hit counter script

مكاتب استقدام الخدم في لبنان تغطي مساحة الصين!

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 11:44

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

"انا كيف بدي امن حط ولادي مع الشغالة بعد لي صار مع سيلين"، "اذا 4 سنين وقتلتها كيف انا لي صرلها عندي 3 اشهر"، بهذه العبارتين يمكن ان نلخص حالة الامهات اللبنانيات بعد مشاهدة فيديو الطفلة سيلين الصادم للرأي العام مع فرضية ان العاملة قد تكون بريئة نظرا لعدم اكتمال التحقيقات في القضية بعد.

أعاد فيديو الطفلة سيلين الى الواجهة ازمة حقيقية يعاني منها المجتمع اللبناني وهي العاملات اﻻجنبيات داخل المنازل، والتعامل المتبادل بين الخادم والمستخدِم والذي يرسم الكثير من علامات الاستفهام حول كيفية استقدامهن وحقوقهن وواجباتهن، وتحول خدمتهن في المنازل اقرب ما يكون الى العبودية هذا فضلا عن الاسباب الموجبة لاستقدم الخادمة بحيث صارت في كل بيت خادمة تقريبا سواء كانت السيدة عاملة ام ربة منزل.

حظر العمل
تبدأ رحلة العاملة الاجنبية الى لبنان عبر المكاتب المرخصة المنتشرة على الاراضي اللبنانية والتي يفوق عددها 455 مكتبا والكفيلة حسب احد اصحاب تلك المكاتب بتغطية عاملات لدولة مثل الصين، فكيف ببلد مثل لبنان والذي لا يفوق عدد سكانه الملايين الخمسة.
وحسب زين وهو صاحب احد تلك المكاتب، بأنه كمكتب خدم يحصل على ترخيص من وزارة العمل وبعدها يتم التواصل مع مكاتب خارجية في الدول المعنية، حيث يتم ارسال سير ذاتية لبعض الخادمات ويختار صاحب المنزل العاملة حسب شروطه، والتي في بعض الاحيان تختصر بـ "مش وقحة" و "ما تعطل الأحد لأن نحنا بنعطل الأحد لنرتاح"، وبعد تلك الشروط تنجز الاوراق في وزارة العمل ومن بعدها يقوم الكفيل بطلب الفيزا من الامن العام، مشيراً الى ان الكثير من البلدان تمنع رعاياها من القدوم الى لبنان بسبب عدم توفر الشروط لحماية الخادمات، في حين ان اثيوبيا قد رفعت الحظر قبل ايام عن لبنان، بينما اذا اردنا استقدام خادمة تقوم دولتها بحظر بالقدوم الى لبنان تنجز الاوراق على انها قادمة الى دول مجاورة ومن بعدها تأتي الى لبنان، وهنا تبدأ رحلة العاملة والمخاطر المتبادلة بين اهل المنزل والعاملة.

مافيا العاملات
ويشرح رئيس نقابة أصحاب مكاتب استقدام الخادمات في لبنان هشام البرجي في حديث لـ" البلد" ان الخطورة تبدأ مع العاملة من المكاتب نفسها، والتي تنقسم الى ثلاثة اقسام: مكاتب مرخصة وتمارس المهنة بطريقة قانونية، بينما النوع الثاني والخطير والذي يحصل على ترخيص ويقوم بتأجير الرخصة الى شخص آخر، وهذا مخالف للقانون فمن ضمن شروط الترخيص عدم اعطائها لغير صاحبها، ويمنع استثمارها او تأجيرها، بينما النوع الثالث وهو اخطرها، حيث نشاهد في الشوارع والطرقات اعلانات لمكاتب استقدام عاملات وهي غير مرخصة لتصل الامور سابقاً الى حد توزيع اعلانات "مندوبنا في خدمتكم" حيث يكون بحوزته عدة سير ذاتية لعاملات ومن باب الجهل لدى بعض المواطنين يعتبرون بأنه اسهل انجاز المعاملات من المنزل، ولكن عندما تقع الكارثة ويكون هناك اشكال يصبح من المستحيل الوصول الى الموظف، فمن المنطق اللجوء الى مكاتب مرخصة، ولو لزم الامر بعض التعب.

تقاعص وزارة العمل
وبحسب البرجي فان الحاصل في مهنة مكاتب الخدم كأي مهنة اخرى هناك تعديات على المهنة، فنرى في بعض المناطق متجر صغير يضع اعلان استقدام عاملات، محملاً المسؤلية الى تقاعص وزارة العمل في لعب دورها الحقيقي، مما جبر الامن العام لقيام بدور وزارة العمل لضبط تلك الثغرات، ولكن المهمة الاصعب والاخطر تبقى في مكاتب ما يسمى "التنظيفات" والتي بحسب البرجي تقوم بتهريب العاملات ولديها اكبر مافيا في لبنان وتشكل خطورة حقيقية، فعلى سبيل المثال فتاة مريضة يستقدموها ويقمون بابرام عقد عمل ويتم اشغالها في الفنادق وفي بعض الاحيان مستشفيات، ومن المؤسف بأن هذه القضية مطلع عليها الامن العام ووزارة العمل، ويدخل ضمن الاتجار في البشر، فقدرات الامن العام محدودة، هي فوضى عارمة، حتى قانون لا يوجد فبعد قانون الذي سمي ببطرس حرب والذي يحارب من قبل البعض ولكن وجوده يبقى افضل من عدمه، على الاقل يمكن محاربة تلك المكاتب الغير الشرعية بالقانون، فعند الملاحقة حالياَ يقوم الامن العام بالاستناد الى المادة 75 من قانون العمل، ولكنه غير كافي، فالقانون يخفف الفوضى وما يتبعها من جرائم سرقة وقتل وهرب للعاملة بالاضافة الى رفع الحظر من قبل العديد من الدول على القدوم الى لبنان.
ولكن الاهم يبقى في وعي المواطنين والذي يجب عند طلبهم من المكتب اي عاملة المطالبة بمعرفة الرخصة بالاضافة الى عقد استقدام رسمي، فالاهم هو عدم الوقوع في فخ التوفير المادي بـ 200 او 300 $، فمن ابسط الامور هو مراجعة موقع النقابة على الانترنت ومعرفة ما هي المكاتب المرخصة والغير مرخصة، من هنا تبدأ الاخطاء لتنتهي بالجرائم متعددة، اخرها الطفلة سيلين، وقبلها حالات انتحار العاملات.

سيف ذو حدين
وحول التعامل مع العاملات من قبل المواطنين والحوادث القائمة داخل المنازل تشير الاخصائية في علم النفس الدكتورة مهى نور الدين الى ان استقدام عاملة منزل اصبح من الضروريات في ظل المتطلبات المعيشية، ولكن لقدوم العاملة والدخول الى الاسرة هو سيف ذو حدين، فالواجب اعتبار العاملة هي موظفة تتقاضى راتبها اخر الشهر، ولكن هذا لا يسمح بأن تحول بعض العائلات العاملة الى عبدة، فبعض العائلات تقوم باصطحاب العاملة في زيارتها العائلة لتقوم ايضاً بالعمل في بيوت الاقارب، وفي حال اعترضت يكون عاقبها الضرب، او الاهانة وهنا تبدأ المشاكل مع العائلة.
وتضيف نور الدين ان العاملة في بعض الاحيان تكون لديها ميول اجرامية، ومن هنا من الصعوبة بمكان كشف تلك الميول ففي حالة الطفلة سيلين والتي تعمل منذ 4 سنوات لدى العائلة قامت في لحظة اجرامية بالقيام بعملها، وهنا لا احد يتحمل المسؤلية فلا المكتب ولا الكفيل ولا حتى العائلة فالجريمة قامت بفعل من قبل شخص باتجاه طفل، مضيفةً بأن التعامل من قبل العائلات حديثة التكوين مع العاملات مخيف، فبعض الامهات جلَ همهم العمل وتكوين الذات، ولكن تكوين الذات لا يكون عبر قتل الحنان من قبل الطفل لامه، فنرى بعض العائلات لدى الاطفال حنان اتجاه العاملة اكثر من الأم، فالعاملة هي من تطعمه وتهتم بشأنه بينما الأم اكثر من يمكن فعله هي المشاهدة عن بعد، لتصل الأمور في احدى العيادات بأن عاملة المنزل هي من قامت بجلب الطفل الى الطبيب والطفل لا يتجاوز من العمر سوى اشهر فقط! فمن الطبيعي ان يكون الحنان باتجاه العاملة وليس الأم مستشهدةً بحادثة في احدى دول الخليج، بأن قام احد الشباب بالبحث عن الخادمة في بلادها، وهنا تكون مشكلة أساسية وجوهرية في طريقة التعامل المتبادل من قبل الطرفين.

غريب داخل العائلة
وتشير نور الدين الى ان القلق الحاصل لدى بعض الامهات من تعامل العاملات مع اطفالهم بطريقة وحشية مبرر خاصة بأن العاملة هي في نهاية الامر غريبة فمن الغير المنطقي اعطاء كامل الثقة بها ولا نبذها، بل يأخذ كل واحد دوره فالأم مهما انشغلت بهموم الحياة يجب ان تبقى ام والأب كذلك، مشيرة الى ان مهما كانت الاسباب التي دفعت الى قتل الطفلة سيلين تبقى حالة فردية لا يمكن تعميمها على باقي العاملات، ولكن الانتباه حسب الاخصائية يجب ان يبقى موجوداً، واذا احس الاهل بأن العاملة بدأت بالتذمر لا يعني هذا انهم يحق لهم ضربها او نبذها، ببساطة يمكن اعادتها الى المكتب او البحث عن اي طريقة لحل المسألة لتجنب اي ردة فعل قد تصل الى القتل او الانتحار".
اذا المشكلة هي في مجتمعنا اللبناني الذي صارت الخادمة جزءا من اثاث منزله وصار يتعامل معها كأنه صاحب حق متناسيا ان عليه واجبات والا ما اسباب اقفال عدد من دول افريقيا الباب امام مجيء مواطنيها الى لبنان ، مرة الفليبين ومرة اثيوبيا ومؤخرا كينيا ومدغشقر .
"صدى البلد - علي عواضة" 

  • شارك الخبر