسها مبدأ الانسجام بين الدين والدولة، هي تسمية جديدة تتحلى بالوضوح في تبيان المشروع اللبناني، فإن هذا المبدأ وهذه التسمية ليسا الا بخلاصة التجربة اللبنانية، بين علمانية القوانين الوضعية وواقع المجتمع التاريخي.

اسمحوا لي هنا ان ابين ما كنا نعنيه في اثناء مؤتمر الطائف ومن خلال احكامه، ولم يكن لنا ان نعلنه الا بعد ذلك المؤتمر:

في مفهومنا المدني مصالح اللبنانيين اربع مصالح:

1- مصالح الدولة، بالمعنى الضيق، اي بما هي غير المجتمع.

2- مصالح الشعب، اي اللبنانيين، بما هم جماعة وطنية واحدة.

3- مصالح الجماعات الدينية، اي الطوائف بما هي ابرز انواع الجماعات واشملها.

4- مصالح الافراد بما لهم من امرة النفس ازاء الدولة ذات السلطة، وازاء الجماعات الدينية ذات السلطة ايضا.

هذه المصالح لا يمكن افتراض انسجامها انسجاما قبليا، والسياسة المدنية، في هذا المفهوم اساسها السعي الدائم الى تحقيق ذلك الانسجام، وهو انسجام لا يضمنه غير سيادة القانون.

والامر نفسه هو الذي يكمن وراء ما جاء في تلك الوثيقة في شأن البرلمان بمجلسين، مجلس نواب بلا قيد طائفي يمثل اللبنانيين بما هم في شعب، ومجلس شيوخ يمثل اللبنانيين بما هم في طوائف.

أمامنا غدا وبعد غد وقت ضيق، لكنه حافل مقبول، كبداية واليوم وغدا وبعد غد أدعو نخبة اللبنانيين الى تذكر أمرين إثنين:

الأمر الأول: هو أن لبنان حاجة لبنانية، كما ورد في لسان العرب، أي حاجة عظيمة.

الأمر الثاني: هو أن لبنان حاجة لبنانية، كما يرد في قانون الدول، أي أن لشعبه دون غيره السيادة.

من جهته، قال بلامبلي: "هدف الاتفاق لتعزيز سيادة واستقلال الدولة اللبنانية على أراضيه - بما في ذلك ما يتعلق أجزاء المادتين 3 و 4 من الاتفاق اللتين تتطرقان إلى احتلال إسرائيل لمساحات واسعة من جنوب لبنان والعلاقات مع سوريا - الإطار الذي تغير تماما بعد عام 2005 بعد انسحاب القوات السورية. الأهم من ذلك، منذ الطائف، تطور الجيش اللبناني ليصبح مرة أخرى كيانا وطنيا حقيقيا، ممثلاً لجميع الطوائف ويحظى بدعم وطني. لولا الجهود الحثيثة المبذولة لإعادة بناء الجيش على مدى العقدين ونصف الماضية لكننا في حالة يرثى لها جدا اليوم".

وتطرق بلامبلي إلى "الفشل في تحقيق تقدم في ما يتعلق ب"إلغاء الطائفية السياسية والإنجازات، سواء أكانت سياسية أم أمنية أم اقتصادية، هي الآن بصراحة مرة أخرى تحت ضغط كبير بسبب تأثير حرب أهلية أخرى - في سوريا - على لبنان".

أضاف: "في السنوات الثلاث الأخيرة، شهدنا امتدادا للصراع في المناطق الحدودية وأعمالا إرهابية في أماكن أخرى من البلاد. وفي وقت يواجه فيه لبنان هذه التحديات، ومع وجود أكثر من 1.1 مليون لاجئ من سوريا، أصبحت السياسة هنا أكثر تعقيدا، فمؤسسات الدولة تتعرض لضغوط حادة، وهناك فراغ - وليس للمرة الأولى، ولكن الآن منذ ستة أشهر- في مكتب الرئاسة، و"رمز الوحدة الوطنية" كما يسميها الطائف. الحكومة الحالية - التي أنشئت بتوافق الآراء في الطيف السياسي - هي نتيجة للفراغ أصبحت مصابة بإعاقة خطيرة في الوقت الذي تكافح لمواجهة التحديات المتعددة التي تواجه البلاد. والبرلمان عاجز عن التشريع: وهو، أيضا، قريب من نهاية فترة ولايته مع احتمال التمديد ، وما من أي علامة بين أعضائه النواب لمعالجة أكبر قضية سياسية بارزة: الرئاسة".

وتابع: "في الوقت نفسه الجيش ينتشر بشدة ويتعرض للهجوم بشراسة من المتطرفين على الحدود الشرقية للبنان. إذا الآن، أكثر من أي وقت مضى يجب على القادة وضع خلافاتهم جانبا - كما فعلوا في الطائف، وكما فعلوا عندما تشكلت الحكومة الحالية.
كما قال أعضاء فريق الدعم الدولي في بيان أصدروه بعد الاجتماع الأمين العام عقد الشهر الماضي: هناك حاجة إلى الشعور بالإلحاح والمرونة من جانب قادة البلاد لانتخاب رئيس دون مزيد من التأخير، للمساعدة في الحفاظ على إنجازات السنوات ال 25 الماضية والحفاظ على مؤسسات الدولة في مواجهة التحديات الهائلة".

وأردف: "يجب أن يكون هذا أولوية في الوقت الحاضر. يلتزم المجتمع الدولي بشدة دعم الأمن والاستقرار في لبنان، سواء من خلال الأمم المتحدة أو قنوات أخرى. الشركاء الدوليين تبرعوا بما يقابل مليار دولار لمساعدة اللاجئين والأشخاص الذين يستضيفونهم منذ بداية الأزمة. سياسيا، الدعم واضح على قدر المساواة في تصريحات الأمم المتحدة من مجلس الأمن ومجموعة الدعم الدولية بشأن المسائل المتعلقة في لبنان أمنه واستقراره وسلامة أراضيه.في مواجهة الإرهاب وتهديد جديد والحلقة على حدود لبنان، ظهر الدعم من الناحية العملية في مساعدة إضافية كبيرة جدا للجيش اللبناني وقوات الأمن. ولكن وراء هذا أعتقد هناك رسالة أخرى، ضمنية أحيانا. نحن معك، سنساعد، نحن مهتمون بشدة في إنجاح ما تبذلونه من جهود للحفاظ على مؤسسات الدولة، للحفاظ على الاستقرار. ولكن بعد 25 عاما ونحن نتطلع إليكم لكي تأتوا للعمل معا واتخاذ - بروح من الوحدة - القرارات اللازمة للحفاظ على لبنان آمنا ووضعه على مسار صحيح من أجل مستقبل أفضل".
 

  • شارك الخبر