hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

إطلاق العدد الأول من "مرايا التراث"

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 15:15

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أطلقت الجامعة اللبنانية-الأميركية مجلتها الجديدة "مرايا التراث" الصادرة عن "مركز التراث اللبناني" فيها، والمخصصة لكشف صفحات من تراث لبنان الثقافي والحضاري والفني والإجتماعي والإنساني، ليكون مبوبا في متناول كل الباحثين ورواد المعرفة.

أقيم حفل إطلاق العدد الأول في حرم الجامعة في بيروت، في حضور وزيري الإعلام والثقافة رمزي جريج وريمون عريجي، ونقيب الصحافة محمد بعلبكي. وحضر من الجامعة رئيسها الدكتور جوزف جبرا ونائبة الرئيس لشؤون الطلاب الدكتورة إليز سالم ومدير مركز التراث الشاعر هنري زغيب والمدير التنفيذي للاعلام والعلاقات العامة الدكتور كريستيان اوسي، وأعضاء الهيئة العلمية في المركز ومدعوون ووجوه ثقافية.

بداية النشيد الوطني، ثم رحب زغيب بالوزيرين ونقيب الصحافة والحضور، وتحدث عن هذه المجلة الصادرة بثلاث لغات، وقال: انها مجلة "مرايا التراث"، الفصلية الأكاديمية المحكمة، حارسة الإرث، وارثة التراث اللبناني، الناذرة صفحاتها رسالة تتعهد حمل الشعلة من جيلٍ إلى جيل، وإبقائها مضيئة شاعلة بتاريخٍ للبنان آتٍ من الغد المشرق، لأن الغيم العابر اليوم قد يحجب لكنه لا يلغي أمسا غنيا بالعطاء على قمة الفجر من صباح العلم والعالم".

أضاف: "ما كان لمولودتنا الجديدة مجلة "مرايا التراث" أن تصدر اليوم، بطبعتيها الورقية والإلكترونية معا، لولا جهات أربع ترعى مسارها ومسيرتها ومصيرها: رئيس الجامعة الدكتور جوزف جبرا وفريق الجامعة الأكاديمي واللوجستي والإداري، المجلس العلمي الإستشاري الذي يرفد المركز بأفكار وآراء ومقترحات تصقل اداءه، الهيئة العلمية المحكمة التي تنظر في أكاديمية المواضيع المقدمة إلى المجلة، وكتاب المجلة الذين شكلوا مضمون العدد الأول كوكبة مقالات ودراسات وأبحاث فتحت خزائن التراث اللبناني، ماديه وغير مادية، مدونه وشفوية، واستلت منها خلاصات ما على جيلنا الجديد أن يعي من كنوز تراثه اللبناني. وما سوى هكذا نبقي لأبنائنا وأبنائهم ما أورثناه اباؤنا وآباؤهم. وهنيئا لبنين يحفظون الإرث ويحافظون عليه تراثا اغلى وأغضى وأغنى ما يورث جيل ذاكرة جيله التالي".
وتلاه جريج الذي قال: "بين الإرث والتراث رابطة لغوية وثيقة لا جدال فيها، فالكلمتان من جذر واحد، لكنهما في الحقيقة مختلفتان معنى ومدلولا. إذ إن الإرث في مفهومه القانوني ملك مادي عائد للأفراد، قد يزول أو يثمر، وهو ينتقل دائما من يد إلى أخرى، وللوارث أصلا الحق في قبوله أو رفضه. أما التراث فملك معنوي عائد للمجتمع كله بأجياله المتعاقبة، تكتنزه القلوب والضمائر، ويسري في آمال الناس وذكرياتهم، دون أن يتمكنوا من التنكر له، حتى ولو حاولوا، لأنه ملازم لسماتهم النفسية والاجتماعية، بل صانع لها. وهذا التراث يبقى حيا ما بقيت الأمة حية، حتى ليصح القول إن من دلائل موت الأمم تخليها طوعا أو قسرا عن تراثها".

وأضاف: "تحضرني اليوم المقابلة بين هاتين اللفظتين في مناسبة احتفالنا بإطلاق العدد الأول من مجلة "مرايا التراث"، التي أريد لها أن تكون سجلا يحفظ الكثير من معالم تراثنا الوطني في العمارة والفن والعادات والتقاليد والآداب والأمثال الشعبية والفولكلور والغناء والثقافة وغير ذلك من الميادين. وأن تكون أيضا منطلقا لتوطيد علاقتنا بهذا التراث بغية تفعيله في يومياتنا المعاصرة ونقله حيا إلى أجيالنا الطالعة. إنها رسالة جليلة بلا ريب، خصوصا في هذا العصر المسمى ما بعد الحداثة، الذي يفرض علينا أنماطا من الحياة مختلفة جدا عما عرفناه نحن في أيامنا الخوالي. وأؤكد في هذه المناسبة أننا في لبنان، مواطنين ومسؤولين، نأبى أن يكون تراثنا إرثا ماديا قابلا للرفض أو التبديد، ونشدد على كونه قوة معنوية فاعلة تحفظ لنا الحاضر والمستقبل، كما حفظت لنا الماضي. ذلك لأن التراث في آن معا بيت طفولتنا وموئل شبابنا ومحطة انطلاقنا إلى الغد الرحيب، أو هو كما قال أدونيس:
فيه تعرفنا على حالنا
نقفز من كون إلى آخر
فيه حلمنا بالمجاهيل
نطفر من جيل إلى جيل".

وتابع: "هذا الكنز المعرفي الذي راكمته تجارب الأجيال، ليس إلا خلاصة ثقافات متعددة، شرقية وغربية، محلية ووافدة، قديمة وحديثة، تفاعلت في ما بينها على تراب لبنان الذي كان ولا يزال جسر تواصل حضاري بين مختلف الأمم والشعوب. خصوصية هذا التراث إذا، أنه فريد في غناه، متجذر في أصالته، متعدد في ينابيعه، متجدد في مراميه.
وتبرز هذه الخصوصية بشكل واضح في مجالات كثيرة، كالهندسة المعمارية اللبنانية التي تتمتع بطابع مميز تضيء عليه إحدى دراسات هذه المجلة. وكالعادات القروية في الأعراس والمآتم وغير ذلك من المناسبات. وكالزجل، وبخاصة المنبري منه، الذي يشكل حقا حصريا للتراث اللبناني. وكالفولكلور وما يتضمنه من غنى لا يوصف... هذه المسائل كلها وكثير غيرها تعكسها بعمق ووضوح مجلة مرايا التراث.

صحيح أن التطور الذي يشهده عالم اليوم، يفرض على كل المجتمعات دون استثناء، نوعا من التكيف والتأقلم مع معطيات العصر، وهذا شيء حميد. لكن الشعوب الحية هي تلك التي تكون عيونها نحو الفضاء الجديد وأقدامها راسخة في تراب تراثها. وإذا لم تكن كذلك تصبح عرضة لخطر الضياع والذوبان، إلى أن يتاح لها في يوم ما، من يستعيد تراثها ويحييه مجددا، تماما كما فعل اللبنانيون الذين، منذ أواخر القرن التاسع عشر، انبروا إلى إنقاذ اللغة العربية من عصر الانحطاط ومحاولات التتريك، فحفظوها في أديارهم ثم أعادوها إلى العرب، بل أعادوا العرب إليها، لغة حية نقية من العجمة واللحن والركاكة".

وأشار الى أن "التراث اللبناني لا ينحصر في المجالات التي ذكرت، بل يتخطاها ليشمل الميدان السياسي، إذ تميز وطننا منذ نشوء دولة لبنان الكبير، بخلاف سواه من البلدان المحيطة به، بنظام ديموقراطي يرتكز على تقديس الحريات العامة وتكريس فصل السلطات وتعاونها، ومبدأ تداول السلطة في المواعيد الدستورية. وان هذه الميزة تشكل عنصرا ثابتا من التراث السياسي اللبناني، الذي يجب المحافظة عليه كجزء لا يتجزأ من هوية لبنان، بالرغم مما يتعرض له وطننا من ازمات، نأمل ان يتمكن من تجاوزها، ومن اعادة احياء تراثه السياسي العريق".

وختم: "من باب المحافظة على هذا التراث بمعالمه كافة، أنظر إلى الجامعة اللبنانية الأميركية، فأهنئها وأهنئ رئيسها الدكتور جوزف جبرا، ومركز التراث اللبناني فيها، والمسؤول عنه الأديب والشاعر هنري زغيب، على الجهود التي بذلوها وسوف يبذلونها في دراسة تراثنا الوطني والتعمق فيه وحفظه ونقله إلى الأجيال القادمة، ليكون فاعلا في نفوسهم وعقولهم، وذخرا لهم في كل أحوال حياتهم الاجتماعية والثقافية".
ثم قال عريجي بدوره: "يعنينا من هذا الحدث في وزارة الثقافة أنه يضيء على تراثنا اللبناني في مختلف وجوهه، مكملا جهود من يعملون في هذا الحقل من باحثين واكاديميين ودارسين، ما يغني ارثنا في تجدد دائم، وفي مواصلة مسؤولة للكشف عما في هذا التراث من كنوز".

أضاف: "يلفتنا في هذه المجلة الجديدة "مرايا التراث" أنها تتعهد نقل موروثنا الثقافي في مسؤلية أكاديمية، محصنة بخروجها عن جامعة عريقة كبرى تخرج أفواجا رصينة للبنان الغد، وبالتالي تخرج اليوم هذه المجلة الرصينة، ومحصنة كذلك بصدورها عن "مركز التراث اللبناني" في هذه الجامعة، ونحن نتابع مسيرته المتواصلة بإستمرار منذ سنوات بلا توقف، لقاءات ومحاضرات ومؤتمرات ومنشورات وأنشطة ثقافية وتراثية. ويعصم المجلة أنها في عهدة هيئة علمية أكاديمية مسؤولة من نخبة اكاديميين مشهود لهم بالإشراف والمتابعة والفصل في الصالح والمفيد، ما يجعلنا نتوسم في هذه المجلة منبرا جديدا يرصد نخبة المواضيع التراثية، وهذا العدد الأول منها بين أيدينا يبشر بذلك من مواضيع العدد وأبحاثه بأقلام خبراء كبار من قطاعات إختصاصاتهم التراثية، من معالم وعلامات في بيروت وحرمون وبعلبك، ومن تراث غير مادي بين المرويات الشفوية والمنقولات المحكية زجلا وفرائد، وتراثنا الموسيقي أعلاما وفولكلورا وآلات، وأنواعا وتاريخا وهوية، بلوغا إلى التشريعات القانونية، والمعايير الدولية للحفاظ على التراث، وتفادي، تلفه واندثاره، وحفظ مصادره وحماية عناصره".

وختم: "إن وزارة الثقافة، إذ تستقبل صدور "مرايا التراث" تهنئ الجامعة اللبنانية الاميركية على رعايتها هذه المجلة، وتهنئ "مركز التراث اللبناني" في الجامعة على اصداره المجلة بهذه الحلة الأنيقة التي تعادل مضمونها وتليق به، وتنشره في لبنان والخارج صورة غنية لتراثنا الغني".
وألقى بعلبكي كلمة قال فيها: "عندما أخذت العدد الأول من مجلة "مرايا التراث" أصدقكم القول أن أول شعور أحسست به هو اننا كم كنا نحتاج فعلا إلى مثل هذه المجلة، فإذا بالجامعة اللبنانية الأميركية والصديق هنري زغيب يفاجئاننا بتقديم هذه المجلة ال الرأي العام. وحتى ندرك أهمية صدور هذه المجلة فلنتصور أنها لم تصدر بعد. كم كان سينقصنا في مجالنا الثقافي مثل هذه المجلة التي انتدبت نفسها لخدمة رسالة لبنان الذي لن يتخلى عنها مهما كانت العقبات لأنها في صلب كيانه. هذه الرسالة التي تحدث بها الكبار في العالم. علينا جميعا أن نتمسك، خصوصا من يدعي الثقافة، بألا نتخلى عن هذه الرسالة لنحفظ للبنان مكانته الدولية والإجتماعية".
وتلاه جبرا: "ما أجمل ان يكون لكل إنسانٍ فرصة سانحة يحلم خلالها بمشاريع قيمة لا تمت الى شجع جني الاموال بصلة.
وما ألذ وأعذب ان يحقق الانسان امنيات أحلامه ليس لمنفعة نفسه بل لخدمة وطن نال، ولم يزل، نصيبه من الآم الفساد وإنهيار البنية التحتية في كل المجالات؛ في بلد يعتبر مواطنوه بأنهم فوق القانون في تصرفاتهم اليومية، في بلد عجز سياسيوه عن انتخاب رئيس للجمهورية، في بلد اصبح فيه فقدان الأمل بين شبانه وشاباته نمط حياة لا أمر ولا أتعس.
وفي هذه المناسبة نجتمع سوية لنحتفل يتحقيق حلم للأمل ركز صاحبه على احياء تراث لبناني كاد ان يتلاشى تحت ضربات اللامبالاة والإهمال القاسية.
لقد قرر صاحب حلم الأمل ان ينتزع من براثن الفوضى العارمة التي يتخبط فيها بلده الحبيب ارثا غنيا بتراثه الفكري والأدبي ، بتراثه الشعري والمادي. غنيا بإنجازات عمالقته في الوطن والمهجر.
فالأستاذ هنري زغيب هو صاحب هذا الحلم الذي حاكه بإهتمام فائق بعد خروج لبنان من حرب أهلية هددت بزواله وزوال تاريخه التراثي.
وعندما استمعت ادارة الجامعة اللبنانية الاميركية الى ما كان يجول في فكر شاعرنا الجبيب سارعت الى تأسيس مركز التراث اللبناني سنة 2002
لكن الحلم الدي دغدغ مخيلة الاستاذ هنري زغيب اكثر من كل شي هو إنشاء مجلة تكرس لأبحاث جدية في مجالات تراثنا الغني.
وها نحن أيها السيدات والسادة نجمع سوية هنا في هذا الصرح الاكاديمي الذي يجسد أحلام الأمل وينثرها أعمالا مجيدة في ارض لبنان، نبتهج بتحقيق هذا الحلم وهو صدور مرايا التراث بعددها الاول".

ثم كان شرب أنخاب وحفل استقبال في المناسبة.

  • شارك الخبر