hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - البروفسور جاسم عجاقة

تعميم مصرف لبنان الأخير يحمل علامات سلبية

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 06:21

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في وقت تزداد فيه الضغوطات الأمنية والسياسية على لبنان، تظهر إلى الواجهة مخاطر تُهدد الاقتصاد اللبناني وكيان لبنان الكلّي. وأدت الغيوم السوداء التي خلّفتها مواجهات عرسال والإعتداء الأخير على الجيش اللبناني إلى زيادة إحتمال هذه المخاطر.
يُعتبر لبنان الحلقة الأضعف بين دول المنطقة. ياتي هذا الوصف من هشاشة النظام اللبناني الذي وصفه الرئيس الراحل بشير الجميل بالـ "مزرعة". فتركيبة لبنان الطائفية والإرتهانات الخارجية تلعب دوراً كبيراً في تضعيف القرار السياسي والإقتصادي إلى درجة يعجز لبنان معها عن أخذ القرارات اللازمة. وآلية النظام منذ خلقه ومع تعديلات الطائف، رهنت لبنان بالتوافق بين مكوناته مما يعني أن أي قرار يجب أن يحظى بموافقة جميع الأفرقاء – بدعة الديموقراطية التوافقية!
ودون الغوص في الشق السياسي والقانوني لمشكلة النظام، نرى أن التدعيات السلبية على الوضع الاقتصادي أصبحت واضحة. فقرار السيطرة على النزوح السوري وخصوصاً بشقّه الاقتصادي، غير موجود ويحتاج إلى دعم خارجي للجم تداعياته الكيانية على لبنان – مثلاً عدم القدرة على لجم العمالة السورية غير الشرعية. وهذا ما يُعبّر عنه في الاقتصاد بالقول التباعد بين القيم الاقتصادية والتلاحم الاجتماعي. وهذا الأمر يُبرز إلى الواجهة ثلاثة مخاطر ستكون كارثية في حال إستمرّت:
أولاً، الوضع الاقتصادي المُرتهن بالوضع السياسي الداخلي والإقليمي: فالمواجهات السياسية الداخلية والتي إزدادت مع الأزمة السورية، أدّت إلى تدفق هائل للنازحين السوريين فاق قدرة الدولة إقتصادياً (وسياسياً وأمنياً) على مواجهته. وحتى يومنا هذا لم تستطع الحكومة أخذ القرارات المُناسبة – الاقتصادية أقلّه – لمواجهة العمالة السورية غير الشرعية، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى وضع 324 ألف موظف خارج سوق العمل في نهاية هذا العام. كما أن هيكلية الاقتصاد الخدماتية المُرتبطة بشكل كبير بالوضع الأمني ضربت الاقتصاد اللبناني بشكل أصبح معه هذا الاقتصاد يعيش على تدفقات أموال المُغتربين اللبنانيين. وهذا ما يجعل النمو ضئيلاً (يُقارب الـ 1% خلال العامين 2013 و2014).
ثانياً ، الوضع المالي والعجز الثنائي مع دين عام مُفرط: إن إستمرار العجز بسبب الفوائد التي تأكل نصف مداخيل الخزينة تفرض إصلاحات جذرية لكي تتمكن الدولة من السيطرة على المالية العامة. وعلى رأس هذه الإصلاحات تحرير قطاع الكهرباء التي أصبحت مشكلته فضيحة تطال مصداقية الدولة اللبنانية ! كما أن الدعم لعدد من القطاعات أصبح واضحاً أنه نابع من مصالح خاصة ولا يمتّ إلى الشق الاجتماعي بأي صلة. والعجز المالي المزمن الذي تُسجله الدولة كل عام هو كالمرض العضال الذي يُصيب جسم الإنسان ويجب وقفه حالاً عبر قرارات جريئة من قبل الحكومة. أما العجز في الميزان التجاري فهو دليل على ضعف هيكلية الاقتصاد اللبناني الذي يستورد 90% من إستهلاكه.
ثالثاً، التعرض المُفرط للقطاع المصرفي لدين الدولة: إن القطاع المصرفي اللبناني هو من أكثر القطاعات صلابة ومتانة، لكن حالته مع الدولة اللبنانية تُشبه حالة إنسان يغرق ويتعلق بإنسان أخر ويُكبّله مما يؤدي حتماً إلى غرق الإثنين معاً. فكل مقومات القطاع المصرفي تُسخّر حالياً لتمويل عجز الدولة المالي ودينها العام إلى درجة أصبحت البنوك تُموّل كل قرش تصرفه الدولة اللبنانية. وهذا الأمر تمّ ترجمته بتخفيض وكالة التصنيف الإئتماني للتصنيف الإئتماني للمصارف اللبنانية إلى ما دون تصنيف الدولة اللبنانية على الرغم من فائض هائل في السيولة في هذه المصارف. كما أن إمتناع المصارف عن تمويل الإستثمارات يُشكل ضربة قوية للإقتصاد الذي موّلت المصارف الشق الإستهلاكي منه. وتعميم مصرف لبنان الأخير بتمويل القروض الإستهلاكية بشرط إمتلاك المُقترض 25% من ثمن المُنتج يحمل في طياته علامة سلبية من ناحية تخوف مصرف لبنان على القطاع المصرفي من ثنائية التعلق بدين الدولة من جهة ودين القطاع الخاص من جهة أخرى والذي مع الوضع الاقتصادي الحالي يُنذر بمخاطر قد تطال النظام المصرفي كله.
من هنا نرى أنه من الواجب على الحكومة اللبنانية أن تتخذ بعض الإجراءات الجريئة التي تُنقذ الاقتصاد اللبناني من المخاطر الثلاثة التي تتربص بلبنان وإقتصاده.
 

  • شارك الخبر