hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - جمانة حداد

"يللي في مسلّة تحت باطو..."

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 07:54

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

قرأتُ في دراسة علمية نُشرت حديثاً أن سمك السومون يقي من مرض الألزهايمر، وأن من شأنه تحفيز الجانب الأيسر من الدماغ وتنشيط خلاياه واستثارتها بما يبعد عنها النشاف والتدهور.
قرأتُ وفكّرتُ: "يوريكا يوريكا". وجدناها! الخرفانون في بلادنا يتكاثرون، وخصوصاً السياسيين منهم، على ما نعلم ونسمع ونشاهد يوماً بعد يوم، وأعراض خرفهم تصلنا من كل الجهات: من شاشات التلفزيون، من الصحف والاذاعات، من المقالات والتصريحات، وهلمّ. فلعل هذا الاكتشاف يكون لهم، ولنا خصوصا، خير معين، وخصوصاً أن السومون لذيذ الطعم ويعتبر أكلة "كلاس"، أي لن يشعر زعماؤنا "المهيوبون" بأي حرج في الاكثار منه بغية شفاء عقولهم المريضة: عصفوران بحجر واحد.
طبعاً وبطبيعة الحال، ينبغي لنا أن نقول " راحت عليكم" للمسنّات وللمسنّين من الطبقة المتواضعة، الذين ترتعد فرائصهم خوفاً من إصابتهم بأمراض النسيان وفقدان الذاكرة واختلاط الامور بعضها بالبعض الآخر، هؤلاء الذين لا فرصة لهم ليجتنبوا الألزهايمر في زمن الغلاء والتعتير هذا. ولكن اسمحوا لي بأن اقول مبروك (بأنانية) لنا جميعا، لأننا قد نتمكن ربما من معالجة "الخرف" غير الطبيعي الذي يصيب بعض سياسيينا الذين لا يزالون في تمام صحتهم ووعيهم (في المبدأ فقط لا غير).
لا تفهموا نبرتي هذه خطأ: السخرية فيها ممزوجة بالحرقة، والسينيكية بالكيل الطافح، نظراً الى انفلات المعايير العقلانية السنّ أو عدمه. سياسيون "موتورون" لا يتمالكون أنفسهم، بل يصابون بانفعالات هوجاء ويتحفوننا بهذيانات وبنوبات جنون، أين منها حالات "الخرف" المؤلمة التي تصيب المتقدمين في العمر بسبب نشاف الشرايين.
كتب تشارلز بوكوفسكي يوماً: بعض الناس لا يجنّون البتة. فيا للحيوات المرعبة والضجرة التي يعيشونها".
صديقنا بوكوفسكي على حقّ. شيء من "الجنون" ينعش فعلاً قلب الانسان وحياته. فنحن لم نولد لنكون آلات مبرمجة. لكنْ هناك جنون وجنون. هناك جنون خلّاق جميل عميق مُغنٍ، وجنون سخيف مرضيّ تافه.
على المصابين بالنوع الأول... أن يمعنوا.
أما المصابون بالنوع الثاني، الذين تعاني أدمغتهم خرفا لا علاقة له بخرف الشيخوخة، وميغالومانيا لا يمكن معالجتها بالأدوية، فأقترح عليهم تجريب السومون. من يدري! لربما تكون له مفاعيل إيجابية تساعد في ضبط الجنون التخريفي الذي يصيبهم قبل أوان الجنون. للتوضيح: أطلب هذا من أجلنا لا من أجلهم.
لطشة؟ بالتأكيد. و"يللي في مسلة تحت باطو... خلّيها تنعرو".

  • شارك الخبر