hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ناصر زيدان

عمَّا يُسمى " المسألة الدرزية "

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 07:45

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

ليس هناك مسألة درزية في قاموس المُصطلحات التي تُدلل على الحالاتالسياسية الموجودة، فالدروز وفقاً لتوصيف قيادي ينتمي الى الطائفة الدرزية: مواطنون عرب مسلمون. الموجودون في سوريا مواطنون سوريون، والموجودون في لبنان موطنون لبنانيون، والموجودون في الاردن مواطنون اردنيون، اما الذين يعيشون في فلسطين تحت الاحتلال الاسرائيلي، فلا حول لهم ولا قوة، برغم ان قسماً كبيراً منهم يُشهِرون المُعارضة لسلطات الاحتلال، ويرفضون الخدمة الالزامية، ويفضلون دخول السجن على الخدمة. ودروز الجولان السوري المُحتل يرفضون الهوية الاسرائيلية، ويتمسكون بالهوية العربية السورية، منذ ما يناهز الاربعين عاماً.
مناسبة تناول الموضوع ما يُثار في بعض وسائل الاعلام، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، من تحليلات وتغريدات ومقالات، معظمها لا يمته اي صِلة مع واقع الحال، وبعضها يُعبر عن رغبات وتمنيات خاصة لكاتبيها، وربما تحمُلُ بعض الغرضية التي تُشجعُ عليها انظمة - او قوى سياسية - ترغب بأن يقاتل الدروز الى جانبها.
عندما حاولت الاستخبارات الاسرائيلية اغراء البعض للشرُوع في تنفيذ مخطط لإقامة دولة درزية، كان اول مَن تصدى لها الدروز، وفضحوا امرها برسالة بعث بها الزعيم كمال جنبلاط الى الرئيس جمال عبد الناصر بعد عدوان 1967. كما ان الدسائس التي اختلقتها اسرائيل في لبنان بُعيد الاجتياح في العام 1982 اجهضتها القيادات الدرزية ، وكان خيار هذه القيادات واضحاً في مساندة وحدة لبنان وعروبته، والوقوف الى جانب المقاومة وسوريا، وقد قاتل الدروز في صفوف القوى الوطنية اللبنانية والفلسطنية، وكانوا في طليعة مَن اسقط اتفاق 17 ايار الذي فرضته اسرائيل على الحكومة اللبنانية عام 1983.
ترى قيادات درزية لبنانية مُتابعة: ان بعض الذين يدورون في فلك النظام في سوريا، يُقلِّدون الممارسات الاسرائيلية في اختلاق الدسائس. والهدف دائماً استمالة القيادات الدرزية، او استخدام ابناء الطائفة وقوداً في مشروعهم التفتيتي، وخلق القلاقل امام القيادات التي ترفض الإنجرار وراء الفتنة بين ابناء الشعب العربي الواحد، سواءً في سوريا، ام في لبنان.
وتؤكد هذه القيادات: انه لا يوجد مشروع درزي مُستقل في لبنان، او في سوريا، فالدروز مواطنون متمسكون بوطنيتهم في كلا البلدين، وهم جزء من النسيج الاجتماعي المُتنوع في الدولتين، يتمسكون بإسلامهم، ومُتعلقون بعروبتهم اكثر من اي وقت مضى، والعلاقات المُتميِّزة بينهم وبين المسيحيين في جبل لبنان، لا تحمل مشروعاً انفصالياً، بقدر ما تنمُّ عن رغبة في التعايُش الذي تكرَّس بالتعاون بين الفريقين عبر مئات السنيين، رغم بعض الاضطراب الذي اصاب هذه العلاقة في فتراتٍ مضت.
لقد توسَّعت التحليلات والمقالات في الفترة الاخيرة مستفيدةً من الحركة التي قام بها رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، لاسيما زياراته الى منطقة العرقوب الحدودية، والى حاصبيا راشيا والبقاع الغربي، واستغلَّ بعضهم المواقف التي ادلى بها في قرية عين عطا، ووصل بهم الامر الى حد الحديثعن ما يُسمى " المسألة الدرزية " في توصيفٍ لا يخلوا من الغرضية الفئوية، كما اختلقوا اشاعات عن تسليح في صفوف الشباب الدروز.
اوساط سياسية مُتابعة لما يجري، تقول: ليس هناك مسألة درزية، او مسألة سنية، او مسألة شيعية، او مسألة مسيحية. الموضوع هو هياج تُغذيه اسرائيل، وتُساندها اوساط غربية نافذة، وتنغمِس في تأجيج الحريق دول اقليمية كبرى، ترقص على مسرح غيرها، من اجل تعزيز نفوذها الاقليمي، والمُقايضة على ملفات أُخرى.
الاوساط ذاتها ترى ان مذهبة الصراع في المنطقة هدفه إطالة الازمة، وتفتيت الامة العربية، واضعاف الدول المُحيطة بإسرائيل. ذلك اهم ما جاء في وصايا حُكماء بني صهيون العشر.
وهدف حركة وليد جنبلاط ومواقفه في المرحلة الاخيرة، وفقاً لأوساطه، ليس تحييد الدروز، او نأيهم عن الازمة السورية، انما تحييد لبنان، ونأيه عن الانغماس في الوحول الاقليمية. فالخطر في لبنان ليس على الدروز، بل على البلد برُمَته. وسياسة الاعتدال التي يعتمدها جنبلاط، تهدف للإبقاء على الحوار والتواصل بين المُكونات اللبنانية كافة، وخاصة بين الدروز وابناء امتهم الآخرين، لأي طائفة او حزب انتموا، وتلك مسؤولية مباشرة مُلقاة على جنبلاط، نظراً للخصوصية التي يمتَّع بها عند ابناء الطائفة الدرزية وفي الطوائف اللبنانية الأُخرى، فالمختارة كانت على الدوام بيتاً جامعاً، لايًحب زُعمائها التعصُّب الطائفي.
واضح ان البعض مُنزعج من حركة جنبلاط، وهؤلاء ذاقوا ذرعاً من تحريضه دروز سوريا على عدم الاشتباك مع جيرانهم. ذلك ان من مصلحة هذا البعض إشعال المنطقة برمتها – خصوصا في لبنان – لأنهم يعتقدون ان الفوضى العارمة تخدم اهدافهم، وفي الحقيقة انها لاتخدم إلا مصالح اسرائيل.
لا يبدو ان عند الدروز مشروع خاص، لا في لبنان ولا في سوريا. بالمُقابل هناك مشروع لتوريط الدروز في مواجهة مع طوائف أُخرى، في سورية او في لبنان، عن طريق الترغيب اوبالترهيب، ولكن المواقف الدرزية تُبيِّن ان هؤلاء لن ينجروا الى الفتنة، وليس لديهم ادنى رغبة بالإنفصال ولا يخططون لإقامة دولة درزية، بل يرفضون الفكرة جملةً وتفصيلا.
 

  • شارك الخبر