hit counter script

باقلامهم - المحامي لوسيان عون

الآف الدعاوى ترد تباعاً الى قضاة العجلة من المالكين القدامى

الأربعاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 05:46

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

هل أن شاغل مسكن سنداً للقانون السابق للايجارات 160/92 هو اليوم معتد على أملاك المؤجر ومغتصب ومحتل أم لا ؟
تتوالى فصول التعقيدات المتعلقة بالايجارات القديمة العائدة للعقود المنجزة ما قبل العام 1992 ، وما يزيد الطين بلّة تقاعس مجلس النواب عن أداء دوره في حزم اللغط الحاصل والذي يوشك ان يغرق البلاد وفرقاء النزاع اضافة الى أجهزته القضائية والعدلية في ارباكات لا تحمد عقباها، بعدما بات الملف الشائك تتقاذفه آراء من هنا واجتهادات من هناك، ونظريات متضاربة ومضادة في ظل تجاذبات حادة تنذر بانفجار الموقف في اي لحظة في زمن يضج لبنان فيه بأزمات وأحداث سياسية واجتماعية خانقة .
فالقانون الجديد الصادر في أول نيسان والذي طعن فيه امام المجلس الدستوري أفضى هذا الاخير الى اعتباره عادلاً ومنصفاً عدا مواد ثلاث وجب اعادة النظر بها من قبل مجلس النواب الذي أصدره. فتح ذلك جدالاً واسعاً بين المالك القديم والمستأجر اللذين تفاوتت ردودهما عليه ، في غمرة صمت مطبق واستنكاف من قبل النواب الذين رأوا أن اعادة النظر به بات مسألة لا تحتل أولوية اسوة بالتمديد للمجلس وانتخاب رئيس للجمهورية ، قبل أن يلجأ وزير العدل اشرف ريفي الى استمزاج راي هيئة التشريع والاستشارات التي أبدت راياً مفاده أن القانون الجديد بمجمله غير صالح للتطبيق .
وبعد ، وبحال التسليم جدلاً بصوابية راي هيئة التشريع والاستشارات ، يكون كل من القوانين : 160/92 الذي لم يمدد قد انتهى مفعول سريانه في آذار عام 2012 ، والقانون الصادر في أول نيسان من العام 2014 غير صالح ايضاً . وهذا ما يفيد حكماً أن قانون الايجارات العام اي قانون الموجبات والعقود ساري المفعول ، وهو القانون الواجب تطبيقه على العقود التي كانت تخضع للقانون 160/92 سابقاً !
وبالتالي، لا يمكن في ضوء اي نزاع ينشأ بين طرفي العقد أن يتذرع القضاء بأن هذا الاخير لا يخضع لاي قانون. وفي هذه الحال يكون فعل التعدي هو واجب التوصيف في الحالة الحاضرة ما يوجب على القاضي اصدار أحكام الاخلاء على المستأجرين القدامى نتيجة التعدي واخلاء المأجور .
وعلى هذا الاساس فقد باشر وكيل تجمع المالكين القدامى بالفعل بتقديم مئات دعاوى التعدي لدى القضاء المستعجل ضد المستأجرين القدامى واصفاً اشغال مساكنهم بالتعدي طالباً تطبيق قانون الموجبات والعقود على الحالة الحاضرة واخلاء المأجور فورأً مع احتفاظه بحقوقه المختلفة. وقد تقدم بعدد من طلبات الاذن بملاحقة المحامين شاغلي المساكن سندأً لقانون الايجارات القديم 160/92 معتبراً اياهم متعدين على مساكن المالكين القدامى. وقد أصدر نقيب المحامين أذونات بملاحقة المحامين الخاضعين للقانون القديم ما اتاح لتجمع المالكين القدامى بتقديم الدعاوى ضدهم ضمن الدعاوى التي بوشر بها لدى القضاء المستعجل في المناطق المختلفة .
أما وقد بات ملف اجتماعي بهذا الحجم في عهدة المراجع القضائية المختصة وبالتحديد قضاة العجلة في المناطق المختلفة ، فمرجع أن تعج اقلام وأروقة قضاة القضايا المستعجلة بعشرات آلآف الدعاوى المماثلة التي ينحصر موضوعها بالمطالبة " بازالة التعدي عن أملاك المالكين القدامى، فيما اعتبرتها بعض المراجع القضائية تشكل أكبر ضغط اجرائي للمحاكم المعنية فضلاً عن احراج كبير للقضاة الذين تعرض عليهم تلك الملفات بحيث لا يمكن لاي قاض اهمال أي منها ، بل يتوجب عليه الفصل بها جميعاً على قاعدة قياسية واحدة، سواء بردّ الدعوى شكلاً مع تعليل الاسباب الموجبة ، أم ايجاب الطلب واقرار الاخلاء فعلياً تبعأً للتعدي علمأً أن قرارات قاضي الامور المستعجلة تبقى معجلة التنفيذ وأن استئنافها لا يوقف التنفيذ.
انها كرة نار تقذف من مرجع الى مرجع ، بعدما شكل تقاعس الدولة عن حلّ هذه المعضلة الاجتماعية منذ أكثر من ستين عامأً مضى عبئاً ارتدّ عليها ، قبل أن يتوانى المجلس النيابي عن حزم أمره بعدما كان المجلس الدستوري قد صدّق على معظم مواد القانون ما خلا ثلاثة منها طالباً تعديلها. الا أن الكرة أعادتها هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل الى المجهول لتشكل قنبلة موقوتة في الصراع الدامي بين المالكين القدامى والمستاجرين. لكن تجمع المالكين القدامى قرّر حسم أمره اليوم وهو باشر بوضع الكاس المرّ على قوس المحاكم ، منتظرأً الكلمة الفصل من السطة القضائية التي تشكل آخر معقل للعدالة والاستقرار وحسم النزاع العالق ، عسى هذه المرة أن يكون بتاً مبرماً في زمن الفراغ التشريعي والاخطاء المتكرّرة التي ترتكبها سلطات يفترض أن تكون مثالاً يحتذى في تسيير شؤون المواطنين لا خلق ارباكات وبلبلة توشك أن تتسبب بانفجار اجتماعي يعرف من اين يبدأ ولا يعرف أين ينتهي .
من هو المعتدي ومن هو المعتدى عليه ؟ من هو المفتري ومن هو البريء في ملفات باتت اليوم في عهدة القضاء بعدما شق تجمع المالكين القدامى طريقه لفتح ثغرة في هذا الجدار ، بعدما شعر بأن لا المجلس النيابي سيؤتي له حقه ، ولا السلطة التنفيذية ، ولا رأي من هنا ، ولا قرار لمجلس دستوري من هناك ، بل توسّل كلمة حق ممن أعطي الحق للفظها تصنّف اشغالاً لمستأجر قديم لمسكن يملكه ببضع عشرات الآلآف من الليرات سنوياً ، فيما الدولة التي كان من المفترض أن تكون ساهرة على شؤون المواطنين وشجونهم أدخلتها الازمات الامنية والسياسية والاجتماعية والحروب المحلية والاقليمية في غيبوبة مطبقة .
فهل يكون اللجوء الى القضاء هو الحلّ أم يحرج السادة القضاة بكأس مرّ وكرة نار تضعضعه وتنهيه عن قول الحق؟
وما هي السبل والوسائل لتحاشي الفصل بهذا الملف الشائك والمعقّد بعدما بات هذا القضاء ملزمأً اليوم ، وباسم الشعب اللبناني أن يقول كلمته الاخيرة ببساطة :
هل أن شاغل مسكن سنداً للقانون السابق للايجارات 160/92 هو اليوم معتد على أملاك المؤجر أم لا ؟ ولماذا ؟
وهل يتوجب اخلاؤه وتسليمه لمالكه كما أدرجت مطالب المالكين في دعاويهم التي تغرق تباعاً أقلام قضاة الامور المستعجلة في سائر المحافظات والاقضية في لبنان ؟
 

  • شارك الخبر